صالون الرأي
“بوسة من روقه”
By amrيوليو 21, 2024, 14:35 م
557
سعيد صلاح
– بوسه من بوقه
– بس دا جربان
– بوس الباشا من بوقه
– عاش رشدى الخيال نصير الفقراء والجربانين.. عاش الجربانين….
حوار عبقرى فى فيلم طيور الظلام للكاتب الفذ وحيد حامد – رحمة الله عليه – يشير فيه إلى أهمية ما يمكن أن تقوم به “لقطة” ما فى حسم معركة أو ترك انطباع ما لدى الغير أو توصيل رسالة ضمنية لمن يتابع أو يشاهد أو حتى يراقب.
فى هذا المشهد إن كان يشير إلى تلك الأهمية التى تلعبها اللقطة فهو أيضا يشير إلى أهمية أخرى، وهى إيمان ويقين
من يقوم بهذه اللقطة فى مدى تأثيرها على المتلقى.
و”اللقطة” – التى نحن بصدد الحديث عنها – كانت للأسف مؤخرًا هى الشغل الشاغل لعدد ليس قليل من مسئولى الحكومة
الذين تم تكليفهم مؤخرًا، فمنذ الأوقات الأولى لتولى عدد من الوزراء والمحافظين المسئولية راحوا يطبقون المثل الشعبى القائل “الغربال الجديد ليه شدة” منهم من ذهب إلى مكتبه بعد منتصف الليل، ومنهم من نزل الشارع فى جولات ميدانية والتقى بالأهالى.
وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعى عددًا كبيرًا من هذه المشاهد التى تسبب بعضها فى لغط كبير بين المواطنين ولعل أشهر هذه المواقف ما فعله محافظ الدقهلية والذى ظل يتتبع أكياس العيش المدعم حتى توصل إليها فى بيت رجل بسيط وأخرجها بنفسه فى أداء درامى تسجله كاميرات المرافقين وكأنه ضبط ضبطية كبيرة دون أن يكلف نفسه دقائق قليلة يسأل فيها عن الحقيقة وراء تواجد أرغفة العيش بهذه الكمية عند هذا الرجل ودون أن يلتفت وهو رجل شرطة إلى إجراء دخوله بيت المواطن بهذه الطريقة، وهل فى هذا مخالفة قانونية أو حتى إنسانية، والمفاجأة أن تنكشف حقيقة الخبز ويتبين أن سيدة بسيطة تقوم بتجميعه ثم توصيله إلى أصحابه فى بيوتهم مقابل أجر متفق عليه، وأن هذه الطريقة هى مصدر رزقها الذى تنفق منه على أبنائها، وينتهى المشهد وتبقى “اللقطة” التى أراد بها المحافظ أن يظهر للجميع أنه واخد المسألة جد أهو من أول يوم.
ومن هذه اللقطة إلى أخرى والتى شغلتنا جميعا فى نهاية الأسبوع الماضى وهى لقطة محافظ سوهاج وطبيبة المستشفى، محافظ سوهاج وهو أستاذ قانون لم ينتبه أيضا إلى مدى مخالفة تصرفه من عدمه، وأخذ فقط “اللقطة” التى سجلها بالطبع مرافقيه الذين لم يهتموا بتسجيل الحالة المزرية التى كانت عليها المستشفى من قصور فى الإمكانات وغيرها والمعاناة التى يعانيها المرضى، ومنهم الطفل الذى كان بطل القصة والحوار الذى دار بين الطبيبة والمحافظ.
هذا المشهد انتهى هو الآخر باعتذار دون أن يلتفت أحد إلى أهمية أن يكون الاعتذار أيضا لذلك الطفل ووالده الذين قالوا إنهم ذاقوا الأمرين ليتمكنوا من أخذ جزء بسيط من حقهم فى العلاج.
شىء محمود أن تكون لدينا ثقافة الاعتذار وأن تتواجد وتتأصل فى ثقافة وفكر المسئولين، فلقد اعتذر رئيس الوزراء ووزير الصحة والمحافظ للطبيبة.. وبقى الطفل ووالده وبقيت حالة المستشفى التى تعانى من ضعف الإمكانات وخلافه.
ليس عيبا ولا مرفوضا أن يأخذ المسئول مسئولية بمحمل من الجد الزائد ويعمل من أول يوم تكليف حتى آخر يوم بجدية وإخلاص، ولكن العيب أن تكون “اللقطة” هى همنا الأول، لسنا فى حاجة إلى وزراء “لقطة” أو محافظين “لقطة”.. نحن فى حاجة إلى وزراء ومحافظين يعملون بجد واجتهاد من أول يوم تكليف حتى آخر يوم..
وكنت قد أشرت فى المقال السابق إلى أن “الأداء الضعيف” فساد، وهى مقولة للرئيس عبد الفتاح السيسي عندما تحدث عن الفساد وبدأ معركة مواجهته منذ توليه المسئولية، نعم الأداء المتواضع “فساد”، علينا جميعا أن نجتهد ونبذل قصارى جهدنا من أجل هذا الوطن، فهو والله يستحق وليس علينا أن نبحث فقط عن “اللقطة”.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن