رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

هل يكمن السر فى بورتريكو؟! “مثلث الشيطان.. الخرافة بكل حقيقة “

53

طائرات تختفى من شاشات الرادار.. سفن تغرق دون أثر.. شائعات.. خرافات تثير الخوف والفزع وتثرى الخيال.. لكن انتظر!.. نحن لا نتحدث عن فيلم سينمائي، نحن نتحدث عن “مثلث الشيطان” الشهير بـ”مثلث برمودا”، واحد من أخطر الأماكن على وجه الأرض.

تشير معظم التقديرات إلى اختفاء نحو 50 سفينة و20 طائرة على مدى الـ100 عام الماضية فُقِد كثيرون على متنها، فى هذا المكان الواقع على المحيط الأطلسي، أنت مدعو معنا لقراءة مزيد من التفاصيل.

محمد الدرس

مكان مثلث برمودا

سبب تسمية هذا المثلث بـ “برمودا”، كما هو متداول.. – وعليك أن تلحظ أن مصطلح “متداول” سيستمر معنا طوال قراءتك للموضوع فلا شيء فيه مؤكد بشكل قاطع- يرجع إلى مجموعة جزر برمودا وعددها حوالى 300 جزيرة منهم 30 جزيرة فقط بهم حياة وتتراوح تقديرات المساحة الإجمالية لمثلث برمودا بين 1.3 و3.9 مليون كيلومتر مربع، فالمنطقة التى لم يتم الاتفاق على حدودها عالميًا، لها شكل مثلث يمتد تقريبًا من ساحل فلوريدا الأطلسي، إلى برمودا إلى الجزر المعروفة باسم جزر الأنتيل الكبرى (تضم كوبا وجامايكا وهسبانيولا وبورتوريكو).

ويُعتقد أن لعنة المثلث الذى تختفى فيه الطائرات والسفن، مثل فرد الجوارب فى غسالة الملابس، تكمن فى “بورتريكو”، التى تصنف كأعمق نقطة فى المحيط الأطلسي.

مثلث مكتشف برمودا

وإذا عدنا بالزمن إلى الخلف وقت أن اكتشف كرستوفر كولومبوس الأمريكتين عام 1492، فقد كان أول من وصل لتلك المنطقة “مثلث برمودا”، ولاحظ أن البوصلة التى فى يده أصابها أمر غير طبيعي، وأصبحت فى حالة عدم ثبات فى اتجاه معين تتأرجح يمينا ويسارا بصورة مستمرة، لكنه لم يعر الأمر اهتماما، ولكن رسميا تم اكتشاف المثلث قبل 180 سنة تقريبا وتحديدا سنة 1840.

حالات الاختفاء

وتعود قصص اختفاء السفن والطائرات الغامض فى مثلث برمودا إلى القرن الـ19، ففى عام 1880 اختفت سفينة تدريبية أبحرت من جزر برمودا، واختفى كذلك طاقمها على متنها.

وفى عام 1918، اختفت سفينة شحن محملة بآلاف الأطنان من المنجنيز تابعة للبحرية الأمريكية تدعى “يو إس إس سيكلوبس”، وفُقد على متنها 308 أشخاص كانوا على متنها، بعد مغادرتها جزيرة بربادوس، دون أن تترك أثرا واحدا، وعدت تلك الواقعة بين أشهر حالات الاختفاء فى مثلث الشيطان، الغريب فى الأمر أن هذه السفينة لم ترسل أى نداء استغاثة، وآخر مرة تحدث فيها قائد السفينة قال: إن الأمور تسير بشكل رائع للغاية والطقس جميل.

 أربكت الواقعة آنذاك القيادة الأمريكية، وتحدثت روايات عن أن هناك مخلوقات فضائية اختطفت السفينة بكل من عليها ونقلوهم لمكان غير معلوم.

فى عام 1945، اختفى سرب من 5 قاذفات طوربيد أمريكية “فلايت 1” أثناء تحليقها فوق منطقة مثلث برمودا، وفُقد 14 طيارا ومساعدا كانوا على متنها، وما زاد الأمر غموضا أن طائرة الإنقاذ “بى بى إم مارينز” التى أرسلت للبحث عن القاذفات الخمسة وكان على متنها 13 شخصا اختفت أيضا فوق المثلث.

وذكر المحققون التابعون للبحرية الأمريكية أن سبب الحادثة “مجهول”.

اختفاء روزالى الفرنسية

 من أشهر حوادث الاختفاء فى مثلث الشيطان أيضا، السفينة روزالى الفرنسية، وبعدها سفينة مارى سيليست عام 1872 وعلى متنها نخبة من أمهر بحارى العالم، قبل أن يعثر عليها فيما بعد وتحديدا عام 1881 دون طاقمها، كما تحطمت ناقلة نفط عملاقة متجهة إلى البرازيل فى نفس عام العثور على السفينة الفرنسية، وكانت تقل 309 ركاب، ولم يتم العثور على حطامها، كما لم يذكر من كان مصدر معلومة تحطمها، إذ تبين بعد ذلك أن الناقلة لم ترسل استغاثات ولم ترد على مكالمات الراديو التى كانت تحاول العثور عليها وإنقاذ طاقمها.

أسباب الاختفاء

الباحثون المهتمون بهذا الأمر بدأوا البحث خلف سر الاختفاء فى مثلث برمودا، ورجح البعض أن غاز الميثان والحفر العملاقة الموجودة بكميات كبيرة فى المنطقة هى سبب اختفاء الطائرات والسفن، معللين الأمر بأن فقاعات غاز الميثان تؤثر بصورة أو بأخرى على هذه المنطقة، والعلماء اثبتوا بالتجارب أن هذه الفقاعات يمكنها أن تغرق سفينة بالكامل لأن الغاز يكون تركيزه مرتفعا للغاية ويختلط مع الماء وهذا يجعل كثافة الماء تقل وفى هذا الوقت تحدث ظاهرة “المياه الرغوية”، التى لا تستطيع حمل وزن السفن،

أما علماء النرويج فقد اكتشفوا أن هناك حفرة عملاقة قطرها نحو 500 متر موجودة فى المثلث، أحدثها انفجار غاز الميثان، هذه الحفرة قادرة على ابتلاع سفن عملاقة، ويمكن أن تكون سبب اختفاء السفن التى تمر فى هذا المثلث، إلا أن هذا التعليل لم يجب عن سر اختفاء الطائرات.

أين الطائرات؟

وللإجابة عن سر اختفاء الطائرات، رجح علماء سببين، الأول أن انفجار غاز الميثان يندفع إلى سطح البحر، ويؤثر على حركة الطائرات، إلى جانب العواصف الاستوائية فى مثلث برمودا، أما السبب الثانى فأرجعوه للغيوم التى تتفاعل مع بعضها البعض، لتنتج ما يشبه القنبلة الضخمة التى تنفجر محدثة أثرا كالدوامة الهوائية، وفى هذا الوقت تقوم الطائرة بالدوران فى كل الاتجاهات وتفقد البوصلة اتجاهها وتسقط فى قعر مثلث برمودا.

وهناك شكوك من فئة ثالثة من العلماء، بأن مثلث برمودا فيه مجال مغناطيسى قوى يؤثر على حركة البوصلة وسلوك الأجهزة، وهذا كفيل أن يضع المنطقة فى دائرة الخطر فى الملاحة البحرية أو الجوية، لكن كل هذه التفسيرات لم تضع تعليلا واحدا لعدم العثور على أثر للبشر والحطام.

ولأن عدم الوصول إلى حقيقة علمية، مؤكدة يفتح الباب للدخول إلى “اللا معقول”، فقد ذهب البعض إلى أن كائنات فضائية، سببت فجوة زمنية ترسل من يمر بها إلى عالمهم، فيما ذهب آخرون إلى اصطدام مذنب كبير ذى مجال مغناطيسى قوى بقاع البحر أثر على مغناطيسية السفن ويجذبها للأسفل، وذهب طرف ثالث إلى أن المسيخ الدجال من يقف خلف حالات الاختفاء، وأنه يجهز أسلحة وتكنولوجيا لم يصل لها البشر ليخرج إليهم.

حبار ضخم يلتهم السفن

من بين الأسباب التى ذهب إليها البعض ضمن تفسيرات “اللا معقول”، احتمالية وجود “حبار” ضخم للغاية، يلتهم السفن التى تمر بالقرب من مثلث برمودا، بحسب “سبوتنيك”، وهو ما ذهب إليه الباحثان “تسونيمى كوبودر” و”كيويتشى موري”، حيث زعما أنهما التقطا صورا للحيوان الضخم وهو يهاجم فرائسه بقوة، بينما نفى الخبير فى الأخطبوطات “جيف مارلاوي”، هذه الفكرة، مبررا ذلك باستحالة معيشة كائنات حية فى هذه المنطقة، وأنه بفرض وجود كائنات تعيش فى هذا المكان بالفعل، فهى بالتأكيد ليست ضخمة بما يكفى لالتهام سفينة كما ذهب البعض.

وادعى علماء بريطانيون أنهم اكتشفوا سر الاختفاء فى مثلث الشيطان، وأرجعوه للتغييرات المناخية التى أدت إلى تلاقى أكثر من عاصفة فى توقيت واحد، ما أدى إلى حدوث ما يسمى بـ”الموجات المتجولة الوحيدة”، التى يصل ارتفاعها إلى نحو 30 مترًا، وتخلف العديد من الحوادث والكوارث فى تلك المنطقة.

فى حين زعم “كينيث ماكول” الطبيب النفسى والمؤلف فى كتابه “مداواة النفوس المعذبة” أن منطقة مثلث برمودا تسكنها “عفاريت” أو أرواح الرقيق الأفارقة، الذين كان البحارة يلقون بهم فى المياه فى طريقهم إلى الولايات المتحدة، وأن أصوات الأرواح يمكن سماعها أثناء الإبحار فى هذه المياه سيئة السمعة.

قاعدة عسكرية أمريكية

ويرجح البعض السبب فى حالات الاختفاء، إلى تجارب سرية لبعض الحكومات فى تلك المنطقة، لا تود الكشف عنها ودللوا على نظريتهم، بالمنطقة 51 قاعدة عسكرية تابعة لسلاح الجو الأمريكي، وتلك القاعدة يتم بها اختبار لأحدث المعدات العسكرية بأمريكا، وتلك المنطقة تدور حولها كثير من الأقاويل فقد كثرت الأحاديث عن مشاهدة الأطباق الطائرة فوق تلك المنطقة، وأيضا بالقرب منها توجد قاعدة بحرية أمريكية فى جزر أندروس فى جزر البهاما، ولعلنا نتذكر هنا رحلة البوينج 990 لمصر للطيران فى 31 أكتوبر 1999، التى قتل فيها 217 شخصا قبالة ساحل ماساتشوستس الأمريكى بعد نحو ساعة من إقلاعها، ولم ينج فى الحادث أى من الركاب.

رأى رسمي

وأخيرا فالحقيقة هى أن الإعلام الأمريكى والغربى كان يضع تحليلاته وفقا لرؤيته، أما الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، فقالت إن حالات الاختفاء التى تحدث فى مثلث برمودا كتلك التى تحدث فى أى مكان فى العالم، بعضها بسبب “الأخطاء البشرية”، حيث إن اقتران قوى الطبيعة مع الأخطاء البشرية يفوق خيال كتّاب قصص الخيال العلمي.

وذكر تقرير بجريدة “سانت بطرسبرج تايمز” فى عام 1929، أن سفينة “سيكلوبس” كانت محملة فوق طاقتها فى وقت تدور فيه رحى الحرب العالمية الأولى.

تقرير محققى فلايت 19

فيما أشار تقرير المحققين فى اختفاء سرب الطائرات الخمسة العسكرية الأميركية “فلايت 19” عام 1945 إلى أن قائد السرب تشارلز تيلور توهم أن الجزر الصغيرة التى رآها بمحاذاة الساحل هى أرخبيل فلوريدا كيز بعد تعطل البوصلة، وظن أنه لو اتجه شرقا سيصل إلى فلوريدا، ما أدى إلى ابتعاد الطائرات الخمسة عن اليابسة حتى نفد الوقود.

وبعد حلول الظلام وتردى أحوال الطقس، سقطت الطائرات الخمس فى المحيط وقد سُمع تيلور يقول “نحن ندخل مياه بيضاء. لا شيء يبدو صحيحا”.

وأشار التقرير إلى أن تيلور قد ضل طريقه مرتين من قبل فى المحيط الهادي، لكن التقرير خلص إلى أن سبب الحادث مجهول، حتى لا يتحمل تيلور وحده مسئولية سقوط الطائرات الخمس.

وعندما تسقط الطائرات فى المحيط الشاسع، نادرا ما يُعثر على حطامها. وخير مثال على ذلك أن الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية التى اختفت فى عام 2014، لم يُنتشل إلا القليل من حطامها، رغم التطورات الكبيرة التى شهدتها تكنولوجيا صناعة الطائرات وطرق البحث والإنقاذ. أما طائرة الإنقاذ التى انطلقت للبحث عن الطائرات المفقودة فقد ذكر شهود عيان أنهم شاهدوا انفجارا وكانت العواصف شديدة أثناء الحادثة.

المحيطات والغلاف الجوي

وذكرت الإدارة الوطنية الأمريكية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي، كذلك أنه لا يوجد أى أدلة تثبت أن حوادث الاختفاء الغامضة التى وقعت فى منطقة مثلث برمودا تفوق نظيرتها التى وقعت فى أى منطقة شاسعة أخرى من المحيط تجتازها الكثير من السفن والطائرات.

وفى الفترة من منتصف الأربعينيات حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى كانت الطائرات التى تحطمت فوق اليابسة فى الولايات المتحدة أكثر منها فوق مثلث برمودا، ولكنها لم تعد حوادث غامضة، بسبب العثور على حطامها.

وتجدر الإشارة إلى أن منطقة مثلث برمودا من الطرق البحرية الأكثر ارتيادا فى العالم، ومن المنطقى أن تكون السفن التى غرقت فيها أكثر من نظيرتها التى غرقت فى الطرق الأقل ارتيادا، كما هو الحال فى المحيط الهادي.

العالمى للحياة البرية

وفى عام 2013، أجرى “الصندوق العالمى للحياة البرية” وهو منظمة غير حكومية معنية بالحفاظ على البيئة والحياة البرية- دراسة عن طرق الشحن البحرية، وخلصت إلى أن مثلث برمودا ليس ضمن أخطر 10 مسطحات مائية لسفن الشحن فى العالم.

وفى العام الماضى 2020، عثر فريق من الغواصين على حطام سفينة زُعم أنها اختفت فى مثلث برمودا عام 1925.

 وذكر الفريق أن السفينة ضربتها عاصفة قوية مصحوبة برياح شديدة بالقرب من المياه الضحلة.

ورغم القصص والخرافات التى نسجت حول المنطقة، التى تسمى “مثلث برمودا”؛ فإن الطائرات لا تزال تحلق فوقها، كما يتضح من موقع “فلايت رادار”، الذى يعرض حركة الطائرات فى المنطقة أولا بأول.

ويدعم مراقبو الحركة الجوية الطيارين فى حالة توقف أنظمة الملاحة. وشهدت الأرصاد الجوية فى السنوات الأخيرة تطورا كبيرا، ما يتيح التنبؤ بحالة الطقس قبل إقلاع الطائرات لتفادى العواصف والأمواج العاتية. ويقول بيل ديلون -عالم الجيولوجيا من إدارة خفر السواحل الأمريكية- إن لغز مثلث برمودا لا يعدو كونه قصة خيالية.