صالون الرأي
هرمون علاج للقاسية قلوبهم
By amrأبريل 26, 2022, 13:01 م
659
يشير إلينا توفيق الحكيم بنصيحة قائلا فيها: “إن الصداقة لشيء عظيم.. إنها الوجه الآخر غير البراق للحب”، وهو فضيلة تعلو بالنفس وتطهرها، وفاقد العقل لا يذوق حلاوته، إنه الحب، وما بالك لو كان المحب الله، وتكتب له شهادة ميلاد جديدة مع أول دمعة تذرف منك حين تستشعر أنك فى حضرة الخالق، فهنيئا لك.
ويعتمد شهادة ميلادك المولى عز وجل بقوله تعالى فى الحديث القدسي: “إذا أحب الله عبدا دعا جبريل فقال يا جبريل إني أحبه فأحبه…” ويهوى فى الشقاء من يدعي محبة الله ويصر على الكذب والخداع، ويبارزه بالمعاصي فى التعدي على حق العباد وعلى كل رطب وحجر.
ويعني الحب فى اللغة الصفاء، وهو مرادف للعطاء وللتضحية وللإيثار، وظهر أسمى معانيه فى تقاسم الأنصار مع المهاجرين أموالهم وأزواجهم، وذكر فيهم رب العزة فى الحديث القدسي عن الرسول: “المتحابون بجلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء”.
ومن دلائل الحب فى الله صدقك لحب الخير لأخيك المسلم، وصدّق عليه قول النبي: “رجلان تحابا فى الله. اجتمعا عليه وتفرقا عليه”، ويلزم المتحابون فى الله إتيان عدة واجبات، منها السعي فى مناصرة كل منهما للآخر فى الحق وفى تفريج كربه وفى إدخال السرور عليه، ولذا نصحنا رسولنا الكريم بالقول: “إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه”، والحب بجد يصنع المعجزات، وليست مشاعره مجرد نزوة، والحب الصادق لا يعني كما يتردد بالحب الأعمى أو المجنون، إنما تفاعل العقل الراجح مع مشاعر القلب، ويتولد عنه المودة والرحمة.
وأخضع العلماء حديثا علاقة الحب تحت الدراسة، وأثبتوا أنه حين تنجح العلاقة يفرز المخ مادة “الأوكسيتوين” المعروفة بهرمون الحب، وتحدث تغييرات إيجابية فى حياة الإنسان بداية من الحالة النفسية حتى الجسدية، يخفض ضغط الدم، ويخلصه من التوتر والصداع، ويجعل الإنسان المحب أكثر كرما وعطاء عن غيره، ونجح العلماء فى تصنيع هذا الهرمون داخل المعامل واستخدموه فى علاج عدة حالات مرضية كالإدمان، وذلك بواسطة استنشاق المدمن له، وبدوره يقف حائلا أمام رغبة المدمن فى تعاطي المخدرات.
ومن طرائف تجارب العلماء أنهم اكتشفوا أن معدل هرمون “الأوكسيتوسين” يرتفع عند المرأة الحامل فى الشهور الأولى، وفى مرحلة تالية يفرز كميات أكبر خلال عملية الولادة، وهو
ما يفجر مشاعر الأمومة لديها.
ومشاهد وأحداث النزاع والصراع المتصاعد فى الطرقات وبين الجنبات وداخل البيوت، سببه موت الرحمة فى القلوب، وتحتاج تدخلا علاجيا سريعا كإشاعة حب الأخوة والصداقة، وغرزها فى القلوب عبر منابر المساجد والإعلام، ولكن غلاظ القلوب تأخذهم العزة بالإثم، ونبتهل إلى القادر بقوله تعالى: “وَلا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا
غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.