رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

من سيدفعها في أنقرة.. ضربية «زلزال فبراير» !

267

روضة فؤاد

لم يؤد الزلزال العنيف الذى ضرب تركيا الأسبوع قبل الماضى إلى وفاة أكثر من 30 ألف شخص، وتضرر ملايين آخرين فقط، إذ يبدو أنه سيؤثر أيضًا بشكل حاسم فى مسار الانتخابات الرئاسية القادمة، والتى قدّم الرئيس التركى موعدها من يونيو إلى مايو المقبل.

وطبقًا لما ذكرته «بى بى سى»، تتصاعد حالة الغضب السياسية فى البلاد، فضلاً عن انتقادات للحكومة بسبب عدم استجابتها السريعة واستعدادها للزلزال، وتحدث كثيرون فى المناطق الأشد تضرراً عما وصفوه بأنه استجابة بطيئة من جانب هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية.

وأوردت «بى بى سى» ما ذكره «كمال كيليجدار أوغلو» زعيم حزب المعارضة الرئيسى فى تركيا، وقوله «إذا كان هناك شخص واحد مسئول عن هذا، فهو أردوغان»، وفى مقطع فيديو نُشر على تويتر، تعهد بعدم مقابلة الرئيس على أى منصة، متهما الحكومة بإجراء «أعمال علاقات عامة» منذ وقوع الزلزال.

وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية إلى تصاعد نبرة الغضب بسبب «ضريبة الزلزال» التى فرضتها الحكومة التركية فى أعقاب الزلزال الهائل الذى ضرب البلاد فى عام 1999 وأودى بحياة ما يزيد على 17 ألف شخص، وكان من المفترض إنفاق نحو 88 مليار ليرة (4.6 مليار دولار) على الوقاية من الكوارث وتطوير خدمات الطوارئ، بالإضافة إلى «ضريبة الاتصالات الخاصة» كما تسميها السلطات، فى كل مرة يحدث فيها زلزال فى تركيا، وتقول «بى بى سى» إن الحكومة لم تشرح علناً كيف تُنفق الأموال. وقال كيليجدار أوغلو إن حكومة أردوغان «لم تستعد للزلزال طوال 20 عاماً».

وقد اعترف الرئيس التركى بأوجه القصور التى شابت استجابة الدولة لأزمة الزلزال المدمر، لكنه تحدث، أثناء زيارته لأحد المواقع المنكوبة، عن أن الأمر يتعلق بالقضاء والقدر قائلا: «هذه الأشياء دائما ما تحدث، إنها جزء من مسار القدر».

بعيدًا عن الاستجابة البطيئة، يبدو أن فاتورة الزلزال ستكون مكلفة سياسيا بالنسبة لأردوغان وحزبه وقد تقوض أشهر من الدعاية الانتخابية، فبحسب تقديرات أوردها اتحاد الشركات والأعمال التركى، فإن حجم خسائر اقتصاد تركيا جراء زلزال كهرمان مرعش بجنوب البلاد قد تزيد على 84 مليار دولار أو 10 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى موزعة بين 70.8 مليار دولار حجم الأضرار التى لحقت بالمبانى السكانية، و10.4 مليار دولار فى الدخل القومى، وقدّر أيضا أن حجم الخسارة فى القوى العاملة التركية قد يكلف البلاد أدنى قليلا من 3 مليارات دولار بسبب الأضرار التى لحقت بالبنى التحتية والطرق وشبكات الكهرباء والمستشفيات والمدارس، وسيؤدى حجم الخسائر إلى حدوث عجز كبير فى الموازنة التركية ليرتفع من 3.5 بالمائة إلى 5.4 بالمائة حسب التقديرات الأولية.

وقد اهتمت العديد من وسائل الإعلام العالمية بتأثير تلك الكارثة على فرص أردوغان فى الانتخابات، فى ظل حالة الشد والجذب بين الحزب الحاكم والمعارضة، وفى هذا السياق أوردت صحيفة «التليجراف» البريطانية هذا الأمر فى تقرير بعنوان «هذا الزلزال قد يكون نهاية أردوغان»، فذكرت أن دعوات الاتحاد ونبذ الانتقاءات السياسية التى تطرحها الحكومة التركية هى دعوات منطقية فى مثل تلك الظروف، غير أن الزلازل فى تركيا تحمل عواقب سياسية، وأشارت الصحيفة إلى ادعاءات المعارضة بشأن عرقلة الإدارة الاستبدادية لأردوغان أعمال الإغاثة، وكون المبانى المنهارة والمتضررة شيدها مقاولون مقربون من السلطة الحاكمة ولم تخضع للرقابة من قبل، مشيرة إلى أن هذه الادعاءات تشكل سمومًا سياسية بالنسبة لأردوغان.

وأضافت الصحيفة أن شعبية أردوغان ارتفعت عقب زلزال 1999 وهو ما مكنه من تولى الحكم، مشيرة إلى إمكانية أن يكون الزلزال أيضا هو سبب رحيل أردوغان، وذكرت الصحيفة أن اللعب ببطاقة القومية إلى ما قبل 24 ساعة من وقوع الزلزال، كان يقود أردوغان إلى فترة رئاسية أخرى.

فى نفس السياق، ذكرت صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية أن أردوغان يواجه الآن انتقادات تشير إلى أن حكومته كانت بطيئة للغاية فى مساعدة المناطق المنكوبة، وأن تركيا لم تكن مستعدة للكارثة الطبيعية التى شهدتها البلاد وكانت الأسوأ منذ ما يقرب من قرن.

يأتى ذلك خلال أصعب حملة انتخابية يخوضها الرئيس التركى لإعادة انتخابه حتى الآن فى الانتخابات المقرر إجراؤها فى 14 مايو المقبل، ونقلت الصحيفة عن «بيرك إيسن» الأستاذ المساعد فى العلوم السياسية فى جامعة سابانجى فى إسطنبول قوله «ستكون هذه هى القضية الرئيسية فى الانتخابات.. إنها تطورات مروعة لأردوغان».

وكان أردوغان أسس فى العام 2001، حزب العدالة والتنمية وفاز بغالبية ساحقة فى انتخابات العام 2002 حيث انتقد الناخبون سوء إدارة الاقتصاد حينها وسوء التعامل مع زلزال إزميت.

وقال «أتيلا يشيلادا» المحلل فى «شركاء جلوبال سورس» للفايننشيال تايمز: «كان زلزال 1999 أحد الأسباب التى جعلت الأحزاب الحاكمة حينها لا تخسر فحسب، بل تم محوها عن الخريطة السياسية»، وبذلك أصبح أردوغان المعروف بخطابه القوى ومهاراته فى إنجاز الأمور رئيساً للوزراء فى عام 2003.

وأشار التقرير إلى أن أردوغان أنجز تحولًا ضخمًا فى البنية التحتية الوطنية، وازدادت وتيرة ذلك بعد الأزمة المالية العالمية، وازداد الازدهار التركى وظهرت مستشفيات وجسور وطرق سريعة ومطارات جديدة، إلا أن حزب العدالة والتنمية قام أيضاً، بحسب تقرير الصحيفة، ببناء شبكة علاقات تجارية وسياسية، منحت عطاءات عامة مربحة للأصدقاء مقابل تحويلهم لوسائل الإعلام إلى أجهزة دعائية أو تحويل الأموال إلى مؤسسات مرتبطة بعائلة أردوغان.

وأشار التقرير إلى أن الرئيس التركى كثيراً ما استغل أزمات الماضى وحولها لمصلحته، لكن بعض المراقبين السياسيين يقولون إن الأزمة الحالية المتعلقة بالزلزال قد تكون خارجة عن إرادته تمامًا