رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تقنين المنصات الإلكترونية.. حائط صد في معركة الحفاظ على الهوية

322

في زمن أصبحت فيه الكلمة والصورة المنشورة عبر المنصات الإلكترونية هي السلاح الرئيسي فى معركة الهوية وهدم الأجيال القادمة، بات لزاما على مؤسسات الدولة حماية الأطفال والنشء والشباب من المحتوى الإلكتروني الموجه والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية والرسائل التي تتنافى مع القيم والأخلاق المجتمعية، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد فى أكثر من مناسبة على أهمية الوعي باعتباره أخطر قضية تواجه المجتمع ليس فقط فى مصر بل فى كل مكان بالعالم..

تامر عبد الفتاح

على المستوى الدولي، نجد أن التقرير الأخير المنشور على موقع الأمم المتحدة حذر بشكل مباشر من مخاطر المنصات الإلكترونية غير المقننة، وقال إن الأطفال والشباب هم القوة المحركة للاتصال الإلكتروني العالمي، إذ تشير الأرقام إلى أن عام 2023 شهد استخدام نسبة 79% ممن أعمارهم بين 15 و24 عاما منصات التواصل عبر الإنترنت، مقارنة بنسبة 65% مقارنة ببقية سكان العالم. كما تشير كذلك إلى أن الأطفال يقضون وقتا أطول على الإنترنت اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبنسبة متزايدة، إذ يتصل طفل بشبكة الإنترنت لأول مرة كل نصف ثانية.. وحذر التقرير من أن المنصات الرقمية اليوم من الوسائل المستخدمة لنقل المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والمحتوى ذات التأثير الضار على الأطفال والشباب.

وبالتالي تنظيم عمل المنصات لحماية الأمن القومي وحماية الأطفال، هو اتجاه تحرص عليه المنظمات الدولية والدول الكبرى.. منظمة اليونسكو على سبيل المثال دعت لتطوير حلول تنظيمية لتحسين موثوقية المعلومات المتاحة على المنصات الرقمية. وفى فبراير 2023، استضافت مؤتمرا بعنوان «الإنترنت لبناء الثقة» تناول مشروع وضع مجموعة من المبادئ التوجيهية العالمية لتنظيم عمل المنصات الرقمية، بغية النهوض بموثوقية المعلومات وحماية حرية التعبير، كما تحث هذه المبادئ التوجيهية المنصات الرقمية على الاعتراف بمسئولياتها تجاه الأطفال..

 حقوق الطفل

 كما أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل تعمل على مراقبة تنفيذ اتفاقية «حقوق الطفل» وتحديد الطرق التي يجب أن يُعامل بها الشباب والأطفال فى العالم الرقمي وكيفية حماية حقوقهم.. وأوصت اللجنة بأن تتخذ الدول تدابير قوية، لا سيما خلال وضع قوانين، لحماية الأطفال من المحتوى الضار والمضلل. كما ينبغي حماية هؤلاء من جميع أشكال العنف التي تمارس فى البيئة الرقمية، لا سيما الاتجار بالأطفال والعنف والهجمات عبر الإنترنت وحرب المعلومات.

أما الاتحاد الأوروبي، فهو التكتل الأكثر صرامة لحماية المجتمعات الأوروبية من مخاطر المنصات الإلكترونية، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية أنه اعتبارا من 17 فبراير 2024، أصبحت المنصات الإلكترونية وحتى المنصات الصغيرة التي يمكن الوصول إليها فى أوروبا ملتزمة بقواعد أكثر صرامة، فيما يتعلق بحقوق الطفل ، وحماية المستهلك وشفافية الإعلانات..

ووفقا للمفوضية، يجب منح المستخدمين الفرصة للإبلاغ عن المحتوى غير القانوني، وكذلك السلع والخدمات غير القانونية، وتلتزم المنصات الإلكترونية الضخمة بهذه القواعد، التي تعد جزءا من قانون الخدمات الرقمية، وهي «علي إكسبريس، وأمازون ستور، و آب ستور، و بينج، وبوكينغ، وفيسبوك، وخرائط جوجل، وجوجل بلاي، وبحث جوجل، وجوجل شوبينج، وإنستجرام، ولينكد إن، وبينتيريست، وسناب شات، وتيك توك، وتويتر، وويكيبيديا، ويوتيوب، وزالاندو».

وفى ألمانيا، تتولى الوكالة الاتحادية للشبكات المسئولية عن مراقبة مقدمي الخدمة الأصغر، الذين يتعين عليهم الالتزام بالقواعد الأكثر صرامة.

ويتعين على المنصات أن تقدم لمستخدميها معلومات عن الإعلانات التي تعرض لهم، مثل سبب عرض الإعلانات لهم ومن الذي دفع مقابلها. وبالإضافة إلى ذلك، تم توفير حماية خاصة للقصر، ومنع استهدافهم بإعلانات بناء على بياناتهم الشخصية.

 مهلة 90 يوما

 من هذا المنطلق برزت أهمية الخطوة التي أعلن عنها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بإخطار جميع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة بضرورة الالتزام بالقواعد والمعايير الواجب توافرها فى المحتوى المعروض للمشتركين داخل مصر وكذا شروط الحصول على تراخيص مزاولة النشاط.. وأمهل المجلس المنصات مدة 3 شهور لتوفيق الأوضاع، حيث تأتي هذه القرارات تنفيذاً  لقانون المجلس باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المجتمع خصوصاً الشباب والنشء من المحتويات الضارة، وتحسين شفافية مراقبة المحتوى، وتهيئة المجال لجذب مزيد من الاستثمارات فى السوق المصرية، وتطبيق أعلى المعايير الدولية فى هذا المجال، حيث تمثل هذه التحركات حائط صد ضد معركة الهوية وهدم الأجيال القادمة من الافكار الموجهة.

وشدد المجلس على أهمية الالتزام بالمهلة المحددة، لتوفيق أوضاعها خلال 90 يوماً، واستعداده تقديم التسهيلات الممكنة فى ضوء قوانين المجلس والأكواد الإعلامية، وحماية المواطنين من أي محتوى إعلامي يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية وتقليل المحتوى غير القانوني، وتأكيد حقوق النشء والأطفال فى الإعلام الآمن.

وقال المجلس إن الرصد الدقيق لما تبثه بعض المنصات الأجنبية يركز على نشر محتوى يتعلق بالمثلية والتطرف والعنف والإلحاد، وتبادر دول العالم فى اتخاذ إجراءات لحماية مجتمعاتها من آثارها الضارة، وقام المجلس بالفعل بمخاطبة كل المعنيين بالأمر بضوابط التشغيل القانونية والأخلاقية وشدد على ضرورة الالتزام بها.

وأكد المجلس أن تقنين الأوضاع والعمل بشكل شرعي يساعد فى التصدي للمخالفات والاختراقات، وتهيئة بيئة صالحة للاستثمارات فى السوق المصرية، والاستفادة من البنية الأساسية فى مجالات التحول التكنولوجي والرقمي، لتأخذ مصر نصيبها العادل فى سوق التجارة الإلكترونية.

وأعاد المجلس التأكيد على أن هذه القرارات تأتي وفقاً لأعلى المعايير الدولية، والقوانين التي أصدرها الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية فى نهاية العام الماضي ودخلت حيز التنفيذ لتنظيم الخدمات الرقمية، واتخاذ إجراءات مشددة لحماية المستهلك وشفافية الإعلانات.

 مبادرة توفيق الأوضاع

 كما بادرت بعض المنصات بالتقدم للمجلس لتوفيق أوضاعها فى سبيل الحصول على الترخيص، فيما عزفت منصات أخرى عن استكمال الإجراءات، الأمر الذى دعا المجلس بموجب صلاحياته القانونية إلى التنسيق مع وزارة الاتصالات ممثلة فى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات (NTRA) لبحث السبل الفنية لحجب جميع المنصات التى تعمل بدون ترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخه بناءً على قرار المجلس.

وأخطر المجلس البنك المركزى المصري لإيقاف جميع التحويلات البنكية لحسابات هذه المنصات كاشتراكات، بحسبان أن هذه المنصات تعمل فى إطار غير قانونى بالمخالفة للقانون 180 لسنة 2018 الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام.

وجاء ذلك على خلفية ما رصده المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من محتوى لا يتناسب والقيم الدينية للمجتمعين المصرى والعربى يُبث عبر منصة برايم فيديو التابعة لشركة أمازون مصر وفى ظل الصلاحيات التى كفلها الدستور والقانون للمجلس.

واستدعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الممثل القانونى للشركة فى مصر وأبلغه بذلك، وقام الممثل القانونى بالتعهد بإزالته بعد العرض على الإدارة العليا فى الشركة والتى قامت بدورها وعلى الفور وفى أقل من أربع وعشرين ساعة من الإبلاغ بحذف المحتوى محل المخالفة.

 توجيهات رئاسية

 من جانبه أكد كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فى تصريحات له أن هناك توجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية بتوفيق أوضاع المنصات، مشيرا إلى أن توفيق أوضاع المنصات يعمل على حماية المشاهدين وخاصة الأطفال.

وأشار رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى أن التوجيهات الرئاسية تضم عدة جوانب، منها: مراقبة المحتوى الذي يتم بثه على المنصات، وتصفية المحتوى من الأشياء التي لا تتفق مع القيم الدينية والأخلاقية والقانونية فى المجتمع المصري، وحماية الشباب والنشء.

واستكمل كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام : «إنه بعد دراسة بعض المحتوى التي تبثه المنصات، تبين أن هناك أربعة أشياء تغلب عليها، ومنها: محتوى يشجع على المثلية، والتطرف والعنف والإلحاد».

وأوضح أن القرار يشمل أيضا تنظيم المنصات الإلكترونية وتنظيم سوق التجارة الإلكترونية لأن هناك أسواق المستقبل.

ولفت إلى أن هذه النوعية من الأسواق تأتي فى ضوء أهميتها خاصة أن حجم التداول فيها عالميا يبلغ 6 تريليونات دولار، وفى مصر  حوالي 100 مليار جنيه ، ومن المستهدف بحلول عام 2027 أن تصل إلى

13 مليار دولار  وبالتالي هي أسواق المستقبل لأن نسبة النمو  فيها 39% ولا بد من تهيئة الأجواء حتى تدخل مصر المنافسة وتجذب الاستثمارات فيها.

 وشدد على أنه وفقاً لذلك هو قرار تنظيمي من الدرجة الأولى لجذب أكبر نسبة استثمارات فى مجال التجارة الإلكترونية، فهذه الشريحة لا يدفعون ضرائب وبعضهم من غير المسجلين فى مصر وهناك حالات تهرب.

وكشف أن هناك لقاءات فى المجلس عقدت بهذا الشأن معهم ويتعهدون بأشياء ولا يقومون بتنفيذها وبالتالي الهدف هو تقنينها وإدخالها تحت مظلة القوانين المصرية وبالتالي لابد من ضوابط محددة.

فى النهاية يمكن القول بأن بعض المنصات أصبحت ملاذا وفرصة سانحة للآراء المتطرفة، والمحتوى الذي يدعم الأفكار الغريبة عن مجتمعاتنا ،  وتوظيفه لصالح أغراض مسمومة، تجاه المجتمعات، فضلا عن الكتائب الإرهابية الإلكترونية التي تستطيع التعامل مع كافة المنصات والتطبيقات للوصول والترويج للأفكار التكفيرية، وكلنا رأينا حجم هذا المحتوى الإلكترونى التي تم نشره أو بثه على هذه المنصات باستغلال سلاح الشائعات لضرب الثوابت الوطنية والطعن فى الهوية وانتهاك الخصوصية، لذلك كان من الضروري تفعيل عمل مؤسسات الدولة فى تقنين أوضاع المنصات الإلكترونية بما يتوافق مع قيم المجتمع وبما يدعم الهوية الوطنية.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.