رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الوزارة الجديدة بين الثقة والخبرة ..

1590

لم يعد هناك شك فى أن وزارة جديدة ستتولى المسئولية بعد شهرين تقريبًا.. ولست هنا بصدد الحديث عمن سيتولى رئاستها أو من هم الوزراء الجدد، ما يهمنى ولست وحدى فى ذلك هو كيف سيتم اختيار هؤلاء الوزراء؟
فمازال اختيار الوزراء يُشكِّل أزمة مستمرة فى الحياة السياسية المصرية ينعكس أثرها على الشعب، فقد يأتى اختيار وزير ناجح متميز يؤثر بعمله إيجابيًّا على حياة الناس، وقد يأتى آخر ليمثل كارثة ويتسبب فى حالة من الإحباط للمواطنين.
واختيار الوزراء فى مصر مر بالعديد من المراحل وكان لكل مرحلة ظروفها وسماتها، فقبل ثورة يوليو 1952 كان المعتاد أن يتم اختيار الوزراء من قيادات الحزب المكلف بتشكيل الوزارة.
أما بعد الثورة فكان رئيس الجمهورية يختار رئيس الوزراء والوزراء أيضا.. وجرى العُرف واستمر أن رئيس الجمهورية يختار وزراء «الوزارات السيادية» بشكل مباشر.. وبالطبع اختلفت معايير الاختيار فى عهد عبد الناصر عن عهد السادات عن مبارك.
لكن السمة الغالبة فى كل العصور هى اختيار أهل الثقة أولاً وأخيرًا.. وكان معيار اختيار الوزراء فى عهد عبد الناصر هو تحديد المهمة والتكليف والإعداد.. أما فى عهد السادات كانت الوزارات قصيرة العمر فتشكلت 17 حكومة على مدى 11 عامًا.
وفى عهد مبارك فرضت المجاملات نفسها ومثال ذلك وزارة د. عاطف صدقى وشلة الطاولة وشلة باريس.
وكانت وزارة د. عاطف عبيد شلة منتفعين ورجال أعمال، أما وزارة د. نظيف فكانت شلة أصدقاء جمال مبارك، ولم يكن أسلوب اختيار الوزراء واحدًا عقب ثورة يناير، فخلال فترة المجلس العسكرى، لجأ إلى عدد من النخبة السياسية لترشيح الوزراء، وأبرز ملامح هذه الفترة كثرة الاعتذارات ممن عرض عليهم المنصب الوزارى.
أما فترة حُكم الجماعة الإرهابية فقد اقتصرت خلالها الاختيارات على أعضاء الجماعة إلا استثناءات قليلة.
ثم جاءت وزارة المهندس إبراهيم محلب – الأولى – فى عهد الرئيس المؤقت عدلى منصور.
والثانية لتكون أول وزارة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ثم تولت المسئولية – وحتى الآن – وزارة المهندس شريف إسماعيل فى سبتمبر 2015 واستمرت مع حدوث بعض التعديلات الوزارية.
إن كثيرًا من وزراء حكومة المهندس شريف إسماعيل لم يكونوا رجال المرحلة، فمصر فى حاجة إلى وزراء على قدر المسئولية وعلى قدر التحديات وعلى قدر المعاناة التى يتحملها المواطن.
وخلال الفترة الماضية نجحت الرقابة الإدارية فى توجيه ضربات قوية ضد الفساد والمفسدين، وكان من هؤلاء وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال ومدير مكتبه، ونائب محافظ الإسكندرية، ومحافظ المنوفية، ومستشار وزير الصحة ومستشار وزير المالية.
كل هؤلاء كانوا مسئولين فمنهم وزير ومحافظ ونائب محافظ، لا نريد أن يتكرر ذلك فى المستقبل، وأحد وسائل منع تكراره التدقيق فى اختيار المسئولين، وعمل قاعدة بيانات لمن يمكن ترشيحهم للمناصب السياسية والتنفيذية فى مختلف التخصصات.
ونحن اليوم وحتى الغد القريب مازلنا نواجه مشكلة الاختيار لمقاعد الوزراء، فمازال أهل الثقة هم الخيار الأول، والبحث عن الكفاءات مازال صعبًا لعدم وضوح المعايير أولاً، ولعزوف البعض عن الجلوس على هذه المقاعد الشائكة.. وإذا كان البحث عمن يصلح لمنصب الوزير مشكلة تبحث عن حل، فإن هذه المشكلة ستختفى بعد عامين أو ثلاثة على أكثر تقدير، فستجد مصر وسيجد صانع القرار كوادر شابة مؤهلة سياسيًا وإداريًا لتولى أعلى المناصب السياسية والتنفيذية.
ففى سبتمبر 2015 أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى الموقع الإلكترونى لمشروع «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة»، فى إطار الاهتمام بتأهيل الشباب على القيادة وتكوين قاعدة غنية من الخبرات الشبابية، كما يهدف إلى تخريج قيادات شابة قادرة على الإدارة وتولى المسئولية والمناصب القيادية ومؤهلة للعمل السياسى والإدارى والمجتمعى.
وخلال ختام المنتدى العالمى الأول للشباب بشرم الشيخ فى نوفمبر 2016، أعلن الرئيس إنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب.
وتستهدف الأكاديمية تشكيل نخبة شبابية مواكبة للعصر، أكثر قدرة على مواجهة التحديات المختلفة التى تمر بها مصر، وتشبه الأكاديمية إلى حد كبير المدرسة الوطنية للإدارة فى فرنسا والتى ساهمت فى تخريج عدد كبير من المسئولين الفرنسيين من رؤساء ووزراء وقيادات، فكان منهم فاليرى جيسكار ديستان وجاك شيراك والرئيس الحالى إيمانويل ماكرون.
وخطت مصر خطوات ملحوظة لإنشاء شراكة كاملة مع المدرسة الفرنسية، لتصبح الأكاديمية المصرية هى المصدر الرئيسى لاختيار القيادات وكبار المسئولين بشكل مجرد وفق معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص، وستخلق نخبة جديدة من الشباب القادر على تولى المناصب السياسية والتنفيذية.

إن أزمة اختيار الوزراء ليست فى عدم وجود كفاءات فى مصر يمكن الاختيار من بينها لشغل مقاعد الوزراء، لأن هذا القول فيه مساس بمكانة مصر وتاريخها، وهو أيضًا مخالف للواقع، لأن أهم ما تتمتع به مصر هو ثروتها البشرية، فدائمًا وأبدًا مصر عامرة بخبرات أبنائها الذين يتخرجون فى جامعاتها ويحصلون على الماجستير والدكتوراة من مصر ومن الخارج، إن الأزمة لا ترجع إلى غياب أصحاب الكفاءة والخبرة، بل ترجع إلى عدم وجود الآليات التى يمكن لصُنّاع القرار من خلالها أن يتعرفوا على أصحاب الكفاءة والخبرة، يجب أن نتخلص من عقدة أهل الثقة فكلنا مصريون نحب بلدنا، إن تقديم أهل الخبرة فى كل المجالات هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات والتحديات والسير نحو المستقبل.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.