الرئيسية متابعات بعد قصف القواعد الأمريكية.. سيناريوهات المواجهة بين أمريكا وإيران
متابعاتهام
بعد قصف القواعد الأمريكية.. سيناريوهات المواجهة بين أمريكا وإيران
By amrيناير 12, 2020, 16:03 م
1423
عقب مقتل قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية للحرس الثورى الإيراني، بضربة جوية أمريكية على موكبه عند مطار بغداد، فى الثالث من يناير الحالي، أجمع معظم المراقبين على أن إيران ليس لديها خيار سوى الرد على اغتياله، إن لم يكن لمكانته باعتباره ثانى أقوى شخصية فى البلاد، فسيكون لحفظ ماء الوجه أمام العالم، ولكن لم يكن متوقعا أن يأتى الرد بهذه السرعة، وبهذه الطريقة، بشن الجمهورية الإسلامية هجوما صاروخيا، فجر الأربعاء الماضي، على قاعدتى عين الأسد وأربيل العسكريتين فى العراق، اللتين تضمان قوات أمريكية، وهو ما عزز المخاوف الدولية من انتقال التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران إلى مستوى آخر من المواجهة العسكرية، ينذر باندلاع حرب شاملة بين الجانبين.
متابعة : داليا كامل
فى تقرير تحليلى، قالت شبكة «سى إن إن»، إن هجمات إيران الصاروخية على قاعدتين عسكريتين تضمان قوات أمريكية فى العراق، قد تؤدى بالتأكيد إلى تسريع وتيرة التصعيد بين الجانبين، وهو ما يهدد باندلاع حرب شاملة بينهما، وأشار التقرير إلى عدم اكتراث إيران بتهديد ترامب باستهداف 52 موقعا فى البلاد إن أقدمت على مهاجمة أى هدف أو فرد أمريكى.
وتابع التقرير أن الهجوم الإيرانى أظهر عدم صحة قول ترامب بأن اغتيال سليمانى كان لمنع الحرب، مؤكدا أنه قد يكون قد بدأها.
ورأت «سى إن إن» أنه إذا لم يغض أى من الجانبين الطرف عن رد الجانب الآخر، فإن أمريكا قد تكون على شفا حربها الساخنة الأولى مع إيران، بعد 40 عاما من النزاعات بالوكالة والخطابات المريرة التى تخللتها فترات قصيرة الأجل من الحوار الدبلوماسى.
أما إذا اعتبر كل من الطرفين أن كرامته قد ردت بعد عدة أيام من الهجمات التصعيدية المتبادلة، فإن ذلك قد يمنع نشوب الحرب التى يصر الطرفان على أنهما لا يريدان بدءها، لكنه لن يخمد التوتر، فمن المحتمل أن تسعى إيران لطرد الولايات المتحدة من المنطقة، وفى المقابل، ستضاعف واشنطن الضغط السياسى والاقتصادى والدبلوماسى على طهران، حسبما تقول «سى إن إن».
وسواء أندلعت الحرب أم لم تندلع، تقول «سى إن إن» إنه يبدو الآن أن «حملة الضغوط القصوى» والعقوبات الاقتصادية المشددة التى تهدف إلى إجبار إيران على التفاوض على اتفاق نووى جديد والتوقف عن أفعالها العدائية فى المنطقة، قد جاءت بنتيجة عكسية.
وكانت إيران، فى أول رد فعل على اغتيال سليمانى، أعلنت أنها لم تعد ملزمة بآخر قيود «تشغيلية» فى الاتفاق النووى بشأن تخصيب اليورانيوم، ونقل التليفزيون الإيرانى عن بيان حكومى، قوله، إن إيران لن تلتزم بأى قيود تضمنها الاتفاق النووى على عدد أجهزة الطرد المركزى التى تستخدمها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يعنى أنه لن تكون هناك قيود على قدرتها على التخصيب.
وهذه هى الخطوة الخامسة والأخيرة فى تقليص التزامات إيران تجاه الاتفاق النووى، التى بموجبها لن تواجه طهران أى قيود تشغيلية (بما فى ذلك مستوى تخصيب اليورانيوم، ونسبة التخصيب، وكمية المواد المخصبة، وأنشطتها فى مجالى الأبحاث والتطوير)، حسب وكالة أنباء «فارس» الإيرانية.
ومن جانبها، اعتبرت وسائل إعلام أمريكية الخطوة الخامسة من جانب إيران بمثابة تحدى لتهديدات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وفى هذا السياق، قال موقع «بلومبرج» إن تداعيات مقتل سليمانى تتسع، مشيرا إلى إعلان إيران تخليها عن آخر القيود على تخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق النووى، وإلى تصويت البرلمان العراقى لصالح إنهاء وجود القوات الأجنبية فى البلاد، وهو ما من شأنه إضعاف الحرب الأمريكية ضد الإرهاب وتعزيز النفوذ الإيرانى فى بغداد.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن ترامب إذا كان قد انسحب من الاتفاق النووى الإيرانى فى مايو 2018، مبررا ذلك بأن الاتفاق كان معيبًا، جزئياً لأن القيود الرئيسية المفروضة على إيران تنتهى بعد 15 عامًا، وقتها ستكون طهران حرة فى إنتاج الوقود النووى حسبما تريد، فإن إيران،بدلاً من الخضوع للضغوط الأمريكية، أعلنت التخلى عن تلك القيود، قبل عشر سنوات من الموعد المحدد، وهكذا جاءت المناورة التى قام بها ترامب بنتائج عكسية.
وبالرغم من ذلك، فقد توعد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إيران، خلال كلمته فى البيت الأبيض، بعد استهداف طهران للقاعدتين العسكريتين فى العراق، بعقوبات اقتصادية قاسية جديدة حتى تغير من سلوكها، إضافة إلى تأكيده على أن الاتفاق النووى المعيب سينتهى قريبا، داعيا الحلفاء الأوروبيين بالإقرار بهذا الواقع والابتعاد عما تبقى من الاتفاق، والعمل مع أمريكا للتوصل لاتفاق يجعل العالم أكثر أمانا وسلاما.
وتعليقا على خطاب ترامب، قال تقرير لشبكة «سى إن إن» إن تصريحات الرئيس لم تبرز أى تغيير أساسى فى استراتيجية الإدارة الحالية التى زادت حدة التوترات خلال العام الماضى، مما وضع المنطقة على حافة الهاوية ووضع الولايات المتحدة وإيران على شفا الحرب فى الأيام الأولى من العام الجديد.
ومع ذلك، فقد أشارت الكثير من التقارير الصحفية العالمية إلى أن ترامب تعمد خلال خطابه الابتعاد عن التصعيد، بقوله إنه ينبغى على الأمريكيين أن يشعروا بالسعادة لعدم سقوط خسائر بشرية من الأمريكيين أو العراقيين فى الضربات الإيرانية، مضيفا: «إيران تراجعت فيما يبدو، وهو أمر جيد لجميع الأطراف وللعالم كله».
وبالنسبة للجانب الإيرانى، لفت مراقبون إلى أن الضربات الصاروخية الإيرانية ضد القواعد فى العراق، لم تهدف إلى إلحاق خسائر بشرية فى القوات الأمريكية، فإيران تعلم أنه فى الساعات الأولى من الصباح، عادة ما تكون القوات الأمريكية نائمة، فيما تنخفض فرص إلحاق خسائر كبيرة فى صفوف القوات الأمريكية، وهو ما قد يعنى أن إيران كانت تهدف إلى الانتقام لمقتل سليمانى لحفظ ماء الوجه دون تصعيد المواجهة.
وأشار المراقبون أيضا إلى قول وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، فى تغريدة على «تويتر» بعد الهجوم الصاروخى الإيرانى، إن «إيران لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب، لكن سندافع عن أنفسنا ضد أى عدوان».
كما جاءت تصريحات رجل الدين الشيعى العراقى مقتدى الصدر لتؤكد أجواء التهدئة، حيث قال إن الأزمة التى عانى منها العراق قد انتهت، وذلك فى أعقاب التصريحات الصادرة عن إيران والولايات المتحدة والتى تنم عن عدم وجود نية للتصعيد، ودعا الفصائل العراقية المسلحة إلى عدم تنفيذ هجمات، قائلا فى بيان: «أدعو الفصائل العراقية إلى التأنى والصبر وعدم البدء بالعمل العسكرى وإسكات صوت التشدد إلى حين استنفاد جميع الطرق السياسية والبرلمانية والدولية».
لكن إذا كانت التصريحات الصادرة عن الجانب الإيرانى والأمريكى، بعد الهجوم الصاروخى على القواعد العسكرية فى العراق، قد ساهمت فى تهدئة المخاوف من تطور التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران إلى حرب شاملة، فإن هذا لا ينفى واقع أن التوتر بين الجانبين سيستمر، وطبقا لمقال نشره موقع «فوكس نيوز» لـلكاتب الأمريكى «برايان جانكينز»، والذى يشغل منصب كبير مستشارى رئيس مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث، فإن اغتيال قاسم سليمانى هو مجرد حلقة فى سلسلة المواجهات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة بدرجات متفاوتة منذ أكثر من 40 عاما، متوقعا استمرارها لفترة طويلة فى المستقبل، مستبعدا أن تتحول إلى حرب شاملة باهظة الثمن، ذلك أن إيران تعلم أن الحرب الشاملة ستلحق بها أضرارا كبيرة. وعلى الجانب الأمريكى، ربما كان هدف إدارة ترامب من قتل سليمانى ردع الإيرانيين عن خلق مواقف خطيرة سياسيًا للحكومة الأمريكية وصرف الانتباه عن المشكلات السياسية التى يواجهها الرئيس داخليا، لكن ترامب نفسه أوضح معارضته للانخراط فى حرب أخرى مكلفة فى الشرق الأوسط.
ويرجح جانكينز أن تستمر إيران فى استخدام أسلوب الحرب الهجينة (استراتيجية عسكرية تجمع بين الحرب التقليدية والحرب غير النظامية والحرب الإلكترونية): استخدام وكلائها عبر العالم لتنفيذ عمليات خطف رهائن وتفجيرات إرهابية، واستهداف السفن فى البحر والمنشآت النفطية على الأرض، وتفجير سفارات، واغتيال مسئولين حكوميين، كذلك يمكن لإيران أن تعمل فى ميدان الهجمات الإلكترونية لإضرار الولايات المتحدة دون إعطائها مبرر واضح للحرب.
ويتابع جنكينز أن إيران أجبرت الولايات المتحدة بالفعل على نشر الآلاف من القوات الإضافية فى الشرق الأوسط، ويمكنها أن تحاول خلق أزمات أخرى لتوريط الولايات المتحدة فى التزامات عسكرية إضافية.
ويمكن للنظام الإيرانى أيضا أن يخلق مشاكل لحلفاء أمريكا فى المنطقة وهو ما من شأنه أن يقنع حلفاء أمريكا فى أماكن أخرى بأن ينأوا بأنفسهم عن واشنطن،وهو ما يعود بالفائدة على خصوم أمريكا.
كما قد تزيد إيران من سرعة تطوير برنامجها للأسلحة النووية، فهى إذا لم تكن قد قامت بذلك بالفعل، فإن التهديدات العسكرية الأمريكية يمكن أن تقنع إيران بالشروع فى جهد سرى موازٍ لتصنيع سلاح نووى كأداة للردع أو للانتقام إذا تمت الإطاحة بالنظام.
وهكذا،حسبما يقول جنكينز، يمكن لقيادة إيران صرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية، وإثارة الخوف والقلق على نطاق واسع بين الأمريكيين وكذلك حلفاء واشنطن، وإضعاف الولايات المتحدة،دون المجازفة بالتورط فى حرب شاملة.
وفى نفس الإطار، توقع تقرير تحليلى لمجلة «ذا اتلانتك» الأمريكية أن تستمر إيران فى اتباع نفس مخططها: تعويض قدراتها العسكرية المتدنية بالنسبة للولايات المتحدة من خلال شن حرب بالوكالة واسعة النطاق، ما يسمح لها بإنكار ارتكابها أى عمل عدائى وتعزيز المصالح الإيرانية بتكلفة منخفضة وبحد أدنى من المخاطر.
وأشار التقرير إلى أن استراتيجية إيران فى المواجهة تنبع من إدراكها أنه رغم كونها قوة إقليمية كبرى، فإنها لا تضاهى أمريكا عسكريا، فقوة إيران العسكرية تحتل المرتبة الرابعة عشر فى العالم، بين البرازيل وباكستان.
ويتابع التقرير أن إيران بالرغم من أن لديها برنامج نووى، لكن ليس لديها أسلحة نووية حتى الآن، ولديها برنامج للصواريخ الباليستية، ولكن ليس لديها صواريخ طويلة المدى يمكنها الوصول إلى الولايات المتحدة.
وفى حين أنه لإيران علاقات جيدة مع روسيا والصين، لكن ليس لها حلفاء أقوياء. وباعتبارها واحدة من أكثر دول العالم عزلة، فإنها ليس لديها سوى القليل من الحلفاء.
وعلى الرغم من أن إيران لديها 523 ألفا من القوات فى الخدمة الفعلية و 350 ألفا من قوات الاحتياطى، وهو أمر لا يستهان به، فإن جيشها التقليدى تعوقه المعدات القديمة، والعقوبات الدولية، والقيود المفروضة على واردات الأسلحة، حسب «ذا اتلانتك».