رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

د. عاصم الدسوقي: 23 يوليو.. الثورة الأم

3896

كتبت : د.نسرين مصطفى
مؤرخًا من طراز فريد، له دور كبير فى توجيه المؤرخين الشباب إلى كتابة تاريخية علمية، له مدرسته الخاصة في كتابة التاريخ، بعيدًا عن السلطة والأضواء، يعد مرجعا في كتابة تاريخ الثورات، صحح العديد من المفاهيم، فهو عالم جليل وشيخ من شيوخ التاريخ الحديث والمعاصر د. عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان.. وكان لـ «أكتوبر» هذا اللقاء به لاستطلاع رأيه حول ثورة يوليو 1952.
كمؤرخ كيف ينظر التاريخ الى ثورة يوليو؟
– ثورة 23 يوليو، هى الثورة الأم والوحيدة التى جسدت المفهوم الاصطلاحى للثورة، فقد أسست جيشًا وطنيًا قويًا للدولة المصرية يعمل على حمايتها، وتخلصت من التبعية لأى طرف كان إلا مصلحة الوطن وأبنائه، فقد عملت على تحرير الوطن من الاحتلال، ولم تنظر إلا لمصلحة الوطن وأبنائه، فعملت على القضاء وعلى سيطرة رأس المال، والإقطاع، وبناء اقتصاد قوى، ووطنى، وتأييد التحرر الوطنى، وتحقق ذلك على مدى سنوات حكم الراحل جمال عبد الناصر، الذى وضع مبادئها للعمل على تحقيقها، حتى صنعت اسم مصر إقليميًا وعالميًا.
ما هى ايجابيات وسلبيات ثورة يوليو؟
– الإيجابيات والسلبيات مسالة نسبية فلا يوجد سلبى مطلق او ايجابى مطلق فالنسبية هى الأساس نسبة إلى القائل فإذا كان المتحدث عن ثورة يوليو من مؤيدى الملكية فسوف ينتهى الى ان ثورة يوليو كلها سلبيات، إلا أن المنصف يشعر بما حققته ثورة يوليو الآن.
إذا ماذا قدمت الثورة للجيش المصرى؟
– الجيش المصرى هو جزء من الشعب وكان إحدى قوى الشعب الخمسة من عمال وفلاحين وجنود ومثقفين وطبقة وسطى، ونجحت الثورة فى تنقية من يدخل الجيش والكلية الحربية والعسكرية وألا يكون هناك أية انتماءات سياسية داخل الجيش سواء من الإخوان أو من الأحزاب السياسية.
ما أهم ما حققته ثورة يوليو اجتماعيا؟
– حققت العدالة الاجتماعية، ونمت فى عهد عبد الناصر الطبقة المتوسطة وهو الأمر الذى ظهر فى جميع مناحى الحياة وأثر بالإيجاب على مصر اجتماعيا بل واقتصاديا أيضًا فشعر بتلك التغيرات الفلاح والعامل والطبقات الكادحة التى حظت على بعض العدالة الاجتماعية فى عهد جمال عبد الناصر.
ماذا حققت الثورة للصناعة؟
– لقد حققت الكثير.. فللثورة دور كبير فى إنشاء مصانع الحديد والصلب والمصانع الحربية ومصانع الالومنيوم ومصانع الصناعات الثقيلة، وذلك تحقيقا لمقولة الرئيس عبد الناصر والذى كان يقول ليس من المهم أن يكون لدى مخرطة ولكن المهم أن اصنع المخرطة لتحقيق الاستقلال الحقيقى ومنع إملاء شروط سياسية.
هل استطاعت ثورة يوليو تحقيق حلم الديمقراطية؟
– من يقول إن ثورة يوليو لم تحقق الديمقراطية هم أنصار الملكية والأحزاب، فالمبدأ التى نادت به ثورة يوليو هو تحقيق الديمقراطية السليمة ومعنى السليمة لتميزها عن الديمقراطية الملكية، لأن الديمقراطية الملكية حرمت جماهير الشعب المصرى من عمال وفلاحين من التقدم والتمتع بالحرية بالبرلمان والسلطة التشريعية من واقع قانون الانتخابات الذى صدر مع دستور 1923 والذى نص على أن من يرشح نفسه لمجلس الشيوخ ممن يدفع ضريبة أطيان زراعية قدرها 150 جنيها كتأمين يرد بعد نجاحه فى الانتخابات بالطبع، مما يعنى أن يكون مالكا لـ 300 فدان على الأقل، لأن الضريبة على الفدان آنذاك 50 قرشا وهذا يعنى أن الذى يفوز هو من ملاك الأراضى الزراعية، ودفع هذا القانون بمجلس النواب فى يد أصحاب ملاك الأراضى الزراعية وأصحاب المال وفى هذه الحالة كل القوانين التى صدرت كلها لصالح الملاك وضد الطبقة الوسطى والعمال والفلاحين، أما الديمقراطية ثورة يوليو السليمة، فتم توسيع القاعدة فأصبح للعمال والفلاحين مندوبين فى مجلس الأمة عندما جرت الانتخابات لأول مجلس أمة سنة 1957.
ما الأخطاء التى ارتكبها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟
– من الأخطاء التى ارتكبها الرئيس أنه لم يقض نهائيًا على طبقة ملاك الأراضى أو أصحاب رأس المال قضاء مبرمًا فاكتفى بتأميم رأس المال وتوزيع ما يزيد على الـ 200 فدان على الفلاحين فبقيت هذه الطبقة تلعب دورها حتى الآن.
من المتسبب فى تشويه رموز ثورة يوليو؟
– بعد تولى السادات حدثت عملية تشويه للكثير من الشخصيات، هناك أربعة فئات أساسية انخرطت فى تشويه الثورة، وهم كل من أضير من إجراءات ثورة يوليو وأولهم ملاك الأراضى الزراعية ورجال الأحزاب بسبب إلغاء الأحزاب فى 17 يناير 1953، والإخوان المسلمين بداية من أكتوبر 1954، وأخيرًا الذين خضعوا للتأميم سنة 1961.
ما هى أكثر المفاهيم الخاطئة التى انتشرت عن ثورة يوليو؟
– هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التى انتشرت خاصة بين رواد الفيس بوك وهى تكشف عن ضحالة المثقفين والمتعلمين فى مصر ولعل من أكثرها انتشارا أن ناصر لم يحقق أى نجاح خلال حكمه، وإنه كان السبب فى النكسة فجمهور الفيس بوك يزور التاريخ.
ما الفرق بين ثورة يوليو و ثورتى يناير ويونيو؟
– ثورة يناير 2011 طالبت بما طالبت به ثورة يوليو فشعارات ثورة يناير هى نفس شعارات ثورة يوليو «عيش حرية عدالة اجتماعية» وهى مبادئ ثورة يوليو مما يعنى أن الشعب المصرى طالب فى ثورة يناير بنفس شعارات ثورة يوليو وهى المطالب التى بدا الشعب يطالب بها بعد 1972، حيث تحول الأمر إلى يد رجال المال والأعمال وسيطر رأس المال على الاقتصاد منذ عهد السادات فثورة يناير وثورة يونيو هى استعادة لثورة يوليو وأكبر دليل أننا لم نجد مظاهرة واحدة تعبر عن مطالب اجتماعية للشعب المصرى خلال حكم جمال عبد الناصر وأول ثورة كان لها مطلب اجتماعى كانت سنه 1977 عندما قرر السادات أن يرفع الدعم وهو ما أدى الى مظاهرات اجتماعية لرفض هذا الوضع.