بعد إعلانها أول دولة في العالم خالية من المرض
مى هارون
بعد أن صنفتها منظمة الصحة العالمية ضمن الدول التى تسجل أعلى معدلات للإصابة بفيروس «الالتهاب الكبدى سي» عام ٢٠١٤، وكان الفيروس يصيب ١٥٪ من عدد السكان، تستعد مصر للاحتفال بحصولها على الإشهاد الدولى بخلوها من فيروس سي، باعتبارها الدولة الأولى على مستوى العالم التى نجحت فى القضاء على فيروس سي، وأكدت منظمة الصحة العالمية أن مصر أطلقت حملتها الصحية ووقعت الكشف الطبى على ٨٠ مليون مواطن، وعالجت ٤ ملايين شخص، بل ونجحت فى علاج ثلث المصابين بالتهاب الكبد سى فى إقليم شرق المتوسط.
وكانت المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس «سى» انطلقت فى أكتوبر 2018 للكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى (سي) والأمراض غير السارية (السكرى وارتفاع ضغط الدم والسمنة)، ونجحت الدولة فى علاج 4 ملايين مصاب بفيروس سي، بنسبة شفاء أكثر من 98.6%، كما نجحت المبادرة بين طلاب المدارس فى الكشف على 11 مليونا و635 ألفًا، وبعدها تقدمت مصر بشكل رسمى لمنظمة الصحة العالمية، لإعلانها خالية من فيروس سي.
وفى هذا السياق، قالت الدكتورة نعيمة القصير ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر، إن مصر من أوائل الدول على مستوى العالم التى تم إعلان خلوها من فيروس سى من قبل المنظمة، مضيفة أن الحكومة المصرية بشكل عام ووزارة الصحة بشكل خاص عملت بشكل كبير ومكثف خلال الفترة الماضية حتى تصبح مصر خالية من فيروس «سي» من خلال المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة التى أشاد بها العالم.
ومن جهته، قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، إن مصر أول دولة يتم إعلانها من قبل منظمة الصحة العالمية خالية من فيروس سى، وأن مبادرة الرئيس 100 مليون صحة حققت نجاحًا كبيرًا فى تخفيض المعدل السنوى للإصابات الجديدة السنوية بنسبة تزيد على 92%.
وأشار الوزير إلى أن رعاية مرضى الكبد حظيت أيضا بإطلاق برنامج الكشف المبكر عن سرطان الكبد، بهدف إجراء الكشف الدورى عن الفئات عالية الخطورة، عن طريق فحص الموجات الصوتية واختبار دلالات الأورام كل ٤ أشهر بالمجان فى ٧٥ مركز فحص، تم ربطهم بـ٩٣ مركزا متقدما لإجراء الفحوص المتقدمة، و٤٧ مركزا متقدما لعلاج الأورام السرطانية مجهزة بالمجان ومتعددة التخصصات.
وأشار وزير الصحة إلى العائد الاستثمارى لمبادرة رئيس الجمهورية، حيث يقدر بـ 359%، بجانب المنفعة الصحية ووفر اقتصادى يقدر بـ23 مليار جنيه، مؤكدا أن تضافر العمل بين الجهات الحكومية وغير الحكومية أصبح ضرورة ملحة لخدمة المرضى على أكمل وجه، ولوزارة الصحة والسكان تاريخ كبير فى تطوير وتشجيع هذا التعاون مع كل المهتمين والعاملين بالمجال الطبى وبالصحة بشكل عام.
مراحل تحقيق الحلم
يقول الدكتور عبد الحميد أباظة، استشارى الكبد والجهاز الهضمى ورئيس اللجنة القومية للفيروسات الكبدية الأسبق، إن فيروس التهاب الكبدى سى كان يمثل المشكلة الأولى صحيا فى مصر، وتم البدء فى علاج المشكلة عام 2006 حين صدر قرار بتشكيل اللجنة القومية للفيروسات الكبدية والتى وضعت أول استراتيجية متكاملة للتعامل مع التهاب الكبد سى، وفى 2014 دشنت اللجنة القومية موقعا إلكترونيا لتسهل على المرضى تسجيل طلبات العلاج قبل تحويلهم إلى أقرب وحدة علاجية لسكنهم.
وأضاف د. أباظة، أن اللجنة القومية تعتمد على تطبيق أحدث بروتوكولات العلاج التى توصى بها الجمعيتان الأمريكية والأوروبية لأمراض الكبد، موضحا أن علاج التهاب الكبد (سي) مر بعدة مراحل فى مصر منذ عام 2006، فقد بدأ بمنح المريض عقار الانترفيرون فقط لمدة عام كامل لكن النتائج كانت ضعيفة جدا، بعد ذلك اعتمد العلاج على الانترفيرون والرايبافيرن معا، وتراوحت نسبة الشفاء بين 30 و40٪، لكن العلاج كان مكلفا للغاية وله آثار جانبية كثيرة.
وأكد أباظة، أن التغير الذى حدث جاء مع دخول الأدوية الحديثة التى تؤخذ عن طريق الفم ومن أشهرها عقار السوفالدي، لافتا إلى أن مصر أدخلت عقار السوفالدى فى أكتوبر 2014 بعد تعاقدها على استيراده بما يعادل ١٪ فقط من ثمنه فى الخارج واستمرت هذه المرحلة حتى نهاية عام 2015، وأن 188 ألف مريض عولجوا خلالها باستخدام العقاقير المستوردة.
طفرة كبرى لعلاج الفيروس
وتابع أن النقلة النوعية التى صنعت طفرة كبيرة كانت عدة قرارات أولها هو إدخال المثيل المصرى وتشريع الصناعة الوطنية لصناعة أدوية فيروس (سي) عن طريق المصانع المصرية، مؤكدا أن هذا القرار أحــــدث طفرة كبيرة فى كمية الدواء المتاحة أدى إلى خفض تكلفة العلاج الذى يستغرق ثلاثة أشهر من عشرة آلاف و500 جنيه مصرى إلى 1527 جنيها فقط، وأتاح ذلك معالجة ما يصل إلى خمسة أوستة مرضى بنفس تكلفة المريض الواحد، وهذا أعطانا إمكانية التعامل مع قوائم الانتظار الكبيرة، وإلى جانب العلاج بدأت اللجنة تتحرك فى مجال الوقاية والتوعية لأن كما يقال فإن الوقاية خير من العلاج.
وختم أباظة مؤكدا، أن السبب الرئيسى فى نجاح مشروع القضاء على فيروس سى هو الاهتمام والمتابعة الدقيقة للرئيس السيسى كما لو كان وزيرا للصحة، بالإضافة إلى ضخ مليارات الجنيهات، ولهذا السبب تقام الاحتفالية التى تقوم منظمة الصحة العالمية خلالها بتسليم مصر درع خلوها من فيروسى سى مثل شلل الأطفال والتيفويد والديفتيريا وهذا الأمراض انقرضت وتم السيطرة عليها بجهود وزارة الصحة واللجنة القومية والطب الوقائى والطب العلاجى والمستشفيات الجامعية والمراكز البحثية ووزراء الصحة المتعاقبين.
المبادرة الرئاسية… تحول تاريخى
قال الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، إن مبادرة رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سى تعد تحولاً تاريخيًا فى مسار مصر للقضاء على فيروس سي، مشيرًا إلى أن تلك المبادرة مهدت الطريق أمام ظهور مبادرات أخرى تستهدف صحة المواطن المصرى بجميع أعماره، تحقيقًا لأهداف الدولة المتماشية مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.