رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

نزع شرعية إسرائيل

2182

لن نقول إن الحملات المشتعلة الآن ضد الكيان الصهيونى فى دول أوروبا وفى بعض دول العالم لنزع شرعيته، يمكن أن تسقط هذا الكيان المغتصب أو تمحو مخططاته التوسعية، أو تلغى صفقة القرن المتزعمة ترامب، ومن أهداف هذه الحملات مقاطعة منتجات الشركات الكبرى الداعمة لإسرائيل، ولا يعنى هذا التشكيك فى قدراتها، وفى قوة مقاومتها السلمية التى تتنوع أشكالها وتكبر على مستوى العالم فى مواجهة المحتل الإسرائيلي، وما خلّفه من كوارث إنسانية على الأمة العربية وعلى العالم بأسره، من أجل فرض أطماعه وأكاذيبه، ولا يمكن إخفاء حقيقة أن تلك الحملات باتت تؤتى ثمارها، وانعكاساتها تتضح تدريجيًا على صانعى القرار الصهيوني، وأحيانا كثيرا لا يبدون قلقهم ورد فعلهم.

وذعرهم يكمن فى تعاظمها فى المستقبل القريب، وفى إمكانية انتشارها على نطاق أوسع، وفى تغلب مفاهيمها على عقول أجيال جديدة خارج نطاق العرب، وبالتالى يتولد لديهم الشعور بالكراهية تجاه إسرائيل، ويرفضون مجرد التعاطف تجاه مزاعهم التى تبث لهم من بوق إعلامهم، وتتزايد مخاوف زعماء الكيان رغم قوة حجم ما يمتلكه من اقتصاد ووسائل إعلامية وثقافية وأدوات مخابراتية، ورغم سيطرة نفوذه على أنظمة دولية كبري، ولذا صّدق الكنيست على قانون فى عام 2011، ينص على عدم المساس بدولة إسرائيل بواسطة المقاطعة، ويعترف باحثان إسرائيليين من وقت قريب بخطورة ما تواجهه دولتهم، من شبكة كبيرة من الناشطين حول العالم يطالبون بنزع شرعية إسرائيل، وقالا إن الحملات توغلت داخل القارة الأوروبية، لهدف تشويه صورة إسرائيل أمام مجتمعاتها، وأكد هذا الاعتراف الباحث الإسرائيلى إيهود روزين فى ورقة بحثية، نشرها فى المعهد المقدسى للشئون العامة، وهو محامى دولى متخصص فى الملاحقة القضائية لنشطاء حملات المقاطعة العالمية.

وذكر أن أكثر الدول التى تتزايد فيها نشاط حملات نزع الشرعية عن إسرائيل هى فرنسا، مع أنها تضم أكبر جالية يهودية فى أوروبا، ثم تليها ألمانيا فى مؤشر صعودها، ويعقب فى بحثه عن دور ألمانيا الفاعل فى أوروبا حيث أنها تعد أقوى اقتصاد فى القارة الأوروبية، ويوضح أن بلجيكا تشهد انتعاشا لحملات المقاطعة، ويرجع سبب انتعاشها فى بلجيكا إلى ما تمر به من اضطراب سياسي، ويشير إلى نفس الخلل والتوتر السياسى الذى تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية، وتحيا فيها أكبر جالية يهودية على مستوى العالم، وتمثل الحليف الأقوى والداعم الرئيسى لإسرائيل، ويدل كلام إيهود روزين على أنه غير آمن من تسرب مفاهيم الحملات على عقول المجتمع الأمريكي، ويرى أن حملات المقاطعة المتوالية ضد دولته، لا تقتصر على الجانب السياسي، وإنما تتعدد مساراتها فى القضاء والتعليم والفن والثقافة والدين والاقتصاد، وقال بالحرف الواحد : «أن هدفها الأساسى حرمان إسرائيل من الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي»، وكتب فى بحثه أن القائمين على الحملات المناهضة ضدهم يغلب عليهم طابع اليسار والاتجاه الإسلامي.

ويصعد منحنى حملات نزع الشرعية عن إسرائيل، فى وقت يحاصر الشعب الفلسطينى من كل الاتجاهات، وكل يوم يزيد الخناق عليه من قطع المساعدات عن منظمة الأونروا المعنية بشئون اللاجئين، ويليها منع الدعم الاقتصادى عن الحكومة الفلسطينية وتأخير الرواتب، ثم التوسع فى بناء المستوطنات ونزع ملكية أراضى الفلسطينيين، واعتداء المستوطنين اليهود المتواصل على المسجد الأقصي، وأخيرًا قرار ترامب بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى أمريكا، وتعتبر حملة BDS أقوى حملات المقاطعة ضد إسرائيل، وتنتشر بوتيرة سريعة خلال السنوات الأخيرة والتى بدأت من 13 عاما، وتمثل حاليًا تهديدًا على إسرائيل، وتسعى إلى تحويلها إلى كيان عنصرى لعزله دوليا، طبقا لحال دولة جنوب أفريقيا فى القرن الماضي.

واستطاعت أن تثبت نجاحاتها فى عدة محاور اقتصادية وسياسية وقانونية وإعلامية، وبالطبع لم ترضخ إسرائيل لتوجهات الحملات، وبدأت تضغط دوليا على حكومات دول أوروبا، فأصدرت الحكومة البريطانية دليلا للمستثمرين ولمجالسها المحلية، بعدم فرض عقوبات على دولة أجنبية وتقصد هنا إسرائيل، وجرمت الحكومة السويسرية كل من يتعامل مع حركة BDS، وصدق البرلمان الكندى على قانون يمنع نشاط الحركة، أما أمريكا يختلف فيها الأمر لوجود أقوى نفوذ صهيونى وأكبر لوبى يهودى متمثل فى منظمة إيباك، وأمام الكونجرس قانون لمنع وتجريم أى حملات مقاطعة، ويحظى بتأييد كبير من أعضائه، وجاء فى تقرير للوكالات أن حوالى نصف الولايات الأمريكية تدرس مشاريع قوانين تهدف إلى التصدى لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، وتدرس 11 ولاية أخرى قوانين مشابهة، ويتم بدفع القوانين المناهضة للمقاطعة فى أمريكا من قبل ناشطين يهود يمينيين وتشترك معها منظمات أخري.

ويبدو أنه كلما زادت الضغوط على تقييد نشاط الحركة وتجريمها، نجدها تتوسع فى نشاطها حتى وصل حد التضافر معها إلى دول آسيوية، مثل الهند فاتحاد طلاب الهند انضم إلى حملة المقاطعة، وقاطعت بالفعل شركات كبرى فى الاتصالات، ولذا زعماء إسرائيل يسيطر عليهم الرعب يوما بعد يوم منها، رغم نجمهم الصاعد فى عهد ترامب، فلا تعليق حين يناشد نتنياهو يهود العالم بمحاربة حركات المقاطعة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.