رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

فرص واعدة للشباب العربي في «الاقتصاد الرقمي» بشرط!

2617

محمد الدوى

تحديات كثيرة يواجهها العالم العربي، تقف عائقا أمام تحقيق معدلات نمو أفضل، بالرغم من الإمكانيات الطبيعية والبشرية المتاحة والتي لا تتوفر لدول أخرى عديدة، ويزيد الأزمة عدم الوصول إلى مرحلة التكامل العربي.. في هذا السياق، التقت «أكتوبر» مع د. محمود محيي الدين – النائب الأول لرئيس البنك الدولي الذى قدم «روشتة» واضحة المعالم للتغلب على معوقات التنمية الاقتصادية وآليات العمل لتحقيق تجربة تنموية جادة، مؤكدا أن مفتاح النجاح هو التعاون الذكي بين القطاعين العام والخاص.
وكشف «محيى الدين» أن 142 مليار دولار، لن تكون كافية لتلبية الاحتياجات التمويلية غير العادية للمنطقة العربية، وموضحا استراتيجية البنك الدولي لدعم العالم العربي للتغلب على الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار والصراع..وهنا تفاصيل الحوار:

فى ظل التحديات التى يواجهها العالم العربى، كيف يمكن التقدم باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
– تحدد أهداف التنمية المستدامة رؤية شاملة للتنمية تعترف بتداخل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأهمية إيجاد حلول متعددة القطاعات. كما أن أهداف التنمية المستدامة هى أهداف عالمية تطبق على الدول الغنية والدول الفقيرة على حد سواء، وتتضمن التزاما بالعمل الجماعي. وتستفيد البلدان المصدرة والمستوردة للنفط فى المنطقة العربية من التحسن المطرد فى النمو العالمى؛ وزيادة التجارة مع أوروبا وآسيا، وزيادة الاستقرار فى أسواق السلع الأولية، خاصة النفط.
ولكن العالم العربى شهد طفرة غير مسبوقة فى المعاناة الإنسانية تجسدت فى خسارة الأرواح والإصابات والتهجير القسرى الناجم عن العنف المتزايد والهشاشة، وغياب الاستقرار. لذلك يجب على البلدان العربية أن تتحرك بسرعة لبناء اقتصاد أكثر استدامة، مدعوما بزيادة إبداع القطاع الخاص وحيويته، وتحسين الخدمات العامة، وخلق المنافع العامة الإقليمية والعالمية، والتغلب على هذه التحديات لن يكون سهلاً، وسيكون مفتاح النجاح هو التعاون الذكى بين القطاعين العام والخاص، وبين الحكومة والمجتمع المدنى، وبين البلدان والمنظمات الدولية.

هل المساعدات الإنمائية الرسمية التى تقدم سنويًا وإلى بلدان المنطقة العربية كافية لتلبية احتياجات المنطقة؟
– لن تكون المساعدة الإنمائية الرسمية كافية لتلبية الاحتياجات التمويلية غير العادية للمنطقة، حتى وإن كانت مقترنة بموارد حكومية. ويقدر الذراع التجارى للأمم المتحدة، «الأونكتاد» أنه من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة، سيتعين على العالم أن يغلق فجوة قدرها 5.2 تريليون دولار سنويًا. ولتحقيق ذلك، يجب أن نستخدم آليات مبتكرة للاستفادة من الأموال العالمية وتعبئتها، ولا سيما من القطاع الخاص، وينبغى بذل المزيد من الجهود لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى التنمية المستدامة. كما أشار تقرير »ديلويت« الأخير، ينبغى أن تكون الشركات قادرة على صياغة هدف واضح مرتبط بهدف اجتماعى أو بيئى أو حتى اقتصادى أوسع، ويمكن لهذا الغرض أن يكون بمثابة بوصلة للأعمال التجارية، تؤثر على ثقافتها وقيمها التنظيمية، وتوجه السلوك الفردى والجماعى للأطراف المعنية.

هل يمكن إلقاء الضوء على دعم مجموعة البنك الدولى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى المنطقة العربية؟
– فى ظل هذه التطورات فى العالم العربى، هناك حاجة عاجلة إلى تطبيق استراتيجيات جديدة لتحسين فرصة التقدم فى اتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يتصف كل بلد بوضع فريد ومجموعة من التحديات التى يجب مواجهتها، من خلال توصيات ملائمة ومحددة تتعلق بسياسات وحلول توافق وضع كل بلد.
كما أن تعهدات مجموعة البنك الدولى على المستوى الوطنى هى جوهر نموذج التشغيل الخاص بالمجموعة، وستكون هى الأدوات الرئيسية لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويتم تيسير ذلك بشكل كبير من خلال المكاتب الميدانية فى كل بلد تقريبا فى العالم العربى التى تقدم لمجموعة البنك الدولى حلولا متكاملة للتحديات المعقدة المتعددة الوجوه.
ويقوم دعم المجموعة لأهداف التنمية المستدامة على أربعة محاور رئيسية، هى: البيانات والقرائن، والتمويل، والتنفيذ، والرصد والتقييم.
ويركز الدعم الذى تقدمه مجموعة البنك الدولى بشكل أكثر إلحاحا على الدول التى تواجه تحديات الهشاشة والصراعات الأهلية، فأجندة 2030 تعترف صراحة بالتداخل بين السلام والتنمية، وأهمية ذلك ازدهار المجتمعات، خصوصًا من خلال الهدف 16 للتنمية المستدامة، حيث تواجه الدول التى تعانى من قضايا الهشاشة والصراع تراجعا فى مكاسب التنمية وضغطا كبيرا على مواردها، وهذا يؤدى إلى زيادة الفقر والمعاناة لدى كثير من الناس.. وتسعى استراتيجية مجموعة البنك الدولى لدعم العالم العربى إلى التغلب على الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار والصراع.
وفى الوقت ذاته تدعم جهود الصمود وإعادة الإعمار والتعافى، لذلك أولى البنك أهمية لرعاية اللاجئين والنازحين داخليًا، ومساعدة المجتمعات المضيفة فى الأردن ولبنان اللتين تعتبران أكثر دول العالم العربى تأثرا بأزمة اللاجئين والصراع وعدم الاستقرار الاقتصادى فى سوريا، حيث تم دعم الحكومات الوطنية كى تستطيع بدورها تعزيز رعاية المجتمعات المضيفة واللاجئين والنازحين داخليًا، وتوجيه المساعدة التنموية لإعانة المهاجرين والنازحين داخليًا، من أجل بناء الأصول على شكل رأس مال بشرى ومادى ومؤسسى، مع التركيز بشكل خاص على منع تآكل رأس المال البشرى «الصحة والتعليم» ، وكذلك الاعتماد على المجتمع الدولى – وبشكل خاص على المجموعة المانحة – من أجل التمويل.

كيف يمكن إيجاد آليات واقعية للشراكة بين الدول العربية على الصعيد الاقتصادى وتحقيق تكامل عربى؟
– على الرغم من الاشتراك فى اللغة والتاريخ والحضارة والتهديدات – يبقى العالم العربى المنطقة الأقل تكاملاً فى العالم، فهناك مكاسب مهمة من التكامل الإقليمى، بما فى ذلك الفوائد التجارية، وبناء الثقة التى يرجح أن تخفض مستوى الصراع. وتشجع مجموعة البنك الدولى التعاون الإقليمى بشأن المنافع العامة المشتركة التى قد يكون من الأفضل تناولها بشكل جماعى لوضع المنطقة على مسار أسرع للتنمية، وتشمل: الطاقة حيث تشير الدراسات إلى أن النفقات الاستثمارية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء فى المنطقة سوف تتناقص بنسبة 35% بوجود شبكة كهرباء متكاملة كليًا.
وسوف تستفيد المنطقة أيضًا من التجارة المتزايدة فى الطاقة الشمسية، والمشاركة فى سوق الغاز الدولى المتنامى، وإن «تعريفة» الطاقة المدعومة حكوميًا، التى كانت العامل الأكثر ضررا للجدوى المالية فى قطاعى الغاز والكهرباء فى المنطقة – هى أولية أخرى الاستراتيجية مجموعة البنك الدولى فى المنطقة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمياه.
فالدول العربية هى أكثر بلدان العالم ندرة فى المياه، وبعضها من الأدنى فى معدلات إنتاجية المياه، وهذا يعود بشكل كبير إلى أن «تعريفة» المياه هى من الأدنى فى العالم. وتوفر الحكومات العربية أعلى مستوى من الدعم الحكومى عالميًا، وهو دعم غير متكافئ، يستحوذ عليه من هم أكثر ثراء، وكذلك – أيضا – التعليم، فنوعيته هى محور الاهتمام الإقليمى الأساسى، فثمة تباين كبير فى الحالة الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية، ولذلك يوفر التعاون الإقليمى فرصة لإجراء الإصلاحات، ويمكن فى هذا المجال البناء على المبادرة الإقليمية «التعليم من أجل التنافسية» التى يتم تنفيذها حاليًا بالشراكة مع البنك الإسلامى للتنمية.

ماذا عن دور المؤسسات الدولية فى مواجهة المجاعة التى تهدد 20 مليون شخص، وهى أكبر أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟
– كما ذكرت سابقا.. أن استراتيجية مجموعة البنك الدولى لدعم العالم العربى تسعى للتغلب على الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار والصراع، وفى الوقت ذاته تدعم جهود الصمود وإعادة الإعمار والتعافى. وثمة عنصر أساسى لتنفيذ هذه الاستراتيجية هو التشارك مع مؤسسات إقليمية ودولية، حيث إن المنهج الإقليمى – خاصة عندما يقوم على الشراكة – قادر على تحقيق التغيير. وتقوم مجموعة البنك الدولى، بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الإسلامى للتنمية والمنظمات الأخرى الثنائية والمتعددة الأطراف – بحشد تحالف دولى من أجل مواجهة هذه التحديات. وقد شاركت مؤخرًا فى عدة اجتماعات دولية فى نيويورك، وجنيف، والصومال، وكينيا، والبرتغال، للاتفاق على طريق جديد للعمل، والتعاون بين المؤسسات المالية الدولية ووكالات ومنظمات الأمم المتحدة، والمساعدة فى سد الفجوة بين الإغاثة الإنسانية والتنمية لمواجهة التهديد بنقص فى الغذاء ومجاعات تهدد 20 مليون شخص فى أربع دول هى الصومال واليمن وجنوب السودان ونيجيريا.

كيف يمكن أن يستفيد العالم العربى من تطور التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة؟
– الثورة الصناعية الرابعة تمثل نقلة كبرى مع منتجات وتأثيرات الاقتصاد الرقمى وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى. وبعض من هذه المنتجات سيزيد من إنتاجية العامل، والبعض الآخر سيحل محل العامل نفسه، والأمر هنا غير قاصر على إحلال الإمكانات محل عمال مهرة وآخرين من متواضعى الإنتاجية كما حدث من قبل، لكن هذا الأمر سيطول أصحاب الياقات البيضاء والتخصصات الدقيقة ممن ظنوا أنهم بمأمن.
لذلك سيصبح على الجادين فى البحث عن عمل لائق أن يجيدوا المهارات التى تجعلهم أقل تكلفة من آلات عالية التقنية، أو أكثر كفاءة منها، أو الاثنين معًا.
وأرى فى تطور التكنولوجيا – خاصة فى مجالات الاقتصاد الرقمى، وتكنولوجيا المعلومات – فرصا للشباب العربى فى سوق العمل إذا أحسنا الاستفادة من الميزة الوحيدة للإتيان بعد السابقين علينا، وهى التعلم من تجاربهم فى الاستفادة من الثورات الصناعية الثالث السابقة، وقد كان حظ الدول العربية منها قليلاً.

كيف استفاد العالم العربى من تجارب الدول التى حققت إنجازًا فى مسار التنمية، مثل اليابان وسنغافورة وكوريا والصين؟
– منذ ما يزيد على 10 أعوام، شاركت 20 من الاقتصاديين والقيادات التنفيذية من 17 دولة، فى فريق عمل لدراسة الاستراتيجيات والسياسات التى حققت نموا مطردًا وتنمية شاملة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اندلاع الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، وقد انتهت هذه المجموعة التى أطلق عليها مجموعة النمو والتنمية – بعد لقاءات عمل على مدار عامين – إلى تلخيص أهم مكونات النجاح فى تحقيق النمو، حيث أكدت المجموعة أن كلمة النمو ليست هدفا فى حد ذاتها، لكنها المحرك الحيوى لإنجاز أهداف أساسية للأفراد والمجتمعات، بدءا من انتشالهم من قاع الفقر المدقع، إلى توفير الموارد للارتقاء بالتعليم والرعاية الصحية ووضع الاقتصاد على مسار التنمية المستدامة. وقد تبين أن الدول التى حققت إنجازًا فى مسار التنمية – مثل اليابان وسنغافورة وكوريا والصين وغيرها – تبنت استراتيجيات تضمنت خمسة مكونات اشتركت فيها بدرجات مختلفة هى: تحقيق معدلات عالية لتراكم المدخرات والاستثمارات المحلية وبتوجه التعليم والصحة والبنية نحو المستقبل وتطوير البنية الأساسية والاستقرار الاقتصادى الكلى بالسيطرة على عجزى الموازنة وميزان المدفوعات ومعدلات التضخم والاندماج فى الاقتصاد العالمى تصديرا وجذبا لاستثمارات وكسبا للمعارف والاعتماد على الأسواق المنظمة فى توجيه الموارد الاقتصادية ووجود حكومات ذات كفاءة ومصداقية ملتزمة من خلال مؤسساتها بتحقيق أهداف التنمية.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.