صالون الرأي
المسجد الأقصى فى الإسلام
By amrأبريل 16, 2023, 14:29 م
579
المسجد الأقصى معهد الأنبياء – عليهم السلام -، ومتعهد الأولياء – رضى الله عنهم -، وثانى البيت الحرام فى البناء، وأولى القبلتين حال الابتداء، له فى الإسلام شرف عظيم ، ومقام كريم، فهو نهاية رحلة الإسراء، وبداية رحلة المعراج (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) فقد دنا رسول الله i من ربه – عز وجل – مقاماً لم يبلغه الخليل ولا الكليم، ولا وصل إليه ملك مقرب، ولا نبى مكرم، وقد أمّ فى ذلك المسجد النبيين – عليهم السلام -، فى ليلة مباركة، صعد فيها منه إلى أعلى عليين، وقد توافرت النصوص وتعاضدت الأخبار والآثار على فضله فمن ذلك:
أ) من القرآن الكريم: قول الله – سَبحانه وتعالى -: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ).
فلو لم يكن للمسجد الأقصى من الفضيلة غير هذه الآية لكانت كافية، وبجميع البركات وافية، لأنه إذا بورك حوله، فالبركة فيه مضاعفة.
وقوله جل وعلا لبنى إسرائيل (ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
فلم يخص الله تعالى مسجداً سواه، بأن وعدهم أن يغفر خطاياهم بسجدة فيه دون غيره إلا بفضل خصه به.
وقوله تبارك اسمه إخباراً عن إبراهيم ولوط عليهما السلام (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) وقوله تقدست صفاته (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) وقوله تعالى (ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ).
ب) من السنة النبوية: أخبار صحيحة منها قوله – (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا).
وعن أبى ذر – رضى الله – عنه قال: قلت: يا رسول الله أى مسجد وضع فى الأرض أولا قال المسجد الحرام، قلت: ثم؟ قال المسجد الأقصى).
ج ) وردت آثار فى فضله: عن جمهرة من السلف الصالح – رضى الله عنهم -، منهم عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وعطاء رضى الله عنهم.
وقد صنف العلماء القدامى مصنفات وافية فى شرفه وفضله فمن ذلك: –
الجامع المستقصى فى فضايل المسجد الأقصى لابن عساكر، إتحاف الإخصا بفضائل المسجد الأقصى للسيوطي، فضائل بيت المقدس للخطيب القدسي، فضائل بيت المقدس وفضل الصلاة فيه جمع محمد الكينجي، الفضائل لبيت المقدس لأبى بكر الواسطي، ولأبى إسحاق المكناسى .
بعض قضايا ذات علاقة: –
بيت المقدس اسم لمكان معروف فى أرض فلسطين، وأصل التقديس التطهير، وهذا الاسم يطلق الآن على المدينة التى فيها المسجد الأقصى ولا يطلق على مكان العبادة الخصوصى عند علماء اللغة، أما عند أهل الفقه والتاريخ فالاسم دائر بين المعنيين، وتسمى المدينة الآن (القدس) ووجدت هذه التسمية أيضاً فى كلام العرب، قال الشاعر:
لا نوم تهبطى أرض القدس وتشربى من خير ماء بقدس
2- حكم زيارة المسجد الأقصى: أجمع الفقهاء على فضل المسجد الأقصى وعلى استحباب زيارته والصلاة فيه.
3- تعارف المسلمون مؤخرًا على الاحتفال بمناسبتين: أولهما فى أواخر شهر رجب مناسبة معجزة الإسراء والمعراج، وهما ترتبطان بالمسجد الأقصى بصريح النص القرآني، وثانيتهما فى منتصف شهر شعبان، مناسبة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.
(سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
ويا كل مرابط بالنفس والنفيس وبالقلم الطاهر واللسان الصادق، ويا كل غيور على أولى القبلتين وثانى الحرمين: (اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وليكن المسجد الأقصى فى نفوسكم ونفوس الأجيال معلمًا من معالم الإسلام لا يزول ولا يحول، والله غالب على أمره.