رئيس التحرير
مخطط تفكيك الدول (15) الشاطر والعريان والحداد يقدمون ملف بيع سيناء لواشنطن
By amrديسمبر 30, 2019, 15:37 م
1635
في الحلقة الماضية كشفت الوثائق عن الدور الأمريكي في إعداد خارطة طريق للجماعة الإرهابية تعبر بها المرحلة الانتقالية وتسيطر على المشهد في مصر عقب أحداث 2011، وكشفنا حجم الدور الذي قامت به السفيرة الأمريكية بالقاهرة «آن باترسون» وكذا ضابط الاتصال الأمريكي وكذا دور «كارتر» ومركزه الحقوقي في رسم خطة التحرك للإخوان للانقضاض على الدولة المصرية في ظل تسارع الأحداث للوصول إلى الهدف وهو تولى التنظيم الإرهابية رئاسة مصر للانتقال إلى المرحلة الأهم وهى تفكيك الدولة والسيطرة على مفاصلها من أجل أن تحصل الجماعة على مبتغاها أو حلمها المزعوم (الخلافة) وهو ما تم الحديث عنه مع عراب الصفقة ومهندس التنظيمات الإرهابية أو من أطلق عليهم بالمجاهدين (جيمي كارتر
Jimmy Carter).
كارتر قام بدور مهم، حيث أقنع الإدارة الأمريكية بأن الجماعة الإرهابية ستحترم اتفاقية السلام، وكافة المعاهدات الدولية وستضمن أمن واستقرار إسرائيل، مؤكدًا أن المرشد العام ورئيس حزب الحرية والعدالة (د. محمد مرسى) أكدا له ذلك عقب تصريح أحد أعضاء جماعة الإخوان عقب الفوز فى الانتخابات البرلمانية أن جماعته ستمزق اتفاقية السلام.
فى هذه الحلقة نواصل كشف مخطط الدم الذى أعدته جماعة الإخوان بالتنسيق مع الجماعات الأصولية الأخرى، وكذا الذراع العسكرى للجماعة (حماس) والإدارة الأمريكية – إدارة الرئيس أوباما؛ وعدد من أجهزة المخابرات الدولية (البريطانية، الإسرائيلية، التركية، القطرية، الألمانية)، كما نستعرض كيف بدا مخطط التمكين للسيطرة على مفاصل الدولة، والنيل من المؤسسة العسكرية.
(1)
عقب صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان عضوية ثلثى أعضاء البرلمان، وحل برلمان الإخوان، حيث أصدر المجلس العسكرى قرارًا بحل البرلمان عشية جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين محمد مرسى وأحمد شفيق.
عملت المجموعات الإلكترونية تحت قيادة مركز «إدارة الأزمة»، كما كانت تسميه الجماعة فى ذلك الوقت والذى اتخذ مقرا له مكتب الإرشاد بالمقطم، وفى مساء ذلك اليوم قامت السفيرة الأمريكية «باترسون» بزيارة مكتب الإرشاد فى التاسعة مساء لتلتقى بالمرشد العام ونائبه خيرت الشاطر لتغيب داخل مكتب الإرشاد لمدة 90 دقيقة تخرج بعدها متوجهة إلى السفارة الأمريكية بجاردن سيتى يرافقها أحد الشخصيات الأمريكية الذى لم يصل مكتب الإرشاد معها، ولكنه كان قد سبقها بالحضور فى الثامنة صباح يوم 15 يونيو 2012.
خلال تلك الفترة حركت الجماعة الإرهابية عناصرها المسلحة فى مناطق مختلفة لإحداث حالة من التوتر وهو ما رصدته أجهزة المعلومات.
فى الوقت ذاته بدأت الإدارة الأمريكية تتحدث عن ضرورة إتمام المسار الديمقراطى فى مصر.
التقى «كارتر» للمرة الثانية مع محمد مرسى، وذلك بمقر مكتب الإرشاد بالمقطم، وبحث معه عدد من الملفات كان فى مقدمتها التعهد بضرورة الحفاظ على المعاهدات والاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل.
تم إجراء الانتخابات الرئاسية على مدى يومين وعقب استباق الإخوان بإعلان النتيجة، بدأت الإدارة الأمريكية التواصل مع الرئيس «المعلب» واتصلت وزير الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون يوم 19 يونيو بالدكتور محمد مرسى وهنأته بالفوز رغم علمها أن لجنة الانتخابات الرئاسية لم تقم بإعلان النتيجة بشكل رسمى، ولكنها كانت تحاول الضغط على المشهد للسير فى الاتجاه المحدد له (أن يقوم الإخوان بتولى رئاسة الدولة المصرية).
(2)
بدأت العناصر الإرهابية التزايد فى سيناء لتصل إلى 12 ألف عنصر مستغلة وجود عدد كبير من القوات فى تأمين العملية الانتخابية ومنع حدوث أى خروقات لها.
فى الوقت نفسه تجمعت عناصر من التنظيمات الإرهابية فى الصعيد بلغت 1500 عنصر كانت فى انتظار الإشارة بالتحرك لإحداث الفوضى فى الشارع.
صباح يوم 20 يونيو طار عصام الحداد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بصفته مسئول الاتصال الخارجى بالتنظيم الدولى ووصل إلى الخارجية الأمريكية صباح يوم 21 يونيو، حيث التقى وزيرة الخارجية الأمريكية بمقر الوزارة، وقدم ملفا كاملا حول رؤية الجماعة للمرحلة القادمة من التعاون طالبًا دعم واشنطن للرئيس مرسى وهو ما كانت وشنطن قد أرسلت إليهم من قبل أكثر من رسالة طمأنة، إلا أن خلال اللقاء أكدت كلينتون للحداد ضرورة أن يقدم الإخوان عقب أداء مرسى لليمين الدستورية خطاب حسن نوايا، يشتمل أولًا على ضرورة التخلص من المجلس العسكرى، ثانيًا ايجاد حل حقيقى للقضية الفلسطينية بعيدًا عن الحديث الدائم لدى العرب ضرورة العودة إلى حدود ما قبل 5 يونيو 67، وتطابقت الرؤية الأمريكية مع الرؤية الإخوانية فى الوطن البديل للفلسطينيين، فى ظل إيمان الأخيرة بأن الوطن ليس سوى حفنة تراب عفن كما وصفها مرشدهم مهدى عاكف.
بدأت التحركات للتنظيم الدولى تزداد فى الوقت الذى كانت العناصر الإرهابية قد استعدت ليوم 24 يونيو 2012 لتهدد بإحراق الدولة المصرية حال إعلان فوز أحمد شفيق.
رصدت أجهزة المعلومات اتصالات بين العناصر الإرهابية فى سيناء والصعيد ومكتب الإرشاد، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات عصر يوم 24 يونيو فوز مرسى، ورغم ذلك لم تخرج العناصر الإرهابية المسلحة وبقيت داخل مصر، لأن الجماعة كانت تخطط لما هو أبعد من السيطرة على الحكم وأخونة الدولة فقد كانت تستعد لما تم الاتفاق عليه مع القسم الخاص فى المخابرات الأمريكية (تفكيك مؤسسات الدولة والبدء بالمؤسسة الأمنية مرة أخرى).
قبل أداء مرسى اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية اقترحت الإدارة الأمريكية من خلال سفيرتها بالقاهرة أن يقوم مرسى بتحويل المشهد، خاصة أن اللجنة العليا للانتخابات كانت قد أعلنت فوز مرسى بنسبة 51.73%، وتم حشد الإخوان من كافة المحافظات ومناصريهم فى ميدان التحرير ليصعد مرسى على المسرح يوم الجمعة 29 يونيو 2012 وأدى القسم الذى لم يحافظ عليه فلم يحترم الدستور ولا القانون ولم يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، بل كان الاتفاق مع المخابرات الأمريكية على تفكيك مؤسسات الدولة الوطنية.
(3)
استقالت حكومة د. كمال الجنزورى وتم تكليف هشام قنديل لتشكيل الحكومة التى شاركت فى اختيار أعضائها السفيرة «آن باترسون»، فقد ظلت على مدار 5 أيام تناقش مع مكتب الإرشاد عددًا من الحقائب الوزارية وأسماء الأشخاص المرشحة لها.
كانت تلك الخطوة أكبر دليل على ضعف الجماعة وعدم قدرتها على إدارة الدولة، فحاول مكتب الإرشاد إدارة مصر بمنطق إدارة الجماعة، مستعينًا بالإدارة الأمريكية التى وجدت الفرصة مواتية لتنفيذ مخطط تقسيم مصر والذى بات يلوح فى الأفق، فإن لم تستطع الجماعة تفكيك مؤسسات الدولة، فقد بات أمام الإدارة الأمريكية ذريعة يمكن من خلالها أن تتدخل فى شئون مصر وهو ملف الأقباط، خاصة أن الجماعات الإرهابية كانت تستهدف عددًا من الكنائس بين الحين والآخر.
وهو ما أرسلته «باترسون» فى برقية بتاريخ 15 أغسطس 2012 عقب تشكيل الحكومة، وأكدت فيها أن الحكومة المصرية برئاسة هشام قنديل تسير على الطريق الصحيح، كما أن حزب الحرية والعدالة يسعى بقوة للسيطرة على المشهد ولم يمنح شريكه حزب النور أية مكاسب فى المشهد السياسى المصرى وهو ما يدلل على حدوث شقاق فى القريب بين الإخوان والنور وجماعة حازم أبو إسماعيل والأخير تعرفه الإدارة الأمريكية جيدًا، وقد تلقى دعما بلغ 150 مليون دولار خلال عامى 2011 و2012.
بدأت حكومة هشام قنديل عملية تجريف للكفاءات وتمكين العناصر الموالية للجماعة فى كافة مؤسسات الدولة المصرية ومفاصلها، وهو ما قابلته الإدارة الأمريكية وبريطانيا بترحاب شديد.
كما تحركت الجماعة الإرهابية للتخلص من المجلس العسكرى فقامت عناصر جهادية من مؤيديها فى سيناء بالهجوم على إحدى النقاط الحدودية قرب منفذ كرم أبو سالم واستشهد 16 وأصيب 7 آخرين، وذلك فى السادس من أغسطس 2012.
وكانت تلك العملية بمثابة الطريق لكى يتخلص مرسى وجماعته من أعضاء المجلس العسكرى وعلى رأسهم المشير طنطاوى الذى حال دون سقوط الدولة المصرية.
وقد حدث لهم ذلك، ولكنهم لم يدركوا أن رجال القوات المسلحة أقسموا يمين الولاء على الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه، وهو ما لم يستوعبه الإخوان ولا الإدارة الأمريكية الداعمة لهم.
(4)
فى ديسمبر 2012 وعقب أحداث الاتحادية كان لقاء جمع بين خيرت الشاطر وعصام العريان وعصام الحداد ومسئول بالأمن القومى الأمريكى خلال زيارتهم لواشنطن وكان الأول قد سبقهم بعدة أيام.
خلال الاجتماع بحث الجانب الأمريكى مع الإخوان ضرورة إسراع الجماعة فى التحرك فى الملف الفلسطينى وفق الاتفاق الذى تم من قبل بين الجانبين، وأكد الشاطر أن الرئيس مرسى التقى خالد مشعل واتصل هاتفيا بإسماعيل هنية وتم الاتفاق على الخطوط العريضة للتحرك فى هذا الاتجاه.
عقب انتهاء اللقاء أكدت المخابرات الأمريكية تخوفها من العناصر الإرهابية فى سيناء لتنقل رسالة القلق التى قدمتها لها إسرائيل، فى تلك الأثناء قدم عصام الحداد تعهد لمسئول الأمن القومى الأمريكى بأن تلك العناصر لن تكون سوى نواة للأمن حال تفكيك المؤسسة الأمنية.
وأكد أن تلك العناصر كان لها دور كبير فى تأمين الرئيس مرسى خلال الانتخابات، ومعظمها من حركة حماس والتى سوف تستقر فى المنطقة المتفق عليها فى سيناء.
وحول ما حدث فى الاتحادية يوم 5 ديسمبر 2012 قال عصام الحداد للمسئول الأمريكى «إن تلك الأحداث هى محاولة من المعارضة للانقضاض على السلطة الشرعية» وكان رد المسئول الأمريكى «لا بد من وجود حوار ديمقراطى مع المعارضة».
هنا لم تكن واشنطن ترغب فى الحوار، إنما كانت تدرك أن تلك الجماعة سوف تدفع بالدولة المصرية إلى ما لم تستطع أحداث 2011 إحداثه بها.
عاد الشاطر للقاهرة تاركا الحداد والعريان بالولايات المتحدة لاستكمال ترتيب زيارة مرسى إلى هناك.
فى اجتماع ضم الشاطر وبديع وعددًا من أعضاء مكتب الإرشاد أكد الشاطر على ضرورة وجود دعم خارجى نظرًا لتعثر الاقتصاد المصرى وحتى لا تفشل الجماعة فى إدارة الدولة، وكان أحمد عبد العاطى مدير مكتب مرسى على تواصل دائم بالاجتماع عبر الهاتف، لإبلاغ مرسى بما تم اتخاذه من قرارات.
وانتهى الاجتماع إلى ضرورة التواصل مع كل من قطر وتركيا لتقديم الدعم لمصر وضاعفت قطر حجم ودائعها فى مصر لتصل الى 4.5 مليار دولار، بعد مشاورات بين هشام قنديل وحمد بن جاسم رئيس وزراء قطر.
فى الوقت الذى وافقت تركيا على أن يكون الدعم على هيئة قرض وليس منحة كما كان مطلوبا.
وصدر توجيه من مكتب الإرشاد إلى عناصر جماعة الإخوان فى الخليج العربى بزيادة حجم التحويلات فى ظل انخفاض احتياط النقد الأجنبى لدى البنك المركزى.
فى تلك الأثناء قام «أسامة ياسين» رئيس لجنة الشباب فى مجلس النواب المنحل بزيارة سيناء والتقى مجموعة كبيرة من العناصر الإرهابية.
تصاعدت الأزمات التى ضربت الاقتصاد المصرى، ولم تنجح حكومة قنديل فى السيطرة عليها، فى ظل تغلغل غير عادى لعناصر الجماعة الإرهابية وتولى عناصرها المناصب القيادية فى إطار محاولة أخونة الدولة المصرية.
نواصل في العدد القادم استكمال تفاصيل المخطط الذي كان يستهدف إعلان الإخوان لدولة جديدة في سيناء عقب ثورة 30 يونيو 2013؛ وكيف نجت مصر للمرة الثانية في عدم السقوط في الفوضى؟