رئيس مجلس الإدارة
قصيران فى قامة واحدة
By amrيونيو 03, 2018, 16:43 م
2200
تحدثت من قبل عن بعض من عرفت من العمالقة فى عالم الفكر والصحافة خلال مشوارى المهنى.. وهناك بعض المواقف التى تستحق أن أذكرها بعد مرور سنوات عديدة ولقطات طريفة لهؤلاء الكبار.
سيد أبو النجا ومكافآته
كان الدكتور سيد أبو النجا من أحرص من عرفت فى عالم الإدارة متابعة للتفاصيل الدقيقة التى تخص العمل والعاملين ويتجول بنفسه دون ضجيج فى كل مكان بالمؤسسة.. وله طريقة لطيفة فى مكافأة من يجيد وفقًا للموقف آنذاك.. وكانت تبدأ المكافأة بخمسة قروش ورقية موقع عليها منه تزداد حسب الموقف متدرجة إلى أن تصل إلى الحد الأقصى جنيه واحد!! وكنا نتسابق فى الحصول عليها ولها أكبر الأثر فى نفوسنا وقد حصلت على الكثير منها.
د. حسين الغمرى فى إحدى الزيارات هو والدكتور سيد أبو النجا لمكتبة ثروت لتفقد العمل وكانت من أهم وأحدث الفروع لدار المعارف، وأثناء الجولة بالمكتبة.. سألنى د.حسين الغمرى عن كتاب «دراسة الطلب وتقدير الاستهلاك» وهو من إصدارات الدار وقال لى لوعرفت هذا الكتاب وهل يوجد لديك سيكون لى نظرة مختلفة معك.. وبالصدفة كنت أقف أمام قسم كتب الإدارة ومددت يدى وقدمت الكتاب وهو عبارة عن رسالة الدكتوراة للدكتور حسين نفسه وأعتقد أن الكتاب غير متوافر لحداثة الدراسة والموضوع وقتها.. وكان تعليق د. أبو النجا لا تحسب أن د. حسين طويل.. لا إنه قصيران فى قامة واحدة.
أنيس منصور
كان يرتاد مكتبة دار المعارف بـ «عبد الخالق ثروت» الكثير من العمالقة منهم أنيس منصور ونجيب محفوظ وسيد الهوارى والرئيس السابق محمد نجيب أول رئيس بعد الثورة.. ولى مع كل منهم مواقف أسرد منها.
مع أستاذنا أنيس منصور جاء عصر يوم وعلى وجهه علامات الغضب ونادانى تعالى يا سعيد من خارج المكتبة وخرجت على الفور.. خير يا أستاذنا واصطحبنى مرورًا على فاترينة المكتبة بشارعى ثروت وشريف وسألنى هل يجوز ألا يوجد كتاب واحد لأنيس منصور معروضًا بالفاترينة!
فرددت وهل كتب سيادتك تحتاج إلى إعلان، فالفاترينة يتم تغييرها كل أحد وهذا الأسبوع هناك موضوعات أخرى معروضة وأثناء حديثى ونحن فى الشارع أمام المكتبة سمعنا الأذان.. فسألنى ماهذا الأذان يا سعيد قلت أذان العصر أستاذنا.. فسأل وهل هناك أذان للمغرب والعشاء.. فقلت مندهشًا لكل صلاة أذان.. خمسة أذانات فى اليوم..فقال لماذا فرض أذان لكل صلاة؟، قلت على الفور لتذكير الناس بموعد الصلاة.
فسألنى مستعجبًا لقد جعل الله لكل صلاة آذان لإعلام الناس ، ألا يستحق أنيس منصور أن تظل كتبه بالفاترينة ليتذكرها الناس!! فما كان منى إلا الدخول إلى المكتبة وإعطاء تعليمات بتغيير الفاترينة.
الرئيس محمد نجيب
لاحظت على فترات قصيرة يحضر رجل كبير يرتدى بدلة قديمة تكاد لا تتغير ومعه سيارة شيفرولية أمريكى قديمة وكلب ينتظرانه خارج المكتبة.. يتفرج على الكتب الجديدة ويتجول بالمكتبة ويذهب دون سؤال عن شىء.. ودفعنى فضولى أن أتعامل معه وأسأله إن كان يرغب فى شىء لمساعدته وأتعرف عليه.. وكانت المفاجأة أنه الرئيس محمد نجيب وكان يحب القراءة، والأمر واضح أنه قد بدأ السماح له بالخروج من معتقله ولكن الحال لا يسمح بترف شراء الكتب.. وأحزننى هذا كثيرًا أن يكون هذا حال أول رئيس بعد الملكية لمصر قد كان من الممكن أن يقدم حياته فى سبيل ثورة يوليو!!
الإدارة بالأهداف وسيد الهوارى
كانت ملتقى الكتاب.. ومن بينهم أستـــاذ الإدارة د. سيد الهوارى الذى كان يجلس معى فى مدخل المكتبة يناقش بعض الرواد فى موضوعات كتبه أو مشروعات الكتب التى يعدها.. وكان أيامها فكرة الإدارة بالأهداف والنتائج وكان يصر د. سيد على معرفة أيهما أفضل هل الأهداف أو النتائج أيهما أو كلاهما معًا ثم فكرة الدافع أو الحافز من منهما أكثر تأثيرًا فى النفس وعلى التعامل.. أمور كثيرة علمتنى كيف يكون التلاحم بين القارئ والمؤلف وأحيانًا يكون الأول صاحب الحدث والمؤلف صانعه.. ليقدم لنا الحلول!
نجيب محفوظ .. قبل نوبل
كان الأديب الكبير يعمل فى وزارة الثقافة ومكاتبها كانت بنفس العقار بعبد الخالق ثروت فوق المكتبة.. وكان دائم المرور علينا وحتى بعد أن خرج من العمل العام كان يحضر من منزله بالدقى إلى المكتبة.. وكان أهم شىء التأمل ومراجعة أحدث الإصدارات والاستماع إلى آراء بعض الرواد من مقتنى كتبه وكان من أفضل التعبيرات التى قيلت له إنه أرخ التاريح الاجتماعى فى مصر وهو ما لم يفعله أحد قبله فى عمل أدبى.
طلعت الزهيرى.. ونظرة المستقبل
من تلاميذ أبو النجا النجباء والذى تشرفت بمعرفته عندما كان مديرًا لإعلانات أخبار اليوم ونشر وقتها كتاب «الإعلان بين النظرية والتطبيق» بدار المعارف وكان أفضل الكتب فى تخصصه، ثم مرت الأيام وأصبح رئيسًا لمجلس إدارة أخبار اليوم وطلبنى لإنشاء إدارة الكتب والمكتبات فى أخبار اليوم والتى أصبحت قطاع الثقافة فيما بعد وعندما ترددت وتأخرت فى مقابلته.. قال لى بالحرف من بكره يا ابنى هتتنقل من الحضانة إلى الجامعة.. فأخبار اليوم هى الجامعة التى ستنطلق منها وتحقق طموحاتك احزم أمرك وتعالى.. فستأذنته أن احضر احتفالى الأول بميلاد ابنتى هبة الله وأكون تحت أمره ووافق.
ولطلعت الزهيرى رحمة الله عليه قصة أخرى عندما حضرت إلى المكتب بأخبار اليوم صباح يوم وأخبرونى فى الأمن والعلاقات العامة أن طلعت بك يطلبنى أن أذهب إليه فورًا.
وعندما صعدت إليه وأنا أفكر.. خيرًا فاجأنى ستسافر غدًا إلى السعودية وجولة فى دول الخليج للتسويق لمشروع إنشاء المكتبات والنشر فى أخبار اليوم!
وكان يجلس مستشار له هو كمال شحاتة رحمة الله عليه .. فقال له انت تضحى بالرجل يا طلعت بك فلم يمكث بأخبار اليوم سوى شهرين.. ولكن أجاب طلعت بك بثقة أنا أعلم ما أقول وسيسافر غدًا.
وفعلًا سافرت وبفضل الله عدت بعقد وكالة مع شركة الخازندار وكانت قيمته عشرة آلاف دولار وقتها.. كان عمل كبيرًا جدًا وثقه فيما سيصدر والمؤسسة والشخص المسئول.