حسين خيرى

عبارة يعلمها القاصى، وقد يكون الدانى، تعلو سقف مكتبة الكونجرس، ومنقوشة بماء الذهب تقول: “الينبوع الأول للحضارات جميعا إنما هو مصر الفرعونية، وأما الينبوع الأول للحضارة فى العلوم الطبيعية إنما هو العصر العربى الإسلامى”.

 ولا يمكن صرف النظر عن حقيقة تقر بأن المسلمين فى مطلع حضارتهم نقبوا فى الثقافة اليونانية، وترجموا كتبها.

 وحسب كلام البارون كارديفو المستشرق الفرنسى، أن المكتشفات العلمية ندين بها للرواد العرب، وكانوا بمثابة مشعل مضىء فى القرون الوسطى المظلمة.

 وتغيب عنا مفاجآت من النوع الثقيل، تفصح عنها الحضارة الإسلامية، وتخبرنا بأنه يرجع الفضل إلى الحضارة الإسلامية فى اختراع أول طوربيد بحرى، وصنعه بيده العالم الإسلامى حسن الرماح بعد عدة تجارب، ونقل صناعة الأسلحة نقلة نوعية، واشتهر عن نجم الدين حسن الرماح ابتكاره غير النمطى فى تطوير وصناعة الأسلحة الحربية، ومن المفارقات انفجار منزله على إثر إحدى تجاربه لدمج البارود الصينى مع النفط بهدف تصنيع بارود شديد التفجير.

 وسبب شهرته باسم حسن الرماح لبراعته فى صناعة الرمح وإطلاقه لمسافة بعيدة، واسمه الأصيل نجم الدين حسن الأحدب.

 ويصف المؤرخون ابتكاره للطوربيد بالشكل البيضاوى، ويحتوى بداخله على مزيج من البارود والنفط، وثبت على جانبيه زعانف صناعية، ووضع على أعلى الطوربيد أسطونة بها بارود لدفع الطوربيد علي الماء.

 وأشاد مفكرون عسكريون من أوروبا بمؤلفه “الفروسية والمكائد الحربية”، وشرحه بإسهاب صناعة البارود، وقدم 22 مرحلة لصناعة الصواريخ الحربية، وأطلق عليها مصطلح “صواريخ الطيارات”، وتزخر بعض المخطوطات العربية القديمة بصورة شارحة عن الصاروخ الطيار، ويقتنيها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة.

 ولا نستغرب أيضا أنه رائد من رواد الحرب الكيميائية، فقد صنع أول قنبلة منومة وأول قنبلة مسيلة للدموع، ووصف القائد الصليبى لويس السادس عشر مدافع وطوربيد الرماح بأفظع ما رأت عيناه.

 وعرف التاريخ عن أسرة حسن الرماح دورهم المحورى فى ترجيح كفة المسلمين فى الحروب، وذلك فى عهد المماليك وخاصة فى عهد الظاهر بيبرس، وكانوا مهرة فى تصنيع السلاح.

 وظهر نموذج لطوربيد الرماح حديثا فى معرض الطيران القومي بمتحف الفضاء بواشنطن، وبالرغم من ذلك أهمل ذكره وتخليده الأمراء والملوك لانشغالهم بالحروب، وتجاهله من بعدهم أيضا كثير من مؤرخى العرب، ولولا تواجد نسخة من صناعته للسلاح فى المكتبات الأوروبية لكان فى طى النسيان.