رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

بالأرقام.. الدولة تتحمل 255 مليارا و815 مليون جنيه تكلفة سد العجز الحقيقة الغائبة فى أزمة أسعار الوقود

3141

لا أحد ينكر أهمية الطاقة فى حياتنا لارتباطها الوثيق بكل جوانب المعيشة،  لذا توجه إليها الدولة  قدرا كبيرا من الدعم  وهو ما يطلق عليه فى الموازنة العامة «دعم المحروقات»، ولكن بدا فى الأونة الأخيرة هذا الدعم  غير ملموس وغير واضح بالنسبة للمواطن الذى عانى جراء ارتفاع سعر البنزين والسولار، لكن فى نفس الوقت ربما غابت عن المواطن أيضًا بعض الحقائق عن الأزمة الحاصلة فى هذا القطاع على المستوى العالمى والتى تلقي بظلالها وتأثيراتها على الداخل المصرى ، فتصاعد سعر النفط عالميا فى ضوء تمديد منظمة الدول المصدرة «أوبك» لاتفاق أعضائها مع آخرين من خارجها على خفض الإنتاج حتى نهاية 2018،

بجانب تعقد الأزمات فى فنزويلا وأنجولا وإيران بشكل قد يؤثر على إنتاجها ، كلها عوامل تنعكس بالتأكيد علينا فى مصر ، حيث يعنى مزيدا من التكلفة لتدبير الاحتياجات، ومزيدا من عجز الموازنة، ومزيدا من النزيف المالى.

 كتب : سعيد صلاح

 

صورة قطاع الطاقة تبدو بالغة التعقد والتركيب، وحتى نفهم هذه الصورة المعقدة، علينا أن نقترب من بعض الأرقام، أبرزها أننا فى مصر نستهلك ما يقرب من 4.5 مليار لتر بنزين 92 بقيمة إجمالية 48.6 مليار جنيه «وفق مستويات السعر العالمى الحالية»، و5.3 مليار لتر بنزين 80 بقيمة 80.5 مليار جنيه، و15.5 مليار لتر سولار بقيمة 174.5 مليار جنيه، و8.06 مليون طن مازوت بقيمة 66 مليار جنيه، و330 مليون أسطوانة بوتاجاز بقيمة 58.7 مليار جنيه، أى أن إجمالى الاستهلاك يقترب من 430 مليار جنيه، إذا خصمنا منها قيمة الإنتاج المحلى البالغ 240 مليون برميل سنويا، أى 162 مليار جنيه تقريبا، نكون أمام عجز يتجاوز الـ100 مليار دولار، هذا بتجاهل أن نصف الإنتاج المحلى يخص الشريك الأجنبى وتشتريه الحكومة بالسعر العالمى، وأن الـ240 مليون برميل تتكلف 2.4 مليار دولار تكرير، بجانب تكلفة النقل والتخزين والتوزيع واللوجستيات الأخرى.

 الموازنة الجديدة

وزارة المالية أشارات فى البيان التمهيدى للموازنة العامة الجديدة، إلى إنها تستهدف من خلالها خفض عجز الموازنة من 9.8% بالموازنة الجارية إلى 8.4%، وتحقيق فائض أولى 0.2%، وزيادة الاستثمارات الموجهة للبنية التحتية والخدمات لـ100 مليار جنيه، والتحرك باتجاه خفض الدين العام لـ75% من الناتج الإجمالى بحلول 2022، وكلها أمور تبدو مهددة مع احتمالات تصاعد الأزمة واشتعال الأسعار، فى ضوء أن سعر البترول بالموازنة 67 دولارا للبرميل، وسعره الآن 77 دولارا، وكل دولار يكلف الموازنة بين 2 و3.5 مليار جنيه، حسب تكلفة النقل ونسب ومعاملات التكرير.

255 مليار جنيه عجز

وأشارت دراسة حديثة عن تكلفة تدبير الوقود، إن الدولة تتحمل 255 مليارا و815 مليون جنيه تكلفة سد العجز فى احتياجات الوقود عبر الاستيراد، 77 دولارا للبرميل، ما يعنى أن نصيب كل مواطن من دعم الوقود يتجاوز 2550 جنيها سنويا، بينما لا يتجاوز نصيبه من دعم السلع التموينية 860 جنيهًا، وفى الوقت الذى تغطى فيه مخصصات التموين ما يفوق 68 مليون مواطن، ويستفيد 3.2 مليون مواطن من الدعم النقدى المباشر «تكافل وكرامة»، بنسبة تتجاوز 67% من المصريين، فإن بعض التقديرات والمؤشرات شبه الرسمية تشير إلى أن أكثر من 40% من المخصصات الموجهة لدعم الوقود والمحروقات تصل مباشرة لغير المستحقين، سواء عبر سيارات الأغنياء، أو سيارات المصانع، أو الطائرات الخاصة، أو أسطوانات البوتاجاز للمطاعم والمحلات، والغاز والمازوت للقطاع الصناعى، أو الكهرباء المستهلكة بمنازل الطبقات الاجتماعية العليا والمشروعات الصناعية والتجارية، ما يعنى أن الأغنياء حصلوا على 56 مليار جنيه من مخصصات دعم الوقود فى العام المالى الجارى، ومن المنتظر أن يحصلوا على 35 مليار جنيه من الـ89 مليارا المخصصة فى موازنة 2018/ 2019، والرقم مرشح للزيادة مع تصاعد مخصصات الدعم حال ارتفاع أسعار البترول عالميا.

مخصصات الدعم

 وتشير الدراسة إلى أن نسبة مخصصات الدعم بشكل كلى ارتفعت قياسا على موازنات سابقة، فبحسب البيان المالى لموازنة 2018/ 2019 سجلت نسبة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية 38% من إجمالى الموازنة، مقابل 35% فى موازنة 2015/ 2016، وارتفعت نسبة شراء الأصول غير المالية من 12 إلى 17%، وهو ما يعنى مزيدا من الاستثمارات المباشرة فى مشروعات وخدمات توفرها الدولة للمواطنين، بما يوفر دفعة متكاملة من المساندة الاجتماعية والاقتصادية، وتقول الدراسة إن عجز المحروقات فى مصر يتراوح ما بين 30 و35%، وتحدده مصادر فى وزارة البترول بـ135 ألف برميل يوميا، وهى الكمية التى تتجاوز الـ10 ملايين ونصف المليون دولار فى اليوم، أو 3 مليارات و850 مليون دولار فى السنة، بخلاف فاتورة النقل والتخزين والتكرير وغيرها، أى أن فاتورة سد العجز فى الوقود والمشتقات البترولية تبلغ 3 أضعاف فاتورة سد العجز فى القمح وإطعام 100 مليون مواطن ، وإنتاج مصر من النفط 660 ألف برميل يوميا، متضمنة حصة الشريك الأجنبى التى نحصل عليها بالسعر العالمى، يبلغ استهلاك السوق المحلية 87 مليون طن من المتكثفات والغاز الطبيعى، منها 25 مليون طن يتم تكريرها محليا، بإجمالى 25 مليارا و700 مليون لتر من البنزين والسولار، و8 ملايين و60 ألف طن من المازوت، و330 مليون أسطوانة بوتاجاز، وهى كميات الاستهلاك التى تكلف الدولة أكثر من 103 مليارات جنيه للاستيراد، إضافة لخصم ما يتجاوز 146 مليار جنيه من الفرص البديلة.

 الأسعار العالمية

وتوضح الدراسة أن الدولة  تحصل على حصة الشريك الأجنبى وفق مستويات الأسعار عالميا، وتدبر باقى احتياجاتها عبر استيراد الخام وتحمل تكلفة النقل والتخزين والتكرير، وتتراوح فى المتوسط ما بين 3 و5 دولارات للنقل والتخزين وبين 7 و10 دولارات للتكرير، أو استيراد الوقود فى صورة منتج نهائى وفق الأسعار العالمية، وتسجل فى المتوسط بين 9 و11 جنيها للبنزين وما يقرب من 12 جنيها للسولار وأكثر من 8 آلاف جنيه لطن المازوت وحوالى 180 جنيها لأسطوانة البوتاجاز، لنجد أنفسنا فى النهاية أمام خريطة معقدة تتضمن حقوق الشريك الأجنبى، وتكلفة الاستيراد، وتكلفة النقل والتخزين والتكرير، ثم تكلفة صيانة شبكات الإنتاج والتكرير، ونقل وتوزيع المنتج النهائى، مضافا إليها أعباء دعم الكهرباء ووسائل النقل العام باعتبارها من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والمحمّلة بديون ضخمة لصالح الهيئة العامة للبترول.

 السؤال الصعب

ومازال السؤال يراود خيال الكثيرين حول مفارقة ارتفاع سعر الوقود والمحروقات فى الدول العربية المحيطة عن مستواها فى مصر، سواء فى الدول الأقل اقتصاديا كالسودان، أو فى الدول المنتجة للنفط كالسعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر، وهل هذا يرجع إلى التفاوت الضخم لفروق سعر صرف العملات الوطنية فقط، أم أن الأمر يرتبط بتغطية عملية الإنتاج وفق حسابات الجدوى الاقتصادية، سعياً لترشيد عادات الاستهلاك وتجنب إهدار موارد الدولة وحقوق الأجيال المقبلة، وضمانا لاستدامة الموارد ومرافق الإنتاج وتحديثها وإطالة عمرها الافتراضى ومدى تقادمها ، وهذا التفاوت لم يتسبب فى ارتفاع فاتورة الدعم، وبالتالى عجز الموازنة فقط، وإنما تسبب على مدى سنوات فى تراكم ما يقرب من 350 مليار جنيه ديونا للهيئة العامة للبترول لدى الوزارات والجهات الحكومية المختلفة، أبرزها المالية والكهرباء والنقل، وهو الأمر الذى كان من أبرز آثاره عجز الهيئة عن الوفاء بالتزاماتها فيما يخص تطوير مرافق الإنتاج والنقل والتكرير، ما أدى لتقادم كثير من المعامل والمنشآت .

برميل النفط

 وتشير الدراسة إلى أنه بدلا من أن ينتج برميل النفط 169 لترا منها أكثر من 111 من البنزين والسولار، فإنه لا يتجاوز فى كثير من الأحيان 100 لتر من البنزين والسولار، بفاقد يتجاوز 9%، مقابل تصاعد مخلفات التقطير من متوسط 4 لترات إلى ما يقرب من عشرين لترا، بزيادة تفوق 400%، أو ما يعنى ببساطة، إهدارا يقترب من 180 جنيها، أو 10 دولارات، فى برميل النفط الواحد، بسبب عدم تحديث منظومة العمل وتطوير المنشآت ووحدات التكرير، وهو الأمر الذى يؤكد خبراء وعاملون بقطاع البترول أنه يعود لاختلالات منظومة دعم الوقود، وما أنتجته من تراكم للديون وضعف لقدرة وزارة البترول والهيئة العامة للبترول على تحديث قدراتهما وضمان استدامة القطاع.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.