رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

د. رضوى سعيد استشارى الطب النفسى: 5 صفات تكشف مفاتيح شخصية المرتشى

2802

كتب : إيهاب حجازى

المرتشى شخص يحمل بداخله العديد من الأسرار النفسية والعقد المزمنة.. ويحب نفسه بشدة ويكره الآخرين بدرجة عالية.. وينكر الفضل وينسبه دائما لنفسه وعلى الجانب الآخر هذا النموذج من البشر فى الغالب يكون محبوبًا بين زملائه وكريمًا ويعشق أن يصفه الناس بهذه الصفة.
ولكن يظل السؤال الصعب مطروحًا: ما الذى يدعو شخصا وصل إلى أعلى السلم الإدارى فى الوظيفة الإطاحة بعقائده الأخلاقية والدينية ومد يده للرشوة؟
الدكتورة رضوى سعيد استشارى الطب النفسى تضع أيدينا على مفاتيح شخصية المسئول المرتشى وتصفه بخمسه صفات رئيسية ربما تكشف لنا التفاصيل التى من الممكن أن تعالج ما عجزت عنه قيم المجتمع والأخلاق والثوابت الدينية منعه.
تقول د. رضوى: إن مواجهة النوازع النفسية الخبيثة فى شخصية أى شخص يفكر فى الخروج عن أعراف وقيم المجتمع أصبحت ممكنة واصفة شخصية المرتشى بأنه شخص لديه تكيس فى الإحساس وتبلد فى المشاعر ومن ثم لا يرى إلا نفسه بطريقة نرجسية ولا يقبل إلا سماع رأيه فى العمل يحب دائما أن يصفه الآخرون بالأمانة والشرف يبالغ فى إظهار نفسه بأنه ذلك الشخص المنكر لذاته عكس رغبته الداخلية فى حبه أن يصفه الآخرون بالتواضع رغم حبه فى عدم الظهور فيما يخص عمله وعلى العكس تماما فى علاقته الأسرية والعائلية ومع زملائه فى العمل وفى الغالب يكون لديه نوع من الفصام يظهر بصورة و فى داخله صورة أخرى خفية لا يعرفها إلا هو.
صفات مشتركة للمرتشين
ويشترك المرتشون فى صفات معينة بداية من طريقة التربية وبيئة مؤيدة لبعض السلوكيات غير الحميدة وتشجع على اللامبالاة واخذ حق الغير ومن ثم تتربى بداخله سلبيات تساهم فى بناء كيان مهزوم دون أن يشعر صاحبه فإذا كانت الرشوة لا تمثل مرضا نفسيا فى حد ذاتها ولكنها يمكن أن توصف بكونها انهزام نفسى يهزم فيها الشخص نفسه ويدعوها إلى التخلى عن كل مبادئه ويخضع نفسه لسيطرة غيره بدعوى الحصول على المال؟
وأضافت الدكتورة رضوى أنه رغم ذلك الوصف إلا أننا لا نستطيع التعميم على كل شخص يحصل على رشوة حيث أن التوصيف الدقيق للرشوة بعيدا عن الأشخاص أنه عمل غير أخلاقى ففكرة الرشوة من الممكن أن يتعلمها الإنسان منذ الصغر حيث إن الطفل الذى يربى كلابا على سبيل المثال و يرغب فى أن يؤدى له عملا مثل أن يحضر الكرة التى يلقيها صاحبه بعيدا فتكون المكافأة طعام خارج الأطعمة التى يحصل عليها وبالتالى المكافأة هنا تمثل الرشوة والفعل هو عمل خارج نطاق المطلوب الأمر الآخر عندما يؤدى لك شخصا عملا إضافيا وتكون المكافأة هنا كوبا من الشاى أو أى شيئا آخر و كل ذلك يعد بذورا للمفهوم البسيط للرشوة يرتبط فى الأذهان بأداء عمل خارج السياق للحصول على اجر إضافى.
وتفرق الدكتورة رضوى بين الحصول على بقشيش لأداء عمل بسيط لا يشعر صاحبه بالجريمة وبين آخر يحصل على مليون جنيه على سبيل الرشوة للاخلال بعمل من مهام وظيفته هنا يكون الشخص على علم تام بأنه يرتكب فعل مجرم عكس النموذج الأول فلابد أن يكون هناك تقييم منطقى لقيمة الرشوة حتى يشعر الشخص بالجرم والتجاوز والخروج عن الأخلاق الأمر الآخر يرتبط بحجم التفريط فى حق الدولة فمن يرتكب الفعل البسيط يصلى ثم يأخذ الرشوة وهو يعتقد أن «ربنا سيقف بجواره ويستره».
شخصية عدوانية
وتؤكد الدكتورة رضوى سعيد استشارى الطب النفسى على إن الشخصية المرتشية شخصية عدوانية تحمل فى داخلها سمات إجرامية تتدرج حسب القدرة وحجم الجريمة ولا يشعر بالألم أو المراجعة النفسية عما اقترفه من ذنب فالمسئول الفاسد من الممكن أن يكون شخص محبوبًا وذكيًا ويشتهر عنه حكمته عند اتخاذ القرار هذا رغم أنه يعانى دائما داخل نفسه من التقدير السئ للأمور فى الغالب يمكن وصف المرتشى بأنه شخص سيكوباتى مغرور أنانى يكره معارضة الآخرين لا يعترف بالحب والمشاعر والأحاسيس لا يشعر بتأنيب الضمير ويثق فى قوة تفكيرة وقدرته على المراوغة والخداع والكر والفر للهروب من ملاحقة الأجهزة الرقابية ودائما تخدعه نرجسيته على قدرته فى مواصلة خداع الآخرين والأجهزة الرقابية والتشكيك فى قدرتهم على الوصول إليه وهو ما يفسر أنه رغم الضربات الرقابية فى ملاحقة المرتشين يفاجأ المجتمع بحالات أخرى لم تتعظ من سابقيها؟
فهو شخص سيكوباتى يجيد بعض المهارات الإجرامية التى تدفعه لمواصلة إجرامه بطريقة تكشف عكس ما يخفى وهؤلاء فى الغالب أشخاص تجدهم يصلون لتوالى المناصب القيادية بصورة سريعة تضع الآخرين فى حيرة شديدة وتفجر عدة أسئلة أهمها كيف حدث ذلك؟
وترى الدكتورة رضوى أن الشخص المرتشى علاجه غير مضمون ولكنه ممكن رغم صعوبة هذه الشخصية التى قد تصل فى داخلها إلى درجة كراهية العالم وحب ذاته فإذا كان ذلك الشخص قد مات لديه الشعور وتبلدت المشاعر لديه فمن الممكن علاجه عن طريق تناول بعض الأدوية غالية الثمن بالإضافة إلى إخضاعه للعلاج الجماعى الذى ينمى ويحسن من الشعور والإحساس حتى تتلاشى الميول العدوانية وتستبدل بدلا منها فكرة احترام احتياجات الآخرين فى محاولة لمواجهة الأفكار الداخلية وتعديلها مع قيم ومبادئ المجتمع.
أما العلاج الحقيقى الذى يجب التعجيل به هو ايقاظ وإعادة تربية الضمير الاجتماعى للمجتمع واتساع نظرة المصلحة للمجتمع وتعزيز ذلك على حساب النظرة الضيقة لمصلحة الفرد الشخصية واعتقد أن ذلك لن يحدث إلا بالمشاركة مشاركة المجتمع والفرد فى تحقيق المصلحة بالإضافة إلى خلق الهدف العام الذى يخلق الانتماء للفرد تجاه المجتمع بحيث نسعى جميعا لتحقيقه سويا الأمر الآخر هو إحياء مفردات الأخلاق التى ماتت حتى ولو بالقانون.