يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، فقديما استطاع الخديو إسماعيل أن يحول القاهرة من عاصمة يتم حكمها من القلاع إلى مدينة حديثة يسكنها الحاكم، تاركا القلاع والحصون، هكذا فعل إسماعيل عندما قرر أن يترك قلعة محمد على مقر الحكم ونزوله إلى وسط القاهرة، يختلط بالشعب ويسكن بجوارهم، فأمر بتشييد قصر عابدين، وحسبما ذكر المؤرخين وعلى رأسهم عبدالرحمن الرافعى كان الخديوى إسماعيل صاحب الإسهامات ورائد النهضة لتأسيس القاهرة الحديثة أو أوروبا الشرق آنذاك، وضمن سلسلة أسرار القاهرة فإن نزوله من قلعة محمد على حيث الحكم إلى قصر بين الشعب، هو من أعظم الإنجازات على الإطلاق، وإن كانت مصر هى الدولة الأولى التى نزل فيها الحاكم من القلاع والحصون إلى حيث يعيش الشعب.
وهكذا مصر الآن حيث أبى الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يعيش بعيدا عن الشعب فكلف بإنشاء أكبر ساحة له فى العاصمة الإدارية، لتمثل كافة الأطياف المختلفة للشعب المصرى بجميع أعماره وفئاته وثقافاته، ولتعكس التاريخ العريق والأصيل للشعب المصرى العظيم .. فإلى هناك

دراسة الفكرة

لم يكن إنشاء ساحة الشعب عشوائيا، بل شهد العديد من الاجتماعات لاستعراض الأفكار والمقترحات التى تم دراستها بدقة من قبل الأكاديميين المتخصصين فى كلٍ من جامعتى عين شمس وحلوان.

د. ميسون قطب عميد كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان قالت: كان يوجد العديد من المقترحات لمشروعى ساحة الشعب والنصب التذكارية، وجميعها مقترحات وأفكار أساتذة مصريين منهم الدكتورة علا هاشم أستاذ التصميم بقسم التصميم الداخلى والأثاث ووكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد العربى أستاذ التصميم البيئى بقسم الزخرفة.
وأوضحت ميسون فى تصريحات لها أن ساحة الشعب والنصب التذكارية وطريق الكباش وبوابات الأقاليم وساحة العلم ستحكى قصة تاريخية تنقل الزائر إلى التاريخ المصرى القديم والحديث متمثلة فى تماثيل لقادة مصر على مر العصور، مرورا بمنطقة الكباش التى ستضم عدة مناطق كل منطقة منها تضم فنانين وعلماء وأدباء ورياضيين وذوى الهمم المتميزين بمصر.
وأكدت أن البوابات ستشمل أسماء أقاليم مصر وشعارها، حيث تعمل على ضم جميع طوائف الشعب، كما سيتم توضيح أبرز العلماء والأدباء المتميزين بكل إقليم بمصر على جداريات البوابات، مؤكدة أن ساحة الشعب ستضم تاريخ مصر وذاكرة الأمة.

أهم معالم العاصمة

على 16 فدانًا تم إنشاء ساحة الشعب فى الحى الحكومى فى موقع استراتيجى مميز يتوسط المنطقة الرئاسية ومبنى البرلمان، ومجلس الوزراء، ومسجد مصر؛ لتكون أول ساحة رئيسية بمصر، تقام بها الاحتفالات الرسمية القومية للدولة، لتستوعب تنظيم المسيرات العسكرية على غرار الساحات، مثل «الساحة الحمراء» فى موسكو وساحة «تيان آن» فى الصين، وتضم ساحة الشعب بين جدرانها اللحظات المضيئة والمميزة فى التاريخ المصرى على مر العصور بالإضافة النجاحات والإنجازات التى يفخر بها الوطن كذلك الأقاليم والملامح الجغرافية والطبيعة مثل نهر النيل.

عين الحكم

تتميز ساحة الشعب بوجود «أطول ساري» فى العالم حيث يبلغ طوله نحو 185 مترًا، مزود بسماعات لتشغيل الموسيقى، بجانب النافورة الراقصة، وقد حصل على توثيق من موسوعة جينيس، ويقع على يمين ساحة الشعب مقر السلطة التنفيذية «الحى الحكومي»، وعلى يسارها السلطة التشريعية «مجلسا النواب والشيوخ» وبجوارها أيضًا السلطة الرئاسية، وتتميز ساحة الشعب، بوجود 2 مسرح مكشوف، لتنظيم أى مناسبات هناك.

سر القوص

ويقع فى نهاية ساحة الشعب بالحى الحكومى بالعاصمة الإدارية الجديدة النصب التذكارى ويتكون من 2 قوس واحد شرقى والآخر غربي، كل قوس يتكون من 42 عمودا دائريا على شكل زهرة اللوتس، منها 21 عمودًا أماميًا و21 عمودًا خلفيًا يعلوها أسماء الله الحسني، إضافة إلى 34 عمودًا مربعًا، 17عمودًا أماميًا و17 عمودًا خلفيًا، مدون عليهما أسماء الشهداء.
والقوسان مزودان بنظام تكييف لخدمة الوفود أثناء زياراتهم الصيفية، ويوجد بالنصب أيضا 4 مبانٍ لكبار الزوار وكذلك مبانٍ إدارية لإدارة النصب التذكارى ويقع فى وسط القوسين شاهد لوضع الزهور.

منصة الشعب

تتضمن ساحة الشعب بالعاصمة الإدارية منصة رئيسية بوجود 300 كرسي، بإجمالى مسطح 360 ألف متر، و1200 متر طول، 300 متر عرض، وبها أيضًا مسرحان مكشوفان بحوالى 6404 كراسٍ.
ويوجد بـ ساحة الشعب 32 مبنى تجاريا و8 نافورات مضيئة.