رمضان هو شهر الانتصارات قديما وحديثا، ففيه خاض المسلمون الأوائل العديد من الغزوات وكانت الغلبة والنصر لهم، باستثناء معركة وحيدة وهي معركة بلاط الشهداء، وحديثا حقق الجيش المصري نصر أكتوبر 1973، وفي سياق التقرير التالي، نستعرض الغزوات التي انتصر فيها المسلمون على أعدائهم، في رمضان.

محمد أبو السول

غزوة بدر الكبرى

كانت فى 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة، ووقعت بين مشركى مكة ورسول الله محمد y، وقد سمَّى القرآن الكريم ذلك اليوم «يوم الفرقان»، وانتصر المسلمون فى هذه المعركة، وقُتل 70 من المشركين من بينهم عمرو بن هشام، وأُسر 70 آخرون.

فتح مكة

كان فى السنة الثامنه للهجرة، وقد خرج النبى y فى رمضان ومعه 10 آلاف من الصحابة ففتح مكة، وبايعه أهل مكة، رجالاً ونساء، على الإسلام، وأطلق سراح أسرى كفارها، وقال قولته الشهيرة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

معركة القادسية

كانت فى رمضان، سنة 15 للهجرة، بقيادة الصحابى سعد بن أبى وقاص، وفيها هزم المسلمون الفرس، بعد أن استشهد الآلاف من جيش ابن أبى وقاص.

فتح بلاد الأندلس

فتح المسلمون بلاد الأندلس فى رمضان، سنة 92 هـ، بقيادة طارق بن زياد، ومعه 12 ألف جندى، عامّتهم من المسلمين البربر، فهزموا الجيش القوطى، المكون من 40 ألف جندي، وقتلوا ملكهم، وكانت بداية الفتح الإسلامى للأندلس.

معركة الزلاقة

كانت فى سنة 479هـ، وجرت المعركة المشهورة فى رمضان بين جيش المرابطين، بقيادة يوسف بن تاشفين، وجيش الفرنجة، وكانت هذه المعركة سبباً فى بداية عصر المرابطين فى الأندلس.

معركة عين جالوت

كانت فى رمضان، سنة 685هـ، بقيادة السلطان سيف الدين قطز، وقائده العسكرى ركن الدين بيبرس، ضد التتار الذين كانوا قد اجتاحوا بغداد، فكانت الغلبة لجيشه.

موقعة حطين

كانت فى رمضان، سنة 584هـ، بقيادة صلاح الدين، وكانت معركة فاصلة بين الصليبيين والمسلمين، وانتصر فيها المسلمون، وتم تحرير القدس ومعظم الأراضى التى احتلها الصليبيون فى الشام.

معركة بلاط الشهداء

وهو سهل قريب من مدينة بُواتييه الفرنسية، قرب باريس، وقعت فيه المعركة الشهيرة بين المسلمين والفرنجة، بقيادة عبد الرحمن الغافقي، سنة 114 للهجرة، فى أواخر شعبان وأول رمضان، وقد قتل فيها الغافقي، وانهزم المسلمون، وكان ذلك سبباً فى وقف الفتح الإسلامى فى أوروبا.

فتح عمورية

هى بلدة كبيرة قرب أنقرة التركية، وكانت من أفضل البلاد الأوروبية، وأكثر مكانة من القسطنطينية، وكان الروم قد هاجموا المسلمين، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا الرجال وسبوا النساء، فصاحت منهم امرأة هاشمية: «وا معتصماه»، فبلغ الخبر المعتصم، فجهّز جيشاً عظيماً، وخرج إلى الروم، فافتتح عمورية فى رمضان، سنة 223هـ.

حرب أكتوبر

كانت فى رمضان، سنة 1973م، وفيها تمكّن الجيش المصرى من هزيمة إسرائيل، وعبروا قناة السويس، وحطموا خطّ بارليف الحصين.

ومن جانبه، أكد د. أحمد حسين، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن شهر رمضان المبارك، هو شهر الانتصارات، ففيه انتصار بدر الذى رفع الله عز وجل، به شأن الأمة وشأن نبيه y، وشأن المؤمنين، قال تعالى : «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

وأضاف: «كانت واقعة بدر فى شهر رمضان المعظم، وهو شهر التقرب إلى الله، عز وجل، بالصيام وبالقيام وبقراءة القرآن، وفيه فتح مكة، وفيه نصر العاشر من رمضان، وفيه الكثير من الانتصارات التى أيد الله، عز وجل، بها عباده المسلمين».

وأوضح: «إذا كان شهر رمضان هو شهر التقرب إلى الله، عز وجل، بالدعاء والتضرع والإنابة والخشية فهو أيضًا، شهر الجد والاجتهاد والسعى الدءوب، وأعلى درجات السعى وأعلى درجات العمل أن يلقى المسلمون أعداءهم فى ميدان القتال، فلم يُستثن رمضان أن يكون ظرفًا للحرب التى تدور فى كل زمان ومكان بين الحق والباطل، بين المعتدين وبين من يدفعون العدوان».

وقالت دار الإفتاء إن رمضان شهر الانتصارات والجهاد، وأعظم انتصار يحققه الصائم هو انتصاره على نفسه وشيطانه.

وأضافت: «حينما يقهر المسلمُ الصائمُ النفسَ الأمارة بالسوء الميالة إلى الشر ويكبح جماحها، ويُلزمها السير على الطريق المستقيم، وحينما يخالف أوامر الشيطان ويحافظ على صيامه، وينفذ تعاليم دينه، فإن هذا الانتصار يخلق المسلم القوى فى دينه، وعقيدته، وتعامله مع ربه ومع إخوانه المسلمين».

وتابعت: «لذلك يقول رسول الله y: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز».

واستطردت: «حكمة ذلك انطلاق الفرد بعد تحقيق انتصاره فى ذاته إلى الانتصار على عدوه، حيث لم يكن من قبيل المصادفة الانتصارات فى شهر رمضان، وإنما هو التخطيط الإلهى المُحكم والمنظَّم، والترتيب الإلهى الكبير أن تكون المعارك ذات أهمية فى هذا الشهر الكريم المبارك لتفعل الطاقات الروحية لدى المحاربين المؤمنين، ويظهر أثر الصوم فى دفع المقاتل الصائم إلى بيع نفسه، وبذل روحه فى سبيل الله، فيتحقق وعد الله بالنصر وصدق الله إذ يقول: «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُه إن الله لقوى عزيز».