صالون الرأي
قالت: القاهرة تحت الإنشاء!
By amrفبراير 04, 2019, 16:35 مالتعليقات على قالت: القاهرة تحت الإنشاء! مغلقة
2018كنت أشفق عليه من علة شوقه إليها والتى أمرضت أجزاء عدة فى هذا الجسد الذى يبدو عظيما إلا أنه ممتلئ بمتناقضات الأمراض وأولها الوله، وأمام إصراره لى على مرافقته إلى المطار لاستقبال حبيبة الزمن الجميل وما أن رآها تلوح له مهرولة تجاهه عبر ممرات مصطنعة بعناية لتبطئ من تسرع العائدين، وما أن تعانقا حتى استشعرت بحلول تلك الروح العائدة فى جسد كاد أن يُدعى ميتا، وابتسم بملء عينيه حتى سمعت قهقهات الفرح تزلزل قلبه العليل، وبادرت بإنهاء هذا المشهد الذى كاد أن ينهى حياة صديقى بأن فتحت بابا للخروج مؤقتا من تلك الرومانسية الكلاسيكية – غير المعتادة الآن – فركبا السيارة وبعد نظرات صاخبة ومتعانقة بينهما تفوهت تلك الروح العائدة بجملة، وليتها ظلت فى صمتها المندهش من كل ما حولها فقد ألقت قنبلة مدوية انفجرت داخلى لتهتك ستر الرضا وتقتل الصبر، قالت البريئة: يا الله كل هذه العمارات تحت الإنشاء!، وأمسكت كلامى عنها وقررت فى طرفة عين ألا أرد عليها الآن وتفهمت ما وصل إليها، فقد كنا على الدائرى وما شاهدته كانت مبانى على جانبيه وظنت أننا نشق الطريق إلى العاصمة الجديدة، والحقيقة أننا كنا فى قلب القديمة! لساعات طوال أعدت النظر إلى ما كنا عليه، فكانت القاهرة أوليات عواصم العالم ليس فى العمارة بل فى جماليات العمارة حتى أن لندن وباريس كانتا تتنافستان على من سيبرم وثيقة توأمة مع القاهرة أولاً، وتجد المنافسة بين المعماريين فى قلب القاهرة بين إبداع تماثيل أساطير الملائكة اليونانية وفرسان الإغريق واسبرطة الأشداء وأعمدة الرومان المتوجة ورشاقة زهور الأندلس وفسيفساء الهلال الخصيب بألوانها الزاهية وغيرها من بدع فنون العمارة التى تنسدل على واجهات البنايات فى رقة خصلات الحور المداعبة للهواء حتى أن المار فى شوارع المحروسة كمن يترحل عبر أزمنة الجمال أو كمن يشاهد نسخاً تحتار فى دقتها مقارنة بأصولها عند عباقرة الفن فى التاريخ الإنسانى أمثال صاحب «الموناليزا» ومن لُقّب بصاحب «الخيال الإبداعى مُنقطع النظير» المهندس والنحات والمعمارى والرسّام الموسوعى الإيطالى ليوناردو دافنشى أحد أشهر علماء عصر النهضة، أو فنسنت فان جوخ صاحب المدرسة الانطباعية فى الفن بوجه عام الذى ترك إرثاً يتعدى الألف لوحة وانتحر فى السابعة والثلاثين وأشهر لوحاته «ليلة النجوم»، وكثيرًا ما تندهش أمام ميثولوجيا العمارة المصرية فى صدر الدولة الحديثة والتى قدمت نسجاً من العمارتين القبطيتين فى مصر المسيحية والإسلامية فاق لوحة «خلق آدم» لمايكل أنجلوا النحات والرسام الأشهر فى تجسيد الحكايات والرموز الدينية، لم تكن العمارة فى القاهرة تستهدف بنايات المسكن للحماية والستر كغيرها من حضارات المعمورة بل تجاوزت الهدف الوظيفى لتستكمل هدفاً أسمى بدأه الأجداد الفراعنة عندما عانقوا السماء بمسلاتهم وضربوا فى الأرض راسيات من المعابد كجداريات تحكى للقادم من الأجيال المتلاحقة والوافد عبر حدود الزمان والمكان حضارة طوعت الهندسة وحسابات الأرقام لترسم فناً بمثابة لحن حضارى مازلنا نتكسب من بدع فنهم حتى فى عمارة المقابر كانوا أصحاب ذوق رفيع.
السابق( الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار تكشف حفائر للتنقيب عن الآثار أسفل منزل بطريقة غير مشروعة تقود إلى الكشف عن "مقبرة أثرية" بالقرب من منطقة أهرامات الجيزة )
التاليوماذا بعد قيام القضاء البريطانى بالثأر للمصريين؟