رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

د. محمود مهنى: النبى ضحّى عن كل فقراء أمته

4478

حوار : محمد أبو السول
ساعات ويحتفل المسلمون فى كل بقاع الأرض بعيد الأضحى المبارك، ويحرص المسلمون فى ذلك العيد على التقرب إلى الله بالطاعات وإحياء سنة النبى صلى الله عليه وسلم، وسيدنا إبراهيم الخليل حين أمره الله بذبح الفداء عن ولده إسماعيل.
فكان لـ «أكتوبر» هذا الحوار مع د. محمود مهنى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ بجامعة الأزهر، حول الأضحية ومشروعيتها، وغير ذلك من النقاط التى تشغل المسلم قبل أن يقوم بشعيرته.
ما هو تعريف الأضحية، وما مشروعيتها؟
– الأضحية هى ما يذبح من بهيمة الأنعام، الإبل والبقر والغنم، تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة، ومن يذبح قبل صلاة العيد تحسب ذبيحة لحم وليست أضحية، ويتوجب على المضحى أن يذبح أخرى حتى تحسب أضحية، لقوله تعالى «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»، كما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك فى شىء»، ولقول النبى «من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله»، أخرجه مسلم.
وشُرِعت الأضحية فى السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهى السنة التى شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال.
والأضحية مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، وانعقد الإجماع على ذلك.
أما الكتاب: فقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2]، فكَانَ النَّبيّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم يصلى ثم ينحر، وأما السنة النبوية الفعلية: فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «ضحى النبى بكبشين أملحينِ أَقرنينِ، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما»، وقال اللهم إن هذا عن محمد وآل بيته وهذا عمن لا يستطيع من أمة محمد، وهذه بشرى لغير المستطيع بأن النبى صلى الله عليه وسلم نحر عنهم، وتلك بركة وهذا أفضل ممن ضحى مع الاستطاعة.
وعن السيدة عائشة، رضى الله، عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِكبشٍ أقرن وأَخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: «بِاسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أُمة محمد» ثم ضحى بِه.
وما الحكمة من مشروعية الأضحية؟
– شرعت الأضحية لحكم كثيرة منها، الشكر لله على نعمه المتعددة، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالًا لأمر الله، حيث قال: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»، وإحياء لسنة سيدنا إبراهيم الخليل حين أمره الله بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام فى يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبرهما وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، وأن يقتدى بهما فى الصبر والطاعة.
وفى ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنة منذ عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى.
وما حكمها؟
– ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة فى حق الموسر، لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا دخلت العشر، وأَراد أَحدكم أَن يضحي، فلا يمس من شعرِه وبشرِه شيئًا»، ووجه الدلالة فى هذا الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «وأَراد أَحدكم» فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت الأضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعرِه وبشرِه شيئا».
ومن الأدلة أيضًا: «أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يُرى ذلك واجبًا»، وهذا دليل على عدم الوجوب.
ومن هو الموسر القادر على الأضحية؟
– القادر على الأضحية هو من ملك ما تحصل به الأضحية وكان ما يملكه فاضلا عمّا يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده أو من يلتزم بنفقتهم فى يوم العيد وليلته وأيام التشريق الثلاثة ولياليها، ومن شروط الأضحية عند من قال بسنيتها القدرة عليها.
قال الإمام النووى «إنها سنة مؤكدة فى حقّ الموسرِ ولا تجب عليه».
كيف ترى صكوك الأضحية؟
– الصكوك تصح شرعًا لأنها تكون أضحية بالنيابة، لحديث السيدة فاطمة: «يا فاطمة، قومى إِلى أضحيتك فاشهديها» أخرجه الحاكم، والشاهد من الحديث أن فيه إقرارًا على حكم النيابة، فيجوز أن ينيب المضحى عن نفسه شخصًا ما فى الذبح، وكذلك له أن يوكل من يشترى له الأضحية ويذبحها، وإن كنت أفضل أن يقوم المرء بذلك بنفسه حتى لا يكون هناك محتاج.
ما حكم الاشتراك فى الأضحية، وما شروطه؟
– يجوز الاشتراك فى الأضحية، بشرطين الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه، والثانى: البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة.
ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، لما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنه قال: «نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبِية، البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة».
هل يجوز الاقتراض من أجل الأضحية؟
– الأُضحية سنة مؤكدة على القادر، وأما غير القادر على ثمنها فلا يجب عليه ولا يسن له أن يستدين من أجل فعلها، قال تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا».
والحج وهو فريضة قال ربنا «من استطاع إليه سبيلا»، ولا يجوز أن أستدين كى أحج، وكذلك الأضحية، فطالما لا أستطيع لا أقترض إلى أن ييسر الله علىّ، لكن من فعل هذه السنة أثيب، ومن تركها لا عقاب عليه، ولكن من اقترض قرضًا حسنًا من أجل التضحية ففعله صحيح ويؤجر عليه.
هل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟
– لا بأس بإعطاء غير المسلمين منها لفقرٍ أو قرابةٍ أو جوارٍ أو تأليفِ قلبٍ، لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما المتفق عليه: «صلى أُمك»، ومن المعلوم أن أم أسماء كانت من كفار قريش الوثنيين، وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه المتفق عليه: «فى كل كبِد رطبة أَجر».
فالإسلام لم يمنع إعطاء الفقراء حتى ولو كانوا على غير ديننا، وورد أن أم سلمة قالت يا رسول الله « إن عندى صدقة لمن أعطيها.. قال لأقربهم منك دارًا».
ما حكم إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر؟
– لا يجوز أن يعطى الشخص صاحب الأضحية شيئًا منها للجزار على سبيل الأجر، ويمكن إعطاؤه على سبيل التفضل والهدية أو الصدقة، أما كأجر له فيحرم ذلك، لما ورد عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: أَمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أَتصدق بِلحمها وجلودها وأَجِلّتها، وألّا أُعطى الجزار منها، وقال: «نحن نعطيه من عندنا».
ولأن إعطاء الجزار شيئا من الأضحية يشبه البيع من الأضحية، وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من باع جلد أضحيته فلا أُضحية له».
ما هى الأنعام التى تجوز بها الأضحية؟
– ثمانية أصناف حددها ربنا فى كتابه الكريم، من الإبل أو البقر أو الضان أو المعز ذكر أو أنثى سواء، لقوله تعالى «ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِى بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».
إذن لا يجوز أن تكون الأضحية خارج هذه الأصناف الثمانية؟
وهل نضحى بدجاجة؟
– بالطبع لا يجوز وكل ما يقال «بأن بلال ضحى بمؤذن» فى إشارة إلى ديك، غير صحيح.
وهل يجوز شراء لحم وتوزيعه بدلا من الأضحية؟
– لا يجوز ذلك حتى لو اشتريت ثمانين عجلا لحما، فلا ثواب لك، وتكون صدقة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.