رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

أطفال غزة.. بين “غول” الحصار والقصف و”نعامة” الإدانات الدولية

437

قُتل أكثر من 3,450 طفلا فى أسبوعين ويرتفع هذا العدد بشكل ملحوظ كل يوم، وأكثر من مليون طفل فى غزة يعانون أيضًا من أزمة مياه وسوء التغذية، مما أدى إلى إصابة العديد منهم بالأمراض نتيجة شرب المياه المالحة، التى تعد الخيار الوحيد أمامهم، وتشكل وفيات الأطفال، خاصة الرضّع بسبب الجفاف الذى يمثل لهم تهديدا متزايدا، هذا بالإضافة إلى الصدمات النفسية، التى تدفع ثمنها الأجيال القادمة، فالأطفال فى غزة فى مأساة حقيقية، فمنهم من قتل، ومنهم من دفن تحت الردم، ومنهم من أصيب وبترت أطرافه، ومنهم من تيتّم، ومنهم من نزح، ومنهم من بقى تحت القصف من دون أمن أو أمان.

فقبل الحرب الأخيرة على غزة تم تحديد أكثر من 800 ألف طفل فى غزة ” أى ثلاثة أرباع إجمالى عدد الأطفال فى القطاع” أنهم بحاجة إلى الدعم الصحى النفسى والدعم النفسى الاجتماعي، حذرت منظمات حقوقية من تأثيرات الحرب فى غزة على أطفال القطاع، الذين يشكلون حوالى نصف سكان غزة، معظمهم لم يجربوا الحياة إلا فى ظل الحصار والحروب المتكررة مع إسرائيل، نستعرض فى التقرير التالى تأثير الحرب نفسيا وصحيا على أطفال غزة

مى هارون

تأثير الحرب نفسيًا

قال الدكتور محمد الرخاوي، استشارى طب نفسى أطفال: إن الصدمات التى يتعرض الأطفال فى غزة لها سواء من القنابل أو قذائف الهاون أو هدم المنازل فوق أجسادهم ومشاهدة قتل أهاليهم وأصدقائهم أمام أعينهم، وتخزين هذه المواقف فى ذاكرتهم وقد يتفاعلون معها فى وقتها أو تأتى متأخرة بعد أيام أو أسابيع من تعرضتهم للمأساة، هذا بالإضافة إلى تعرض عدد منهم للسجن فكل هذه الأشياء تؤثر بشكل كبير على جيل كامل من الأطفال فيصبحون مرضى بالعديد من الأمراض النفسية الخطيرة.

وأوضح أن أهم هذه الأعراض، التى بدأت فى إصابة الأطفال فى غزة هى التوتر الشديد، والخوف والفزع وقلة النوم، والتشنجات، والتبول فى الفراش، والسلوك العدواني، والعصبية، وعدم ترك والديهم وقد تصل فى بعض الأطفال إلى إيذاء أنفسهم بنزع  الشعر وجرح أجسامهم حتى النزف.

مشاكل سوء التغذية

وقال الدكتور محمد عفيفي، استشارى التغذية العلاجية بالمعهد القومى للتغذية: إن تعرض الآلاف من الأطفال فى قطاع غزة لنقص التغذية يعرضهم للعديد من الأمراض أهمها  الهزال والتقزّم ونقص الوزن، بالإضافة إلى نقص الفيتامينات و المعادن، وفرط الوزن، والسمنة، والأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي، موضحا أنه يعانى 52 مليون طفل دون سن الخامسة من الهزال، و17 مليون طفل من الهزال الوخيم، و155 مليون طفل من التقزم، فى حين يعانى 41 مليون طفل من فرط الوزن أو السمنة الموتبطة بنسبة 45% تقريبا من وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنقص التغذية، يحدث معظم هذه الوفيات فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، فى الوقت ذاته تتزايد نسبة فرط الوزن والسمنة بين الأطفال فى هذه البلدان نفسها آثار العبء العالمى الإنمائى والاقتصادى والاجتماعى والطبى لسوء التغذية الخطيرة والدائمة بالنسبة إلى الأفراد وأسرهم والمجتمعات المحلية والبلدان، خاصة فى حالات الحروب والدمار ونقص الغذاء.

الهزال والتقزم

وأضاف عفيفى هناك أربعة أشكال فرعية عامة لنقص التغذية وهي: الهزال والتقزم ونقص الوزن وعوز الفيتامينات والمعادن،  ويؤدى نقص التغذية إلى سرعة التأثر بالمرض والتعرض للوفاة ولا سيما بالنسبة إلى الأطفال، ويتعرض الطفل الصغير المصاب بالهزال المتوسط أو الوخيم لزيادة مخاطر الوفاة ولكن العلاج ممكن بتوفير أبسط الأشياء وهى الاحتياجات الغذائية الأساسية، مستطردا ويُعرف قصر القامة بالنسبة إلى العمر بالتقزم وينجم عن نقص التغذية المزمن أو المتكرر وعادة ما يرتبط بتردى الظروف الاجتماعية الاقتصادية، خاصة فى الحروب والمجاعات وتردى صحة الأمهات وتغذيتهن والاعتلال المتكرر أو عدم تغذية الرضع وصغار الأطفال ورعايتهم على النحو الملائم فى مراحل الحياة المبكرة.

الأمراض غير السارية

أوضح استشارى التغذية أن الأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائى أمراض القلب والأوعية (مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، وعادة ما ترتبط بضغط الدم)، وبعض السرطانات، وداء السكري.

ويُعد النظام الغذائى غير الصحى وسوء التغذية من عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بهذه الأمراض على صعيد العالم.

ومن جهتها، حذرت منظمة الصحة العالمية من كارثة صحية عامة وشيكة تلوح فى الأفق مع النزوح الجماعى والاكتظاظ والأضرار، التى لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحى فى غزة.

الجفاف

وحذر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، من خطر وفاة الرضع بسبب الجفاف، حيث وصل إنتاج المياه إلى 5% من المستويات الطبيعية، ولذا فإن وفيات الأطفال بسبب الجفاف تشكل تهديدا متزايدا، مضيفا أن الأطفال يصابون بالمرض بسبب شرب المياه المالحة.

وأكد أن نحو 940 طفلا مفقودون فى غزة، ويعتقد أن بعضهم عالقون تحت الأنقاض، موضحا أن آخرين يعانون من صدمة أو ضغوط شديدة، مثل ابنة زميلة فى اليونيسف تبلغ من العمر 4 سنوات بدأت تؤذى نفسها من خلال تمزيق شعرها وخدش فخذيها حتى تنزف.

وأضاف أن مليون طفل فى غزة يواجهون مصيرًا مجهولًا، لا سيما الذين يعانون من حروق مروعة، وجروح بالقذائف، وبتر للأطراف، فى غياب المستشفيات الكافية لعلاجهم، وتقطع السبل أمام الإمدادات الصحية لهم.

وحذر من أنه إذا لم يتوفر الوقود، فإن ذلك سيؤدى إلى موت الأطفال فى الحضانات ممن يحتاجون إلى دعم الحياة، وسيعانى الكثير من الناس وسيفقد الأشخاص، الذين يخضعون لغسيل الكلى أى فرص للبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل؛ لذلك نحن بحاجة إلى تلك الأمور، إذا لم نحصل عليها سيكون هناك المزيد من المعاناة والمزيد من الموت.

وأضاف الوقود ضرورى لتوفير الكهرباء فى المستشفيات و لا يمكن أن يعمل أى مستشفى بدون كهرباء وإضاءة وهناك حاجة إلى الإنارة لعلاج المرضى، وتشغيل غرف العمليات الجراحية والحاضنات وأجهزة غسيل الكلى أيضا، هناك حاجة إلى الوقود لتحلية المياه حتى تحصل المستشفيات على مياه نظيفة.