فى 17 أبريل 1988 كان العرض الأول لمسلسل «رأفت الهجان» كنت وقتها فى المرحلة الإعدادية أتذكر أن وقت العرض كان فى شهر رمضان المبارك وأتذكر جيدًا أن هذا التوقيت، هو التوقيت الذى تخلو فيه شوارع قريتنا من المارة ويقل ضجيج السيارات على الطريق السريع المار من أمامها، وهو التوقيت الذى كانت تؤجل بعده كل المواعيد واللقاءات، فإذا كان هناك أمرًا مهمًا كان لو يتفق الطرفان «نتقابل بعد مسلسل الهجان».
كانت حالة فريدة من التوحد والتواصل، ليست فى مصر وحدها بل فى كل الدول العربية – دون مبالغة – كل الدول العربية فقد كان الجميع يجلس أمام شاشة التليفزيون لمشاهدة البطل المصرى «العربى» الذى قهر الصهاينة واليهود وجعل منهم أضحوكة ومسخة، لقد تحول «الهجان» فى هذا التوقيت إلى رمز عربى كبير وحد الوجدان العربى على الصورة الذهنية للبطل العربى الذى يشفى الغليل ويروى شريان الكراهية لليهود الصهاينة فى المنطقة العربية، كما أنه كان نموذجًا للقوى الناعمة المصرية التى صنعت نجاحات كثيرة ومتعمقة فى الوجدان العربى، وللأسف نعيش على أطلالها الآن، حيث لم يبقى لنا منها سوى “سلفى” النجوم مع انستجرام وأفلام السبكى.
والجيل الذى عاش عرض هذا المسلسل فى وقتها مايزال لديه حنين إلى تلك الموسيقى الرائعة للمبدع عمار الشريعى التى ما أن تتردد نغماتها فى الخلفية الوجدانية لديه يشعر بهذا الفخر وتلك العزة، وهو نفس الشعور الذى شعرت به وشعر به كل من سمع تلك الموسيقى وهى تتردد فى استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أثناء زيارته الأخيرة للبحرين.
لقد كانت المعانى كثيرة والرسالة واضحة لمن يعى ويدرك أن هناك ألاعيب خبيثة تحاول النيل من رصيد القوى الناعمة المصرية فى المنطقة، وتحاول تشويه تاريخ طويل من النضال والوطنية، وتصنع لنفسها مجدًا وتاريخًا زائفين، فمن يفعل ذلك ليس “الملاك” بل هو “الشيطان” نفسه، وما يريده لن يتحقق، ومهما صنع من أفلام وزيف من حقائق، ستبقى مصر وأبنائها ورموزها رمزًا للوطنية والعروبة، وستبقى إسرائيل رمزًا للزيف والكذب وأبطالها – إن وجدوا – كلهم من ورق، ولن يلقى الفيلم الذى تحاول أن تنشره عن أشرف مروان أى إقبال فلو صنعت آلاف «الملائكة» لن تستطيع أن تزعزع عرش «لهجان» فى الوجدان العربى، ولن تستطيع أن تنافس القوى الناعمة المصرية على هذه الجبهة.
صالون الرأي
“الهجان” يهزم “الملاك”
By amrسبتمبر 07, 2018, 21:36 مالتعليقات على “الهجان” يهزم “الملاك” مغلقة
1603
TAGمقالات