رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الحلقة الاخيرة من المعركة التي تأخرت 20 عامًا (3)

1324

     تستيقظ أوروبا على انفجار ضخم كان موجهًا إلى أحد عواصمها «روما» إلا أن أخطاء التوجيه ونقص البيانات كان وراء عدم دقة الهدف وإصابته لمدينة أخرى.

كان هذا استكمال لسيناريو المباراة الحربية التي خطط لها وزير الدفاع الأمريكي (كاسبر واينبرجر ) وزير الدفاع في عهد رونالد ريجان.

يأتي الانفجار عقب توجيه إيران أحد صواريخها مستهدفًا دول حلف الناتو، ردًا على الهجوم الأمريكي علي طهران.

تناولت خلال الحلقتين السابقتين السيناريو الأول والثاني للحرب التي تأخرت عشرين عامًا وفق الكتاب الصادر عام 1998 «الحرب التالية الأمريكية».

تبين وفق السيناريو الثانى أن الولايات المتحدة لم تشأ دخول مرحلة المواجهة العسكرية فى معركتها مع إيران إلا عقب استهداف قوات الحرس الثورى حاملة نفط فرنسية أثناء عبورها مضيق هرمز واستيلاء إيران عليها وأسر طاقم السفينة، عندها بدأت الولايات المتحدة التدخل بقواتها العسكرية سواء الموجودة داخل الخليج أو خارجه فى القواعد القريبة؛ بعد أن كانت واشنطن تتخذ موقف المتفرج على الأحداث داخل مياه الخليج العربى بين طهران والسعودية والإمارات والبحرين وبلطجة إيران على ناقلات النفط العربية العابرة لمضيق هرمز.

يواصل وزير الدفاع الأمريكى السابق عرض سيناريو المباراة الحربية للحرب الأمريكية الإيرانية.

على الجانب الآخر يترأس الرئيس الإيرانى اجتماعًا فى أحد الملاجئ المحصَّنة شمال طهران.

يبدو الرئيس الإيرانى متوترًا خاصة بعد نجاته من الغارات الجوية الأمريكية أثناء ذهابه للاجتماع.

تحدث رئيس الفيفاك (المخابرات الإيرانية) وقال: على إيران نقل الحرب إليهم ويمكن استخدام فرقنا الخفية (يعنى العناصر الإرهابية) لتنفيذ المهمة.

يستعرض رئيس المخابرات الإيرانية مناطق تمركز الخلايا الإرهابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، من بين تلك المجموعات مجموعة «شيزم الحمر» فى سان خوسيه (ثالث أكبر مدن كاليفورنيا، وعاشر أكبر مدن الولايات المتحدة الأمريكية، وحاضرة مقاطعة سانتا كلارا – تقع فى وادى السليكون جنوب خليج سان فرانسيسكو) والتى تشكَّلت عام 1965 على يد مصطفى شارمران الذى كان يدرس فى بيركلى، وهو متطرف تلقى تدريبه فى أحدى دول شمال إفريقيا.

كما أن للفيفاك خلايا أخرى داخل الأراضى الأمريكية، ففى عام 1984 بدأت المخابرات الإيرانية تهريب إرهابيين شيعة إلى داخل الولايات المتحدة عبر المكسيك وانتشروا بين الطلبة المسلمين، وعمل هؤلاء الطلاب مع حزب الله الذى كون مجموعات إرهابية شرق الولايات المتحدة وتم استخدام تلك الشبكة عام 1989 فى القيام بأعمال إرهابية فى سان دييجو (ثانى أكبر مدينة فى كاليفورنيا، وتاسع أكبر مدن الولايات المتحدة) كما يُعتقَد أنهم اشتركوا فى تفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك.

الفرقة 82 الامريكية

فى الأيام التى سبقت المواجهة كانت الفرقة 82 المحمولة جوًا (وهى الفرقة التى تصف نفسها بالأكثر تنوعًا فى الجيش الأمريكى وتتخذ من قاعدة فورت براج فى ولاية نورث كارولاينا مقرًا لها ويتم نقلها إلى مناطق أخرى وفق متطلبات العمليات العسكرية، وتضم الفرقة أشخاصًا من 120 جنسية وهى أول فرقة أمريكية تضم أفرادًا من جميع الولايات، كما تضم 14,341 فرد مظلات) بالإضافة إلى فتح حملة الشرق الأوسط رقم 1 (الانتشار) سرًا فى دييجو جارسيا بالمحيط الهندي، وخلال الأسبوع الأول من الحرب الجوية تستعد هذه القوات لشن هجوم برى ضد القوات البرية الإيرانية، ونظرًا لسيطرة إيران على الجزر الصغيرة فى مدخل الخليج تتمتع إيران بالقدرة على السيطرة على الملاحة عبر المضيق وكان استيلاؤها على جزر «قشم ولاراك» (لارَك جزيرة تقع بالقرب من الساحل الشرقى للخليج العربى يقابلها كلٌ من جزيرة قشم (أكبر جزر الخليج) وجزيرة هرمز وجزيرة هنجام؛ يبلغ طول جزيرة لارك 6 أميـال وعرضها 4 أميال) أول خطوة حاسمة فى سيطرتها على بترول الشرق الأوسط.

يواصل وزير الدفاع الأمريكى الأسبق عرض السيناريو الثانى للمباراة الحربية مؤكدًا أن المهمة محفوفة بالمخاطر، حيث تحتاج مهمة الإبرار البحرى ليلًا إلى توفر بعض الإضاءة القمرية لتعمل أجهزة الرؤية الليلية بكفاءة عالية.

فى ليلة 23 يوليو وبحسب السيناريو المعركة المرسوم من جانب وزير الدفاع الأمريكى (كاسبر واينبرجر)، تتحرك قوة الإبرار شمالًا فى بحر عمان ثم إلى داخل المضيق وكانت قوة حملة الشرق الأوسط رقم 1 التى تشكل مشاة الأسطول محمولة على سفن ترافقها مجموعة من الطرادات والمدمرات وكانت حملة الطائرات الأمريكية «أبراهام لينكولن» تتمركز خلف هذه القافلة بمسافة مائة ميل بحرى وهى مسافة تمكنها من توفير قوة جوية للحملة خارج مدى الصواريخ الإيرانية.
مع تقدم القوة شمالًا، تبدأ مجموعة من الهليكوبتر الهجومية الأمريكية والمتمركزة فى عمان وتعمل عليها قوات خاصة أمريكية بمهاجمة المياه حول الجزر الصغيرة مستهدفة أية قوارب هجوم سريعة إيرانية قد تكون بالمنطقة.
تتميز الهليكوبتر الهجومية OH 580 بتزويدها بمراوح خاصة تقلل من الصوت بصورة تمكنها من تحقيق المفاجأة الكاملة وبالأخص ليلًا، كما تحقق كبينتها حماية ووقاية للأطقم من وسائل الحرب الكيماوية أو البيولوجية.
تتمكن طائرات الهليكوبتر المشار إليها من تدمير عدد من القوارب الهجومية السريعة كما تتمكن صواريخ «سام» المحمولة على الكتف من استهداف إحدى المروحيات الأمريكية وإسقاطها فى مياه الخليج العربى.
بحلول الساعة 300 من صباح يوم 22 يوليو يحين موعد وصول القاذفات الأمريكية وتنسحب الهليكوبتر لتكمل طائرات F16 المهمة مستخدمة قنابل خاصة لاختراق الملاجئ المحصَّنة وفى أول مرور لها تستهدف عددًا من بطاريات الدفاع الجوى الإيرانية ومواقع الصواريخ سلك وورم.
تستغرق العملية ساعتين وفى الساعة 500 وعقب تنفيذ التمهيد النيرانى تبدأ قوات مشاة البحرية باقتحام الشاطئ الغربى لأكبر الجزر الإيرانية فى الخليج «قشم» (قاسم) وتنتهى أول موجة إبرار محمولة على مركبات مدرعة برمائية من طراز AAV – 7A1 ويوفر تدريع المركبات الحماية للقوات من نيران رشاشات الحرس الثورى.
تستمر عملية الاستيلاء على جزيرة قشم (قاسم) لمدة 7 ساعات لتنتهى باستسلام 1400 جنديًا إيرانيًا يمثلون القوة المتبقية على الجزيرة (حجم القوات على الجزيرة قبل المعركة بلغ 8000 جنديًا إيرانيًا)
يؤدى استيلاء القوات الأمريكية على الجزيرة إلى إضعاف الموقف الاستراتيجى الإيرانى، فى الوقت ذاته تقع عدة انفجارات داخل الولايات المتحدة الأمريكية فى شيكاغو ونيويورك وسياتل وريتشموند تودى بحياة عدد كبير من الأفراد.
فى تلك الأثناء تقصف الطائرات الأمريكية المدن الإيرانية، ويتصل مسئول فى الإدارة الأمريكية بالرئيس الأمريكى قائلًا: إن القيادة الإيرانية لا تقتنع بنفس المبادئ التى نؤمن بها بالنسبة للحرب.
فإيران ليس لديهم مانع أن تتكبد خسائر جسيمة أكثر من الغرب وعلى أمريكا أن تتوقع استمرار الحرب لشهور.

تكتشف وسائل الاستطلاع والتنصت الأمريكية أن شفرة الاتصالات الإيرانية غير محدَّثة، ولكن رغم اكتشافهم الشفرة بأسرارها إلا أن الإيرانيين يغيرونها بصورة مستمرة.
كما اكتشفت إشارات تليمترية صادرة من منشأة شرق طهران فى موقع منعزل داخل صحراء طهران.
هنا أدركت الولايات المتحدة أن إيران مقبلة على تفجير جديد.
يرسل الرئيس الأمريكى رسالة شديدة اللهجة وجهها للرئيس الإيرانى جاء نصها بحسب السيناريو الذى رسمه وزير الدفاع الأمريكى الأسبق.

السيد …
إن عملكم البربرى بضرب المدنيين الأبرياء فى إيطاليا بأسلحة نووية تمت إدانته عالميًا واختارت الولايات المتحدة عدم الرد بضربات نووية ضد إيران إيمانا آنذاك أن هذا لن يخدم القضية، ومع ذلك أحب أن أوضح أن أية محاولة من حكومتكم حتى مجرد الاستعداد ستواجه بضربات نووية تكتيكية أمريكية فورًا وستكون منشأتكم الحكومية أول هدف لها.

التوقيع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

تتجاهل إيران الرسالة وفى ليلة 25 يوليو تكشف طائرة الاستطلاع الأمريكية فى قطاع من الصحراء جرارين متحركين تجاه موقع يحتمل أن يكون موقع صواريخ؛ وبتحليل الصوت تأكد أن الجرارين يحملان مكونات صواريخ.
كانت تحرك طهران المتوقع واضحًا، فبعد وصول المعلومات كان قرار مجلس الأمن القومى الأمريكى أن طهران على وشك توجيه ضربة نووية جديدة وأن على الولايات المتحدة توجيه ضربة قوية لإيران، فكان الرأى توجيه ضربة قوية للموقع وتدميره، وصدَّق الرئيس الأمريكى على ذلك.
طبقًا للسيناريو المرسوم، تقلع قاذفة القنابل B A من الولايات المتحدة وتُزوَّد بوقود إضافى جوًا مرتين إلى أن تصبح فوق الأجواء التركية حيث تلقت التصريح النهائى بالإطلاق، يبدأ الطيار بتشغيل السلاح النووى وبعد أن أصبح الهدف فى المدى المخطط يطلق الصاروخ المزود برأس نووى ضد الهدف قبل أن يدير طائرته للعودة.
بهذا انتهى وزير الدفاع الأمريكى الأسبق من كتابة سيناريو المباراة الحربية لمعركة الولايات المتحدة مع إيران والتى كان مخطط لها بدءً من أبريل 1999 وحتى يوليو من نفس العام.

 كشف السيناريو المنشور حقيقة العلاقة بين طهران وواشنطن فالأخيرة لم تستهدف حربًا واسعة النطاق مع الأولى ولم يتحرك لها ساكنًا بل استجابت للتحذيرات الإيرانية وتركت العرب فى مواجهة التهديدات الإيرانية.
 تدرك الولايات المتحدة أن دخولها فى حرب واسعة النطاق مع إيران سيوقعها فى مستنقع لن تستطع الفكاك منه، وهو ما جعل سيناريو المواجهة العسكرية الأمريكية ردًا فعليًا على استهداف إيران ناقلة النفط الفرنسية.
 الدول العربية باتت فى حاجة إلى وحدة الصف والعمل معا فى مواجهة التهديدات الإرهابية سواء من جانب إيران أو من جانب الدول الأخرى الداعمة للإرهاب؛ فمقاطعة قطر من جانب الدول الأربع لا تكفى.. فلابد من موقف عربى موحد فى مواجهة التدخل القطرى والتركى والإيرانى ودعمهم العناصر الإرهابية واستمرار عملهم على عدم استقرار المنطقة.
 تصريحات حسن نصر الله الأسبوع الماضى حول توقعات البعض بحدوث مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران فى الخليج والتى قال فيها «أى حرب على طهران لن تبقى عند الحدود الإيرانية، بل ستشعل المنطقة بأكملها، ولدينا صواريخ دقيقة قادرة على الوصول لأى مكان فى منطقة الشرق الأوسط وجنوب أوروبا» تعد دليلًا على أن إيران حال حدوث المواجهة ستحرك عناصرها الإرهابية فى المنطقة بالكامل.
 حالة السجال بين أمريكا وإيران لا يستهدف أمن الخليج ولكنه يستهدف استنزاف الموارد الاقتصادية لدول الخليج العربى.