الرئيسية سياسة 100 مليار إعادة إعمار و10% أضرار الناتج المحلي.. هل يُعمّق الزلزال جراح الاقتصاد التركي ؟
سياسةشئون دولية
100 مليار إعادة إعمار و10% أضرار الناتج المحلي.. هل يُعمّق الزلزال جراح الاقتصاد التركي ؟
By amrفبراير 27, 2023, 15:14 م
737
منذر جاهين
شهدت تركيا فى السادس من فبراير الجارى زلزالين بلغت قوة الأول 7.8 ريختر ومركزه غرب مدينة غازى عنتاب ووقع فى تمام الساعة 4 و17 دقيقة فجرًا بينما الثانى بلغت قوته 7.5 ريختر ووقع فى الساعة 1 و24 دقيقة ظهرًا فى منطقة إيكين أوزو بالقرب من مدينة كهرمان مرعش ما تسبب فى دمار هائل وضحايا ومصابين بالآلاف وبلا شك أن تداعيات الكارثة ستصل إلى الاقتصاد التركى، الذى يعانى من قبل الزلزال، حيث ارتفاع فى معدل التضخم بنسبة بلغت 58% وانخفاض كبير لليرة التركية وزيادة العجز فى الميزانية وارتفاع معدلات البطالة .
من جانبه، وعد الرئيس رجب طيب أردوغان، بمنح ملايين الليرات التركية للمواطنين المتضررين، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة فى
14 مايو المقبل، وقد يؤدى ضخ كل هذه المبالغ إلى تحفيز الاستهلاك والإنتاج الصناعى، وهما مؤشران أساسيان للنمو الاقتصادى، لكن الواقع أن تركيا تعانى شحًا
فى الأموال.
ويوضح خبراء الاقتصاد أن هذه الأموال بالكاد تكفى للحفاظ على المالية التركية ومنع الليرة التى تواجه وضعًا صعبًا من الانهيار، وذلك حتى موعد الانتخابات إن لم يتم تأجيلها، إلا أن أردوغان مضطر حاليًا إلى إصلاح أضرار بقيمة حوالى 78.9 مليار يورو أى ما يعادل 84.5 مليار دولار، بحسب تقديرات مجموعة من رؤساء الشركات الكبرى، وتحسبًا للانتخابات، وعد أردوغان بتوفير مساكن جديدة لملايين المتضررين فى غضون سنة.
ويشار إلى أنه قبل الزلزال كانت المنطقة المتضررة تساهم فى الاقتصاد التركى بنسبة 9% من إجمالى الناتج المحلى، ولا سيما من خلال مناطق صناعية كبرى فى غازى عنتاب ومرفأ إسكندرون الذى تمر عبره منتجات المنطقة المصدرة إلى العالم.
وكذلك ستطال الصدمة الإنتاج الزراعى، حيث أشارت خبيرة الاقتصاد فى جامعة توب للاقتصاد والتكنولوجيا فى أنقرة، أوناى تامغاك، فى تصريحات لها إلى أن «المنطقة المتضررة تؤمن 14.3% من الإنتاج الزراعى التركى بما فى ذلك منتجات الصيد والغابات»، موضحة أن «منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو»، حذرت من بلبلة فى الإنتاج الغذائى الأساسى فى تركيا وسوريا، مضيفة أن الزلزال طال أيضًا البنية التحتية الخاصة بالطاقة والمواصلات وقنوات الرى».
وبحسب وكالة «بلومبرج»، فإن الأضرار تقدر بنحو
84 مليار دولار، أى حوالى 10٪ من الناتج المحلى الإجمالى، منها 70.8 مليار دولار ترتبت على دمار المبانى،
و10.4 مليار دولار انخفاض فى إيرادات الميزانية، و2.9 مليار دولار أخرى ناجمة عن خسائر فى القوى العاملة، ويتفق مع تلك التقديرات توقعات اتحاد «الشركات والأعمال التركى»، بحسب وكالات.
كما ذكرت وكالة « بلومبرج»، فى تقرير لها، أنّ تركيا قد تنفق 5.5% من الناتج المحلى الإجمالى على معالجة كارثة الزلزال، فى وقتٍ تُعقّد المأساة الإنسانية جدول الأعمال الاقتصادى قبل الانتخابات، موضحة، أن المشهد الاقتصادى المخيف سيؤدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية التى أحدثها الزلزال فى تركيا، إذ تشير التقديرات المبكرة للأضرار إلى ارتفاع معدلات التضخم ومخاطر الميزانية.
وأشارت «بلومبرج»، إلى أنّ تكاليف هذه الكارثة تضرب الاقتصاد التركى فى وقت كانت المعنويات هشة بالفعل، موضحةً أنّ ذلك يزيد من خطر حدوث انهيار آخر فى السوق، بالنظر إلى نقاط الضعف الموجودة مسبقًا فى العملة والحساب الخارجى.
من جانبه، يرى مؤسس مدرسة الاستثمار العملى، فيودور سيدوروف، أن تقديرات «بلومبرج»، حتى الآن، أعلى بكثير من الأرقام التى تحدثت عنها وسائل الإعلام الأخرى، قائلا «من المتوقع أن يخسر الاقتصاد التركى من 2 إلى 5٪ من الناتج المحلى الإجمالى، لكن بالتأكيد، إجراء الحسابات مستمر وقد ترتفع الأرقام، بل قد تتحقق توقعات بلومبرج، ونظرًا لأن هذه الكارثة الطبيعية سيكون لها تأثير تراكمى فى الاقتصاد، فإن العواقب السلبية ستظهر أكثر فأكثر مع مرور الوقت».
وأضاف سيدوروف، «لا ينبغى نسيان أن تركيا فى أزمة قبل الزلزال، حيث تضخم مفرط يصل إلى 80٪ سنويًّا، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وزيادة العجز فى الميزانية، وارتفاع البطالة، ولم يؤثر الزلزال فى أكثر المقاطعات والأقاليم تطورًا اقتصاديًّا، والتى تطورت بالدرجة الأولى بفضل السياحة، إنما عانى جنوب شرق الأناضول، الذى يعد منطقة ركود فى تركيا، وما زال من الضرورى تقييم عواقب هذه الأحداث المؤسفة، لكن الوضع فى تركيا سيكون صعبًا للغاية على الأقل هذا العام، إذا قررت السلطات تأجيل انتخابات مايو، فسوف تؤدى الأزمة الاقتصادية إلى تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية».
وكشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، عن أنّ إعادة بناء المنطقة الشاسعة التى دمرها الزلزال فى تركيا ستتطلب ترميم مليون مبنى إضافة إلى عشرات المليارات من الدولارات، وفقًا للتقديرات الأولية لتحدى إعادة الإعمار الهائل، وبينما لا يزال يتم احتساب الخسائر الكاملة للزلزال، بدأت السلطات المحلية ومخططو المدن فى تقييم ما يُرجح أن يكون أكبر جهد لإعادة الإعمار فى تركيا منذ تأسيس الجمهورية فى عام 1923، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس غرفة المهندسين المعماريين فى اتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك، أيوب موهجو، قوله: إنّ «نصف المبانى البالغ عددها 3.4 ملايين مبنى فى المنطقة المتضررة جنوبى تركيا قد تحتاج إلى الهدم».
وأضاف موهجو، أنه «من أجل إعادة بناء هذه المنازل، يتعين عليك أيضًا بناء البنية التحتية والمرافق العامة، وحتى نتمكّن من التحدّث عن التكلفة التقديرية الأولية البالغة
100 مليار دولار لإعادة الإعمار، يعد ذلك حسابًا تقريبيًّا للتكلفة المالية».
من جهته، كشف بنك الاستثمار «جيه بى مورجان»، عن أنّ التكلفة المباشرة من الهياكل المدمرة قد تتجاوز 25 مليار دولار، أو 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى لتركيا.
أما الخبيرة فى جامعة كولومبيا البريطانية، سارة شنايدرمان، فوصفت الجدول الزمنى الذى تبلغ مدته
12 شهرًا، والذى أعلنت عنه الحكومة التركية بأنه «خيالى»، مؤكدةً أنّ «إعادة الإعمار هى عملية متعددة السنوات».
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد فى جامعة «يالوفا»، باكى دميريل، إنّ «من الواضح أنّ البلاد ستحتاج إلى عملات أجنبية»، مشيراً إلى أنّه «سيتحتم على تركيا زيادة الاستيراد… غير أنّ الحكومة لديها هامش مناورة، إذ إنّ الدين السيادى التركى ضعيف نسبيًّا».
من جهة أخرى، يُقاطع المستثمرون الأجانب البلاد بسبب سياسة أردوغان الاقتصادية المخالفة للنهج التقليدى، والتى قضت بخفض معدلات الفائدة بانتظام، ما تسبب فى ارتفاع حاد فى التضخم.
ورأى الخبير الاقتصادى التركى، جونيت أكمان، فى تصريحات لموقع «العربية نت»، أن «البلاد تحتاج لوقت طويل ربما يمتد لسنوات للتغلب على التداعيات الاقتصادية للزلزال، خاصة أنه ضرب 10 مناطق تشكل 9.3% من الاقتصاد المحلى، لاسيما أن المناطق التى ضربها الزلزال تنوّعت كذلك بين زراعية وأخرى صناعية وتجارية وتبلغ صادراتها للخارج أكثر من 8%، ويقدر نصيب المنطقة الجنوبية الشرقية، التى ضربها الزلزال من صادرات البلاد 8.5% و6.7% من وارداتها