رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

انضمام تركيا إلى «بريكس» يثير مخاوف الغرب

439

مجموعة «بريكس» تمثل تحولاً فى مواقف الجنوب العالمى من قبول الهيمنة الاقتصادية الليبرالية الغربية إلى إنشاء نظام جديد يستهدف نظام مالى واقتصادى عالمى أكثر عدالة فى الاستفادة من المقدرات الاقتصادية للدول، وإتاحة الظروف الأكثر موائمة لمشاركة دول الجنوب فى صناعة القرار الاقتصادى العالمي، هذا ما أكدته تحليلات المراكز البحثية العالمية تعقيبا على إعلان تركيا رسميا تقدمها بطلب الانضمام إلى تكتل «بريكس» قبل استضافة روسيا قمة البريكس 2024 من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري.

أجمعت التحليلات على التحذير من مخاطر انضمام تركيا إلى تكتل «بريكس» على المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، موصية بضرورة الأخذ فى الاعتبار التحرك السريع من جانب الغرب لمجابهة التحرك الجيوسياسى التركى وأنه يجب الأخذ فى الاعتبار تقدم تركيا رسميا بطلب العضوية قبل أيام من انعقاد قمة البريكس فى روسيا وترحيب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالخطوة التركية، مؤكداً أنه «سيدعم بشكل كامل» انضمام أنقرة إلى المجموعة.

صفاء مصطفى

أجمعت التحليلات على التحذير من مخاطر انضمام تركيا إلى تكتل «بريكس» على المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، موصية بضرورة الأخذ فى الاعتبار التحرك السريع من جانب الغرب لمجابهة التحرك الجيوسياسى التركى وأنه يجب الأخذ فى الاعتبار تقدم تركيا رسميا بطلب العضوية قبل أيام من انعقاد قمة البريكس فى روسيا وترحيب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالخطوة التركية، مؤكداً أنه «سيدعم بشكل كامل» انضمام أنقرة إلى المجموعة.

وكشفت التحليلات أن القلق الذى أثاره التحرك التركى لدى المحليين الجيو إستراتيجيين يرجع إلى أن رغبة تركيا فى عضوية مجموعة البريكس ، سواء كان المقصود منها تخويف الغرب أو أن تعمل تركيا على إنشاء فرص اقتصادية أكبر، فإنها تكشف عن تحولات فى التوجهات الاقتصادية والسياسية للعديد من دول العالم لرفض الهيمنة الاقتصادية الغربية.

وأكدت التحليلات أن مخاطر التحركات التركية تكمن فى أنها تشرعن بحث الجنوب العالمى عن نظام جديد وترسخ فكرة أن الغرب يسير نحو انحدار لا رجعة فيه ، ومن هذا المنطلق جاءت التحذيرات من المحللين الغربيين من أن التحرك التركى يجب أن يكون بمثابة إشارة تحذيرية إلى أن تركيا، حليفة الناتو منذ فترة طويلة والتى تربطها علاقات شراكة قوية بدول الاتحاد الأوروبى ، أصبحت منفتحة على تكتلات بديلة تستهدف تقويض الهيمنة الغربية.

تمثل مجموعة البريكس تحولاً فى مواقف الجنوب العالمى من قبول الهيمنة الليبرالية بقيادة الغرب إلى إنشاء نظام جديد لم يتم اكتشافه بعد، والمساعى التركية تأتى مؤكدة لهذا التحول، ورغبة تركيا فى عضوية مجموعة البريكس ، سواء كان المقصود منها الضغط على الغرب لإحراز تقدم ملموس فى قضية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى أو العمل على إنشاء فرص اقتصادية أكبر، يكشف عن التيارات العالمية المتغيرة، حيث إنها تشرعن بحث الجنوب العالمى عن نظام جديد وترسخ فكرة أن الغرب يتهاوى بخطوات سريعة، وأن هذه التحولات يجب أن تكون بمثابة إشارة تحذيرية إلى أن تركيا، حليفة الناتو منذ فترة طويلة منفتحة على الأفكار البديلة وتسعى للمشاركة فى إقامة نظم مالية وتجارية عالمية جديدة، هذا ما كشف عنه «المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية» عن أبعاد التحرك التركى للانضمام إلى تكتل بريكس ومخاطر التقارب التركى من تكتل بريكس على المصالح الغربية، محذرا الدول الأوروبية وخاصة دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة من تبعات انضمام تركيا إلى تكتل بريكس خلال رؤية تحليلية طرحتها «أصلى أيدنتاش باش» سياسية بالمجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية.

بداية أكدت «أصلى أيدنتاش باش» المتخصصة فى شئون العلاقات الدولية أن هذه الخطوة تتسق مع خطاب وأفعال أنقرة على مدى العقد الماضي، وأنه ليس من المستغرب أن تقرر تركيا مؤخرًا التقدم رسميًا بطلب عضوية مجموعة البريكس، لافتة إلى أن هذه الكتلة الاقتصادية التى أسستها البرازيل وروسيا والهند والصين فى عام 2009، يُنظر إليها الآن على أنها اختصار للقوى غير الغربية التى تسعى إلى بديل للنظام الجيوسياسى الذى يقوده الغرب، وخاصة فيما يتعلق بالتجارة العالمية.

وأضافت أنه خلال العام الجارى 2024، وسعت مجموعة بريكس عضويتها لتشمل دولًا فاعلة إقليميا مثل مصر والمملكة العربية السعودية وإيران ، إلا أن انضمام تركيا يعنى أنها ستكون العضو الوحيد فى حلف شمال الأطلسى فى تكتل تقوده روسيا والصين – مع أجندة تهيمن عليها أنظمة معارضة للمصالح الغربية.

وأضافت أن نجاح مساعى تركيا سوف يعود بالنفع على مساعيها المستمرة لتطوير سياسة خارجية مستقلة غالباً ما تنحرف عن حلفائها عبر الأطلسي، مشيرة إلى أن انحراف تركيا عن الغرب ليس بالأمر الجديد، بينما يرجع إلى التوجهات الإستراتيجية الراسخة للرئيس رجب طيب أردوغان والتى تنبثق عن سردية ما بعد الغرب التى شكلت هويته السياسية لمدة عقد من الزمان على الأقل.

وبحسب رؤية «المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية» على الرغم من أن مجموعة البريكس تنتج 36-37 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمي، إلا إن الاتحاد الأوروبى يظل الشريك الرئيسى لتركيا فى التجارة والاستثمار، وسوقها التصديرية الرئيسية، وهو ما يشير إلى أن أسباب انضمام تركيا إلى بريكس يرجع إلى أنه بالإضافة إلى بناء فرص التجارة، فإن العضوية قد تجعل حلفاء أنقرة الغربيين يولون المزيد من الاهتمام لاحتياجاتها المحلية مما يطرح للنقاش على مادة صناع القرار قضية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى.

ولفتت «أصلى أيدنتاش باش» إلى أن تركيا تنظر إلى مجموعة البريكس على أنها أداة لتوازن العلاقات التركية، مشيرة إلى أن العضوية من شأنها أن تسمح لتركيا تعزيز مكاسبها الاقتصادية فى الجنوب العالمي، بما فى ذلك آسيا الوسطى وأفريقيا، حيث برزت كلاعب اقتصادى جاد، وتريد تركيا أيضا تعزيز علاقاتها التجارية مع الصين، التى قدمت لها مؤخرا مبادرات كبيرة .

وأضافت أنه على سبيل المثال أعقبت زيارة وزير الخارجية التركى «هاكان فيدان» الأخيرة إلى بكين، وهى الأولى التى يقوم بها ممثل دبلوماسى تركى رفيع المستوى منذ 12 عاما، إعلان أن شركة + بى واى دي، الشركة الرائدة فى صناعة السيارات الكهربائية فى الصين، مستعدة لاستثمار مليار دولار فى مصنع جديد فى تركيا.

وحذرت «أصلى أيدنتاش باش» من مخاطر المساعى التركية، مطالبة بضرورة مجابهة التحرك الجيوسياسى التركى الجديد المعارض لالتزامات تركيا تجاه المؤسسات الغربية، وعبرت عن هذه المخاطر قائلة «والآن يتلخص السؤال الحقيقى فى الكيفية التى ينبغى لأوروبا والولايات المتحدة أن تستجيب بها للتحرك الجيوسياسى الجديد الذى اتخذته تركيا. ويبقى أن نرى ما إذا كان حلفاء تركيا الغربيون سوف يستمرون فى تجاهل الانحراف الجيوسياسى الذى تشهده أنقرة؛ أو ما إذا كانوا سوف يرسمون خطاً حازما يقول إن عضوية مجموعة البريكس تتعارض مع التزامات تركيا السابقة تجاه المؤسسات الغربية».

وأكدت أنه ينبغى للدول الأوروبية والولايات المتحدة أن تدرس نوع العلاقة التى تريدها مع تركيا، وذلك نظرًا لأن العضوية الفعلية فى مجموعة بريكس من شأنها أن تعقد العلاقات المؤسسية بين أنقرة وحلف شمال الأطلسى والاتحاد الأوروبي. وفى ذات السياق لفتت إلى أن «تلويح» أنقرة بالانضمام لمجموعة البريكس لجذب انتباه الغرب من شأنه أن يوفر فرصاً لإعادة التفكير، وربما إعادة الانخراط، فى العلاقة بين الغرب وتركيا، مؤكدة أن تحسين العلاقات بين تركيا والدول الأوروبية يصب فى المصالح الجيواقتصادية لأوروبا والمصالح الاستراتيجية لواشنطن، وقالت: «إن تركيا لو كانت تتمتع بعلاقات أفضل مع الغرب، لكان من الممكن أن تكون أقل ميلاً إلى الانضمام إلى مجموعة البريكس.

وحول أهمية تركيا للولايات المتحدة والدول الأوروبية قالت إن تركيا تستطيع أن تلعب دوراً فى المساعدة على ترسيخ بيئة أمنية أوروبية فى مرحلة ما بعد الحرب فى أوكرانيا، مشيرة إلى أنها على سبيل المثال، قد تساعد فى تطوير مستقبل الدفاع الأوروبي، وفى تعزيز السياسة الصناعية الأوروبية للحد من الاعتماد على الصين ــ إن القاعدة الصناعية الضخمة فى تركيا قد تفيد الاتحاد الأوروبي.

ومن هذا المنطلق أكدت أنه يتعين على واشنطن وبروكسل أيضاً أن تبدأ فى التعامل مع تركيا بشأن مطالبها بالإصلاح فى مؤسسات الحكم العالمي، بما فى ذلك الأمم المتحدة، ومعالجة المخاوف بشأن المعايير المزدوجة الغربية فى المعايير الدولية فيما يتصل بالحرب الحالية فى غزة. والأمر الأكثر أهمية هو أن أوروبا والولايات المتحدة بحاجة إلى تحديد السبل لإيجاد الاستقرار مع تركيا وتحديد المكان الذى يتماشى فيه ذلك مع سعى أوروبا إلى تحقيق قدر أعظم من الاستقلال الجيوسياسي.

ولتحقيق هذه الغايات أكدت أن التجارة هى نقطة انطلاق جيدة. فالعلاقة التجارية بين تركيا ومجموعة البريكس آخذة فى النمو، فى حين أن علاقتها الاقتصادية الطويلة الأمد مع أوروبا مستقرة. لقد لعبت تركيا والاتحاد الأوروبى لفترة طويلة بفكرة تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركى لعام 1995، والتى من شأنها أن تسمح للشركات التركية بالتعرض بشكل أكبر للأسواق الأوروبية مع إعادة بناء النفوذ الاقتصادى والسياسى لأوروبا عبر الخريطة السياسية المعقدة لتركيا.

ورصدت إذاعة «صوت أمريكا» الإذاعة الرسميَّة للولايات المتحدة، الأمريكية تحليلات تتفق مع رؤية «المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية» التى تحذر من مخاطر انضمام تركيا إلى تجمع بريكس على الهيمنة الاقتصادية.

 وأكدت بحسب رؤية طرحها «معهد بروكينجز» للدراسات الإستراتيجية ومقره واشنطن أن محاولة تركيا الانضمام إلى مجموعة البريكس هى مثال آخر على ابتعاد دول العالم عن المجتمع عبر الأطلسى.

وشددت أن الطلب الرسمى الذى تقدمت به تركيا للحصول على عضوية مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة تستوجب الاهتمام، انطلاقا من أن تحرك أنقرة يمثل الخطوة الأولى التى يتقدم فيها عضو فى منظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) ومرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى بطلب للانضمام إلى مجموعة تهيمن عليها روسيا والصين، وتهدف إلى تحدى الهيمنة السياسية والاقتصادية للدول الغربية.