رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

9ملايين لاجئ تتحملهم الموازنة العامة

1256

ياسر حسني

ملف اللاجئين من أكثر الملفات الشائكة التي تواجهها الدولة المصرية، خاصة وأنها قضية تأخرت مناقشتها ووضع ضوابط لها، على مدار 70 عاما، منذ توقيع مصر على مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في عام 1954.

خلال تلك السنوات، تضاعف عدد اللاجئين في مصر، ليتجاوز وفقا لأحدث الإحصائيات أكثر من 9 ملايين لاجئ، أي ما يعادل عدد سكان دولة صغيرة، بعد أن أصبحت مصر قبلة الأمن والأمان للاجئين والنازحين من 133 جنسية، بعد أن سقطت أوطانهم في دوامات الفوضى والصراعات العرقية والسياسية والعسكرية.

ومنذ قديم الأزل ومصر تحتضن اللاجئين على أراضيها، وتسمح لهم بأن يعيشوا وسط المصريين ويتلقون جميع الخدمات العامة تماما كأي مواطن مصري، ولا تقيم لهم مخيمات إيواء كما تفعل غالبية دول العالم، ولكن في الآونة الأخيرة شهدت مصر تواجد عدد كبير من اللاجئين, وتأتي النسبة الأعلى للأشقاء السودانيين ويليهم الأشقاء من سوريا. ووفقا للإحصائيات الرسمية، فإن أعداد اللاجئين فى مصر قد تعادل تعداد أربع دول أوروبية، مما قد يشكل ضغطا على الاقتصاد المصري فيما يخص حجم الطلب على السلع والخدمات، بالإضافة إلى تأثيراتها على سوق العمل المصري.

 

فى هذا السياق، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا، لاستعراض جهود الدولة المصرية لتوفير الخدمات التعليمية والصحية والسلع الأساسية للاجئين، بحضور الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، ونيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، والدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وحسن شحاتة، وزير العمل، والوزير المفوض نجلاء نجيب، نائب مساعد وزير الخارجية للاقتصاد المصري، وشيرين الشرقاوي، مساعد أول وزير المالية للشئون الاقتصادية، وعلى السيسي، مساعد وزير المالية للموازنة العامة، ومسئولى عدد من الوزارات والجهات المعنية.

وشدد د. مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على أهمية حصر ومتابعة ما تتحمله الحكومة من مساهمات نظير رعاية «اللاجئين» الذين تصل أعدادهم وفقا لبعض التقديرات إلى أكثر من 9 ملايين، وفقا لما ذكرته آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء, من بينهم 4 ملايين مواطن سودانى يليهم 1.5 مليون مواطن سوري.

رعاية ملايين اللاجئين

وذكر بيان لمجلس الوزراء أن مدبولي، لفت خلال الاجتماع إلى ضرورة تدقيق هذه الأعداد، وفى الوقت نفسه حصر وتجميع ما تتحمله الدولة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات فى مختلف القطاعات لضيوف مصر، الذين يحصلون عليها على أفضل وجه مثلهم مثل المصريين، مشدداً على ضرورة توثيق مختلف جهود الدولة لرعاية هذه الملايين.

ومن جانبه، قال د. خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، إن هناك حوالى 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون فى مصر من نحو 133 دولة، 50.4% منهم من الذكور، و49.6% إناثا، وبمتوسط عمرى يصل إلى 35 سنة، ويمثلون 8.7% من حجم سكان مصر.

وأضاف عبد الغفار أن 56% منهم يقيمون فى 5 محافظات هى القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية ودمياط، كما أن 60% من المهاجرين يعيشون فى مصر منذ حوالى 10 سنوات، و6% يعيشون باندماج داخل المجتمع المصرى منذ نحو 15 عامًا أو أكثر، بالإضافة إلى أن هناك 37% منهم يعملون فى وظائف ثابتة وشركات مستقرة.

وبدوره، استعرض حسن شحاتة، وزير العمل، أعداد اللاجئين الذين حصلوا على تصاريح العمل بصورة رسمية، موضحا أن العدد بسيط للغاية ولا يتناسب مع الأعداد المعلنة، وهو ما يعنى أنهم عمالة غير رسمية.

ومن جانبه، أكد اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، أنه يتم حاليا القيام بإجراء رصد لتمركزات وأعداد اللاجئين بمختلف المحافظات المصرية، وحصر فرص العمل التى يعملون بها، وكذلك ما يتمتعون به من خدمات، توفرها لهم الدولة المصرية.

وبدوره، قال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن إجراءات الحكومة لتدقيق أعداد اللاجئين لا تستهدف زيادة الأعباء على غير المصريين المقيمين على أرضها، ولكنها تأتى فى إطار اهتمام وحرص الدولة المصرية على ترشيد الموارد ومعرفة احتياجاتهم وتسهيل عملية التواصل مع الجهات والدول المانحة للاجئين فى مصر، ومتابعة المساهمات التى تقدمها الدولة لرعاية الضيوف، الذين لا تفضل مصر أبدا إطلاق لفظ «لاجئ» عليهم ويحصلون على نفس الخدمات التى يحصل عليها المواطن المصري، كما أن الدولة تعاملهم معاملة المواطن، مؤكدًا أن الهدف الأساسى من هذه الإجراءات هو توفيق الأوضاع مع القوانين.

مسئولية المجتمع الدولى

وأضاف «الحمصاني»: نحن بهذا الحصر نضع المسئولية أمام المجتمع الدولى وهناك مجال كبير من التعاون مع الجهات الدولية، خاصة أن مصر تتحمل أعباء كبيرة بسبب الضيوف، وحصر أعدادهم هدفه تسهيل عملية التعاون مع الجهات المانحة والشركاء الدوليين, فالتقديرات الدولية تشير إلى وجود 9 ملايين ضيف من 133 دولة، يعيشون على أرض مصر؛ يشكلون نحو 8.7% من حجم سكان مصر، لذا فإن الدولة فى اتجاهها لإصدار بطاقات مميكنة يستخدمها كل الضيوف، فى إطار خطة الدولة لرقمنة كل المجالات.

وتابع متحدث مجلس الوزراء: تناول وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، تقريرًا حول أعداد الطلاب اللاجئين، والذى أوضح أن تلك الأعداد شهدت زيادة مؤخراً، وهو ما رفع من مساهمات الدولة المصرية فى حصول هؤلاء الطلاب على الخدمات التعليمية، مما دعا إلى التوسع فى إقامة المزيد من الفصول الجديدة، بما يسهم فى استيعاب حجم الزيادة فى عدد الطلاب اللاجئين.

واستكمل: نعمل على حصر التكلفة الكلية فى الخدمات المقدمة لضيوف مصر فى الصحة والتعليم والتنمية البشرية، على أن يتم التواصل مع المساهمين الدوليين لإقامة مشروعات تخدم المقيمين فى مصر أو المساهمة فى رعايتهم، موضحا أنه يتم التنسيق بين الجهات المعنية كافة سواء (الخارجية، التعاون الدولي، الصحة، التعليم، الهجرة) وبعض المؤسسات التنموية.

إجراءات إثبات الإقامة

وأشار إلى أن وزارة الداخلية قد أهابت بكل المتواجدين على أرض مصر بالبدء فى اتخاذ إجراءات إثبات الإقامة الخاصة بهم، وذلك اعتبارا من أول يناير 2024 ولمدة 3 شهور، وهى المهلة الممنوحة للاجئين والمقيمين غير الشرعيين بالبلاد لتقنين أوضاعهم.

وقد شهدت الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية فى العباسية، زحامًا شديدًا منذ بداية العام، بسبب الإقبال الكبير من راغبى توفيق الأوضاع وإثبات الإقامة من الأجانب، والراغبين فى الحصول على إذن السفر.

وكانت الحكومة، قد أصدرت فى أغسطس الماضى قرارا ينص على أنه يتعين على الأجانب المتقدمين للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، للحصول على حق الإقامة للسياحة أو لغير السياحة، تقديم إيصال يفيد قيامهم بتحويل ما يعادل رسوم (الإقامة – غرامات التخلف – تكاليف إصدار بطاقة الإقامة) من الدولار أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصرى من أحد البنوك أو شركات الصرافة المعتمدة.

ووفقًا للقرار أيضًا، يجب على الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم وتقنين إقامتهم شريطة وجود مُستضيف مصرى الجنسية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار (1 يناير 2024)، مُقابل سداد مصروفات إدارية بما يعادل ألف دولار تودع بالحساب المخصص لذلك وفقًا للقواعد والإجراءات والضوابط التى تحددها وزارة الداخلية.

ومن جانبها، أشارت «المنظمة الدولية للهجرة»، التابعة للأمم المتحدة، إلى وجود 9 ملايين مهاجر ينتمون لـ133 جنسية فى مصر، وفقا للإحصائيات الرسمية وإن كانت تتوقع أن العدد ربما يكون أكثر من ذلك، مشيدة بما أطلقت عليه أنه «سخاء القاهرة» مع المهاجرين واللاجئين، حتى أنهم يتحولون من مهاجرين عابرين إلى لاجئين مقيمين بمصر.

سرعة تسجيل البيانات

ودعت المنظمة عبر موقعها الإلكترونى على شبكة الإنترنت، المهاجرين واللاجئين المقيمين فى مصر، وغير المسجلين بالمنظمة، إلى سرعة تسجيل بياناتهم، حتى يتم مراجعة حالة كل مهاجر على حده، خاصة هؤلاء المهاجرين الذين لا ينوون التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو تم إغلاق ملفات المفوضية الخاصة بهم، ويعيشون فى مصر منذ 6 أشهر على الأقل، أو طالبى اللجوء فى انتظار مواعيد التسجيل لدى المفوضية (حاملى الأوراق البيضاء).

وأوضحت «المنظمة الدولية للهجرة»، أنها ستقوم خلال الفترة المقبلة، من خلال مركز دعم إعادة التوطين بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لها، بإجراء معالجة إعادة التوطين -مجاناً- لبرنامج قبول اللاجئين فى الولايات المتحدة فى خمسة عشر دولة فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بينها مصر، بالإضافة إلى ذلك، فإنها ستقوم بمساعدة اللاجئين المقيمين فى مصر، على العودة الطوعية وإعادة الإدماج، للمهاجرين الذين قرروا العودة طواعية إلى بلدهم الأصلي.

وأرجعت السبب الرئيسى للتباين فى رصد أعداد المقيمين الأجانب بمصر، إلى «الاختلاف بين المسميات» التى تطلق على قطاعات الوافدين المختلفة، التى تتنوع بين «لاجئ، ومهاجر، وزائر، ومقيم»، كما أن أن هناك نسبة غير قليلة منهم دفعتهم قدرتهم المالية على إعالة أنفسهم بدون الحاجة للتسجيل فى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.

وأشارت إلى أن الإحصاء الذى جُمع من السفارات ودراساتها يقوم على أن تعريف المهاجر بأنه «أى شخص يتحرك أو ينتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن الوضع القانونى للشخص، وما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية؛ وبغض النظر عن أسباب الحركة، أو مدة الإقامة».

الخطاب الإيجابى

وأوضحت أن أعداد اللاجئين فى مصر ارتفعت بشكل كبير منذ 2019 وتتزايد بشكل مضطرد بسبب حالة عدم الاستقرار الذى طال أمده فى الدول المجاورة، بالإضافة إلى ما وصفته المنظمة الدولية بأنه «خطاب إيجابي» للحكومة المصرية تجاه المهاجرين، وطريقة تعامل الدولة المصرية معهم بشكل أكثر إنسانية من أوروبا، مما يعد عامل جذب لآخرين للجوء إلى مصر وهو ما ظهر فى طلبات «لم الشمل» التى يقدمها اللاجئ للسلطات المصرية لاستقدام أفراد أسرته للإقامة معه فى مصر.

وحدد تقرير «المنظمة الدولية للهجرة» المجموعات الكبرى للمهاجرين بـ4 ملايين سوداني، و1.5 مليون سوري، ومليون يمني، ومليون ليبي، وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80% من المهاجرين المقيمين حاليا فى البلاد.

وكانت كريستين بشار، المتحدثة الرسمية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر، قد كشفت فى مايو 2023، عن سبب انخفاض أعداد اللاجئين المسجلين بالمفوضية، وعن الأعداد الحقيقية الموجودين بالفعل فى مصر، قائلة إنه نتيجة الأزمة السودانية كان هناك نازحون من السودان لمصر ويقدر عددهم بـ 170 ألف شخص، يدخلون مصر بموجب الاتفاقية بين مصر والسودان.

وأشارت إلى أن المفوضية تعمل منذ 1954 مع الحكومة المصرية بموجب مذكرة تفاهم، مضيفة: «نحن مسئولون عن تحديث وضع اللاجئ فى مصر، واللاجئ الذى يصل مصر يقوم بتسجيل بياناته فى المفوضية، ثم نعمل على تحديد وضع اللاجئ للتأكد من أنه يستحق ذلك، وبموجب هذا التسجيل يحصل على إقامة من الحكومة، ويستفيد بخدمات التعليم والصحة مثله مثل المواطن المصري».

بلد الأمن والأمان

وأوضحت أن مصر بها 293 ألف لاجئ مسجلين فى مصر من 56 جنسية مختلفة، وهؤلاء هم فقط المسجلون رسميا لدى المفوضية، مشيرة إلى أن السودانيين يدخلون مصر بموجب اتفاقية الحريات ما بين مصر والسودان، لذلك يوجد الكثير من الأجانب لا يسجلون أنفسهم كلاجئين لأن مصر فتحت أبوابها وحدودها الدولية للحماية الدولية.

وأكدت أن اللاجئين الموجودين فى مصر يشعرون بالأمن والأمان، لذلك ليسوا فى حاجة إلى التسجيل فى مفوضية الأمم المتحدة، وكل دولة لها نظام خاص فى استقبال اللاجئين.

وأضافت: نقوم بتقييم اللاجئين المسجلين لكل حالة، ونقدم مساعدات مالية للأسر الأكثر احتياجًا فى صورة مساعدة مالية شهرية، والموازنة التى تنفق سنويًا تتخطى الـ100 مليون دولار حسب التمويل الذى نحصل عليه لتغطية كافة الخدمات التى تقدمها المفوضية.

واعتبرت أن تعديل اللوائح المنظمة للاجئين فى مصر خطوة مهمة، لأنها ستساعد المفوضية فى معرفة العدد الحقيقى للاجئين بمصر، مشيرة إلى أن المهاجرين من السودان وسوريا واليمن وليبيا يشكلون 80% من اللاجئين المقيمين حاليا فى مصر، معتبرة أن «الخطاب الإيجابى لحكومة القاهرة تجاه اللاجئين يمثّل عامل جذب للمهاجرين وطالبى اللجوء».

وبحسب إحصاءات مفوضية اللاجئين، استقبلت مصر منذ بدء الاقتتال فى السودان وحتى نهاية مايو 2023 أكثر من 170 ألف لاجئ، بينهم 164 ألف سوداني. وغالبية اللاجئين فى مصر من سوريا تليها السودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال.

التقارير الدولية

ومن جانبها، قالت النائبة «سهام مصطفى»، عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب إن كل دول العالم مهما بلغ عدد سكانها ومدى اقتصادها ترفض دخول أى لاجئ أو مهاجر دون أوراق إثبات إقامته بهدف حصر أعداد الأجانب حفاظا فى المقام الأول على الأمن القومي، كما تتضمن القوانين الدولية فرض رسوم على الأجانب مقابل استخدام الخدمات والمرافق العامة، بينما ما يحدث فى مصر مختلف فهى تستقبل ملايين الضيوف وتوفر لهم الخدمات بنفس الأسعار المقدمة للمواطنين دون زيادة رغم الأزمة الاقتصادية الحالية التى تواجهها البلاد كلها.

وأشارت إلى أن بيان الحكومة الأخير استند إلى ما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة فى شهر أغسطس الماضي، بشأن حصول المهاجرين واللاجئين فى مصر على الخدمات الوطنية فى قطاعى التعليم والصحة، بالمساواة مع المصريين، على الرغم من التحديات التى يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية الباهظة.

وأضافت: الحكومة بدأت مؤخرا فى إجراءات تقنين أوضاع اللاجئين والمهاجرين فى مصر لحصر أعدادهم، ومعرفة ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات فى مختلف القطاعات، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية للبلاد التى تتطلب ضرورة مساهمة الضيوف فى الاقتصاد الوطنى من خلال دفع مقابل الإقامة أسوة بالدول المجاورة دون فرض رسوم إضافية, خاصة أن مفوضية اللاجئين تصرف معونات مالية لعدد كبير من أسر اللاجئين فى مصر، والذين يستهلكون الخدمات العامة بنفس الأسعار المقدمة للمواطنين المصريين دون زيادة, لذا تمت موافقة الحكومة على إصدار قانون لجوء الأجانب وتوفيق أوضاعهم فى مصر، لإنشاء لجنة تسمى بـ»اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين»، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئاسة مجلس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسى محافظة القاهرة، وتكون هى الجهة المهيمنة على كافة شئون اللاجئين، ونظام عملها يكون بقرارات من رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، وتعد اللجنة تقريرا بنتائج أعمالها يعرضه رئيسها على رئيس مجلس الوزراء.

الظروف المواتية

من جانبه، قال النائب محمود القط، عضو مجلس الشيوخ، إن التوترات من حولنا، خلال السنوات الماضية، أدت إلى استضافة مصر لعدد كبير من اللاجئين السوريين والعراقيين ومؤخرا السودانيين، إضافة إلى مجموعات متفاوتة من الأفارقة.

وأوضح أنه فى نهاية عام 2022 بدأت مصر تنظر إلى وضع المهاجرين إليها بشكل مختلف، خاصة أنه بعد نهاية جائحة كورونا بشكل رسمى وعدم تجديد المفوضية إقامات مجموعة كبيرة منهم، لم يتم تصحيح أوضاعهم.

وأشار القط إلى أنه قدم طلب إحاطة منذ فترة مطالبا بتقنين أوضاع اللاجئين بمواصفات معينة، ولم تكن الظروف مواتية للحكومة للنظر فى هذا الأمر، لكن مع اندلاع الأزمة السودانية وتوافد عدد كبير منهم لمصر، جعل الأمر محل اهتمام، إضافة إلى وجود أزمات اقتصادية جعلت هناك عدم وجود عدالة من المنظمات المعنية للتعامل مع الأمر.

وحذر عضو الشيوخ من بعض المخالفات التى بدأ يتم ارتكابها من بعض اللاجئين غير المقنن أوضاعهم، وبالتالى صعب العثور عليهم فى حال إذا كانوا مطلوبين أمنيا حيث لا وثائق لديهم، أيضا فالتقنين يضمن حقوق اللاجئ، فى حالة استغلاله من صاحب العمل مثلا.

وتابع: الحكومة فطنت إلى هذا الأمر وبدأت تتحرك به بخطوات إيجابية، كما أن الحصر سيكشف أى تأثير من تواجد اللاجئين على المكونات والتركيبات السكانية فى مصر، خاصة مع وجود تمركزات لبعض الجنسيات بأماكن معينة وتأثيرهم على الاقتصاد، وليس شرطا أن تكون آثارا سلبية ولكن لها بالتأكيد إيجابياتها وسلبياتها.

الأعباء الاقتصادية

وحول تأثر الاقتصاد المصرى جراء هذا الكم الكبير من اللاجئين، قال د. وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن اللاجئين مرحب بهم فى مصر، ولكنهم يشكلون عبئا نسبيا على الاقتصاد المصري، ويجب تنظيم هذا الأمر، فوجودهم ليس ميزة للاقتصاد، خاصة أن المستثمرين منهم أقل بكثير من اللاجئين غير المستثمرين.

وأشار إلى أننا لو بحثنا مثلا حول السوريين المتواجدين فى مصر، والمقدر عددهم بحوالى 1.5 مليون سوري، نجد منهم ما يقرب من 30 ألف مستثمر, ونشعر تماما بوجودهم ولكن هو عدد لا يتناسب مع باقى عدد اللاجئين، فأعباؤهم تضاف إلى أعباء أخرى كثيرة تحملتها الدولة المصرية عن العالم.

وأوضح د. جاب الله، أن هناك ثلاثة مصطلحات يوجد خلط كبير بينها, مصطلح السائح وهو الأجنبى الذى يدخل الدولة لمدة محددة أقصاها عام أو تقل عن عام بغرض أى شيء غير العمل، أما المصطلح الثانى وهو المهاجر سواء بهجرة شرعية أو غير شرعية وهو الشخص الذى يدخل البلد بهدف العمل، وأخيرا مصطلح اللاجئ الذى يحتمى بالبلد ويبحث عن عمل واستقرار.

وأشار إلى أن نسبة غير قليلة من المهاجرين يأتون إلى مصر على أنها نقطة عبور لأوروبا والغرب ولكن تتحول هجرتهم المؤقتة لإقامة مستمرة بمصر، مما يعنى أن مصر تحمى أوروبا من الهجرة وتتكلف أموالا كثيرة من أجل إغلاق الهجرة غير الشرعية لأوروبا، كما أننا نتحمل تكلفة وأعباء اللاجئين نيابة عن العالم، ولا بد من حساب هذه التكلفة بوجه التحديد، فاللاجئ أحيانا يأتى هربا من الحروب وتنضم إليه شرائح أخرى غير متأثرة بالحرب.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.