سياسةشئون دولية
«طعنات داعش».. تعيد شبح الإرهاب لأوروبـا
By amrديسمبر 08, 2019, 18:25 م
2879
قبل أسبوعين من معركة الانتخابات البرلمانية في بريطانيا المقررة في 12 من ديسمبر الجاري، اهتزت لندن لعملية طعن جديدة نفذها رجل بسكين على مجموعة من المارة قرب جسر لندن، تزامنا مع الاستعداد لقمة الناتو التي عقدت بالعاصمة البريطانية يومى 3 و4 ديسمبر، وسبق سجن مرتكب الحادث لارتكاب جرائم إرهابية، مما أثار جدلا واسعا بشأن نظام الإفراج المبكر عن المدانين بجرائم إرهابية.
كما أن الحادث أعقبه بساعات حادث طعن آخر في مدينة لاهاى الهولندية، في عودة لأسلوب «الطعن بالسكين» إلى الواجهة من جديد بعد تراجعه طوال الأشهر الماضية، وجدد الحادثان المخاوف من عودة مقاتلي داعش المحتجزين في سوريا.
تقرير : هبة مظهر
أعلنت الشرطة البريطانية الجمعة 29 نوفمبر الماضى أن مهاجما أقدم على طعن عدد من الأشخاص على جسر لندن وكان فى حوزته متفجرات زائفة، وكشفت الشرطة أن منفذ هجوم الطعن بمنطقة جسر لندن يدعى عثمان خان ويبلغ من العمر 28 عاما، سبق إدانته بارتكاب جرائم إرهابية وأفرج عنه العام الماضى بشكل مشروط.
وكان خان، وهو بريطانى الجنسية، قد دخل السجن عام 2012 مع ثمانية آخرين فى قضية مرتبطة بتنظيم إرهابى يستوحى فكره من تنظيم القاعدة، بتهمة التخطيط لتفجير أهداف بينها بورصة لندن، وحكم عليه بالحبس ثمانى سنوات على الأقل، وأُدين خان بالسعى للمشاركة فى «تدريبات إرهابية» فى باكستان.
وخرج خان من السجن فى ديسمبر عام 2018 بعد إطلاق سراحه بشكل مشروط، حيث أفرجت السلطات عنه قبل عام بعد الاتفاق على ارتداء جهاز إلكترونى لرصد تحركاته.
من جانبه، أدان رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون «نظام الإفراج المبكر عن المدانين بجرائم إرهابية»، مشيرا إلى ضرورة أن يخضع من أدين بجريمة إرهابية خطيرة، لعقوبة السجن 14 سنة، على الأقل، بشكل إلزامى، ولا يجب إطلاقًا الإفراج عن البعض منهم.
وعقب الحادث تم بالفعل إخضاع حوالى 70 إرهابيا كان قد تم إطلاق سراحهم من سجون بريطانيا، لعملية مراجعة عاجلة من قبل السلطات فى أعقاب الهجوم الإرهابى الذى أسفرعن مقتل شخصين ومنفذ العملية والذى أعقبه بساعات حادث طعن فى مدينة لاهاى الهولندية والذى أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص.
وأعاد حادثا لندن ولاهاى أسلوب «الطعن بالسكين» إلى الواجهة من جديد بعد تراجعه طوال الأشهر الماضية، وأكد خبراء أمنيـون وباحثون فـــى شئــــون الحركات الأصولية أن السكين هو سلاح الإرهاب السهل، عبر ضربات خاطفة تنفذها العناصر الانفرادية التى تنتشر فى أوروبا وأمريكا، وتتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطها الجغرافى، وتستطيع التخلص من التتبع الأمنى فى أى وقت .
ويذكر أن تسجيلا صوتيا لأبى محمد العدنانى، الناطق باسم «داعش»، فى عام 2014، كان قد دعا المتعاطفين مع التنظيم إلى القتل باستخدام أى سلاح متاح، حتى سكين المطبخ، من دون العودة إلى قيادة التنظيم.
وفى ديسمبر عام 2016، بث داعش إصداراً مرئياً، شرح خلاله طريقة استخدام السكاكين فى القتل، والمواضع التى يجب تركيز الطعن فيها، وأفضل أنواع السكاكين ومواصفاتها.
ويشار إلى أن منفذى حادثى لندن ولاهاى فيما يبدو من الانفراديين حيث ما زالت تنظيمات الإرهاب، خصوصاً داعش، تراهن على الانفراديين أو الذئاب المنفردة أو الخلايا النائمة فى الدول، خصوصاً الأوروبية، لتنفيذ ضربات سريعة قد تكون خسائرها أقل، لكنها تُحدث رعباً فى هذه الدول.
وهكذا ينظر إلى العملية الأخيرة فى لندن وغيرها كبداية خطيرة لموجات جديدة من الإرهاب يستفاد منها فى الدعاية لداعش والإيحاء بأنها ما زالت موجودة وقادرة على الضرب، وقد تحولت عودة عناصر تنظيم داعش الإرهابى إلى بلدانهم الأصلية فى أوروبا إلى أزمة حقيقية فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا، حسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ففى الوقت الذى تتخوف فيه الدول الأوروبية من عودة مقاتلى داعش، المحتجزين فى سوريا، وخاصة الأطفال منهم، أفادت التقارير أن 30% منهم شاركوا فى عمليات التنظيم، ولهذا فهم يعتبرون بمثابة الجيل الثانى للتنظيم.
وتسعى دول أوروبية إلى التوصل إلى حلول لملف عودة مقاتلى داعش، فالاتحاد الأوروبى ليس لديه رغبة لعودة الدواعش، وليست لديه الإمكانية لمواجهتهم الآن، خاصة أن عقوبة الإعدام ليست موجودة فى أوروبا، ومن ثم فبعد سنوات يمكن أن يعودوا لممارسة إرهابهم.
وأكد مراقبون أن العائدين ليسوا مُجرد عناصر مهزومة فقط، فمنهم من أصيب بخيبة أمل عقب فشل تنظيمهم، لكنهم لن يتخلوا عن الأفكار التى تعلموها من التنظيم الإرهابى. وهناك أيضا مئات الدواعش الذين هربوا بعد المعركة وتوزعوا على تركيا وعدة دول عربية مجاورة ومنهم من استطاع أن يصل إلى دول أوروبية بأسماء مستعارة بعد أن حلقوا ذقونهم وغيروا من ملامحهم ومنهم عشرات الأوروبيين والأجانب والعرب الذين حصلوا على جوازات سفر لأشخاص تم قتلهم.
وقدرت الأبحاث والدراسات المتخصصة أعداد الأوروبيين المنضمين لداعش حتى عام 2016، بين 3900 و4300 فرد من دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا.
ووفقاً لتقرير صادر عن البرلمان الأوروبى ونُشر العام الماضى، عاد نحو 30% من هؤلاء الإرهابيين إلى بلادهم، وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية ما بين 800 إلى 1000 إرهابى أجنبى، بينهم بريطانيون، وأمريكيون وفرنسيون وألمان، بينما يوجد نحو 4000 من أقاربهم، معظمهم من النساء والأطفال، فى مخيمات، حيث حثت قوات سوريا الديمقراطية الدول الغربية على استعادة مواطنيهم المحتجزين فى سوريا لعدم القدرة على محاكمتهم.
فى الوقت الذى هدد فيه وزير الداخلية التركى، سليمان صويلو، بإعادة سجناء تنظيم داعش الإرهابى إلى بلدانهم الأصلية فى الدول الأوروبية.
كما هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى وقت سابق، بنقل سجناء داعش إلى حدود الدول الأوروبية، فى حال لم تبادر دول مثل فرنسا وألمانيا إلى استعادة المتشددين الذين يحملون جنسيتها.
ومن هنا تحول سجناء داعش، شمالى سوريا، إلى ورقة ضغط على الدول الأوروبية التى ترى فى عودة المتشددين خطرا على أمنها القومى، لاسيما أنها تعرضت لعدة هجمات إرهابية فى السابق.