رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

اعترافات القادة العسكريين الإسرائيليين: فوجئنا بعبور المصريين..وكل التقديرات كانت خاطئة!

751

حين يشهد العدو لك بالانتصار عليه، فهذه شهادة موثقة وحجة دامغة على تفوقك الحاسم عليه بالشجاعة والذكاء والقدرة على الخداع والتخطيط والتنفيذ، وليس أهم من شهادة العدو على نفسه بالتقصير وسوء التقدير، هكذا جاءت شهادة قادة إسرائيل فى مذكراتهم، وفى السطور التالية تستعرض «أكتوبر» جانبا مهما من اعترافات عدد من كبار قادة الجيش الإسرائيلى بالانتصارات التى حققتها قواتنا المسلحة فى حرب أكتوبر 1973.

د. نسرين مصطفى

البداية مع مذكرات موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر فى كتابه المترجم باسم «ديان يعترف» والذى وصف حرب يوم كيبور بأنها لم تكن حربا صعبة فحسب بل كان جو الحرب نفسه صعبا، ويصف ديان فى بداية اعترافاته، الهجوم المصرى السورى بأنه كان مفاجأة ولكنه لم يكن أمرا غير متوقع، فقد جاء يوم عيد الغفران وقوات إسرائيل غير معبأة ولا موزعة كما يجب، وأضاف أن كلا من المخابرات الأمريكية ومخابراتنا توصلتا إلى أن مصر وسوريا لا تعدان للحرب وفسرتا التحركات العسكرية الواسعة على الجبهة المصرية على أنها مناورات للجيش وليست استعدادات لغزو مع أننا لم نكن غافلين عن احتمال نشوب حرب إلا أننا لم نتوقع أن تنشب الحرب يوم كيبور وهو اليوم الوحيد الذى لم نكن نتوقعه حيث يقضيه يهود العالم فى الصوم والعبادة، أما فى إسرائيل فكان العمل متوقفا والشوارع خالية لا سيارة فيها ولا مشاه.

يوم شاق

ووصف ديان يوم 6 أكتوبر باليوم الشاق فوصلت الخسائر المواقع غالية القيمة واستطاعت مصر وسوريا تحقيق المبادرة فى بدء القتال والتفوق فى القوة حيث بدأ كلا الجيشين بقصف أرضى وجوى لمعسكرات ومنشآت الجيش الإسرائيلي، وفى الجنوب تابع المصريون القصف مباشرة بعبور القناة على طولها فأقاموا الجسور واستخدموا الزوارق المطاطية بل إن بعضهم عبر القناة سباحة.

وأشار إلى أنه حتى منتصف الليل كان المصريون قد نقلوا إلى الضفة الشرقية للقناة 300 دبابة من مجموع 2200 دبابة نقلوها إلى هناك وكان لديهم 1848 مدفعا ميدانيا تغطى المنطقة كلها وخصصوا لكل ميل من الأرض 50 مدفعا مضادا للدروع وكان مجموع ما لدينا على هذه الجبهة 276 دبابة و48 مدفعا ميدانيا ووصف الموقف بأنه غير مرض فقد نجح المصريون فى عبور عائق القناة واختراق خطوط الجيش الإسرائيلى وأن التعزيزات القوية لن تصل إلا بعد يومين أى صباح يوم 8 أكتوبر..

 وأكد موشى ديان أن المصريين حققوا مكاسب هائلة وأنهم تعرضوا لضربة موجعة حيث نجح المصريون فى تحقيق خططهم كما فشل الجيش الإسرائيلى فى تحقيق أى خسائر للجيش المصري.

وتساءل ديان: ما الذى حدث لثلاثة من العناصر الأساسية فى عملنا وهى المدرعات والقوات الجوية والموانع الحصينة على القناة؟ ووصف الواقع على الأرض قائلا أصبح العبور حقيقة واقعة ولم تعد مواقعنا الحصينة سوى فخاخ للموجودين فيها.

وقال خلال اجتماع الوزراء ليلا يوم 6 أكتوبر: إننا نواجه ثلاثة عوامل بالغة الصعوبة هى حجم قوات العدو المجهزة بأسلحة تراكمت عبر السنوات الست الماضية وثانيا هو سلاح الصواريخ بعد تدعيمه بصواريخ سام 6 وثالثا بطء استدعاء قوات الاحتياط بالإضافة إلى أن المعركة الحرجة هى مواجهة الطيران الإسرائيلى لتحديات خطيرة ممثلة فى سلاح الطيران المصرى وسلاح الصواريخ.

جزر منعزلة

وعن يوم 8 أكتوبر يقول كان أول من قاسى عنف المعركة على هذه الجبهة هو خط الاستحكامات الأول الذى كان على قناة السويس مباشرة ويضم 16 من الاستحكامات القوية والذى عرف باسم خط بارليف وكانت المعارك قوية وعنيفة وقد حاربت كل نقطة فى معركة مستقلة كأنها جزيرة منعزلة وقد تعرضت كلها إلى قصف شديد ومركز عندما بدأ المصريون هجومهم وقد تبع هذا القصف هجوم شامل بالدبابات والمشاة وقد سقطت كل النقاط فى يد المصريين.. وطالب الجنود بإخراجهم مما هم فيه فكانت هناك تقديرات خاطئة على كل المستويات بدءا من قادة الاستحكامات إلى قادة الألوية إلى رئيس الأركان ويقول: اقترحت أثناء اجتماع للوزراء أن نخلى خط القناة وأن ننسحب إلى خط جديد ونتمسك به مهما كان الثمن.

فشل الهجوم المضاد

 ويروى أنه يوم 8 أكتوبر قامت القوات الإسرائيلية بهجوم مضاد إلا أنه فشل ووصفه بأنه لم يكن هجوما مضادا فلم يكن هناك وضوح رؤية فيما يتعلق بخطة القتال وكان قائد الجبهة الجنوبية يجهل ما يدور فى ميدان القتال طوال اليوم حيث فشلت القوات الإسرائيلية فى عبور القناة لإرباك القوات المصرية حيث فاجأتها القوات المصرية بصواريخ الآر بى جى المضادة للدبابات. وأضاف أنه حتى اليوم الثالث لم يستطيعوا إيقاف تقدم المصريين ووصفها بأنها سوف تكون صدمة للشعب الإسرائيلي.

قلق وحزن

وفى كلمات تبدو عليها مرارة الهزيمة يقول: يوم 10 أكتوبر كانت حياتى مزيجا من القلق الشديد والحزن والمجهود الضخم الذى كنت أبذله لتركيز أفكارى فكان علينا أن نواجه حشودا كبيرة من القوات فعندما كنا نفقد 30 دبابة فى عملية واحدة فإن الأمة كلها كانت تصاب بالذهول والحزن وقتل الكثير من خيرة ضباطنا الطيارين وقادة المدرعات وضباط المظلات وكانت الأسلحة المضادة للدبابات الآر بى جى وصواريخ ساجر مؤثرة جدا وفى بداية المعركة كبدتنا هذه الأسلحة خسائر فادحة وخاصة فى الجبهة الجنوبية وكانت أخطر الأسلحة التى نواجهها هى بطاريات صواريخ سام المضادة للطائرات.

الإشارة الأولى

أما دافيد اليعازار، رئيس الأركان العامة بالجيش الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر 1973، فيقول فى مذكراته: كنا متأكدين أن مصر انتهت إلى الأبد وكانت خطتنا القادمة هى عزلها تماما عن البلدان العربية الأخرى فكانت صدمة العبور حيث يقول عن تلقى خبر عبور الجنود المصريين للقناة كنا فى اجتماع كبار قيادات الجيش الإسرائيلى وجاءتنا أول إشارة بعبور القوات المصرية لخط بارليف وأذكر أننى نظرت إلى وجه الجنرال بارليف وكان وجهه مثل وجه مهرج فى السيرك سقط القناع المضحك الذى يلبسه فبدا أمام الجمهور مجرد لا شيء فيه سوى معناه أو كممثلة تساقطت ملابسها وهى على خشبة المسرح وبدا وجهها يملؤه الخجل والعار ثم صرخ بارليف فى الأجهزة التى أمامه أعيدوا الإشارة وبعد ساعتين وصلتنا إشارة جديدة تفيد بأن المصريين قد احتلوا أهم ثلاثة مواقع على خط بارليف وهى مواقع بن جوريون والتلمود والصخرة ثم اختفى بارليف لمدة أربع ساعات.

وقعنا فى المصيدة

يقول رئيس الأركان الإسرائيلى إننا ابتلعنا خطة الخداع بقدر ذكائها وهذا كان قصور فى جهاز المخابرات، ومن خطط الخداع أن بلغ مجموع الجنود المصريين المسرحين 60 ألف جندى فى الوقت الذى كانت تشير فيه التقارير إلى وجود حشود على الجبهة وهنا تناقض فكيف يستقيم قيام مصر بعمل عسكرى فى وقت تسريح عدد كبير من الجنود، فقد وقعنا فى مصيدة خطة مصرية خداعية ذكية.

ويروى دافيد: فى الواحدة ظهرا كنا نتبادل النخب ونهنئ أنفسنا بيوم الغفران وكانت الاحتفالات فى جميع أنحاء إسرائيل تسير بشكل عادى حتى الساعة الثانية وعشر دقائق حيث بدأت الإشارات والبرقيات تتوالى من مراكز القيادة الفرعية الموجودة فى القنطرة شرق وفى وسط سيناء والعريش والقنطرة ورفح وجبل الشيخ وكل البرقيات والإشارات تفيد بأن تشكيلات جوية مصرية هاجمت مواقعنا شرقى بورفؤاد والقنطرة ويقدر عددها بأكثر من مائتى طائرة وهى تركز ضربها بكثافة على مراكز الإرسال والاتصال والقيادة والإمداد.

إشارات كالصاعقة

وفى نفس الوقت، تحركت تشكيلات جوية أخرى من الطائرات السورية وبدأت بضرب مراكز مواقعنا الرئيسية فى هضبة الجولان وجبل الشيخ ولم تمض ساعة من الزمن حتى كنا جميعا فى غرفة العمليات الرئيسية نتابع الموقف ونحن فى حالة اجتماع دائم وقبل أن تستقر مقاعدنا جاءتنا إشارة ثانية تفيد بأن هناك عمليات إنزال لقوات الصاعقة المصرية خلف خطوطنا وهذه العمليات تستهدف عزل المنطقة الشرقية وتطويقها كلها.

 كما أفادت الاشارة بأن بعض هذه العمليات قد نجحت وتسلل الكوماندوز المصريين إلى المواقع الإسرائيلية وأن القتال يدور وجها لوجه ولم تمض ساعة حتى جاءت إشارة أخرى عاجلة تقول إن أكثر من ألف قارب مطاط محملة بالجنود المصريين بدأت تعبر القناة.

صراخ بارليف

وفى هذه اللحظة فوجئنا جميعا بالجنرال بارليف وهو يصرخ بعصبية إذن أراد المصريون الانتحار فليكن لهم ما يريدون ثم جاءت إشارة تقول إن الكوماندوز المصريين استطاعوا تسلق الساتر الترابى المرتفع واقتحام بعض دفاعاتنا الحصينة وأن المعارك تجرى بالسلاح الأبيض وجها لوجه على الضفة الشرقية لقناة السويس بعد أن عبروا وأنهم تمكنوا من رفع أول علم مصرى وهم يصرخون بشراسة لا نظير لها الله أكبر الله أكبر ثم بدأت القوات البرمائية المصرية تعبر القناة من جنوب البحيرات المرة وبحيرة التمساح عند الإسماعيلية بعد أن نجحت القوات المصرية الأخرى فى العبور من بورسعيد.

وأضاف إليعازار: كنا نعتقد أن الجنود المصريين لن يصمدوا طويلا بسبب الأسلحة المتطورة والفرق النوعى بين الجندى المصرى والإسرائيلى كما كنا نعتمد على إصدار القادة المصريين على الجبهة تقارير كاذبة إلى القيادة العامة ومن ثم تصدر القيادة أوامر بناء على تلك التقارير مما يؤدى إلى تخبط القيادة سواء المركزية التى تعطى الأوامر أو القادة على الجبهة.

أخطر الاشارات

وأضاف أن أخطر الإشارات تلك التى أفادت بأن المصريين بدأوا فى صنع ممرات عبر السواتر الترابية السميكة باستخدام الضغط المائى أو قوة دفع المياه عن طريق مضخات خاصة كانوا يستخدمونها تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والمشاة كانوا بدأوا يسقطون معديات ولوازم عبور أمام رؤوس الكبارى وكانت بالفعل تلك الإشارة أخطر الإشارات لأنها كانت تعنى أن أى تقدير للعمل العسكرى أصبح تقدير متأخر وأن العملية محاولة مستميتة للتقدم والعبور بالإضافة إلى أن المدفعية المصرية المحملة بصواريخ سام 6 أسقطت خلال أربع دقائق خمس طائرات منها 2 فانتم و3 سكاى هوك.

 الإشارة رقم 22

وردت إلينا الإشارة رقم 22 والتى أفادت بأن المصريين تمكنوا من إنشاء عشرة كبارى ثقيلة وعشرة كبارى مشاة وأن الدبابات والعربات المجنزرة والمعدات الثقيلة بدأت فى العبور إلى الضفة الشرقية للقناة لم نستطع أن نتوازن بشكل دقيق أو أن نفكر بدقة فى أى شيء بل سيطر علينا الذهول المقرون بخيبة الأمل خاصة فى الاشتباكات الجوية بين سلاحى الجو المصرى والإسرائيلى قد بلغت ذروتها لكن قصف الصواريخ المصرية بعيدة المدى والطائرات المقاتلة المصرية استطاع أن يشل فاعلية قيادة قواتنا الجوية فى أم مرجم ويفقدها سيطرتها على المنطقة.

شهادة الطيارين

فى الساعة الخامسة مساء 6 أكتوبر سقطت لنا 14 طائرة وكانت الإشارة الأخيرة التى نلتقطها قبل سقوط هذه الطائرات أن هناك شيئا ما يجذب الطائرة إلى مجال صواريخ سام 6 حيث يتبعها الصاروخ ولا يتركها إلا وهى محترقة فصدرت تعليمات ألا تقترب الطائرات الإسرائيلية لمسافة 20 كم من الضفة الشرقية. وأضاف: أوشك نهار 6 أكتوبر أن ينتهى دون أن نحقق هجمة مضادة ناجحة ومؤثرة نوقف بها تدفق المعدات الثقيلة عبر الكبارى إلى الضفة الشرقية حيث مواقع قواتنا وفى الساعة 8 إلا ثلث مساء كانت حصون خط بارليف الحصينة قد أصبحت تحت سيطرة المصريين وبحثنا عن بارليف فلم نجده ومنهم من قال إنهم شاهدوه يسرع خارجا والدموع فى عينيه.

وأضاف إليعازار: كل الدلائل تشير إلى خطة دقيقة ومحكمة لا نعرف مداها أو أبعادها فقد سقطت كل حساباتنا العسكرية بسبب أولا أنه لم يعد هناك حاجز مائى والثانى أن حصون بارليف المنيعة لم تعد لها فاعلية لقد كان ما يحدث كارثة حقيقية وكانت آثار هذه الكارثة واضحة على وجوهنا جميعا، فكانت الكآبة والذهول والتوتر علامات بارزة تخيم على جو قاعة الاجتماعات التى نجلس فيها فى غرفة العمليات وعلى الجانب المصرى كانت الخطة محكمة وكان كل قائد يعرف مهمته بالتحديد ودون الرجوع إلى القيادة عن طريق اتصالات أو إشارات ولا أعرف كيف نما إلى علم المصريين أماكن مراكز الشوشرة والتجسس الإلكترونية فى أم مرجم فأرسلوا إحدى وحدات الكوماندوز القادمة لهم فى الرابعة من بعد ظهر 6 أكتوبر وأبطلت فاعليتها.

كنا نحاول جر القوات الجوية المصرية إلى الاشتباك مع طائراتنا إلا أنه ما لم نكن نتوقعه هو دخولهم فى قتال عنيف أجبر الطائرات الإسرائيلية على الدخول مضطرة إلى مجال الصواريخ أرض جو فى نفس الوقت استطاعت فيه مجموعات برمائية مصرية من التى تسللت عن طريق جنوب البحيرات المرة وبعض الدبابات من الوصول إلى مركز القيادة فى متلا، كما هاجمت مقر قيادة القطاع الجنوبى المتمركز عند مضيق متلا.

وحوش وليسوا جنودا

ووصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلى أن إحدى أهم الإشارات تقول إن المصريين يفجرون أنفسهم أمام وفوق مدرعاتنا وكانت تعنى قبل كل شيء أن تقديراتنا السابقة حول الجندى المصرى وقدرته القتالية والفرق النوعى الذى بينه وبين الجندى الاسرائيلى كانت خاطئة، لقد كان المصريون وحوشا وليسوا جنودا، وأقول بمرارة إننا من بعد ظهر يوم 7 أكتوبر كنا قد فقدنا سيطرتنا على توجيه قواتنا فى المنطقة الشرقية كلها فقد كان تقدم القوات العربية على الجبهتين الشمالية والجنوبية يسير بمعدل واحد وكانت الإشارات تتوالى ليلة 7 أكتوبر بسرعة مذهلة بمعدل كل خمس دقائق إشارة وكل إشارة تحمل نبأ أقل وصف له أنه مفجع أو مؤلم.

نبأ مفجع

حمل إلينا صباح يوم 8 أكتوبر نبأ حزينا ومفجعا فقد انقطع الاتصال بين القيادة العامة فى تل أبيب وبين مطارى تماده والمليز وكان المعنى الوحيد لذلك هو فقدان 152 طيارة تتحمل العبء الكبير فى المعارك الدائرة على مسرح العمليات وهى الموجودة فى المطارين بالإضافة إلى فشل أول هجوم مضاد بالطائرات على الجيش الثالث والثانى نظرا لانعدام قدرة سلاح الجو الإسرائيلى على الاقتراب لمسافة أكثر من 15 كم كذلك وردت إشارة تقول إن وحدات الصاعقة المصرية تسللت وهاجمت أهدافا إسرائيلية فى مناطق أبو رديس وبلاعيم وأبو زنيمة ثم وصلت إشارة أخرى تقول إن قوات الكوماندوز المصرية استطاعت الوصول إلى مستودعات البترول ومنشآت التجميع والتنقيب والتكرير الجزئية فى منطقتى شيراتيم وسدر ونسفتها وبدأت الحرائق تشتعل بجنون فى المنطقتين وأن الطائرات المصرية تواصل قصفها المركز الشديد على مطاراتنا ومواقع دفاعاتنا الجوية ومراكز القيادة والإمداد والشوشرة وفى نهاية 8 أكتوبر لم يعد صالحا للعمل إلا مطار العريش الذى أصبح يتحمل عبء سير المعركة كلها كما فقدنا 12 دبابة فى ساعتين على امتداد القنطرة شرق.

كانت التقديرات الأولى لحجم خسائرنا تتصاعد بدرجة مفجعه وقد بدأنا منذ صباح 8 أكتوبر فى استخدام الاحتياطى الاستراتيجى من المعدات والأسلحة والذخيرة فى الوقت الذى أبلغت فيه الولايات المتحدة مائير بأن مصر رفضت وقف إطلاق النار رغم الضغط الروسى عليها وقالت مائير إنه لو استمرت الحرب لمدة 3 أيام أخرى سوف تستخدم إسرائيل الحجارة فى القتال فنحن نواجه وضعا بالغ الخطورة.

يقول: أقر بأن الجنود العرب قد نجحوا فى استخدام الأسلحة الإلكترونية الحديثة وأنهم تقدموا تكتيكيا على استخدام العتاد الحربى المتطور كما أنهم نجحوا فى إخفاء استعدادهم للحرب وموعد الهجوم بالإضافة إلى نجاحهم استراتيجيا حيث سيطروا على مناطق استراتيجية هامة فى سيناء، بالإضافة إلى قناة السويس كما أنهم نجحوا فى عبور القناة وفى إتلاف أجهزة الإشعال على الضفة الشرقية.

كذبة الثغرة

وعن الثغرة، قال إليعازار: لا أريد أن أتحدث على الثغرة لأن رجل الشارع فى إسرائيل أصبح يدرك تماما معناها الوحيد أنها مصيدة نصبها الجيش المصرى لاستمرار النزيف من شريان الدم الإسرائيلى وأخيرا استخدموا سلاح البترول بمهارة ودقة فائقتين.

كلكم مخطئون!

 فى الكتاب الذى أسماه «حرب يوم الغفران الواقع يحطم الأسطورة» لإيلى زعيرا رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية الذى ظل صامتا حتى انتهت فترة الحظر المفروضة على الأسرار العسكرية حيث فتح النار على كل من علقوا به وعليه أخطاء الهزيمة ليقول «كلكم مخطئون عدا المخابرات الحربية وأنا».

والذى قال: لقد كانت أسباب الفشل والتقصير هى أن قادة هيكل الدفاع تصرفوا بصورة تتناقض مع نظرية الأمن لقد حصلوا على معلومات دقيقة ومفصلة عن تحركات القوات المصرية وتمركز قواتها وعليه يمكن أن نقول إن سلاح المخابرات وفّر الإنذار إلا أنه أخطأ فى تقييمه لنوايا القوات المصرية عندما تصور احتمالات استغلالها قدرتها فى الهجوم الفورى بأنها احتمالات ضعيفة ومنخفضة.

فشل مزدوج

ويقول زعيرا إن المصريين نجحوا فى خداع إسرائيل والولايات المتحدة وتحويل هياكل الصواريخ إلى منصات صواريخ حقيقية وفشلت أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية فى جمع المعلومات الحقيقة عن هذه المنصات هل كانت هيكلية أم حقيقية، كما أكد رفضه لدخول القوات الإسرائيلية فى عمق سيناء أثناء العمليات العسكرية إلا أن ديان أصر على ذلك، وقال رئيس جهاز المخابرات العسكرية إنه لم يقبل أحد رأيى ولم يطلبه، وأوضح أن سلبيات وتقصير حرب يوم الغفران لم تنبع من أخطاء فى التقديرات الاستخباراتية بل نبعت من أخطاء تنفيذية للقادة العسكريين والسياسيين.

وعن الخسائر فى اليوم الأول يقول إن عدد النقاط الحصينة يوم 6 أكتوبر بلغ 16 نقطة وعدد الجنود يصل إلى 450 فردا و55 فردا مع الدبابات لقى منهم 126 مصرعهم وبعضهم لا يزال مفقودا وسقط 162 أسيرا، وأضاف أن الظاهرة الغريبة للغاية فى الحرب بين إسرائيل ومصر فى شهر أكتوبر 1973 أن السلاح الجوى لم ينجح فى تدمير هيكل الصواريخ الأرض/ جو كما خطط لنفسه بل إنه باستمرار المعارك كانت المدرعات التى عبرت القناة هى التى وفرت للسلاح الجوى حرية العمل فى المجال الجوي.