رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

بسبب مواقفه الداعمة للعدوان الإسرائيلى على غزة ..هل يخسر بايدن معركة البقاء فى البيت الأبيض؟

390

على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يزال يفصلنا عنها نحو عام تقريبا   إلا أنه ليس واضحا ما إذا كان الرئيس جو بايدن سيسعفه الوقت لإصلاح ما أفسده بمواقفه تجاه الحرب فى غزة، حيث تسبب نهجه الداعم لإسرائيل بشكل كامل منذ اللحظة الأولى للأحداث فى إثارة المزيد من الشكوك بشأن حظوظه فى الفوز بولاية ثانية، وذلك بعد تراجع التأييد له ليس فقط بين العرب والمسلمين الأمريكيين، ولكن كذلك بين الناخبين الشباب والملونين المؤيدين للحزب الديمقراطى، وخاصة ذوى الميول اليسارية  والتقدمية .

كتبت : داليا كامل

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» فى تقرير مطول إن وحدة الحزب الديمقراطى المستمرة منذ سنوات خلف الرئيس بايدن بدأت تتآكل بسبب دعمه الثابت لإسرائيل فى حربها المتصاعدة مع الفلسطينيين، وهو ما يتضح مع إعراب مجموعات ذات ميول يسارية من الناخبين الشباب والأشخاص الملونين عن استيائهم تجاه بايدن بصورة أكبر من أى وقت مضى منذ أن تم انتخابه رئيسا للولايات المتحد الأمريكية فى نوفمبر 2020.

وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن بايدن يواجه مقاومة جديدة من فصيل نشط فى حزبه ينظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها امتدادًا لحركات العدالة العرقية والاجتماعية التى هيمنت على السياسة الأمريكية فى صيف 2020، موضحة أنه بالنسبة للكثيرين فى اليسار، ينبع التعاطف مع القضية الفلسطينية من نفس مشاعر العجز التى أشعلت الاحتجاجات بعد مقتل الشاب الأمريكى الأسود جورج فلويد على يد شرطى أبيض قبل ثلاث سنوات.

ويقول داماريو كوبر، المدير التنفيذى المشارك لمركز الديمقراطية الشعبية، وهى إحدى المجموعات المجتمعية التقدمية: «هناك بالتأكيد علاقة مباشرة … عندما نقول حياة السود مهمة، فإن ما نشير إليه حقًا بهذه العبارة هو تاريخ من القمع».

وتظهر استطلاعات الرأى، أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل لا يحظى بشعبية لدى الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، وقد خرج الطلاب فى عشرات الكليات فى مظاهرات كجزء من جهود الحشد على مستوى الدولة والتى تقوم بها مجموعة «طلاب من أجل العدالة فى فلسطين».

وقال كليم حوا، الذى ساعد فى تنظيم الاحتجاجات الطلابية مع «حركة الشباب الفلسطينى»: «لقد أظهر الرئيس بايدن للناس أنه لا يوجد فعليا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يتعلق بمسألة الفظائع الجماعية المرتكبة ضد غزة».

وقالت أنجيلا باليا (28 عاما)، وهى متظاهرة فى مانهاتن كانت قد تطوعت لحملة بايدن فى عام 2020: «أشعر بالخيانة الشديدة من قبل بايدن. بالتأكيد لن أصوت له مرة أخرى».

من جانبها، أكدت ميشيل ويندلينج، المديرة السياسية لمجموعة «شروق الشمس» التى تدعو إلى وقف إطلاق النار، وهى ائتلاف من نشطاء المناخ الشباب التقدميين الذين حشدوا لصالح حملة بايدن فى عام 2020، أن البعض فى المنظمة «يثيرون تساؤلات» حول ما إذا كانوا هم وغيرهم من الشباب سيحشدون لصالح بايدن مرة أخرى.

وأضافت ويندلينج: «إذا استمر الحزب الديمقراطى والرئيس بايدن فى إرسال الأسلحة والدعم العسكرى إلى إسرائيل، فإن ذلك يهدد بخسارة أصوات جيلنا، وهذا خيار خطير للغاية قبل عام انتخابى حاسم».

وحسب «نيويورك تايمز»، فإن بايدن يعانى بالفعل من انخفاض الحماس الديمقراطى بسبب تقدمه فى العمر، ولن يتطلب الأمر الكثير من التراجع فى التأييد من قبل الناخبين الذين دعموه فى عام 2020 لإثارة الشكوك حول قدرته على الفوز بولاية ثانية، حيث إن هامش فوزه فى الولايات الرئيسية فى ساحة المعركة مجرد آلاف قليلة من الأصوات، وهو ما

لا يكفى لتعويض انخفاض كبير فى عدد الناخبين الشباب الذين يشعرون بالاستياء بسبب ولائه لحكومة إسرائيلية يمينية يرون أنها معادية لقيمهم.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لبايدن، حسبما تقول الصحيفة الأمريكية، هو أن الأصوات الديمقراطية الأكثر أهمية فى قاعات الكونجرس هى أصوات الديمقراطيين السود واللاتينيين الذين ساعدوا فى تعزيز فوزه عام 2020، مشيرة إلى أن جميع أعضاء مجلس النواب الثمانية عشر الذين وقعوا فى

 26 أكتوبر الماضى على قرار يدعو إلى «وقف فورى للتصعيد وإطلاق النار فى إسرائيل وفلسطين المحتلة» هم أعضاء ملونون.

اعتصامات الكابيتول هيل

فى نفس السياق، قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، إن تنظيم المئات من النشطاء الأمريكيين اليهود الليبراليين فى

25 أكتوبر الماضى اعتصامات فى مكاتب كبار الديمقراطيين فى الكابيتول هيل، بما فى ذلك مكتب المرشح التقدمى بيرنى ساندرز فى مجلس الشيوخ، للمطالبة بوقف إطلاق النار فى الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وحماس، كان بمثابة شهادة على الغضب المتزايد بين يسار الحزب الديمقراطى بسبب رد فعل بايدن والقادة الديمقراطيين على الحرب الإسرائيلية فى غزة.

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن العديد من التقدميين يعربون عن غضبهم على مواقع التواصل الاجتماعى، متهمين بايدن بتمكين العنف ضد الفلسطينيين، ومتوقعين أنه سيدفع ثمناً انتخابياً فى العام المقبل من قبل الناخبين الأمريكيين المسلمين والعرب، الذين برزوا كدائرة انتخابية مهمة للديمقراطيين فى الانتخابات الأخيرة.

وأظهر استطلاع للرأى أجرته مؤسسة جالوب، أن شعبية بايدن بين الديمقراطيين انخفضت 11 نقطة مئوية فى شهر واحد، إلى مستوى قياسى منخفض بلغ 75٪. ووفقا للاستطلاع، فإن هذا الانخفاض كان سببه الفزع بين الناخبين الديمقراطيين بشأن دعم بايدن لإسرائيل.

وتقول «الجارديان» إنه بالرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 لا يزال هناك عام على إجرائها، إلا أن العديد من التقدميين، وخاصة النشطاء الشباب، هددوا بحجب الدعم عن بايدن، فى حين أعرب الأمريكيون العرب والمسلمون عن قلقهم العميق بشأن تصرفات الرئيس وخطابه.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بالرغم من توجيه بايدن لإسرائيل خلال المؤتمر  الصحفى الذى عقده فى 25 أكتوبر، لأن تكون «حذرة للغاية لضمان ملاحقة الأشخاص الذين يشنون هذه الحرب» وضمان سلامة المدنيين، إلا أنه بالنسبة للكثيرين من اليسار، لم يكن لهذا التحذير أى أهمية بعد تعليقاته التى ألقت بظلال من الشك على عدد قتلى الحرب فى غزة.

وكتب وليد شهيد، وهو استراتيجى تقدمى يتابع رد الإدارة الأمريكية على الحرب فى غزة، على منصة «إكس» (تويتر سابقًا): «مثل العديد من الديمقراطيين التقدميين، لقد أثنيت على أداء الرئيس بايدن بشأن المناخ والاقتصاد … لكنه تجاوز الخط الأخلاقى مع تقريبا كل من أعرفهم من الناخبين المسلمين والعرب والشباب المناهضين للحرب».

وترى «الجارديان» أن حتى التآكل الطفيف فى الدعم يمكن أن يشكل خطراً على بايدن، الذى كان يعانى بالفعل، قبل الحرب على غزة، من انخفاض حماسة الديمقراطيين تجاه خوضه الانتخابات الرئاسية، خاصة بين الناخبين الشباب.

تراجع الثقة فى بايدن

من جانبها، قالت شبكة «سى إن إن» فى تقرير لها إن التحالف الليبرالى الذى قاد جو بايدن إلى الفوز على دونالد ترامب فى 2020 بدأ يضعف تحت وطأة الضربات العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة على قطاع غزة.

وأضاف التقرير أن أى انخفاض فى الدعم لبايدن بين الكتلة التصويتية الأصغر سنا- والتى أظهرت عدم الرضا عن بايدن حتى من قبل  الحرب فى غزة – قد يكون مقلقًا لاحتمالات إعادة انتخابه.

ووفقًا لمركز بيو للأبحاث، دعم ما يقرب من 60% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا بايدن فى عام 2020، مما منحه تقدمًا بمقدار 24 نقطة على ترامب فى هذه الفئة العمرية.

وفى استطلاع أجرته شبكة «سى إن إن» فى الأيام التى تلت عملية «طوفان الأقصى»، وردا على سؤال عما إذا كانوا «يثقون بالرئيس جو بايدن لاتخاذ القرارات الصحيحة بشأن الوضع فى إسرائيل»، قال 7% فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما إن لديهم «قدرا كبيرا» من الثقة فى الرئيس. وبالرغم من أن هذا الرقم قفز إلى 43% فى نفس الفئة السكانية عند تضمين أولئك الذين لديهم اعتقاد «معتدل» فى اتخاذ القرار بشأن هذه القضية، إلا أن هذا لا يزال أقل من مجموع 57% الذين قالوا إنهم لا يثقون به كثيرًا أو لا يثقون به على الإطلاق.

وتقول «سى إن إن» إن المشاكل السياسية المحتملة الناجمة عن عدم ثقة الناخبين الشباب فى طريقة تعامل بايدن مع الحرب فى غزة يمكن أن تتفاقم بسبب حقيقة أنهم كانوا المجموعة الوحيدة التى قال أغلبية (54٪) من المشاركين فيها إن لديهم «الكثير» من التعاطف «مع الشعب الفلسطينى».

أصوات العرب والمسلمين

الاستياء الذى يظهره الناخبون الأمريكيون الشباب اليساريون والتقدميون تجاه بايدن يضاف إلى غضب الأمريكيين العرب والمسلمين، وقالت صحيفة «بوليتيكو»، إن الدعم النشط لإسرائيل قد يكلف الرئيس الأمريكى، جو بايدن، أصوات الأمريكيين العرب والناخبين المسلمين فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى عام 2024.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية: «يعتقد الكثيرون فى المجتمعات العربية والمسلمة فى أمريكا أن الرئيس ومساعديه كانوا متهورين فى خطابهم، خاصة فى وقت مبكر، وهم يكثفون تحذيراتهم بشكل متزايد، ويقولون لفريق بايدن إن الإحباط بين الأمريكيين العرب والمسلمين يمكن أن يضر بسباقه الرئاسى العام المقبل».

وأوضحت «بوليتيكو»، أن الغالبية العظمى من العرب والمسلمين صوتوا لصالح بايدن فى انتخابات عام 2020. وعلى الرغم من أنهم يشكلون نسبة صغيرة نسبيًا من الناخبين، إلا أن دعمهم قد يكون أساسيًا فى بعض الولايات، مثل ميشيجان وبنسلفانيا.

وتابعت أن الجدال الدائر ليس أن هذه الكتلة سوف تنتقل فجأة لصالح الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى دفع من أجل فرض حظر موسع على سفر المسلمين إلى أمريكا، ولكن، فى أكثر من اثنتى عشرة مقابلة مع الصحيفة، قال قادة العرب والمسلمين الأمريكيين وحلفاؤهم إنهم يخشون أن بعض الناخبين سيقاطعون الانتخابات تماما أو يصوتون لمرشح خارج الحزبين الديمقراطى والجمهورى.

وتعرب إيمان عبد الهادى، أستاذ التنمية البشرية المقارنة بجامعة شيكاغو، عن دهشتها من موقف الإدارة الأمريكية، قائلة على منصة «إكس»: «من الجنون حقاً أن الحزب الديمقراطى دمر 20 عاماً من حسن النية مع المسلمين والعرب فى أسبوعين فقط، وخسر جيلاً كاملاً نشأ فى التحالف التقدمى، ربما إلى الأبد».

وفى مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، قالت عبد الهادى إن أفراد المجتمع العربى والمسلم لم يتفاجأوا من دعم بايدن لإسرائيل، ولكن «درجة الدعم والشيك على بياض الذى منحه لها» يعدان أمرا مخيفا، خاصة بالنظر إلى العدد المتزايد من الضحايا المدنيين. وأضافت أن الشباب يتحدثون بالفعل عن عدم المشاركة فى الانتخابات احتجاجًا على موقف بايدن.

وتذكر عبد الهادى أنها قالت للحضور، فى حدث أقيم مؤخرًا فى الحرم الجامعى واستقطب مئات الطلاب: «أعتقد أن بايدن فقد أصوات المسلمين». وأضافت قائلة: «الغرفة بأكملها انفجرت بالتصفيق»، موضحة أن «هذا الجيل قد نشأ فى وقت كان فيه المسلمون والعرب على اتصال دائم مع الديمقراطيين، وكانوا يشعرون بأنهم جزء من التحالف التقدمى. والآن يشعرون بأن هذا لم يكن إلا وهما بالكامل».