أسامة أيوب
إذا كان من المتواتر فى الأدبيات الإسلامية عبر ثلاثة عشر قرنا هجريا أنه لا يفتى ومالك فى المدينة.. فى إشارة إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وأحد أصحاب مذاهب السنة الأربعة الكبرى وهو المذهب المالكى، فإنى لا أبالغ إذا قلت إنه لا يفتى فى السنة المطهرة والحديث الشريف فى عصرنا الحالى والدكتور أحمد عمر هاشم، العالم الأزهرى الجليل وأستاذ الحديث فى مصر وعالمنا الإسلامى.
الدكتور أحمد عمر هاشم استحق هذه المكانة العلمية الرفيعة عن جدارة باعتباره المرجعية الكبيرة فى علم الحديث والسنة وذلك بالنظر إلى تخصصه الأكاديمى طوال عدة عقود كأستاذ لهذا العلم فى جامعة الأزهر فضلا عن مؤلفاته وإسهاماته المعتبرة والتى تعد من المراجع المعتمدة.
ومن ثم فهو من العلماء القلائل والمعدودين فى العالم الإسلامى والذى إذا تحدث فى كل ما يتعلق بالأحاديث النبوية الشريفة والسنة المطهرة، فإنه يتعين على الجميع الاستماع والإنصات والتعلم، خاصة هذه الفئة الشاردة من الأدعياء التى طفحت على الساحة الإعلامية مؤخرا لتشكك وتطعن فى السنة والأحاديث سواء عن جهل أو لأغراض خبيثة.
ورغم أن هذا العالم الجليل والكبير أمضى عمره مدرسا ودارسا متخصصا فى هذا العلم فى جامعة الأزهر شارحا للسنة المطهرة ومفسرا للأحاديث الشريفة سواء لطلابه أو فوق منابر الخطابة وشاشات التليفزيون والفضائيات، فإننا وجدناه فى السنوات الأخيرة ومع تنامى ظاهرة الطعن فى السنة ينبرى دفاعا عنها.. متحديا بعلمه هؤلاء الطاعنين والمشككين من غير المتخصصين والذين تجرأوا وتطاولوا فأثاروا الفتنة بجهلهم بقدر ما استهدف المغرضون منهم صرف المسلمين عن السنة.. الجناح الثانى للإسلام بعد القرآن الكريم.
لقد دفعته أمانته العلمية والدينية وغيرته الواجبة كأحد حراس السنة والحديث.. أكاديميا ودينيا ودعويا، ورغم تقدمه فى السن (أطال الله عمره) إلى مواصلة التصدى لهؤلاء المشككين عن جهل والمتطاولين الطاعنين لأغراض مشبوهة خاصة بعد أن تعالت أصواتهم وارتفع نباحهم فى المنصات الإعلامية حتى تفاقم خطرهم على صحيح الدين وثوابته الأصيلة المستقرة طوال ما يزيد على أربعة عشر قرنا.
ففى واحدة من تجلياته كانت خطبة الجمعة التى ألقاها قبل أسبوعين من على منبر أحد المساجد الكبرى فى القاهرة والتى خصصها للدفاع عن السنة والأحاديث الشريفة خاصة صحيح البخارى الذى يسدد هؤلاء المشككون إليه طعناتهم.
ولقد أحسنت جريدة الأخبار صنعا تستحق عليه كل التقدير عندما نشرت نص هذه الخطبة بقدر التقدير الذى يستحقه محررها الأستاذ عبد الهادى عباس الذى حضر الخطبة وأعاد كتابتها فى تقريره المنشور فى عدد يوم الجمعة قبل الماضى.
تصدى الدكتور أحمد عمر هاشم لهؤلاء الطاعنين والمشككين حسبما تضمنته الخطبة جاء قويا ومفحما وعلى النحو الذى تتهاوى أمامه دعاواهم الضالة المضلة المضللة.. الجاهلة أو المغرضة.
متحدثا عن صحيح البخارى.. حديث العالم المتمكن روى الدكتور أحمد عمر هاشم لسامعيه من المصلين قصته مع هذا الكتاب الذى عاش معه شخصيا سبعة عشر عاما.. شارحا له شرحا وافيا فى ستة عشر مجلدا.. كل مجلد (600) صفحة فوقف على متونه وأسانيده ولم يجد فيه أى مطعن، ثم إنه مدللا على ذلك تحدى من فوق المنبر وبكل الثقة العلمية كل من يزعم أن فيه ضعفا أن يأتى إليه وسوف يبين له أنه إما جاهل وإما أنه يعادى السنة والإسلام.
ومنبها من جانبه إلى خطورة الهجوم والطعن على صحيح البخارى خاصة من جانب أعداء السنة ومن ثم أعداء الإسلام، فإنه يضع يده على مكمن تلك الخطورة موضحا أن هدف الذين يطعنون على البخارى أن يطعنوا على أصح كتاب فى السنة، حيث تلقته الأمة الإسلامية كلها بالقبول ولا مطعن فى حديث واحد من أحاديثه.. فى سنده أو متنه، ولذا فإن من يجرحون فيه يقصدون التجريح فى بقية كتب الأحاديث والسنة ذاتها.
واقع الأمر فإنه من المؤسف حقا أن تتيح بعض الفضائيات الظهور لهؤلاء الطاعنين والمشككين على شاشاتها لبث ما وصفها العالم الجليل بـ «السموم» بهدف تلويث عقول الشباب المسلم وخلق أجيال كارهة لدينها بحسب تعبيره.
ثم إنه رغم المواجهة الفكرية لهؤلاء والتى يتصدرها الدكتور عمر هاشم إلا أنه يؤكد أن هذه الأفكار تصل إلى الشباب عن طريق منظمات ممولة من الخارج للعدوان على الإسلام، لذا فإنه يحمل المسئولين عن الإعلام المسئولية كاملة لإتاحتهم الفرصة لهؤلاء الذين يخرجون على بعض الفضائيات يجرحون فى السنة ويطعنون فى صحيح البخارى.
وفى نفس الوقت أجدنى متفقا مع العالم الجليل فى ضرورة تخصيص مساحات أكبر لعلماء الأزهر فى الإعلام المصرى الوطنى للرد على هؤلاء الجهلاء منهم والمغرضين والذين صارت لهم قنوات خاصة بهم.
يبقى أن أردد مع الدكتور عمر هاشم قوله بأن ذلك جرم كبير يرتكب فى بلد الأزهر وبلد الحضارة الإسلامية.. مصر كنانة الله فى أرضه.
حفظ الله السنة المطهرة والأحاديث الشريفة وصحيح البخارى من كل سوء ومن كل تشكيك وطعن.