صالون الرأي
فن الاستعباط !
By amrمايو 13, 2018, 19:43 م
1782
اخترت هذا العنوان لأنه ينطبق تمام الانطباق على جماعة الإخوان.. بل إن الحقيقة أن الإخوان تفوقوا على أنفسهم فى مجال الاستعباط فأصبح الاستعباط بالنسبة لهم فنًا أجادوه لدرجة كبيرة.
ولعل أقرب مثال على استعباط جماعة الإخوان ما تردد على لسان اثنين من كبار قيادات الجماعة عن المصالحة..
فجأة انحشرت كلمة المصالحة وسط كلام مذيعى ومقدمى برامج القنوات الإخوانية.. وراح ضيوف هذه القنوات يناقشون هذا الموضوع كأنه أمر واقع..
وتتمادى الجماعة فى استعباطها فتحاول الإيحاء بأن النظام فى مصر وبعض الرموز السياسية عرضوا على الجماعة مسألة المصالحة وأن الجماعة تدرس وتضع شروطا لهذه المصالحة!
وتسمع من يقول إن إبراهيم منير نائب مرشد جماعة الإخوان هو المسئول عن ملف المصالحة مع النظام فى مصر.. ثم يخرج علينا إبراهيم منير فى أحد برامج قناة الجزيرة يتحدث عن شروط الجماعة لقبول المصالحة.
ويسأله مذيع البرنامج عن هذه الشروط فيقول الإفراج الفورى عن كل الإخوان المحبوسين..
ويسأله المذيع عن مدى تمسك الجماعة بشرعية المعزول فيقول الانتخابات الرئاسية المبكرة هى الحل!
هل هناك استعباط أكثر من ذلك؟!
ويسبق إبراهيم منير فى الاستعباط قيادة إخوانية أخرى تتحدث عن المصالحة.. يوسف ندا المفوض السابق للعلاقات الدولية بجماعة الإخوان.. وأحد قادتها التاريخيين.
بعث يوسف ندا برسالة شخصية عبر قنوات الإخوان للفريق سامى عنان عندما أعلن عن نيته للترشح فى الانتخابات الرئاسية.. وقال يوسف ندا فى خطابه «الشخصى» إن الإخوان مستعدون لدعم عنان وانتخابه بشروط أهمها إعادة الاعتبار لنتائج الانتخابات التى جاءت بمرسى على أن يطلب منه التنازل عن منصبه لصالح الأمة.. وعودة الجيش لثكناته.
ولسنا فى صدد مناقشة الشروط التى وضعها القيادى الإخوانى إبراهيم منير وقال إنها شروط الجماعة.. ولسنا أيضا بصدد مناقشة رسالة القيادى الإخوانى يوسف ندا التى بعث بها للفريق سامى عنان.. ولكننا فقط نتساءل من فى مصر سواء كان على المستوى الرسمى أو المستوى الشعبى تحدث عن المصالحة؟
ويبدو أن الإخوان لا يريدون أن يصدقوا ما حدث لهم.. يبدو أنهم لا يريدون تصديق أن الشعب أسقطهم إلى الأبد بعد أن كشفوا عن وجههم القبيح.. وأن المصريين يكرهون الإخوان ولا يفكرون لحظة فى التصالح معهم.
ومع ذلك يمارس الإخوان فن الاستعباط بلا خجل ولا يتوقفون لحظة عن ممارسة الاستعباط بمنتهى الإخلاص والكفاءة.. كأنهم أخذوا عهدًا على شيوخهم وقياداتهم بأن يتفوقوا على أنفسهم فى مجال الاستعباط!
فجأة فتح الإخوان نيران مدفعيتهم الثقيلة على الرئيس الفلسطينى أبومازن.. سباب وشتائم واتهامات بالعمالة والخيانة.. كل ذلك لأن الرئيس الفلسطينى اعترف وهو يتحدث عن صفقة القرن بأن الرئيس المعزول محمد مرسى عرض عليه قطعة أرض فى سيناء لإقامة الدولة الفلسطينية عليها.
اعتراف الرئيس الفلسطينى أثار جنون الإخوان الذين حاولوا تسويق فكرة أن الرئيس السيسى هو صاحب صفقة القرن بالاتفاق مع الرئيس الأمريكى ترامب.. فإذا بالرئيس الفلسطينى يكذب مزاعم الإخوان ويفضح فى نفس الوقت رئيسهم المعزول.
لم يسأل أحد من الإخوان نفسه وهو يهاجم الرئيس الفلسطينى.. ما هى مصلحة أبومازن فى فضح رجل معزول ومحبوس ومحكوم عليه بالسجن.. ليس هناك ثأر قديم بين الاثنين فلماذا يزعم الإخوان أن الرئيس الفلسطينى يكذب؟
وكعادة الإخوان لجأوا إلى الاستعباط!
قال الإخوان لو أن كلام الرئيس الفلسطينى صحيح لكان الرئيس مرسى مستمر فى منصبه كرئيس للجمهورية حتى الآن.. لأن موافقته على صفقة القرن أمام الولايات المتحدة تعنى وقوف أمريكا إلى جانبه ضد ما يزعمون أنه انقلاب.
وراح الإخوان يرددون فكرة أن الرئيس المعزول كان سيتمتع بالحماية الأمريكية لو أنه كان موافقا على طلب أمريكا بإعطاء الفلسطينيين قطعة أرض فى سيناء بديل عن الأرض المحتلة لإنهاء القضية الفلسطينية تماما.
ما يقوله الإخوان هو الاستعباط بعينه فهم يتجاهلون المحاولات المستميتة التى قامت بها الإدارة الأمريكية السابقة للإفراج عن الرئيس مرسى وإعادة الإخوان للمشهد السياسى.
الإخوان يتجاهلون أيضا أن إرادة الشعب المصرى الذى خرج بالملايين لإسقاطهم كانت أقوى من أمريكا ومن الإدارة الأمريكية.. الإخوان يمارسون فن الاستعباط ويتجاهلون أن إدارة أوباما بالاشتراك مع حلفائهم فى أوروبا القضاء على ما يسميه الإخوان الانقلاب لكن أمريكا وحلفاءها اكتشفوا استحالة تحدى إرادة المصريين وإعادة الإخوان للمشهد السياسى فاعترفوا بأن 30 يونيو كانت ثورة شعبية وليست انقلابا.
ولا يريد الإخوان أن يتعلموا الدرس.. لا يريد الإخوان الاعتراف بأن استعباطهم مكشوف!
استقبل الرئيس السيسى فى القاهرة وفدًا من المعهد اليهودى للأمن القومى الأمريكى.. واستعرض الرئيس أمام أعضاء الوفد جهود مصر فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.. كما تطرق الحديث إلى الأزمات والتحديات التى تواجه المنطقة وإيمان مصر بالعمل المشترك مع الولايات المتحدة لحل هذه الأزمات ومواجهة هذه التحديات.
وكان اللقاء فرصة لاستعباط الإخوان!
وجّه الإخوان حديثهم للمصريين قائلين.. يامن كنتم تنتقدون الرئيس مرسى لأنه بعث بخطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلى بدأه بعبارة عزيزى بيريز.. ما رأيكم الآن فى رئيسكم الذى يستقبله الصهاينة فى مصر ويجتمع معهم تحت سقف واحد؟.
منتهى الاستعباط، فالإخوان يعرفون أن هناك فارقًا بين اليهود والصهاينة.. بين بيريز وأعضاء وفد يهودى.
ليست هناك مشكلة مع اليهود، المشكلة مع الصهاينة.. ثم أن هذه اللقاءات مع أعضاء الوفد اليهودى وغيرهما من جماعات الضغط فى أمريكا مسألة فى منتهى الأهمية لمصر وللسياسة المصرية.
الإخوان يعرفون ذلك جيدًا لكنهم كالعادة يلجأون إلى سلاح الاستعباط!
وقد أكون مخطئا بعد ذلك كله.. قد أكون مخطئا فى وصف ما يقوله الإخوان ويفعلونه بالاستعباط فقد يكون الأنسب والأصح وصف ما يقوله الإخوان ويفعلونه بالاستهبال وليس الاستعباط!