https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

يوم الإثنين المجنون (2)

567

عاطف عبد الغنى

 

نعيد التذكير بشأن النمو الاقتصادى الهائل لدول النمور الأسيوية خلال العقود الثلاثة التي سبقت عام 1997 ونقول إن هذه الدول كانت تمتلك مكونات قصة نجاح، انعكست فى شكل رفاه اقتصادية واجتماعية لشعوبها، وامتلكت حكومات هذه الدول الكثير من المال الذى مهدت به بنية أساسية جيدة للاستثمار على مستوى الداخل، والخارج، وانخفضت نسبة الفقراء – فى هذه الدول – لصالح الطبقة الوسطى التى يحصل أبناؤها على خدمات جيدة فى مناحى الحياة المختلفة، وكان هذا قبل أن يشتعل فتيل الأزمة الأسيوية فى صيف عام 1997، ونستطيع أن نلخص أسباب الأزمة فى جملة واحدة وهى السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة التى تحول إليها النظام الاقتصادى العالمى انطلاقا من الولايات المتحدة الأمريكية، وفى القلب من هذه السياسات أو لنقل رأس حربتها: صندوق النقد والبنك الدوليين”، والسياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة، فرضت ما يسمى بإعادة الهيكلة المالية الليبرالية الجديدة خاصة على الدول النامية التى ارتبطت بها، وسمحت بدخول كبير للاعبين خارجيين جدد من المستثمرين فى هذه الدول، هذا الدخول الذى سيغير المشهد فيما بعد، وكان اللاعبون الجدد القادمون غالبا من الغرب يقترضون الأموال من المستثمرين الأثرياء فى بلادهم، ويستثمرونها فى هذه الدول بقصد تحقيق أعلى ربح ممكن فى أسرع وقت ممكن ، وكانت الأسواق الأسيوية بمعدلات نموها الكبير ملعبا مثاليا لدخول ما يعرف بهذه الأموال (الساخنة) فى أسواق هذه الدول المالية المفتوحة، ولهذا الأمر جانب إيجابى يتمثل فى مرونة دخول الأموال وخروجها، لكن هذه الميزة نفسها تمثل عامل سلبى كبير حين تتيح إمكانية الدخول والخروج السريعين، وهى عملية أشبه بالمقامرة الكبيرة، تتحقق فيها للمضارب بالأموال أفضل الأرباح قصيرة الأجل، وبالطبع تتأثر عملية المضاربة بتقلبات الاقتصاد العالمى فى أسعار السلع العالمية مثل النفط، والقمح، والفلزات، أو تقلبات سعر العملات، والتى يمكن أن يتحكم فيها لاعب خارجى، أو توجهها السياسة، وفى لحظة تنعكس هذه التقلبات على أسواق المال خاصة فى دول الاقتصاديات الهشة وتتسبب فى حالات إفلاس لحظية، وتفجر الأزمات المالية، ولاحظ أننا هنا نتحدث عن الأزمات التى يسببها التمويل المالى، وليس عن اقتصاديات حقيقية تمتلك فيها الدول مقومات النمو والتنمية الحقيقيين. ونعود إلى مرحلة النمو التى شهدتها دول النمور قبل الأزمة، وفى هذه المرحلة على سبيل المثال قامت استثمارات كبيرة فى تايلاند فى العقارات والتى تولد أرباحا، لكن بالعملة التايلاندية (البات) وكان المستثمرون يراكمون الدين بالدولار الأمريكى، من أجل تمويل مشاريعهم، فلما تراجع سعر صرف البات التايلاندى مقابل الدولار، أحدث هذا ورطة كبيرة للمستثمرين والأسواق أيضا، وهذا يعيدنا إلى النقطة التى انتهينا إليها فى المقال السابق وهى خطورة ربط العملات المحلية بالدولار الأمريكى..

وللحديث بقية