صالون الرأي
إسرائيل الأخرى والسفير النحس!
By amrفبراير 09, 2020, 18:09 م
1248
بعد قيام الثورة البلشفية فى روسيا عام 1917، واستقرار الأمر للقادة الجدد، وبعد أن أقر دستور 1924 حق القوميات المؤسسة للاتحاد السوفيتى فى حيازة القطر الجغرافى الذى تتمركز فيه كل قومية، قدم لينين اقتراحًا باعتبار اليهود أصحاب قومية يمكنهم حيازة مساحة جغرافية تكون لهم السيادة عليها، مع أنهم لم يكونوا أصحاب قومية ثابتة، وإنما فقط أصحاب ديانة وهوية تاريخية.
وفى 1928 أصدر ستالين قراره بإنشاء جمهورية لليهود تحت مظلة الاتحاد وتتمتع بالحكم الذاتى، وخصصت لذلك مساحة ضخمة لا تقل عن 36 ألفًا و620 كيلومترًا مربعًا على الحدود الروسية – الصينية لقيام الدولة الجديدة والتى أطلق عليها بيروبيجان.
ومنح اليهود فى جمهوريات الاتحاد وفى العالم حوافز كثيرة للانتقال إلى دولتهم الجديدة، والتى تعادل مساحة فلسطين ولبنان معًا، وكان الاتحاد السوفيتى – وخاصة ستالين – يستهدف بذلك مقاومة المشروع الصهيونى الاستعمارى الرجعى البرجوازى، والذى يتنافى مع الفكر الاشتراكى الجديد!
ولكن المخابرات البريطانية والحركة الصهيونية – وقتها – نجحا فى إجهاض المشروع وإفشال التجربة.. وتم تحويل وجهة الهجرة الداخلية أو الخارجية لليهود إلى أرض فلسطين!
وما تقدم.. جزء من تفصيلات كثيرة لموضوعات مختلفة وردت فى الكتاب التاريخى الممتع للدكتور على الحفناوى بعنوان «تاريخيات مصرية»، ولقد بدأت بها بمناسبة ما تتعرض له فلسطين والدول العربية من هجمة استعمارية جديدة تحت اسم «صفقة القرن»، أو وعد بلفور (ترامب) الجديد!
فالكتاب يتضمن الكثير من الحكايات والأحداث الموثقة والتى لم يعلم الكثير منا تفاصيلها أو ما دار فى الكواليس الخفية وقت حدوثها، والأمر ليس غريبا على رجل مثقف مثل د. على الحفناوى، والذى يبدو أنه مازال يحتفظ بالكثير من الأسرار والحكايات، فالرجل يستكمل رسالة أبيه وأجداده فى الدفاع عن الحقوق المصرية، ونشر الوعى الثقافى والقانونى فى المجتمع المصرى والعربى، وقد لا يعلم بعض القراء أن الجد الأعلى للدكتور على من ناحية أبيه هو الشيخ الحفنى وأحيانا الحفناوى وكان شيخ الإسلام فى عهد على بك الكبير، وهم من قرية حفنة التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية.
أما جده من ناحية أمه فهو الشيخ على الغاياتى الذى نفى بعيدًا عن الوطن لكتابته ديوان شعر «وطنيتى» واتهم بالعيب والإساءة للخديو عباس حلمى الثانى وحُكم عليه غيابيا بالحبس لمدة عام.
ولكن المفاجأة اللطيفة فى الكتاب هى قدرة الرجل – الذى يجيد الإنجليزية وتعلم فى فرنسا حتى حصل على الدكتوراه – على السرد التاريخى والأدبى بلغة عربية سليمة وجمل قوية وبأسلوب مشوق لدرجة أنك لا تستطيع التوقف عن المتابعة فى القراءة إلا بعد اكتمال الحكاية!
فهل يمكنك – مثلا – مقاومة فضولك فى معرفة من هو السفير النحس الذى عين فى إسبانيا، فاندلعت الحرب الأهلية، وعندما نقل إلى يوغوسلافيا، تنحى الملك وتولى الحكم من بعده الزعيم التاريخى جوزيف تيتو، وعندما نقل إلى الصين.. اندلعت الثورة وهرب تشانج كاى شنك إلى فورموزا، ولما جاء مصر تم إقالة محمد نجيب من رئاسة مجلس قيادة ثورة 1952!
ويحكى د. الحفناوى حكاية قيام السلطنة فى مصر، وأسباب قيامها، وذلك بعد أن كانت ولاية ثم خديوية، ولم تستمر طويلا وتحولت إلى ملكية حتى قيام ثورة يوليو 52.
وهل تعلم من هو السياسى الأجنبى الذى حاول شراء مصر؟ ومن هو حاكم مصر المفترى عليه؟، وما هى حرب الأيام الستة الأولى؟ بخلاف حرب الأيام الستة التى حدثت عام 1967 وسميت بالنكسة!
ثم من هو نجرللى.. حبيب الإسماعيلاوية حتى الآن؟ ومن هو النبى الفرنسى؟ وهل كان لنابليون دور مؤثر فى تولى محمد على حُكم مصر؟
العناوين مختلفة والموضوعات كثيرة.. والحكاوى مسلية والتفصيلات ممتعة، وكما يقول المثل البلدى المعبر «اللى خلّف.. مامتش»!، فالرجل مازال يحمل راية أبيه وأجداده الوطنيين المخلصين لبلدهم.. مصر المحروسة.