رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

فى أبو رواش وشبرامنت.. «تدوير المخلفات» ثروة مصرية من نوع خاص

1119

اصطحبت صديقتي، التى عادت للتو من الخارج بعد غياب أكثر من 6 سنوات فى الولايات المتحدة، فى جولة بين أرجاء القاهرة، كانت خلالها فى حالة اندهاش مستمرة من التغيرات التى طرأت على المدينة الكبيرة، والتى جعلت منها مدينة أخرى على حد وصفها.

راندة فتحي

«دعاء»، وهو اسم صديقتى قالت لى إنها تتابع كل ما تشهده مصر من مشروعات، من خلال الفضائيات المصرية وكانت تشعر بفخر كبير، إلا أنها لم تكن تتخيل أن يكون التغير كبيرا بهذا الحجم، لكنها صمتت فجأة وهى تقول بأسف: «لكن انتشار مقالب القمامة أزمة كبيرة تسيء للصورة الجميلة التى تسعى الدولة لرسمها، على الرغم من أن هناك الكثير من الإجراءات التى يمكن اتخاذها للتغلب على تلك المشكلة بل الاستفادة منها أيضًا»، قلت لها: «بالفعل هناك خطة أطلقتها الدولة لتوطين صناعة تدوير المخلفات وتحويلها إلى طاقة مؤخرا لكنى لم أهتم بمعرفة تفاصيلها، والحقيقة أنك أثرتِ فضولى لمعرفة تفاصيلها».

مشروعان أساسيان

بعد أن نال منا التعب، عدت بـ «دعاء» إلى منزلها، على وعد أن نتحدث تليفونيا فى اليوم التالي، للاتفاق على خطة الجولة التالية.

عدت إلى منزلى وقد شغلنى الموضوع الذى تحدثت فيه مع صديقتي، وقررت البحث فى الأمر اليوم التالي، وبالفعل قرأت عن أن الدولة اتخذت عددًا من الإجراءات فى ملف تحويل المخلفات إلى طاقة، وسعيها لتوطين صناعة إعادة التدوير من خلال مشروعين الأول فى  أبو رواش بالجيزة، والثانى فى شبرامنت، لخلق بيئة صحية ونظيفة وتحقيق عائد اقتصادي.

إنتاج الكهرباء

المشروع الأول إقامة محطة لمعالجة المخلفات البلدية الصلبة، وتحويلها إلى طاقة كهربائية بمنطقة أبو رواش، سيقام على مساحة تتراوح بين 10-12 فدانا، بتكلفة استثمارية 120 مليون دولار، وتكلفة تشغيلية 5.5 مليون دولار، ويستهدف تحويل المخلفات لإنتاج طاقة كهربائية بطاقة تصل إلى 1200 طن يوميا بمقدار 30 ميجاوات فى الساعة، بحسب وزيرة البيئة د. ياسمين فؤاد.

وسيوفر المشروع، أيضًا فرص عمل، ويسهم فى تحسين الأوضاع البيئية والصحية والمعيشية للمواطنين، والحد من معدلات التلوث.

نواة لمصانع أخرى

المشروع الثانى خاص بتنفيذ مصنع تدوير للمخلفات الصلبة فى شبرامنت، بطاقة تدوير 640 طنا يوميا، وتكلفة 495 مليون جنيه، بالتعاون بين وزارة البيئة والتخطيط والتنمية المحلية والإنتاج الحربي، والمعلومات مازالت لوزيرة البيئة، قبل أن تشير إلى أن هذا المصنع سيكون نواة لمصانع أخرى مستقبلاً ضمن منظومة معالجة المخلفات البلدية الصلبة بالمحافظات.

وستقوم وزارة البيئة بإعداد المواصفات الخاصة بتشغيلها، تمهيدًا للطرح للقطاع الخاص، وسيقوم المصنع الأساسى بإنتاج السماد العضوى «كمبوست» والوقود البديل «آر دى أف» المستخدم فى مصانع الأسمنت، ما يوفر الكثير من العملة الأجنبية المستخدمة فى استيراد الأسمدة، ووقود المازوت.

دور القطاع الخاص

كلا المشروعين يعدا جزءا من توجه الدولة نحو صناعة الاقتصاد الأخضر، وأيضا إشراك شركات القطاع الخاص، فى منظومة إدارة المخلفات وإتاحة المجال للشركات الوطنية العاملة فى هذا المجال، إذ من المستهدف الوصول إلى 50% من المشروعات الاستثمارية العامة إلى مشروعات خضراء خلال العام المالى الجارى 2024/2025

وترتكز منظومة إدارة المخلفات الصلبة، والمعلومات لـ ياسر عبدالله، رئيس جهاز تنظيم المخلفات بوزارة البيئة، على تطوير وتجهيز البنية التحتية اللازمة على مستوى جميع المحافظات من خلال 3 مراحل، تم الانتهاء وتتضمن البنية الأساسية وما يتضمنه من إنشاء مدافن صحية، ومحطات وسيطة ، وإغلاق المقالب العشوائية، وإقامة مصانع إعادة تدوير المخلفات

ثروة مصر

وتمثل المخلفات فى مصر ثروة كبيرة إذا أُحسن استغلالها، كما يرى د. ماهر عزيز، استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ، إذ تحتوى على مواد عديدة كالورق والزجاج والعظام و الصفيح والمعادن والبلاستيك، والمواد العضوية، موضحا أن إعادة تدوير المخلفات، تتم بالفعل فى مصر بطريقة بدائية لكنها فعالة فى مجتمع «جامعى القمامة» من خلال الفرز اليدوي، وأيضا بطريقة نصف مميكنة فى الشركات المرخصة العاملة فى هذا المجال، ببعض أحياء القاهرة، قبل معالجتها وبيعها فى السوق الصناعية الثانوية.

ويتجه التفكير منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، لتوليد الكهرباء من المخلفات  الصلبة، وفقا لـ «عزيز»، الذى أكد أهمية هذا التوجه فى نظافة الشوارع والمجتمعات بالتخلص الكامل من القمامة وأيضا الإفادة بتوليد الكهرباء فى الوقت ذاته.

التعامل مع المرفوضات

وأوضح، أن هناك جزءا من المخلفات يسمى «المرفوضات»، وهى ليست مصدرا لتوليد الكهرباء، ومن ثم فإن التخلص من القمامة نهائيا بالحرق لتوليد الكهرباء، يؤدى لخسارة المواد الصناعية الثانوية التى يتم فرزها وبيعها، ولذلك يحتاج الأمر بحث الأولويات على نحو جيد، فإذا استقر الأمر على استخدام بعض المفاعلات لحرق القمامة كلها دون فرز فالتقنيات المتوافرة عالميا للحرق وتوليد الكهرباء تقدمت جدا فى العالم ويمكن استيرادها وتركيبها والعمل عليها، وفى هذه الحالة لابد من ضمان وصول القمامة إلى باب محطة الكهرباء – لأنها الوقود الأساسى – وذلك من خلال خطة محكمة تؤمن تجميع الكمية اللازمة من المخلفات لتوليد الكهرباء.

واستطرد، استشارى الطاقة والبيئة، قائلا: «لكن التحفظ القائم هنا هو أن كمية الكهرباء المولدة من القمامة هى دائما كمية محدودة لأن الهدف النهائى فى هذه الحالة ليس توليد الكهرباء بل «نظافة البيئة، والكهرباء هنا منتج ثانوي.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.