رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الأسلحة الشخصية تضع ترامب في مواجهة «جماعات الضغط»

2135

بعدما حظى خلال حملته الانتخابية بدعم «الجمعية الوطنية للبنادق»، أو لوبى الأسلحة النارية واسع النفوذ فى الولايات المتحدة، يجد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه فى موقف حرج، ملتزما الحذر الشديد حيال أى تعديلات واسعة النطاق لقوانين حيازة الأسلحة الشخصية، خاصة بعد الضغوط التى يتعرض لها والمظاهرات الحاشدة التى خرجت، للتشديد على عمليات حيازة الأسلحة الشخصية عقب عملية إطلاق النار الأخيرة فى إحدى المدارس فى فبراير الماضى، وأسفرت عن سقوط 17 قتيلا.
فواتير انتخابية
ويعود الحرج الذى يشعر به ترامب إلى وعوده التى قطعها على نفسه منذ ترشحه عن الحزب الجمهورى لانتخابات الرئاسة الأمريكية، قبل عامين، وتعهده لحائزى الأسلحة فى ذلك الوقت، بأنه سيحمى حقوقهم الدستورية فى حمل السلاح وسيلغى المناطق المحظور فيها حمل أسلحة إذا فاز فى الانتخابات متهما هيلارى كلينتون منافسته آنذاك بالسعى لإضعاف حقوق حمل السلاح.
وحظى ترامب بتأييد الرابطة الوطنية للسلاح وهى جماعة ضغط قوية تضم فى عضويتها أكثر من أربعة ملايين شخص، بعد تصريحاته عن تلك القضية الخطيرة، وعززت موقفه بين المحافظين الذين يرون حماية التعديل الثانى فى الدستور الأمريكى و الذى ينص حرفيا على «أن وجود ميليشيات منظمة جيدًا، أمر ضرورى لأمن الدولة الحرة، وإن حق الناس فى امتلاك وحمل الأسلحة يجب ألا يمس»، على رأس الأولويات.
حمل السلاح حق دستوري
وتعد الولايات المتحدة هى الدولة الأولى فى العالم التى تسمح لمواطنيها بحمل السلاح فى الشوارع، حيث أقر الدستور الأمريكى عام 1971 قانون حيازة السلاح باعتباره حقا للمواطنين، إذ تم اعتماد عشر مواد سميت «وثيقة الحقوق» أضيفت إلى الدستور الأمريكى، ومن وثيقة الحقوق هناك التعديل الثانى الذى سبق الإشارة إليه.
وينص القانون الأمريكى على أن عملية شراء سلاح بشكل قانونى تستلزم تحرى مكتب التحقيقات الفدرالى عن بيانات سجل السوابق الجنائية للمشترى.
وتختلف القوانين المتعلقة ببيع الأسلحة من ولاية إلى أخرى، ففى ولاية تكساس مثلا يستطيع الفرد حمل السلاح من دون ترخيص لأن القانون يبيح ذلك.
وعلى الرغم من ذلك هناك الكثير من الطرق للالتفاف على تلك الإجراءات، حيث يمكن شراء الأسلحة والذخيرة عبر مواقع الإنترنت التى تعد سوقا ضخمة بأسعار متدنية، إضافة إلى انتشار تهريب الأسلحة عبر الحدود المكسيكية وعصابات المخدرات المسلحة.
الراعى الرسمى للأسلحة الشخصية
وتصنف الجمعية الأمريكية الوطنية للبنادق أو السلاح «ان ار ايه» على أنها الراعى الرسمى للأسلحة الشخصية التى تقدر حجم تجارتها فى الولايات المتحدة بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويا، وحجم الأسلحة المتداولة نحو 300 مليون قطعة سلاح، فالمنظمة التى أسست من قبل صحفى وجنرال فى عام 1871 وأعضاءها يبلغون 5 ملايين أمريكى، تقول أن مهمتها الأساسية تتمثل فى نشر الطرق المثلى للتعامل مع الأسلحة النارية وتعريف الأمريكيين بأى تشريع أو قانون خاص صدر أو سيصدر بها، لكن المهمة الحقيقية للجمعية هى العمل كلوبى للسلاح أى أقوى جماعات الضغط فى واشنطن وتقدر ميزانيتها السنوية بـ 200 مليون دولار.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فقد أنفقت الجمعية المذكورة فى 2014 حوالى 28 مليون دولار على الأنشطة السياسية، منها 15 مليون دولار ضــــد المرشــــحين الديمقراطييـــن للكونجرس بينما أنقفت 11 مليون دولار لدعم المرشحين الجمهوريين المؤيدين لأهداف الجمعية، مؤكدة أن نفوذها يتعاظم باطراد.
وأسهمت الجمعية فى فوز أربعة من بين كل خمسة مرشحين دعمتهم فى انتخابات الكونجرس، وهى تسعى على الدوام أمام المحاكم لإبطال أى قوانين يصدرها الكونجرس للحد من انتشار الأسلحة.
لويزيانا أعلى معدلات القتل
وتعد أمريكا هى الدولة الأولى فى العالم فى عدد المسدسات والأسلحة الموجودة بيد المدنيين، وهى الأولى فى العالم فى نسبة السلاح إلى عدد السكان. ويتعرض 100 ألف أمريكى كل عام لحوادث إطلاق النار، منها 12791 جرائم قتل، و16883 حالات انتحار، و642 حالة إطلاق نار خطأ.
بينما تعد ولاية كنتاكى الأمريكية هى الأكثر امتلاكا للسلاح، بنسبة 59,7٪ من السكان. أما ولاية لويزيانا الأمريكية فتأتى فى المرتبة الأولى من حيث معدلات القتل نتيجة استخدام السلاح.
وفقا لمجلة «بيزنس إنسايدر» الأمريكية، يبلغ عدد بائعى السلاح فى الولايات المتحدة 130 ألف تاجر تقريبا، بينما لا يقل عدد المتاجر التى تبيعه عن 36 ألف متجر، وهناك نوعان من تجار الأسلحة، الأول هو المعتمد والذى يطلب منك عددا من الأوراق من أجل إتمام عملية البيع مثل الرقم القومى وتقرير الحالة الجنائية، بينما النوع الثانى هو الخاص والذى لا يحتاج إلى أى من هذه الأوراق، وفى عام 2012 كان حوالى 40٪ من الأسلحة المتداولة قد تم شراؤها من تجار خصوصيين.
و وفقا لـ «الواشنطن بوست»، فإن كل ماسبق يشير إلى أن ما تشهده الولايات المتحدة من حوادث اطلاق نار وسقوط ضحايا كل يوم، هو صراع قانونى وسياسى ومالى لا ينتهى، صراع يسير جنبًا إلى جنب مع ازدهار صناعة الأسلحة الشخصية فى الدولة الأولى عالميًّا من حيث التسليح الفردى، إذ لا يمكن التخلى عن صناعة تدر ربحا سنويا يقدر بـ 12مليار دولار.