اخباراقتصادهام
مصر تودع الكاش
By mohamedمارس 24, 2019, 10:50 ص
2562
صفاء مصطفى
«مفيش دفع كاش من أول مايو».. شعار رفعته الحكومة ممثلة في وزارة المالية للكشف عن خطتها، للبدء في وقف التعامل النقدي بين المواطنين والدولة، وترسيخ فكرة الحكومة الرقمية، والاعتماد على التكنولوجيا بشكل أساسي في تطوير القطاعات الحكومية للدولة، بالإضافة إلى تطبيق أدوات الشمول المالي، وإحكام الرقابة على المتحصلات.
وتسعى الحكومة المصرية لتطبيق النظام غير النقدي في التعاملات المالية الرسمية، وإلغاء التعاملات النقدية، في إطار توجهات الدولة لميكنة جميع الخدمات الحكومية كبداية للتحول نحو المجتمع غير النقدي الذي يعتمد على تداول الأموال إلكترونيا، عبر بطاقات الائتمان، وبطاقات الخصم، وتطبيقات الدفع الإلكتروني، وخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول، تنفيذًا لاستراتيجية الدولة الهادفة نحو التوسع في تنفيذ سياسية الشمول المالي، بما ينعكس ايجابيًا على إدارة موارد الدولة .
وتعقيبًا على هذه الجهود أشاد خبراء الاقتصاد بهذا التوجه مؤكدين أن هذه الجهود تلحق مصر بركب الدول المتقدمة في التحول نحو منظومة التداول غير النقدي والتحول نحو المجتمع الرقمي.. ” أكتوبر” تطرح المستجدات في سياق السطور التالية .
جهود الحكومة
تحتل استراتيجية التوسع في تطبيق الشمول المالي والتحول إلى الاقتصاد غير النقدي أولوية كبيرة للقيادة السياسية، ومن ثم جميع مؤسسات الدولة نظرا لأهميتها في إحداث نقلة نوعية كبيرة في الاقتصاد المصري تضع مصر في مصاف الدول المتقدمة.
وتخطو الحكومة بخطى سريعة لتنفيذ هذه التوجهات بعد أيام من موافقة مجلس النواب على قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي، تفعيلا لخطة المجلس القومي للمدفوعات برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تأتي أهمية التعرف على أهداف هذا القانون وأهميته المنتظرة للاقتصاد المصري.
وتتلخص أهمية هذا القانون في وقف التعامل بالكاش في مصر بدءا من أول مايو المقبل، وفقا لخطة الحكومة ممثلة في وزارة المالية، لوقف التعامل النقدي بين المواطنين والدولة، وترسيخ فكرة الحكومة الرقمية، والاعتماد على التكنولوجيا لتطوير القطاعات الحكومية للدولة، وهو ما يصب في مصلحة تنفيذ خطة الشمول المالى، وإحكام الرقابة على المتحصلات الحكومية.
بداية أوضح محمد إبراهيم، رئيس وحدة الميكنة بوزارة المالية، في تصريحات صحفية، خطة الوزارة فى تنفيذ قانون الدفع غير النقدى وأبرز الخطوات التى اتخذت للبدء فى هذه المنظومة ، مؤكدًا أن الهدف من قانون الدفع غير النقدى يأتي ضمن خطة المجلس القومى للمدفوعات ، ويمثل أحد أهم أدوات إحكام الرقابة من خلال السيطرة على المستحقات الموردة للدولة والعمل على تقليل التلاعب.
وأوضح أن القانون يعمل على ثلاثة محاور.. المواطن، والدولة والقطاع المصرفى، لافتا إلى أن الخطة تستهدف حماية أموال المواطن من السرقة والتلاعب، وكذلك الحصول على الخدمة بالسعر المقدم دون زيادة، كما أنها توفر الجهد والوقت وعدم تعطل حصوله على الخدمة، والحصول على الخدمة بشكل وقتى دون التوجه للجهة الحكومية، خاصة الجهات ذات القواعد البيانية للمواطن كالجمارك والضرائب، والمرور، مشيرًا إلى أن الخطة المبدئية للحكومة تتضمن تطبيق التعامل غير النقدي في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات والتعليم وربما النقل.
وأشار إلى أن النقل كمرفق غير جاهز بشكل كامل وأنه من هذا المنطلق من الممكن البدء بالسكك الحديدية ثم مترو الأنفاق والأتوبيسات، موضحا أن وزارة المالية تعمل من خلال مركز التحصيل والدفع الإلكتروني على ربط الجهات الحكومية التى تمتلك قاعدة بيانات للمتعاملين معها من المواطنين.
المردود الايجابي
وعن المردود الايجابي الذي ينعكس على القطاعات الخدمية للدولة نتيجة لمنظومة الدفع غير النقدي ، أكد أن السرعة فى تحصيل الإيرادات عن السابق، والتى كانت تعتمد على تجميع الأموال فى الجهة الحكومية وتسليمها من خلال الصراف للبنك المركزي، وبالتالي تأخرها لفترة تتجاوز الأيام، الأمر الذى يؤخر ظهورها فى الوحدات الحسابية، مشيرًا إلى أنه في المقابل فإن الدفع الإلكتروني يتم تقصير الفترة، الأمر الذى يساعد على إدارة الدين العام بشكل أفضل، مما يسهم فى تقليل الفجوة التمويلية بنسبة من 30 إلى 40 %، وذلك من خلال الحصول على الإيرادات بشكل أسرع وتقليل حجم الاقتراض والفجوة بين المصروفات والإيرادات.
وقال إن الوزارة تعمل من خلال برنامج إدارة المالية الحكومية، وتعتمد على دراسة التدفقات المالية وخدمة الدين العام وكيفية الاقتراض، فكلما كان التحصيل أسرع كان الاقتراض أقل والفائدة أيضا، وهى إحدى الوسائل الموصى بها من أجل تحسين الاقتصاد عالميا والتقدم الاقتصادى للدولة، كما يسهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الدولة، وبالتالى زيادة الإيرادات بقيمة تتجاوز 12 % عن السابق، فضلا عن الحد من الفساد الناتج عن ضعف الرقابة وتقليل نسبة الخطأ.
وكشف رئيس وحدة الميكنة، أن الوزارة بدأت خطتها لتطبيق سياسية الدفع غير النقدى من خلال خمس وسائل، أولها الجهات الحكومية التى تمتلك قواعد بيانات للمواطنين، كما يحدث فى المرور، والوسيلة الثانية كل شخص يمتلك حسابا بالبنك وفيزا كارد يمكنه الدفع من خلالها كما فى فاتورة التليفون من خلال شركة «فورى» وغيرها، والثالثة من خلال نقاط التحصيل الإلكترونية حيث تم نشر ماكينات دفع إلكترونى فى مختلف الجهات الحكومية بعدد 22 ألف ماكينة سيتم الانتهاء من تركيبها منتصف شهر أبريل المقبل.
وفي ذات السياق أضاف أن هذه الماكينات الموجودة بالجهات الحكومية تستخدم “الفيزا كارد” فى حالة امتلاك المواطن لحساب بنكى، وكذلك أصحاب المعاشات يمكنهم استخدامها فى الدفع الإلكترونى، أما فى حالة عدم امتلاك المواطن لحساب بنكى أو فيزا أو غيرها من الوسائل فإن البنك المركزى يعمل بالتعاون مع شركة بنوك مصر والبنوك المصرية لإصدار كروت «ميزة»، ويتم شحنها بأى مبلغ وسيتم توفير أماكن لشحن الكروت، مؤكدا أن الدولة تستهدف- على المدى الطويل- إلغاء التعامل النقدى تماما فى كل التعاملات حتى فى شراء المواطن للسلع كما يحدث فى الخارج.
وعن ثقافة المواطن وكيفية تعامل كبار السن فى تطبيق سياسة الدفع غير النقدى، أوضح أن الوزارة تعمل من خلال خطة تستهدف تعريف المواطنين بكيفية التطبيق من خلال الإعلام، وعقد حوار مجتمعى فى الوحدات المحلية بالريف والقرى وستطلق حملة إعلانية للتوعية بأهمية الدفع غير النقدي وكيفية تنفيذ وشحن الكروت وأماكن توافرها.
تدريب العمالة
وأضاف أنه فيما يتعلق بتوفير الكوادر المدربة أوضح أنه فيما يتعلق بالموظفين الحكوميين، فقد عقدت الوزارة عدة ورش لتدريب المحصلين على الماكينات ونظام العمل، وتخصيص وحدات تدريب بكافة الهيئات والجهات الحكومية.
وأضاف أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة صعوبات التطبيق ، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال فى محافظة شمال سيناء نظرا للمخاطر وحالة التوتر بالمنطقة عقد عماد عواد رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية، ورشة موسعة لشرح الخطة وكيفية تنفيذها ونظرا لانقطاع الاتصالات والظروف الالكترونية فى المنطقة فقد خصصت الوزارة خطوط هوائية واتاحة امكانية التواصل مع الوزارة من خلال «الستالايت» وهو نظام خاص بشمال سيناء فقط.
وردا على كيفية التعامل فى حالة توقف النظام أو انقطاع الإنترنت، أوضح أن الوزارة خصصت خطوط ربط معينة بعيدا عن خطوط الإنترنت العادية لضمان التأمين العالى للشبكة والبعد عن التشويش فى حالة المناطق الخطرة وتفادى انقطاع الخدمة، إلا أنه في حالة حدوث ذلك فإنه يمكن التعامل بشكل مؤقت بالدفع الكاش لحين عودة الخدمة ، مؤكدًا أن هذا التوجس مستبعد حيث إن الخطوط المنفذة قوية ومختلفة، ويصعب اختراقها.
وأضاف إبراهيم، أن بعض مرافق الدولة ليست جميعها جاهزة لتنفيذ مشروع القانون، مشيرا إلى أن تنفيذ نصوص مشروع القانون فى كامل مرافق الدولة يحتاج إلى مليون نقطة اتصال ولا يوجد سوى 70 ألف نقطة، لذا استهدفت التدرج والوضع فى اللائحة خدمة تلو الأخرى لضمان تنفيذه بشكل آمن.
وأكد أن الهدف الأساسى فى خلال العام الجارى هو التحول الرقمى وصياغته بشكل يمكن للمواطن التعامل معه، من خلال الجهات الحكومية ووحدات الحكم المحلى التى تقع ضمن الموازنة العامة، على أن يتبعها دخول شركات قطاع الأعمال والشركات القابضة.
واختتم قائلا، «إن المواطن بمجرد التعامل مع هذا النظام سيجد راحة أكبر بعدم حمل مبالغ نقدية يمكن فقدها ولكن فى حالة ضياع الكارت الذكى يتمكن من استخراج بدل تالف ويحتفظ بأمواله بطريقة أفضل».
محمد السويدي: منظومة الدفع غير النقدي تقنن أوضاع الاقتصاد غير الرسمي وتقضي على تمويل العمليات غير المشروعة
ومن جانبه أكد محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات، أن التحول للتعامل بالنظام غير النقدي يسهم في تقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمي وإدخاله حيز السيطرة، لافتا إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يحمل الكثير من المخاطر لأنه يوفر البيئة الموائمة للفساد وتمويل العمليات غير المشروعة.
د. رشاد عبده: إلغاء الكاش يحد من الفساد ويوفر المناخ الآمن للاستثمار
فيما أشاد د. رشاد عبده الخبير الاقتصادي، بجهود الحكومة في تطبيق أدوات الشمول المالي ، مؤكدًا أن اتجاه الحكومة لإلغاء التعامل النقدي والتحول نحو الاقتصاد غير النقدي يحد من التهرب الجمركي والضريبي، ويمثل ضرورة لتوفير مناخ آمن للاستثمار، كما يشجع على إدراج النشاط الاقتصاد غير الرسمي ضمن قطاعات النشاط الاقتصادي الرسمي .
مزايا التحول للنظام غير النقدي
وأضاف أن تحول الحكومة لمنظومة الدفع الإلكتروني سيسهم في تخفيض تكلفة تداول الأموال، والحد من البيروقراطية، وتحسين أداء النشاط الاقتصادي، وتوفير الوقت والجهد في الحصول على الخدمات الحكومية إلكترونيًا وبطريقة ميسرة.
ويوصي د. رشاد عبده بأهمية تسهيل إجراءات فتح الحسابات المصرفية، وخفض التكاليف المرتبطة بها لتوسيع قاعدة الشمول المالي .
د. بسنت فهمي: جهود الدولة توفر المليارات المهدرة في تكلفة التعامل النقدي
ومن جانبها أكدت د. بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية أن جهود الحكومة للتحول لمنظومة الدفع غير النقدي شديدة الأهمية، لتحقيق الشمول المالى، والحد من إهدار الوقت فى الدفع النقدى الذى يكلف الدولة مليارات، مشددة أهمية مواصلة الجهود وصولا للتحول للنظام غير النقدي .