تحقيقاتهام
بسبب النظام الجديد.. وزير التعليم فى مرمى النيران
By amrمايو 07, 2018, 20:45 م
1546
كتب: أحمد النومي
د. طارق شوقى: النظام لم يخالف الدستور والدولة اختارت أن تبدأ بالعقول
استراتيجية التغيير تعتمد على 4 محاور وتبدأ فى سبتمبر 2018
مجدى يونس: لا يمكن نسف النظام الحالى والتطوير أفضل
المعارضون: تعريب التجريبى مهزلة ويفسح المجال للمدارس الخاصة
ماجدة نصر:
علينا النظر إلى المخرج النهائى للنظام الجديد
المؤيدون: تهديد الوزير مرفوض ورغم المخاوف أهلا بالتطوير
المتحدث الرسمى أحمد خيرى
اخترنا العمل على مسارين للتغيير وبدأنا بتغيير المناهج
المدارس المعترضة 850 مدرسة تجريبية فقط وأجرينا حوارا مجتمعيا
ثارت الدنيا ولم تقعد منذ أن أعلن وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي عن النظام التعليمى الجديد الذى سيطبق على ما يقرب من 2 مليون ونصف المليون طالب فى مختلف المراحل التعليمية، ما بين مؤيد ومعارض ومتسائل، وفى هذا التحقيق نحاول رصد الأزمة بكل أطرافها وعرض وجهات النظر والرد على كل التساؤلات.
عدم مخالفة الدستور
يرى وزير التربية والتعليم، طارق شوقى، أن هناك التباس كبير لدى قطاع عريض من المصريين، وقال فى أكثر من مناسبة أن البعض يفهم النظام الجديد «غلط» ويرى.. أنه لم يخالف الدستور فى النظام الجديد، فالمادة 19 من الدستور تنص على أن: “التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وإرساء مفاهيم المواطنة وإتاحته حتى المرحلة الثانوية بشكل مجانى وجودة تصل للمعايير العالمية”.
كما أن المادة 20 تنص على توفير تعليم فنى وتقنى وفقا للمعايير العالمية ومواكبة سوق العمل، والمادة 22 تنص على تدريب المعلمين، والمادة 24 تؤكد أن اللغة العربية والتربية الدينية مواد أساسية فى المدارس الحكومية والخاصة، والمادة 25 تنص على القضاء على الأمية الهجائية والرقمية، كما يرى الوزير: ان النظام الجديد ترجمة لكل ذلك وهو ما يسير عليه.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة على علم بكافة مشكلات منظومة التعليم، من كثافة وبنية تحتية ومشاكل المعلمين وتنوع المدارس والشهادات والدروس الخصوصية، ولكن هناك أولويات.
وحسب وصف الوزير، فإن الدولة اختارت أن تبدأ بالعقول: قائلا “لو عندى مدرس كويس ومنهج كويس الطالب هيتعلم لو على الرصيف قبل ما نبنى المدارس 5 نجوم، مفيش حاجة اسمها اطلب من الرئيس 100 مليار علشان ابنى مدارس و50 مليار اجيب تابلت، لازم نبدأ بالتدريج”.
واعترف الوزير بأن النظام التعليمى القائم لم يؤد الهدف المطلوب منه وفقا للدستور، نتيجة لزيادة الاهتمام بالدرجات والمؤهلات والمقعد الجامعى على حساب التعلم، ما ترتب عليه تدنى تصنيف مصر عالميا، لذا لابد من تغيير هذا النظام والاستراتيجية الموضوعة للتعليم، ويبدأ تطبيقها فى سبتمبر 2018، تتفرع إلى 4 محاور، “تطوير نظام التعليم، وتعديل نظام المرحلة الثانوية، وفتح المدارس اليابانية، والمدارس التكنولوجية بالنسبة للتعليم الفني”.
تعريب التجريبيات
نترك فلسفة الوزير فى التغيير جانبا ونتجه إلى أولياء الأمور لنتعرف منهم على آرائهم ومخاوفهم ومطالبهم من الوزارة، والبداية مع أمانى الشريف، منسق اتحاد المدارس الرسمية، التى تطالب الدكتور طارق شوقي، بإعادة النظر فى قرار تعريب المدارس التجريبية، مؤكدة أن اتجاه الوزير لتعريب المدارس التجريبية تعنى إعلانه الفشل فى ظل المطالبة بحل مشاكل الكثافة فى التجريبى.
واعتبرت الشريف، قرار التعريب مهزلة، وهدفه إفساح المجال للمدارس الخاصة لغات، التى ستكون الملجأ لبعض أولياء الأمور المتضررين، مؤكدة أن الوزير عجز أن يحل مشكلة الكثافة فى التجريبيات بتوفير مدارس جديدة فقرر إلغاءها، مع علمه التام برفض أولياء الأمور للقرار.
وأبدت استياءها من تصريح الوزير، بتهديد أولياء الأمور المعترضين بأن “أى حد هيتظاهر أو يرفض القرار هيتحبس”، موضحة أن هذا التصريح لا يصلح لشريك أساسى له فى النظام.
وأضافت أن الوزير عجز عن السيطرة على المدارس الخاصة وارتفاع أسعارها المتزايد، وأن هناك تناقضا فى تصريحاته عندما قال، «مش هقدر اعمل لهم حاجة» وفى نفس الوقت، روّج لهم عندما قال، «اللى عايز لغات يحوّل خاص».
وأشارت إلى أنه أصبح الجميع مجبرا على قبول قراراته التى اتضح أن لها مغزى واحدًا هو أنه فشل فى حل كل مشاكل التعليم، وكل أحلامه هى التابلت كسنغافورة وماليزيا.
تهديدات الوزير مرفوضة
أما عاصم مصطفى، محامي، وولى أمر، فأشار إلى أنه إذا كان الدفاع عن حق أولادنا فى التعليم جريمة يعاقب عليها القانون، فنحن مستعدين لها، فنحن نرفض بشدة خلط الأوراق والتهديد والوعيد ونرفض اهانه أولياء الأمور وتهديدهم بالسجن والاستهزاء بطلبات أولياء الأمور والسخرية منها.
وأضاف أن الوزير خالف قرار رئيس الجمهورية وضرب به عرض الحائط وفرض علينا نظام التعليم الجديد تحت التهديد والقوة واستخدام الجهات السيادية فى الحديث كنوع من الترهيب والتخويف، ولم يكتفِ بذلك بل قام بتهديد المعارضين لهذا النظام الجديد بالفصل وقطع مورد رزقهم الوحيد، ولم يقف إلى هذا الحد بل تجاوز كل الحدود وسخر من البسطاء من الشعب المصري.
مرحبا بالتطوير
وقالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، إن جميع أولياء الأمور يرحبون بالنظام التعليمى الجديد الذى سيطبق بداية من مرحلة رياض الأطفال، وهو ما يتماشى مع شعار الاتحاد “التطوير يبدأ من أول السلم”، مؤكدين أنهم ليسوا ضد التطوير الذى يبدأ من الأساس وبطريقة علمية صحيحة.
ولفتت عبير إلى أن نجاح النظام التعليمى الذى يبدأ من مرحلة رياض الأطفال يتوقف على الاستعداد الجيد له، من حيث توفير عدد كاف من المعلمين المدربين على هذه النظم، وكذلك ممن يتمتعون بقدرة عالية فى مهاراتهم اللغوية وشرح المنهج للطلاب بطريقة مبسطة ودون تعقيد.
أما خالد صفوت، أدمن جروب ثورة أمهات مصر، أشار إلى أن أولياء الأمور لديهم مخاوف وتساؤلات كثيرة عن خطة الوزير لتطوير التعليم وتركزت فى المطالبة بعرض خطة التطوير كاملة بالتفاصيل الدقيقة فى حوار مجتمعى يشمل جميع أطراف العملية التعليمية وخصوصا آليات التنفيذ، والاطمئنان لموقف مكتب التنسيق بعد تصريحات وزير التعليم العالى أنه موجود على الأقل لمدة سنتين.
وتساءل، هل معنى ذلك أن هناك احتمال إلغاء مكتب التنسيق فى المستقبل القريب بعد الرفض القاطع من أولياء الأمور بإلغاء مكتب التنسيق بسبب الفساد والمحسوبية، وإنه هو الضامن الوحيد لوجود شفافية فى دخول الجامعات؟، وماذا عن كيفية تعامل الوزارة مع مشاكل الإنترنت فى مصر، وكيفية توفير شبكة إنترنت عالية الجودة مع عدم تكلفة ولى الأمر أى مصروفات زيادة فى الظروف الاقتصادية الصعبة.
أما رباب عصمت عضو جمعية أولياء أمور ومدرسى مدارس مصر، فأشارت إلى أن الوزير لم يوضح أسباب فشل المدارس التجريبية بالرغم من مرور أكتر من 20 سنة عليها، ولو تم دراسة أسباب فشل هذه المدارس، مع التحفظ على كلمة فشل، دراسة مستفيضة بعيده عن المصالح والأهواء سيعلم الوزير سبب فشل التعليم فى مصر بصفة عامة وليس المدارس التجريبية فقط.
عشوائية وارتجالية
فى حين يرى الدكتور مجدى يونس كلية التربية جامعة المنوفية، أن ما تقترحه الوزارة يعد نسفا للنظام التعليمى الحالى ومحاولة غرس نظام بديل تماماً لم تراعِ فيه واقع البيئة التعليمية ولا ينطلق من استراتيجية متكاملة، وإنما يعتمد على العشوائية والارتجالية فى كل ما يطرح تحت مسمى تطوير النظام التعليمي.
وأضاف، أن النظام التعليم الحالى ليس سيئًا للدرجة التى تستدعى الإطاحة به بأكمله ووضع نظام بديل كالذى يقترحه وزير التعليم، بقدر ما يحتاج إلى تطوير لمواجهة مشكلاته الحالية، والارتقاء به لإرضاء طموحات الطلاب وأولياء الأمور، بل والمعلمين أيضا.
بينما أيدت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، النظام التعليمى الجديد، معلنة أن لجنة التعليم بالبرلمان ستقوم خلال الأيام المقبلة، باستضافة متخصصين تربويين؛ لمناقشتهم والاستماع إلى آرائهم حول نظام التعليم الجديد، وأعتقد أن اعتراض أولياء الأمور على هذا النظام نتيجة لعدم معرفتهم التربوية أو طرق التدريس.
وأشارت نصر إلى أن أولياء الأمور عليهم أن ينظروا للمخرج النهائى من النظام التعليمى الجديد، وليس لنقاط فرعية تتعلق بتعريب المناهج فى المرحلة الابتدائية، وستقوى اللغة الأم “العربية” واللغات الإضافية للطالب “الإنجليزية والفرنسية”، وليس من الضرورى أن يتم تدريس اللغات للطلاب منذ الصغر، وكنا سابقًا لا ندرس اللغات للأطفال فى المدارس وكانت الدراسة باللغة الأساسية.
مساران للتغيير
لكن ماذا عن رأى وزارة التربية والتعليم فى كل هذا اللغط؟، الإجابة جاءت على لسان، أحمد خيري، المتحدث الرسمى لوزارة التربية والتعليم، قائلا: إنه منذ تولى الوزير المسئولية عمل على مسارين، الأول تغيير المنظومة التعليمية كلها، والثانى يتمثل فى تعديلها، والتغير يبدأ من أسفل الهرم من رياض الأطفال لكى نصل بعد 14 عاما إلى منظومة مختلفة، قائمة على كيفية التعلم والابتكار ليكون الطالب مفكرا ومبتكرا ومبدعا.
وأضاف أن التفكير بدأ فى تغيير شكل المناهج بحيث يكون لدينا مخرج تعليمى مكتمل وموحد، ولدينا 55 ألف مدرسة منها 7 آلاف مدرسة خاصة ودولية فيصبح العدد المتبقى 48 ألف مدرسة، وعدد المدارس المعترضة على نظام التعليم الجديد 850 مدرسة، وهى ما تسمى مدارس التجريبيات.
وحول مدى ملاءمة التجربة الجديدة مع تكدس الفصول أشار خيرى إلى أنه تم الانتهاء حتى الآن من 28 ألف فصل على النظام الجديد وسنصل إلى 42 ألف فصل مع سبتمبر المقبل، أى 1700 مدرسة جديدة، نافيا أن تكون هناك أزمة كثافات فى المحافظات وأن هيئة الأبنية التعليمة اتخذت اللازم للقضاء على الكثافة فى الفصول.
أما عن استعدادات الوزارة وتأهيل المعلم ليكون قادرا على العمل فى النظام التعليمى الجديد، أشار إلى أن هناك مشروع “المعلمون اولا” وانتهينا من تدريب 15 ألف معلم ونستهدف الوصول إلى 50 ألف معلم فى سبتمبر المقبل، الذى بدأ منذ فترة لتنمية مهارات المعلم والسلوكيات الحياتية وكيفية التواصل مع الطالب من خلال تدريبات عملية داخل الفصل من خلال اشراف الخبراء.
وأضاف أن الهدف من التدريب تقييم المستوى لنصل إلى 850 ألف معلم فى العام 2021 من إجمالى مليون و100 الف معلم، كما أن هناك الأكاديمية المهنية للمعلمين تقوم بدور فى تدريب المعلمين من خلال إعادة هيكلتها بعد ان خرجت عن مسارها من خلال برامج تدريبية كثيرة لتدريب اكثر من 40 الف معلم، وهدفنا أن يكون لدينا 120 ألف معلم مدرب للمنظومة التعليمية الجديدة بحلول العام المقبل، وسنبدأ فى التدريب بعد نهاية رمضان المقبل.
وحول خوف أولياء امور المدارس الخاصة من زيادة الأعباء المالية عليهم من قبل اصحاب المدارس الخاصة، أكد خيري، أن الوزارة فكرت فى ذلك ولم يغب عنها، فهناك قانون للتعليم جديد يجهز له حاليا لضبط العملية التعليمية ويشمل المدارس الخاصة، وهناك قرارات وزارية تجهز لها حاليا، وأيضا تشريعات وقوانين ستصدر فى الفترة المقبلة .
وحول الاتهام بعدم عقد حوار مجتمعى مع المهتمين بالعملية التعليمية، أكد خيري، أن هذا اتهام ظالم، فالوزير جلس جلسات مطولة مع الرئيس، ومع رئيس الوزراء، وجلسات مطولة مع لجنة التعليم بالبرلمان، بلغت 12 جلسة، وأيضا مع المعلمين وأولياء الأمور فى بورسعيد والإسكندرية والسويس ومع الطلاب فى الصف الأول والثانى والثالث الثانوى من مختلف المدارس لكى نفهم مشاكل الطالب، وماذا يريد، أليس هذا حوارا مجتمعيا، وظللنا ندرس لمدة 15 شهرا، لكن ليس من المعقول ان نجلس مع 22 مليون اسرة وولى أمر.
وأنهى خيرى كلامه قائلا: إن سبب تطبيق اللغة الأم فى التعليم فى النظام الجديد، هو أن الدول التى لجأت إلى التعليم باللغة الثانية أثبتت فشلها، وعادت هذه الدول عن هذا المسار، ولا توجد دولة فى العالم تدرس مناهجها بغير اللغة الأم الأصلية.