https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

أمريكا والحسابات الخاطئة في سوريا

2084

 

سعى الرئيس الأمريكى الأسبق أوباما، الذى سبق أن وصفته وزيرة خارجيته هيلارى كلينتون بالغباء، لوضع استراتيجيته الخاصة بتسليم الحُكم فى دول منطقة الشرق الأوسط للقوى السياسية الإسلامية المعتدلة، أى للإخوان المسلمين.

وفى إطار هذه الاستراتيجية تم تدريب مجموعات كبيرة بين الشباب وإعدادهم وتمويلهم بشكل جيد، لتكون القوى المحلية القائدة لعمليات التغيير.

وتمكنت هذه القوى من تحقيق نجاح أولى فى كل من مصر وتونس وليبيا.

وخلال عام 2011، دعا أوباما الرئيس السورى بشار الأسد إلى الرحيل، وتدفع سقوطه دون تدخل أمريكى مباشر، مثلما سقط مبارك من قبل ومن قبله الرئيس التونسى بن على.

وبغباء لا نظير له، وتجاهل تام لمعطيات الواقع، أطلق المرحلة السورية من ثورات الخراب «الربيع» العربى فى منتصف مارس 2011.

وإذا كان الشباب الذين تقدموا الصفوف لا يجيدون الحساب وإن كانوا يتحركون بقوة واندفاع لتنفيذ المخطط أو الخطط التى تدربوا عليها، فقد كان على أوباما وأجهزته أن يحسبوا الحسابات بشكل جيد، كان عليه أن يدرك أن سوريا ليست مصر، وأنه إذا كان قد نجح فى إسقاط مبارك بقولته الشهيرة والحاسمة «الآن تعنى الآن»، فإن الأمر يختلف بالنسبة لبشار.

فمن جانب فإن رحيل الرجل يفتح الباب لتصفية حسابات واسعة النطاق مع الجيش وأسرة الأسد والأقلية العلوية الحاكمة والطائفة الشيعية.

وهذه القوى التى ستتعرض للقتل أو الذبح أو السحل أو كل ذلك، ستقاتل إلى النهاية ولن تستسلم لمصيرها، وحتى لو أراد بشار الرحيل، فإنها لن تسمح له بذلك أبدًا.

وهنا علينا أن نتذكر أن سوريا دولة ذات أغلبية سنية، ولكن الأقلية الشيعية هى التى انفردت بالحكم والسلطة والنفوذ والثراء، ومن قلب هذه الأقلية صمد نجم الأقلية العلوية، وكانت أسرة الأسد هى الأقلية التى انفردت بالحكم من بين العلويين.

وتحت ضغط الظروف، وخوفًا من الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية، نشطت السلطة لتحويل الجيش السورى من جيش للدولة إلى جيش للأقلية العلوية، وقد تحقق ذلك خلال عدة سنوات.

وللتوضيح نقول إن الجيش السورى عندما بدأ أوباما فى وضع مؤامرته موضع التنفيذ، كان يضم 90 برتبة اللواء منهم 83 علويًا ومن هؤلاء 37 من عائلة الأسد، كما يضم الجيش 50 ألف قائد وضابط من مختلف الرتب، منهم 39 ألف علوى، والرجلان القويان هما ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار، وآصف شوكت زوج شقيقته، وهما يتحملان المسئوليات الرئيسية، ويتوليان أهم المناصب، فالأول يقود أفضل القوات المقاتلة، وهو العنصر الرئيسى فى قيادة العمليات ضد كل المنظمات الإرهابية والمعارضة، أما الثانى فهو رئيس المخابرات الحربية ورجل المهام الصعبة والمسئول عن أمن النظام والقوات المسلحة.

ومثل هذا الجيش العائلى، تصبح مهمته الدفاع عن النظام والطائفة العلوية ثم الشيعية.

وتجاهل أوباما أن نظام بشار سيجد الدعم والمساندة من إيران وحزب الله وروسيا، فإيران التى قطعت شوطًا طويلاً للوصول بنفوذها إلى الساحل الشرقى للبحر المتوسط عبر إنشاء حزام شيعى يمتد من إيران شرقا إلى العراق بأغلبيته الشيعية ثم إلى سوريا، لن تتخلى عن النظام السورى، وتتخلى بذلك عن مصالحها ونفوذها وعن حلمها فى التحول إلى قوة إقليمية عظمى.

ولا يختلف الأمر بالنسبة لروسيا التى قررت الدفاع عن مصالحها بالحفاظ على بقاء بشار، فالأسطول الروسى الذى ينتشر فى معظم موانئ البحر المتوسط، لم يعد له بعد تغير الظروف سوى ميناء طرسوس السورى، ولأهمية هذه القاعدة البحرية، عملت روسيا على استمرار بقاء بشار إلى أن تتوفر ظروف تتيح ما هو أفضل.

وقد أدى الانغماس الروسى فى سوريا إلى الحصول على قاعدة حميميم، وإلى نشر شبكة متطورة من قواعد الدفاع الجوى تعتمد على الصواريخ الحديثة من طراز إس – 400.

وفى ظل هذه الأخطاء الفادحة فى الحسابات اندلعت الثورة، وربما كان هناك من سعى من أجل هذه الفوضى وهذا الانهيار.

وكان الطريق مفتوحًا لتدخل قوى إقليمية فى الصراع من أجل إبعاد الرئيس الأسد، لحرمان إيران من قاعدة تستند إليها، ولكسر محاولات تطويق المملكة السعودية، ولتوفير المناخ الملائم لصعود قوى سنية إلى قمة السلطة.

ولم تكن السعودية تريد سوى خروج بشار وإنهاء التحالف السورى الإيرانى وكسر الحزام الشيعى الإيرانى، كما أن سقوط النظام سيتبعه تحجيم حزب الله الذى سيفقد نقطة ارتكاز حيوية.

وكانت المملكة وقمة دول منظمة الخليج والجامعة العربية قد قررت اعتبار حزب الله منظمة إرهابية.

وباندلاع الصراع، قفزت منظمات إسلامية سياسية متطرفة وأخرى إرهابية إلى المسرح مما أدى إلى توسع دائرة الصراع، وأسهمت تركيا فى زيادة تعقيد الموقف لتوسيع دائرة نفوذها سواء بالعمل غير المباشر أو العمل العسكرى المباشر.

ومنذ عام 2011، انخرطت كل هذه القوى فى صراع دامٍ، وطحنت آلة الحرب عشرات الآلاف، وشرّدت الملايين.