المتابع الجيد للأفلام الأمريكية التى تم إنتاجها خلال السنوات الأخيرة يعرف كيف يفكر الأمريكان الآن.. فهم يشعرون بأنهم قد أصبحوا أسياد العالم، ولم تعد تخيفهم أية قوة بشرية.. حربهم الباردة مع الروس انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى، وعقدة فيتنام تخلصوا منها على حساب العرب، وأفلامهم الأخيرة توقفت عن العزف على منظومة “السوبرمان”، و “روكى”، أو فاندام أوشوارزينجر الذى يستطيع أن يحارب دولة بمفرده ويسحق الأعداء تحت قدميه من أى جنس أو ملة أو لون، لكنها أصبحت تخترع أعداء جددا لتحاربهم، و الأعداء فى أفلامهم الجديدة قد يأتون من الفضاء فى أطباق طائرة، أو من معامل البحث العلمى نتيجة أخطاء يرتكبها علماء أمريكان، وهم يجرون أبحاثهم ويتولد عنها ظهور أنواع من الوحوش الكاسرة أو الطيور الغريبة أو الحشرات المفترسة التى ينجحون فى سحقها – بالطبع- فى النهاية، بعد أن يحبسوا معهم أنفاس مشاهدهم المفتون بالقوة ومشاهدنا المعجون بالعبط حتى اللقطات الأخيرة من الفيلم.
والأعداء قد يأتون أيضًا من عناصر طبيعية كالزلازل أو البراكين أو الأعاصير أو من الكائنات الفضائية وسكان الكواكب الأخرى، أو حتى الطيور والحشرات!
ولأن الأمريكان تجار أذكياء جدا، فهم يستخدمون التكنولوجيا السينمائية التى تطورت بشكل مذهل ويستفيدون من دخول السنيما إلى عصر الكمبيوتر و”الجرافيك” المتقن الصنع، ويستغلون إمكانيات عاصمة السينما الأمريكية والعالمية (هوليوود) الضخمة فى صنع أفلام مبهرة لا تخلو من بهارات الجنس الملتهب أو قصص الحب الهامشية الرقيقة أو بعض التفاصيل الإنسانية البسيطة و الجميلة، ويجعلون السينمائيين فى العالم كله يصرخون ويشكون من خطورة الغزو السينمائى الأمريكى والذى لم يقتصر فى الحقيقة على عالمنا العربى أو العالم الثالث ولكنه غزا حتى الدول الأوروبية التى أدمن مشاهدوها متابعة الأفلام الأمريكية المدبلجة.
والحقيقة أن هذه الأفلام شديدة الإبهار، رغم ابتعادها غالبا عن العقل والمنطق، ما تزال تروج بشكل خبيث وغير مباشر أحيانًا، وبشكل دعائى فج ومستفز فى أحيان كثيرة لأسطورة الرجل الأمريكى الذى لا يقهر وعظمة الجيش الأمريكى وتدافع عن تورطه فى قتل الملايين تحت دعاوى زائفة ومبررات “مفبركة” مثل مبررات ضربه للعراق وسوريا، وما تزال السينما الأمريكية تقوم بتزييف الوعى ونشر الخرافات والبحث كل يوم عن عدو جديد حتى ولو كان هذا العدو من الطيور والحشرات والكائنات الخرافية والعوالم الأخرى!