افتقد المشاهد المصرى المسلسلات التاريخية الدينية خلال الفترة الأخيرة، وكان من المفترض مشاركة عدد لا بأس به من المسلسلات التاريخية فى ماراثون رمضان الحالى، مثل مسلسل «الحشاشين» للنجم كريم عبد العزيز، و «رسالة الإمام» للنجم خالد النبوى، و«ألف ليلة وليلة» للنجم ياسر جلال، و«معاوية بن أبى سفيان» للنجم الفلسطينى على سليمان والأردنى إياد نصار، إلا أن التحضير الضخم لهذه المسلسلات حال دون تقديم هذه الجرعة المكثفة للمشاهد، وانتهى الأمر إلى مشاركة مسلسل واحد فقط هو «رسالة الإمام»، الذى يتناول سيرة واحد من الأئمة الأربعة ومؤسس علم الفقه وهو الإمام الشافعي، ويتم عرضه على 15 حلقة، من بطولة أروى جودة ونضال الشافعى وحمزة العيلي، وتأليف مريم ناعوم وإخراج ليث حجو.

كشفت «أكتوبر» فى هذا التحقيق الأسباب الحقيقية وراء اختفاء مثل هذه الأعمال التاريخية الدينية، من خلال المتخصصين، ففى البداية، قالت الناقدة ماجدة خير الله، إن عودة المسلسلات التاريخية للمنافسة مرة أخرى على الساحة الدرامية، بعد غيابها لسنوات كثيرة، شىء مميز لدى الدراما المصرية.

سارة رفعت

وأكدت أن هناك أسبابا كثيرة تحول بين إنتاج مستمر للأعمال الدرامية التاريخية الدينية، مثل التكلفة الإنتاجية المرتفعة، التى تجعل المنتجين يهربون منها ويعزفون عنها، التى تتمثل فى الملابس والديكورات الخاصة بكل عصر، ومراجعة العمل من قبل المتخصصين والمؤرخين وعلماء الدين، حتى لا يكون به أخطاء تاريخية، فكل هذه الأمور تشكل عبئا على المنتج، الذى يستطيع أن يقدم عملا اجتماعيا بتكاليف أقل ويضمن نجاحه وإقبال المعلنين عليه، مما يحقق له ربحا جيدا للغاية.

 وأشارت إلى أن مسلسل ” رسالة الإمام الشافعي” يعد بمثابة محاولة إنعاش للدراما التاريخية الدينية من جديد، خاصة أن المشاهد المصرية والعربية تميل لمثل هذه النوعية من الأعمال”.

ومن جانبه، أوضح الناقد الفنى محمود قاسم، أنه كان من المقرر مشاركة مسلسل ” الحشاشين” للنجم كريم عبد العزيز، فى رمضان الحالي، ولكن ضيق الوقت والتحضير للشخصيات يأخذ مجهودا ووقتا كثيرا، وكان هذا السبب وراء تأجيل عرضه لرمضان المقبل، مشيرا إلى أنه انتبه المنتجون لأهمية هذه الأعمال ونتمنى أن نرى أعمالا جيدة فى الفترة المقبلة، كما رأينا فى الأعمال الوطنية، التى شهدت إقبالا كبيرا فى الأعوام الأخيرة، وأرجع قاسم سبب اختفاء الأعمال التاريخية الإسلامية والفرعونية وأعمال التاريخ المعاصر، إلى عدم اهتمام المنتجين بمثل هذه الأعمال فى الفترة الحالية، بينما فى الماضى كان قطاع الإنتاج هو المنوط بإنتاج هذه الأعمال الضخمة والثرية، والتى حققت نجاحا ضخما حينها، أى أن غياب الدولة عن دعم هذه النوعية من المسلسلات خلال الأعوام الأخيرة أدى لغيابها، لافتا أن العودة لتقديم مسلسلات تاريخية شيئا جيدا فى ظل الوقت الحالي، الذى تسيطر فيه مسلسلات الأكشن والاجتماعية على الساحة، وللخروج من هذا القالب الدرامي، بل وأيضا للتنوع الذى يفيد الدراما والمشاهد.

وأكد أن الأعمال التاريخية إذا كانت جيدة الصنع، فهى أكثر جذبا للجمهور، وتلقى نجاحا كبيرا عن غيرها، لأن الجمهور دائما ما يحب الاطلاع على التاريخ من الأعمال الدرامية، مشيرا أن هناك بعض الدول العربية بدأت فى إنتاج أعمال تاريخية وحققت ناجحا كبيرا، متمنيا ألا يخلو أى موسم درامى حتى ولو عمل واحد تاريخى أو دينى فنحن نمتلك تاريخا عظيما لابد أن يكون جزءا من تشكيل وعى وهوية وثقافة الأجيال.

وأشار إلى ضرورة تعمق الكاتب فى قراءة التاريخ حيث يقرر كتابة عمل تاريخى أو دينى أو سيرة ذاتية، حتى يخرج بالشكل اللائق عند عرضه وأيضا ألا يتوجه له انتقادات، كما تم مع مسلسل “أحمس” للنجم عمرو يوسف، وعند عرض البرومو الخاص بالعمل، وجه الأثريين بعض الانتقادات له، نظرا لوجود بعض الأخطاء فى شكل الشخصية وملابسها وغيرها، لذلك لا بد من اهتمام قوى عند الكتابة، والاهتمام الدقيق بالتفاصيل الهامة، متسائلا لماذا لم يتم العمل على المسلسل مرة أخرى وخروجه إلى النور بشكل لائق لدرامتنا المصرية وتاريخنا الفنى الطويل.

واستكمل حديثه أن وجود المسلسل التاريخى سيكسب الدراما المصرية مشاهدا جديدا، نافيا أن المسلسل التاريخى لا يحقق مردودا ماديا، مشيرا أن سر انجذاب المشاهد لعمل دون الآخر هو قصة العمل وقيمته الفنية وتقديمه بشكل مميز، كل هذه الأمور ترفع من جودة العمل الفنى وتجعله يحقق عائدا ماديا كبيرا لصناعها.