رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

على حافة الفوضى !

2036

التداعيات التى شاهدناها فى أعقاب حادث قتل طفلىّ ميت سلسيل محافظة الدقهلية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك تشوها واضحا أصاب المجتمع المصرى، وأنا هنا لا أقصد التفاصيل البشعة للحادث الذى راح ضحيته طفلان بريئان، فعلى قدر قسوة ووحشية الجريمة وتعارضها مع العقل والغريزة الإنسانية، إلا أن وقوعها وارد أحيانا للشواذ من البشر الذين يفقدون عقلهم أو مشاعرهم أو وعيهم لأسباب كثيرة، لكن ما أعقب هذه الجريمة هو ما يجب أن نقف عنده كثيرا!
فالأب الذى حامت حوله الشبهات فى أول الأمر، والذى لم يقاوم كثيرا فاعترف بجريمته الشنعاء، وجد من يدافع عنه ويحشد العشرات ويتظاهر من أجله مشككا فى صحة اعترافاته، مستغلا الصورة التى نجح البعض فى تصديرها لتشويه الجهاز الأمنى، بل وصل الأمر لتشويه تحقيقات النيابة، بما يظهرها بمظهر المغرض الذى يوجه نتائج التحقيقات إلى ما هو ليس فيها!
لكن الأمر الأكثر دهشة حين أصدر النائب العام المستشار نبيل صادق بيان النيابة العامة يستعرض فيه نتائج التحقيقات بدقة، خرج بعض الإعلاميين ومنهم السيد أحمد موسى يطالبه بعرض المزيد من الأدلة والفيديوهات على الرأى العام حتى يطمئن إلى نتائج التحقيقات، وهو أمر غاية فى الخطورة، لأن النيابة هى يد العدالة وهى الفيصل الذى لا غرض ولا هوى لديه، فإذا ما طالبناها بعرض المزيد من الأدلة فهذا أمر خطير، لأن القضايا مكانها ساحات القضاء، والنيابة هى أول خطوة فى ساحة القضاء، والقضاء منزه عن الهوى وعن الأغراض، وليس مطالبا أن يعرض أدلته أمام الرأى العام الذى تحركه أمور كثيرة، منها ما هو موضوعى ومنها ما هو مغرض ومنها ما هو جاهل، فإذا ما طالبنا النيابة بعرض مزيد من النتائج على الرأى العام فهذا يجعل الرأى العام طرفا فى القضية.
الأمر الثالث، هو ما تم استعراضه على مدى عدة أيام لاعترافات الأب على يد السادة المحققين من المباحث الذين راحوا يستجوبونه، ثم يطرحون تساؤلاتهم عن ندمه وعن بشاعة ما حدث أمام الكاميرات، ثم عرض كل هذا على ملايين المشاهدين ومنهم أسرة القاتل، بينما يعلم كل من يعمل أو يهتم بالأمن والعدل أن للمتهم حقوقا، حتى وإن كان معترفا بجريمته فليس من حق أحد حتى وإن كانت جهات التحقيق أن تقدمه كمادة إعلامية وهو لم يصدر ضده حكم بات وقاطع حتى الآن!
إذن نحن أمام قضية تجسد فوضى مواطنين يشككون فى الجهات الأمنية التى ثبت صوابها ونجاحها فى فك غموض تلك الجريمة البشعة خلال وقت قياسى، وتشكيكهم فى قرارات النيابة العامة الجهة المحايدة التى تقوم على العدل والإنصاف، وأمام إعلام ينساق وراء دعوات غوغائية تحاول النيل من ثقة الناس فى قضائهم، لهذا فإن استمرار مجتمعنا على هذا المنوال المغلوط سيؤدى بنا إلى طريق الفوضى المجتمعية، التى لا يعلم سوى الله نهايته.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.