رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

عبد الهادى القصبى لـ «أكتوبر»:  منع الخطوط الحمراء سر نجاح الحوار الوطنى

326

الوعى المزيف يمثل عائقًا أمام تقدم مسيرة الوطن للأمام، ويجعل من صاحبه فريسة سهلة للأفكار والجماعات المتطرفة.. كانت تلك واحدة من أهم النقاط التى تحدث عنها د. عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ورئيس لجنة التضامن بمجلس النواب، خلال حواره مع «أكتوبر» والذى تطرق لقضايا مهمة عن الحوار الوطنى والبرلمان والمجلس الأعلى للطرق الصوفية ومنظومة العمل الأهلى والمبادرات الرئاسية وفى مقدمتها «حياة كريمة».

نشوى مصطفى

تصوير: إسلام عصمت

هل نجح الحوار الوطنى فى الوصول لأهدافه؟

نعم نجح لأنه كان حوارا بين فئات مختلفة وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أننا اجتمعنا على مائدة حب الوطن دون النظر لأى اختلاف أو مصالح شخصية ولذلك أصف الحوار الوطنى بأنه مدونة سلوك، لأننا فى حوار وليست مجادلة وهذه إحدى أدوات النجاح القيم والأخلاق للوصول إلى مساحات تفاهم بالرغم من وجود اتجاهات مختلفة وسبب نجاح الحوار الوطنى أنه كان بلا خطوط حمراء وتحدث الجميع من منطلق كلنا بنحب مصر مهما اختلفنا فى المسائل الفرعية فعلينا أن يحترم كل منا الآخر؛ لأنها لن تنال من صلب القضية الأساسية التى تهم مصر فكل واحد كان يدلى برأيه بدون خط أحمر وهذا أحد الدروس المستفادة من الحوار الوطنى، هو الجلوس مع من نختلف معهم.

 هل حظيت مناقشات الحوار الوطنى باهتمام القيادة السياسية؟

نعم بكل تأكيد الرئيس هو صاحب الدعوة وهو ما يمثل ضمانة أساسية لكل المشاركين، وهذا يعكس الإخلاص والصدق، فى إدارة شئون البلاد والاستماع لكل الآراء، حتى الارتقاء بمستوى المواطن واقتحام المشاكل المزمنة وسط تعاظم التحديات، بطرح الرؤى فى تقديم أفكار غير تقليدية ومقترحات قابلة للتطبيق.

 ماذا يشكل مفهوم العدالة الاجتماعية لديكم؟

العدالة الاجتماعية هى العدالة من حيث توزيع الثروة والفرص والامتيازات داخل المجتمع، غالبا ما يشير مفهوم العدالة الاجتماعية إلى عملية ضمان قيام الأفراد بأدوارهم المجتمعية والحصول على ما يستحقونه من المجتمع  وبالتالى تتطلب العدالة الاجتماعية نظاما ضريبيا يتسم بالعدالة والوضوح يساهم فى النمو الاقتصادى مع تحقيق العدالة الاجتماعية، أيضا الإسكان الاجتماعى يعتبر أحد أهم عناصر تحقيق العدالة الاجتماعية وكذلك الأمر بالنسبة لملف القضاء على العشوائيات لاسيما فى ظل معاناة هذه الشريحة من التهميش لفترات طويلة ولا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون الإنفاق على البنية التحتية وتحقيق العدل والأمن وإعلاء قيمة العمل.

 هل العمل الأهلى من وجهة نظركم يساهم فى تحسين معيشة المواطن؟

يعود تاريخ العمل الأهلى فى مصر إلى أكثر من 200 عام وهو إحدى سمات الشخصية المصرية؛ لذلك فإن عدم وجود آلية واضحة تعزز التواصل والتعاون بين مؤسسات العمل الأهلى، وكذلك عدم توحيد الجهود بينهما سببا وراء إهدار الكثير من موارد وجهود هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية وبالتالى عدم تحقيق العدالة الاجتماعية وهذا بسبب عدم وجود مظلة واحدة تجمع كبرى مؤسسات العمل الأهلى بعضها البعض وتمكنها من رسم سياسات تنموية تتسق مع خطة الدولة للتنمية المستدامة ويعد التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى ركنا مهما فى عملية التنمية بالدولة بحيث تعمل القطاعات الثلاثة (الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلى) من أجل تحقيق التنمية المجتمعية وقد شعر المواطن بهذا فى العديد من المبادرات الرئاسية ومنها مبادرة حياة كريمة وهى مبادرة تهدف إلى التدخل العاجل؛ لتكريم المواطن المصرى وحفظ كرامته وهى معركة إنسانية أخلاقية تخوضها الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي؛ لتحقيق جزء كبير من العدالة الاجتماعية.

 ماذا عن المعاشات والتأمينات فى جلسات الحوار الوطنى؟

هناك إرادة سياسية لضبط منظومة المعاشات بالكامل فقد كان هناك تشابك بين الهيئة القومية للمعاشات ووزارة المالية دام لأكثر من 50 عاما، وأثر فعليا على أداء الخزانة العامة والصندوق، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذ قرارا غير مسبوق، إذ ألزم وزارة المالية بسداد 160 مليار ونصف المليار جنيه لصالح صندوق المعاشات سنويا حتى يستطيع استعادة عافيته ويخصص الحوار الوطنى جلسة خاصة لمناقشة قضية التأمينات والمعاشات.

 ماذا عن قضية «الوعي»؟

إدراك المواطن للواقع الذى نعيش فيه وإدراكه للحقائق التى تشكل هذا الواقع يعزز قدرته على فهم هذا الواقع من جهة ويعزز قدرته على المساهمة فى الارتقاء بهذا الواقع وتحسينه من جهة أخرى»، ففى الوقت الذى تسعى فيه الدولة المصرية نحو البناء والتعمير والارتقاء بالمواطن تخوض معارك عديدة على رأسها معركة بناء الوعى، الذى يشكل عاملا أساسيا فى صناعة مستقبل الأمم والأوطان كرافعة للتنمية المستدامة التى ترتقى بالإنسان وترتقى بجودة حياته كما أن هناك فى مجتمعنا بل فى كل المجتمعات وعيا رشيدا يساند ويدعم الأمم فإن هناك فى المقابل وعيا زائفا مضلا يصنع السلبية والتواكل والانهزامية والإحباط ويمثل عائقا أمام التقدم للأمام وهنا يعتبر هذا الوعى المزيف والمشوش والمغشوش هو الخطر الداهم على الوطن وعلى التنمية وعلى جودة حياة الإنسان.

 ما أوجه الدعم التى يمكن أن تقدمها الدولة لمؤسسات المجتمع المدنى والأهلى لضمان نجاح أهدافها؟

فى الواقع جهود الدولة كثيرة بداية من عام 2014 ووضع المادة 75 من الدستور، التى تعطى حق تكوين الجمعيات بمجرد الإخطار وحقها فى ممارسة نشاطها بحرية دون تدخل للجهات الإدارية فى شئونها ومرورا بإصدار قانون 149 لسنة 2019 بشأن تنظيم ممارسة العمل الأهلى وما يحتويه من امتيازات عديدة ثم وصولا إلى موافقة مجلس النواب على مشروع قانون التحالف الوطنى للعمل الأهلي، الذى يهدف إلى توفير المزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية لجميع المواطنين.

 ما دور لجنة التضامن الاجتماعى فى وضع حلول لقضية الزيادة السكانية؟

هذه القضية أصبحت أخطر ما يواجه المجتمع المصرى، فهى أخطر من قضية الإرهاب، لا بد أن نتكاتف جميعا فى مواجهة الزيادة السكانية، التى تأكل التنمية على مر السنين، الإحصائيات تقول: إن مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة، 240 طفلا كل ساعة، و5760 فى اليوم، بما يعنى أن عدد السكان يزيد على 2102400 مواطن جديد كل عام، وفى سنة 2030 سوف يصل إلى 3 ملايين نسمة سنويًا، والإشكالية الحقيقة أن نصيب مصر من مياه نهر النيل ثابت، منذ أن كان تعداد مصر 2.5 مليون نسمة، وبهذا ينخفض نصيب الفرد فى الموارد المائية، ونقيس على ذلك عجز فى فرص التعليم، وزيادة فى كثافة الفصول، الزيادة السكانية معناها تراجع فى الخدمات الصحية والتعليمية وفرص العمل وزيادة البطالة، إجمالا عجز فى نصيب المواطن من الدخل القومى للبلاد.

 المواطن كلمة السر لأى دولة.. فماذا قدمت الدولة له انطلاقا من مفهوم العدالة الاجتماعية؟

جهود الدولة لتأصيل وتمديد مظلة الحماية الاجتماعية خلال السنوات الماضية كثيرة والدليل تغيير رؤية المؤسسات الدولية، حيث أكد البنك الدولى أن برنامج مصر للإصلاح الاقتصادى اقترن بجهود لتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية لتشمل شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة كميات السلع وبرنامج تكافل وكرامة هذه الرؤية مغايرة لرؤيته السابقة التى أكد فيها أن مصر بحاجة لتصميم هيكل وبرنامج كفء؛ لتقديم خدمات الحماية الاجتماعية وأبرز بنود الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، حيث بلغت مخصصات الدعم عام 2013/2014   228.6 مليار جنيه بينما عام  2023 /2024 بلغت 529.7 مليار جنيه أى زيادة بنسبة 47.85%، وبرنامج تكافل وكرامة عام2013/2014 كان نسبة مخصصاته 5 مليارات جنيه وزاد عام 2023/2024؛ ليصبح 31 مليار جنيه، كما تمت زيادة دعم السلع التموينية عام 2013/2014 من 35.5 مليار جنيه إلى 127.5 مليار جنيه عام 2023/2024.

بنود الإنفاق اشتملت أيضا على برامج الحماية الاجتماعية، زيادة قيمة دعم الإسكان الاجتماعى أكثر من 67 ضعفا، حيث تم تخصيص 10.2 مليار جنيه؛ لدعم الإسكان الاجتماعى لمحدودى ومتوسطى الدخل عام 2023/2024 بزيادة 103.5% عن العام المالى السابق ومقابل 0.08 مليار جنيه عام 2013/2024.

 وماذا عن قضية اندماج الأحزاب؟

يوجد فى مصر أكثر من 100 حزب ولا يمثل فى البرلمان إلا 13 حزبا فقط وهو السبب الذى أدى إلى مطالبة القيادة السياسية بدمج الأحزاب وقد قدمت بعض الأحزاب رؤية كاملة بشأن اندماجها طبقا لمشروع جديد ووضع مبادئ الحوكمة المالية والإدارية من خلال تطبيق لوائحها بأعمال الديمقراطية الداخلية بعيد عن التزكية والتعيين واشتراط آلية الانتخاب الداخلي، الأحزاب وسيلة مهمة لتمكين الديمقراطية ولا بديل عنها.

 ما هى أكثر المشروعات التى من وجهة نظركم سوف تنقل الدولة المصرية إلى مستقبل أفضل؟

المشروعات القومية التى تعمل عليها مصر تهدف لخدمة الأجيال القادمة فهى بمثابة طفرة تعتمد عليها وتساهم هذه المشروعات فى وضع مصر فى مصاف أهم الاقتصادات العالمية إذ تشير التوقعات إلى أن مصر ضمن أهم 30 اقتصادا فى العالم بحلول 2030 ومن بين هذه المشروعات إنشاء 5 آلاف مصنع جديد، حيث تسعى الدولة سريعا نحو إنشاء تلك المجمعات الصناعية فى 12 محافظة وكذلك السعى إلى استصلاح 105 ملايين فدان ومشروعات الصوب الزراعية وكذلك مشروعات قناة السويس؛ لتحقيق 100 مليار دولار.

 هناك مشروعات كثيرة تسعى الدولة من خلالها لتسجيل أعلى معدلات نمو للمرأة وتمثيلها فى البرلمان وتقلد المرأة لمناصب قيادية.. كيف ترون ذلك؟

فى إطار محور التمكين السياسى ومشاركة المرأة فى كل أوجه العمل الوطنى فقد شهد نسبة تمثيل المرأة فى الفصل التشريعى الحالى لمجلس النواب حوالى 28% لتتخطى مصر المتوسط العالمى بنسبة المرأة فى البرلمان وهو 25.6%، وتصل نسبة تمثيل المرأة فى مجلس الشيوخ نحو 14% وغيرها فى كل مناصب الدولة وهذا إنما يعكس الاهتمام بدعم المرأة المصرية فى ظل الإيمان الراسخ للقيادة السياسية أن الاستقرار والتقدم لن يتحقق فى الجمهورية الجديدة إلا بمشاركة المرأة فى كل أوجه العمل الوطني.

 هل هناك حوار وطنى داخل المجلس الصوفى؟

التصوف والقيم الأخلاقية الصوفية لا تحتاج إلى حوار؛ لأنه مبنى على قبول الآخر وكيف تحترم رأى الآخرين هذا هو السلوك الصوفى، المجتمع الصوفى يعلم الوفاء والإخلاص وقبول الآخر، المجلس الصوفى هو مؤسسة لتصدير الأخلاق الحسنة لبناء دولة قائمة على القيم والأخلاق، فالأخلاق تقيم دولة وتؤسس وتعمر وعكس ذلك فهو فساد.

 كيف يساهم المجلس الصوفى فى القضاء على الأفكار المتطرفة؟

التصوف هو الأخلاق فمن زاد عنك فى الأخلاق فقد زاد عنك فى التصوف نحن فى المجلس لدينا 80 أستاذا هم مشايخ الطرق يدرسون منهج حضرة النبى (y) كل بأسلوبه وطريقته وكلهم من رسول الله ملتمس والناس بطبعهم يحبون آل بيت رسول الله (y) فإذا عمت الأخلاق والتسامح يعم الخير وطبيعى أن تقضى الأخلاق على الأفكار المغلوطة التى ليست من الدين لأن الدين معاملات وعبادات.

 ماذا عن الاتكالية فى المنهج الصوفى؟

علم التصوف يدعو إلى العمل والإنتاج والمحبة والخير فهو منهج إصلاحى للدين والدنيا قيم أخلاقية وقيم وسطية.. التصوف تطبيق كامل لكتاب الله وسنة رسوله معناه دنيا ودين..  والتصوف منفتح على الدنيا وليس منغلقا فهو  دعوة للتعمير أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، تقويم للحياة وإصلاح للإنسان، المجتمع الصوفى فى مصر مجتمع لديه انتماء شديد للوطن وانطلاقا من هذا فإنه يعمل وينتج ويتقى الله فى التصوف هو الوطن والحياة، ولا مجال فيه للاتكالية.