رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تتأثر بالحرارة والرطوبة كالبشر.. احذري..المطبخ والحمام ليسا مكانا لتخزين الأدوية

340

كنت في زيارة لجارتي التي أرتبط معها بصداقة ممتدة لسنوات طويلة، واعتدنا سويا في عطلة كل أسبوع أن نقضي معا بعض الوقت نتجاذب فيه أطراف الحديث، ونزيل ما ألم بنا طوال الأسبوع من تعب، ويتجمع الأبناء للعب.

وبينما جلسنا نشاهد بعض مقاطع الفيديو الكوميدية المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء ابنها مهند، وهو يبكي من ألم في حلقه ويخبرها أنه لا يريد اللعب ويريد النوم، احتضنته «رانيا» ووضعت يدي على جبهته فلاحظت ارتفاعا في درجة حرارته، وطلبت من أمه عمل بعض الكمادات حتى يهدأ، ريثما اتصل بالمركز الطبي القريب أحجز موعدا مع الطبيب .

مى هارون

كيس الأدوية

وبالفعل بعد أقل من ساعة، كنا أمام الطبيب وبعد فحص مهند، تبين إصابته بالتهاب فى الحلق، أرجعه لتناول المياه الباردة فى الجو الحار والنوم أمام المروحة وفى التكييف، وبعد بعض التحذيرات المعتادة، كتب لنا الأدوية قبل أن نشكره ونغادره، بعد خروجنا حاولت التوجه للصيدلية لشراء العلاج قبل أن نعود للمنزل، لكن «رانيا» رفضت بشدة، وأخبرتنى أن لديها الأدوية، فقد أصيب شقيقه الذى يكبره بعامين بهذا «الدور» قبل أقل من أسبوعين.

وفى المنزل، فوجئت بجارتي، تخرج كيسا بلاستيكيا كبيرا يمتلئ عن آخره بالأدوية، قبل أن تخرج وصفة الطبيب من حقيبتها وتقرأ أنواع العلاج التى كتبها لـ»مهند»، وتخرجها من كوم الأدوية الذى أفرغته أمامنا على الأرض، الحقيقة هالنى حجم الأدوية التى احتفظت بها رانيا، وسألتها هل تنوين استخدام تلك الأدوية مع الولد؟، فأومأت برأسها بالإيجاب، وهنا انفجرت فيها وأنا أقول: «مستحيل، نحن لا نعرف مدى فاعليتها فى هذا الحر، وقد قرأت عدة تحذيرات متعلقة بهذا الشأن»، ولم أنتظر ردها وأسرعت إلى هاتفى أحدث الدكتور صيدلى أحمد الصاوي، لأسأله عن تصرف رانيا.

جفاف السوائل

وبينما فتحت «ميكروفون» الهاتف، قال: يجب على مستخدمى الأدوية الانتباه للتعليمات المرفقة واستشارة الطبيب أو الصيدلى لضمان أعلى درجات الأمان والفعالية للدواء خاصة الحر الشديد، مشيرًا إلى دراسة بريطانية تؤكد أن حرارة الجو مثلما تؤثر على البشر، فإنها تؤثر أيضا على الأدوية وتقلل فاعليتها مما قد تتسبب فى خطورة بالغة على صحة المرضى.

والأدوية التى تكون فى صورة رذاذ مثل الأدوية التى يتم استنشاقها لعلاج ضيق التنفس تتأثر من الحرارة وقد تصاب بالتلف، كما أوضح «الصاوي»، إذ تؤدى الحرارة إلى جفاف السائل الدوائي، وهو ما ينطبق أيضا على الأدوية التى يتناولها المريض عن طريق الحقن، وأدوية علاج الغدة الدرقية أو منع الحمل، من الممكن أن لا يحدث تغيير ملحوظ بها بعد التعرض لسخونة الطقس، ولكن فى حقيقة الأمر، فإن الجزيئات الكيماوية داخل هذه الأدوية تفسد بسبب الحرارة، أما النسخ السائلة منها، فإنها قد تذوب بسبب الحر أو تتحول إلى مادة جيلاتينية.

المطبخ والحمام

وشدد على أن المضادات الحيوية التى يتم حلها بالماء، لابد من وضعها بالثلاجة للحفاظ على فعالية المادة العلاجية بها، لافتا الانتباه إلى أن الأدوية التى تم فتحها للاستخدام، قد تتطلب ظروف تخزين مختلفة، مثل درجة الحرارة التى تتراوح بين 2 إلى 8 درجات مئوية أى درجة حرارة الثلاجة، بالإضافة إلى الأنسولين وبعض أدوية الضغط واللقاحات والأدوية البيولوجية وبعض أنواع قطرات العين والأدوية النفسية.

ولتخزين الأدوية بشكل سليم من الضرورى إبعاد الدواء عن أشعة الشمس المباشرة، والاحتفاظ بها فى درجة حرارة الغرفة أو فى خزانة مخصصة أو فى مكان بارد وجاف، والحديث مازال لـ»الصاوي»، كما يجب إبعاد الأدوية عن حرارة المطبخ، والرطوبة العالية فى الحمام، لسرعة تلف الأدوية، محذرًا من ترك الأدوية فى السيارة نظرا لأنها تكون عادة فى أماكن مفتوحة تحت أشعة الشمس المباشرة.

وأشار أحمد الصاوي، إلى نصائح خبراء من موقع «كولر ميد» بتخصيص خزانة خاصة للأدوية، تكون موضوعة فى بيئة مظلمة وتُحفظ فيها الأدوية بدرجة حرارة الغرفة المثالية، والتى لا تزيد على 25 درجة مئوية، فهذه الاستراتيجية تضمن ليس فقط الحفاظ على سلامة الأدوية، ولكن أيضًا تمدد من فترة صلاحيتها وتضمن أفضل أداء ممكن لها عند الحاجة.

علامات الفساد

حرارة الصيف قد تؤدى إلى تحلل المواد الفعالة وعلى كل المكونات الموجودة فى الأدوية، مما ينتج عنه فقدان لخصائصها العلاجية، كما أكد أيضا الدكتور على عبدالله رئيس الجمعية المصرية للدراسات الدوائية، عندما حدثته لإقناع رانيا أن الأمر لا يتحمل المجازفة، وهذا يعنى أن الدواء قد لا يعمل بالطريقة المتوقعة أو بالكفاءة المطلوبة لعلاج الحالة الصحية، كما تزداد الرطوبة مع ارتفاع درجات الحرارة، والتى تُسرع من عملية فساد الأدوية، مما يستدعى الحرص الشديد فى تخزين الأدوية فى الصيف فى بيئات جافة ومبردة.

وإذا كانت الأقراص أو الكبسولات تلتصق ببعضها البعض، أو إذا أصبحت أكثر صلابة أو ليونة من المعتاد، فقد يكون هذا مؤشرًا على فسادها، والحديث مازال لرئيس الجمعية المصرية للدراسات الدوائية،  كما تدل الرائحة غير المعتادة عند فتح عبوة الدواء، أو تغير اللون، وفى الأدوية السائلة وجود رواسب فى قاع العبوة، قد تشير أيضًا إلى فساد الأدوية وعدم صلاحية استخدامها، متابعًا وبالنسبة للفوار يكون الكيس منتفخا أو لا يفور عند استخدامه، والكريمات والمراهم تكون فاصلة ووجود سائل شفاف.

توصية كل دواء

وأضاف من المهم جدًا مراجعة نشرة العبوة المرفقة مع الأدوية للتحقق من التعليمات المحددة لظروف التخزين، حيث تختلف هذه الظروف من دواء لآخر، كل دواء يأتى مع توصيات خاصة به تشير إلى الحرارة المثالية والظروف الملائمة التى يجب أن يُخزن فيها لضمان الحفاظ على فعاليته وأمان استخدامه، فمثلًا التعليمات التى توصى بدرجة حرارة من 2 إلى 8 درجات تعنى ضرورة حفظه بالثلاجة، أما الأدوية التى توصى بحفظه فى درجة حرارة الغرفة 25 إلى 30 درجة تستلزم خلال درجات الحرارة المرتفعة حفظها بالثلاجة، وتحتاج إلى اهتمام خاص لضمان عدم تعرضها للحرارة أو أشعة الشمس المباشرة.