الدول تبنيها الشعوب.. فهي حاملة مشعل نهضتها وتنميتها.. والشعوب التي لا تعمل لا تعرف طريقا للتقدم.
فالمصريون صنعوا أقدم حضارة في التاريخ وأسسوا أول دولة ووضعوا التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين الأفراد.
ولكي تتقدم الدول، فعلى الشعوب أن تدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتقها، فقد بنى الألمان أكبر القلاع الصناعية عقب الحرب العالمية الثانية، وكذا اليابانيون صنعوا أكبر نهضة تكنولوجية غزوا بها العالم بعد هيروشيما وناجازاكي.
وخلال فترات البناء والعمل لابد أن يصطف الجميع خلف الدولة الوطنية من أجل نجاح الدولة للوصول إلى الهدف والغاية التي تستهدف الوصول إليها.
وقد التف المصريون حول دولتهم فى أوقات عديدة للحفاظ عليها ومنع اختطافها ممن حاولوا اختطافها أكثر من مرة؛ ورغم أنها مرت بمراحل ضعف إلا أنها شهدت مراحل قوة حملت خلالها مشاعل النور إلى العالم.
ولم يستطع أحد أن يغير من شخصيتها بل هى من أثرت فيه، لأنها تمتلك تاريخا حافلا من الإنجازات، فى كل مرة كانت تواجه الدولة المصرية أى خطر.. كان الشعب هو أحد قوى الدولة الداعمة لأجهزتها فى مواجهة هذا الخطر.
(1)
عقب 5 يونيو 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء وتهجير عدد من الأسر المصرية من مدن القناة حفاظا على حياتهم؛ نظرا لكثرة عمليات الإغارة على تلك المناطق من قبل طيران الاحتلال، إلا أن عددا من الأسر فى بورسعيد والسويس والإسماعيلية رفضت التهجير وفضلت البقاء لتشارك القوات فى تحرير الأرض؛ وتقدم الدعم المعنوى لقوات الجيش؛ ولم يكن أبناء القناة فقط هم من وقفوا خلف الدولة المصرية لاسترداد الأرض؛ بل كان معهم أبناء سيناء الشرفاء الذين جعلوا منها كتابا مفتوحا أمام الجيش المصرى سواء خلال فترة حرب الاستنزاف أو فى حرب أكتوبر.
لقد سطر أبناء الشعب المصرى بطولات على مر التاريخ فى العمل والتكاتف من أجل الوطن وحمايته، وكانت المقاومة الشعبية فى بورسعيد عام 1956 والسويس عام 1973 خير دليل على دور المواطن فى الحفاظ على الوطن.
بطولات عديدة عبرت عن الدور المهم الذى تؤديه إيجابية المواطن فى التعاطى مع الأزمات.
التف الشعب حول الجيش عقب يونيو 1967 ورغم أن تلك الفترة كانت هناك محاولات من قبل العدو لتجنيد بعض المصريين للعمل معه لجمع المعلومات سواء عن الجيش أو عن أجهزة الأمن أو عن الجبهة الداخلية، فكانت إيجابية المواطنين المصريين الشرفاء سببا مهما فى كشف تلك العناصر والقبض عليها.
(2)
الحرب التى تدور رحاها اليوم فى المنطقة (الحرب على الإرهاب) تعتمد فى المقام الأول على توافر المعلومات؛ وهو ما يعد أهم عناصر ومقومات الانتصار فيها، لذا كان تفوق أجهزة المعلومات أحد الأسباب المهمة فى التصدى للإرهاب، كما أن نجاح أجهزة المعلومات فى تتبع العناصر التكفيرية وملاحقتها من خلال الضربات الاستباقية، أحد أسباب نجاح مصر فى معركة مواجهة الإرهاب.
وهنا تذكرت السيدة السيناوية العظيمة (مها إبراهيم سالم أبو قريع) ابنة قرية طويل الأمير – برفح وهى أم لخمسة أطفال وكانت تبلغ من العمر 32 عاما أى فى ريعان الشباب؛ وقفت فى وجه الإرهاب للحفاظ على وطنها فضحت بروحها الطاهرة فداء له.
عام 2015 وبالتحديد فى أعياد تحرير سيناء استشهدت (مها) بعد أن قامت عناصر أنصار بيت المقدس الإرهابية بتعذيبها أمام أطفالها ثم أطلقوا عليها الرصاص لتصعد روحها الطاهرة فداء للوطن.
الشهيدة (مها أبوقريع) وقفت فى الوقت الذى لم يستطع البعض أن يقف موقفها لتقول بصوت عالٍ من أمام منزلها:(اللى هيحط رجله فى رفح من الإرهابيين، هبلغ عنه) وبالفعل كانت هى ومجموعة من الفتيات يتعاونون مع أجهزة المعلومات من الجيش والشرطة، ويبلغونهم بأماكن وجود العناصر الإرهابية، وهو ما ساعد فى القضاء على عدد من البؤر والعناصر التكفيرية فى رفح.
وهو ما جعل الإرهابيين يجن جنونهم فقاموا بقتلها ظنا منهم أنهم بقتلها سيرهبون الشرفاء ولكن سيناء لا تنبت الغرقد وإنما تنبت نبتا صالحا لا يرضى بغير الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره بديلًا.
فكان هناك أبطال آخرون يتعاونون مع أجهزة المعلومات من القوات المسلحة والشرطة.
رحم الله الشهيدة مها إبراهيم سالم أبوقريع ـ وحفظ أبناء سيناء الشرفاء.
(3)
إن توافر المعلومات هو حجر الزاوية فى تحقيق الانتصار على الإرهاب، ولن يتحقق ذلك إلا بالتفاف الشعب حول أجهزة الدولة، وإيجابية المواطن فى هذا الموضع.
فالعناصر الإرهابية تعتمد على المعلومات التى تقوم بتجميعها ورصدها وهى متخفية داخل جحورها لتخرج فى الوقت المحدد لها من قبل أجهزة الدولة المحركة لها من الخارج.
وتستخدم تلك العناصر فى جلب المعلومات مؤيدى التنظيم الإرهابى، بالإضافة إلى بعض ضعاف النفوس الذين يسيل لعابها أمام المال وهم لا يدركون أنهم يبيعون أوطانهم بثمن بخس.
إن المواجهة فى تلك المعركة تستلزم منا جميعا التعاون مع أجهزة المعلومات فى وزارة الداخلية والقوات المسلحة، للإبلاغ عن العناصر الإرهابية أو المتعاونين معهم وأذكر هنا تلك السيدة التى كانت تسكن بالقرب من ميناء حيفا فى إسرائيل وكانت يوميا تجلس فى شرفة منزلها المطلة على البحر، وخلال أحد الأيام شاهدت شابا ذا ملامح عربية ولكنها لم تشاهده من قبل؛ كان يرتدى ملابس رياضية ويتريض يوميا فى اتجاه الميناء ثم يعود؛ ورغم أن الشاب لم يكن مظهره لافتا، خاصة أن هناك بعض المواطنين الذين يتريضون فى نفس الشارع إلا أن السيدة نظرا لشكها أنه غريب عن المنطقة قامت بإبلاغ جهاز الأمن الإسرائيلى الذى بدوره ألقى القبض على الشاب، وبالفعل بعد إجراء التحقيق معه ثبت أنه جاسوس لصالح إحدى الدول كان يراقب وصول قطعة بحرية عسكرية قادمة للميناء.
عن سؤال السيدة: ما الذى دعاك للإبلاغ عنه رغم عدم التفات البعض له؟
قالت: لقد قلت فى نفسى لو كان شخصا عاديا فلن تخسر إسرائيل شيئا؛ كما أنه سيتم الإفراج عنه، لكن لو كان غير ذلك لكسبت إسرائيل الكثير بالحفاظ على أمنها.
تلك السيدة كشفت أهمية تعاون المواطن مع أجهزة الدولة فى الإبلاغ عن المعلومات التى لديه خاصة ونحن فى معركة الحرب ضد الإرهاب تعتمد فى الأصل على توافر المعلومات نظرا لانخراط هذه العناصر الإرهابية داخل أفراد المجتمع حتى لا يتم اكتشافهم بسهولة.
كم منا يرى غرباء فى الشارع أو المنطقة التى يسكن بها ويهتم بذلك؟!
إن الحرب والانتصار فيها يتوقف على مدى إيجابية المجتمع وتعاونه مع الدولة، فقد نجحت هيئة الرقابة الإدارية فى القبض على عدد من الأشخاص الذين انتحلوا صفة بعض الشخصيات فى مؤسسات وأجهزة رقابية بعد إبلاغ المواطنين للهيئة عنهم واستجابة المواطنين لدعوة هيئة الرقابة الإدارية للمواطنين بضرورة التعامل بشكل رسمى مع الجهات الحكومية والتأكد من هوية الأشخاص والجهات التى يمثلونها.
(4)
إننا نعيش مرحلة نحتاج فيها لأن يكون المواطن أكثر إيجابية سواء فى معركتنا ضد الإرهاب أو فى مكافحة الفساد.
إننا أمام تحدٍ يستوجب علينا جميعا أن نكون أكثر إيجابية للحفاظ على الوطن، فالصمت وعدم الإبلاغ عن العناصر الإرهابية أو معاونيهم خيانة لدماء الشهداء.
إن سلبية البعض منا هى التى غذت بعض الموظفين الفاسدين.
إننا فى معركة تستلزم منا جميعا أن نكون أكثر إيجابية للحفاظ على الدولة الوطنية واستقرارها.
لازم نفهم قبل التعديلات الدستورية
صحيح هناك حالة من الصخب على مواقع التواصل الاجتماعى وفى بعض الفضائيات حول التعديلات الدستورية وهو ما يحتاج منا لتوضيح.. وفى هذه الزاوية أحاول عرض مادة من التعديلات الدستورية أسبوعيًا للتعرف على الأسباب التى تستلزم ذلك خاصة فى ظل محاولات البعض طمس الحقائق؛ كما أن جميع دساتير العالم جرى عليها تعديلات من أجل المصلحة العامة للوطن.
استهدفت اقتراح التعديلات الدستورية الفقرة الأولى والثالثة من المادة 102 والتى تنص على (يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر، ويشترط فى المترشح لعضوية المجلس أن يكون مصريًا، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلًا على شهادة إتمام التعليم الأساسى على الأقل، وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية، ويبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابى الفردى أو القائمة أو الجمع بأى نسبة بينهما.
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لا يزيد على 5%، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم).
وجاء الاقتراح بالتعديل كالآتى فى الفقرتين الأولى والثالثة (ترسيخ تمثيل المرأة فى مقاعد البرلمان وتكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع، فضلاً عن حذف عبارة التمثيل المتكافئ للناخبين فى مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية، نظرًا لما أثارته من مشكلات فى التطبيق العملى).
ويستهدف هذا الاقتراح منح فرصة أكبر لتمثيل المرأة فى البرلمان خاصة فى ظل الدور المهم الذى تقوم به المرأة المصرية فى بناء الدولة. كما أن عدد الإناث فى مصر يشكل نسبة 48.4% من إجمالى السكان بحسب التعداد السكانى لعام 2017.