رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

اختفاؤها عن المشهد لا يعنى انتهاؤها.. التيارات السلفية ومشروع إسقاط مؤسسات الدولة

1528

تعتبر التيارات السلفية بمختلف تنوعاتها سواء التنظيمية الهرمية أو التيارات التقليدية العلمية والحركية والشعبية، امتدادا لمكونات الإسلام السياسي الداعية إلى مفاهيم جاهلية القرن العشرين.

مختلف التيارات السلفية – ابتداءً من مدرسة اسكندرية المعروفة بـ”الدعوة السلفية”، التي يتزعمها الشيخ ياسر برهامي، ومدرسة “القاهرة”، المعروف إعلاميًا “بالسلفية الحركية”، و”الجبهة السلفية”، التي تعتنق الفكر القطبي، انتهاء بجماعة “التبليغ والدعوة”، وسلفية أسامة عبد العظيم، التي يطلق عليها “السلفية العلمية”-مثلوا حاضنة كبيرة للعناصر الإرهابية المسلحة، لاسيما التي اتجهت للقتال في سوريا والعراق عقب أحداث الربيع العربي.

عمرو فاروق

وفقًا للعديد من الدراسات البحثية المتعلقة بالجوانب الفكرية للتيارات السلفية، وتحديد ماهية اتجاهاتها السياسية والاجتماعية، أكدت ميولها إلى اعتناق أفكار سيد قطب، وما طرحه حول مفاهيم الجاهلية والتكفير والعزلة الشعورية، والولاء والبراء لما يسمى بمشروع الخلافة المزعومة.

وتأثرت غالبية التيارات السلفية المصرية، بالمشروع الإخواني، نتيجة سيطرة جماعة الإخوان على هذه الكيانات والمؤسسة التابعة لها، وفى مقدمتها جمعية “أنصار السنة المحمدية”، و”الجمعية الشرعية” خلال مرحلة ما قبل ثورة 30 يونيو 2013.

وكانت عملية الهيمنة واضحة بقوة من خلال مشاركة ودعم التيار السلفى للمشروع الإخوانى منذ وصولوهم للسلطة، وتشكيل ما سمى حينها بـ”الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح”، التى كانت بمثابة “مجلس للحل والعقد”، كما تم تأسيس “مجلس شورى علماء المسلمين”، والذى أصدر 36 بيانًا أعلن من خلالها تأييد المشروع الإخوانى بكل أطروحاته، كما أدان ثورة 30 يونيو 2013، وانتقد الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم، بل أصدر بيانات هاجم فيها أجهزة الدولة الأمنية، وأعلن تأييده لاعتصامى رابعة والنهضة المسلحين.

ضم “مجلس شورى العلماء”، كلا من: الدكتور عبد الله شاكر، والشيخ محمد حسان، والشيخ أبو إسحاق الحويني، والشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ سعيد عبدالعظيم والشيخ مصطفى العدوي، والشيخ جمال المراكبي، والشيخ أبو بكر الحنبلي، والشيخ وحيد بالي، والشيخ جمال عبد الرحمن.

بينما تشكلت “الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح”، تحت رعاية جماعة الإخوان، وضمت كلا من: الشيخ على السالوس، وطلعت عفيفي، ومحمد عبد المقصود، والشيخ محمد حسان، ومحمد يسرى إبراهيم، وعبد الستار فتح الله، والدكتور محمود مزروعة (مصدر فتوى قتل فرج فودة)،  وعبد الله شاكر، (الرئيس العام لـجمعية أنصار السنة المحمدية)، ومحمد عبد المقصود، ومحمد إسماعيل المقدم (مؤسس سلفية اسكندرية)، والشيخ مصطفى محمد، والشيخ ياسر برهامى (نائب رئيس الدعوة السلفية)،  وخيرت الشاطر (نائب مرشد الإخوان)، وصفـوت حجازى، ومحمد هشام راغب، والشيخ ياسر حازم .

ائتلافات ما بعد يناير

عقب أحداث يناير 2011، تم تشكل عدد من الائتلافات السلفية، مثل “ائتلاف دعم المسلمين الجدد”، و”ائتلاف شباب مصر الإسلامي”، و”تيار الإسلام الجديد”، و”سلفيو كوستا”، وحركة “أحرار”، وغيرها من الكيانات السلفية التى ضمت عددًا من الشباب، انخرطوا فى نشاطها.

ودفعت التيارات السلفية بعناصرها إلى الالتحاق بالجماعات والميليشيات الإرهابية فى سوريا والعراق، تحت رعاية جماعة الإخوان أثناء وصولهم للسلطة، مثل تنظيم “داعش”، وتنظيم “القاعدة”، وجبهة “فتح الشام”،  وجبهة “النصرة سابقًا”، و”كتائب الفرقان”، وحركة “أحرار الشام”، و”هيئة تحرير الشام”.

ومن أمثلة هذه العناصر، محمد ناجي، المكنى بـ “أبو اليقظان المصري”، أحد أبرز قيادات حزب “النور السلفي”، داخل سوريا التى انتقل إليها، عام 2013، وطلحة المسير، المكنى بـ”أبو شعيب المصرى”، أحد المرجعيات الشرعية الجهادية، التى تربت فى أحضان الدعوة السلفية.

وشريف هزاع، المكنى بـ”أبو أيوب المصري”، وقد عمل مدرّساً فى معهد جماعة التوحيد والجهاد فى بيشاور الأفغانية، إلى جانب منصبه كعضو للجنة الإصلاح فى الدعوة السلفية، التى يتزعمها ياسر برهامي، إضافة إلى يحيى طاهر فرغلي، الشهير بـ”أبو الفتح الفرغلي”، أحد أبناء تيار السلفية الجهادية، التى تزعمها رفاعى سرور أهم رموز مُنظرى التيار القطبى فى مصر.

اختفاء التيارات السلفية حاليًا عن المشهد السياسى أو الاجتماعى،
لا يعنى بحال اندثارها وانتهاء تواجدها فى العمق المصري، ولا يعنى تراجعها عن مواقفها تجاه تأييد مشروع “دولة الخلافة” بل يمثل حالة من السكون، والتغلغل داخل الدوائر الاجتماعية المتعددة، لاسيما أن هذه التيارات تعمل من خلال ما يعرف بـ”استراتيجية الترويج الفكري”، للأطروحات السلفية وما يدور فى مجالها، فى ظل تأثر جانب كبير منها بالمنهجية الفكرية لجماعة الإخوان، ولتيار السلفية الجهادية.

عدد كبير من عناصر وقيادات التيارات السلفية يمتلكون رؤوس أموال تجارية ضخمة، ويسيطرون على سوق تجارة الملابس، والأحذية، والعقارات وشركات الحج والعمرة، وعلى مشاريع التجزئة الغذائية.

تعتمد التيارات السلفية فى منهجيتها الفكرية على كتب وأطروحات رفاعى سرور الذى يعتبر الأب الروحى لتيار السلفية الجهادية، والمتأثر بأفكار سيد قطب، كما أن له تلاميذ من أنصار تيار السلفية الحركية يمثلون امتدادًا فكريًا لأرائه وتوجهاته.

استغلال السوشيال ميديا

دشنت عناصر التيارات السلفية، عددًا من الجروبات الخاصة والصفحات على وسائل السوشيال ميديا، والتليجرام، بهدف نشر أفكارها الوهابية والقطبية، فضلًا عن أن بعضها يتبنى منهجية الهجوم على الدولة المصرية ومؤسساتها، تحت مزاعم متعددة، ويمثلون ظهيرًا سياسيًا داعمًا لتحركات جماعة الإخوان فى إثارة الفوضى داخل مصر، لكن دون الإعلان عن موقفهم بشكل صريح وواضح، إذ أن غالبيتهم يتعايشون مع خطاب غير معلن يعادى الحاكم ومؤسسات الدولة بشكل عام.

ما يؤكد ما طرحناه قيام “الجبهة السلفية” فى مصر، والتى يمثلها الشيخ خالد سعيد، وأحمد مولانا، بوضع مجموعة من المنهاهج الفكرية، التى تدعو للجهاد المسلح، تحت عنوان “رفع مستوى الوعي”، بهدف ضم عناصر جديدة واستقطابهم للفكر التكفيرى المسلح.

يمثل البرنامج المطروح حملة دعوة للتشبع بمنهج ورؤية مرجعيات التكفير أمثال سيد قطب، ورفاعى سرور، وغيرهما، إذ تضمن كتب “عندما ترعى الذئاب الغنم”، و “أصحاب الأخدود”، و”التصور السياسى للحركة الإسلامية”،  وكتاب “حكمة الدعوة” للمرجع التكفيرى رفاعى سرور، وكتاب “معالم فى الطريق”، لسيد قطب، وكتاب “القواعد الاستراتيجية فى الصراع والتدافع الحضاري”، لجاسم سلطان، وكتب “الوجيز فى فقه الخلافة”، و”نظرية السيادة وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية” لصلاح الصاوي.

الكتب التى طرحتها قيادات “الجبهة السلفية”، تسعى لتشكيل عقول الشباب، وفق الرؤية التكفيرية، فقدمت شرحًا لمعالم النظام السياسى الإسلامي، وتعريف الإمامة وحكمها والشروط الواجب توافرها فى الحاكم وواجباته وحقوقه وكيفية اختياره وطرق عزله والخروج عليه.

برنامج “الجبهة السلفية”، سعى للتأثير على خداع الشباب وإيهامهم بأن الأنظمة العربية المعاصرة لا علاقة لها بالإسلام، وأنها لا تحمل أيه شرعية تمنحها البقاء، بجانب ترسخيها لمفاهيم الجاهلية وتكفير المجتمع التى طرحها سيد قطب، وتقدم قراءة لأبرز المنعطفات التى مرت بها الحركة الإسلامية المصرية فى القرن العشرين.

دراسة العلاقات الدولية

تضمن برنامج “السلفية الجهادية”، كتب سياسية لفهم التعامل مع السياسات الأمريكية تجاه الكيانات الجهادية، مثل  كتاب “مدخل إلى العلوم السياسية” لقحطان الحمداني، ويتناول مفهوم العلوم السياسية وعلاقتها بالعلوم الأخرى، ونشأة السياسة وتطورها، ونظريات نشأة الدول وأنواعها، ويشرح النظم السياسية المعاصرة، وكتاب”فهم العلاقات الدولية”، لكريس براون، ويقدم شرحا لأبرز مدارس ونظريات دراسة العلاقات الدولية من منظور غربي.

تضمن البرنامج المتطرف قراءة وثائق مؤسس تنظيم “القاعدة”، أسامة بن لادن التى أطلق عليها “وثائق أبوت أباد”، وتم نشرها عن طريق مركز “ويست بوينت” لمكافحة الإرهاب، وكتاب “تحديد معالم الدولة الإسلامية”، لتشارلز ليستر، وكتاب “الإسلام والغرب بين التعاون والمواجهة”، لجراهام فولر وإيان ليسّر، وكتاب “صدام الحضارات”، لصمويل هنتنجتون.

تتناول هذه الكتب أبعاد الصراع بين تنظيم القاعدة وأمريكا وحلفائها وخلفياته ومجالاته، وكذلك دراسة تنظيم داعش بالتحليل، وبيان معالم قوته ونقاط ضعفه، وتقدم توصيات لكيفية إلحاق الهزيمة به.

التعامل مع الجيوش النظامية

وتطرق البند السادس من برنامج “الجبهة السلفية”، إلى كيفية تعامل الكيانات الجهادية المسلحة مع الجيوش النظامية، وتعامل الجيوش مع الثورات، فاعتمدت على عدة كتب مثل” كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟ ” لزولتان باراني، وكتاب “الاستراتيجية والتكتيك فى فن علم الحرب” لمنير شفيق، و”كشف مستقبل الحرب الطويلة: الدوافع والتوقعات وآثارها على الجيش الأمريكي”، مركز راند.

وتطرح هذه الكتب كيفية تعامل الجيوش مع الثورات من خلال دراسة حالات ثورات إيران وبورما والصين وأوروبا الشرقية وثورات الربيع العربي، وأبرز استراتيجيات الحروب وتكتيكاتها لدى الغرب ولدى المسلمين، بشكل يساهم فى قراءة خريطة المعارك وفهم تكتيكاتها، وتأثير المعارك الطويلة مع الكيانات الجهادية المسلحة وتقدم توصيات لتلافى سلبياتها وتحقيق الانتصار فيها، وهو ما تسعى إليه الجبهة السلفية فى برنامجها من إعداد جيل متطرف يسعى لهدم الدولة وزعزعة استقرارها، واستقطاب شبابها لمعسكرات وجبهات مسلحة تشن هجمات إرهابية ضد مؤسسات الدولة المصرية.

بجانب كتاب “التاريخ الإسلامى الوجيز”، لمحمد سهيل طقوش، وكتاب “الحرية أو الطوفان”، لحاكم المطيري، وكتاب “واقعنا المعاصر” لمحمد قطب، وكتاب “موجز تاريخ مصر فى الحقبة العلمانية (1809: 1986)”، لأسامة حميد، وكتاب “كل رجال الباشا”، لخالد فهمي.

وتتناول هذه الكتب صورة تاريخية للتاريخ الإسلامى منذ قبيل البعثة حتى سقوط الدولة العثمانية، والانحرافات التى طرأت على خطاب الإسلام السياسي، والانحرافات الكبرى التى مرت بها الأمة عبر مراحل متنوعة، وتقدم تحليلًا لأبرز مراحل علمنة مصر، بينما يتناول الكتاب الأخير كيفية نشأة الجيش المصرى فى عهد محمد علي، وكيفية السيطرة على المجتمع من خلال تلك المؤسسة الجديدة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.