رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تزييف الوعى واللعب فى العقول “1 – 3”

1174

منذ ظهور المدن الكبيرة والتجمعات السكانية ذات الكثافة العالية فى الدول القديمة تولدت عنها ما يسمى قوة الرأى العام وهى ببساطة شحن الناس والتسلط عليهم بفكرة معينة ناتجة عن تأثير حادث غالبًا ما يكون حقيقيًا وله تلامس عاطفى ووجدانى مع الناس وبالتالى يمكن اعتبار هذا الحادث ما يعرف الآن بقضية رأى عام طالما توافرت فيه شروط وظروف تأثيره على عامة الناس، هذا باختصار بدايات تأثير الرأى العام للمجتمعات الكبيرة على متخذى القرار السياسى فى الدولة، وأول ظهور لذلك كان فى أيام الجمهوريات الرومانية حيث كانت روما تشهد صراعات سياسية تدار بالتأثير على عامة الناس من خلال تكوين ما يسمى الآن بقضايا الرأى العام بهدف تحقيق مكاسب سياسية من خلال التأييد أو الرفض الجماهيرى.

ومن هنا ظهرت فكرة التمثيل الشعبى وظهور المجالس النيابية بهدف تنظيم التأييد الجماهيرى للسياسات المختلفة والمتنافسة للحفاظ على السلام الاجتماعى خشية الانجراف إلى فرض الرأى بالقوة، واستمر الحال هكذا حتى تطورت وسائل الإعلام تطورًا هائلاً وأصبح تأثيرها على الرأى العام يتفوق بكثير على ما يمكن مناقشته خلال جلسات المجالس النيابية أو الشعبية، حتى إن قوة الرأى العام فرضت إرادتها على تلك المجالس التى من المفترض أنها تمثل قوى وأطياف الشعب وأصبح الساسة وصناع القرار يخطبون ود الناس لتكوين رأى عام مناصر لهم ومعادٍ للمنافسين السياسيين، وأصبحت الآلة الإعلامية هى الوسيلة الأكثر تأثيرًا فى شحن الناس وغزو عقولهم فى اتجاه فكرة معينة لتحقيق هدف سياسى قد تم الإعداد له جيدًا من خلال ما عرف حديثًا بالأحزاب السياسية.

إلى هذا الحد والأمر يبدو عاديًا فالتصارع الحزبى والسياسى وتداخل جماعات الضغوط يشكل العمل السياسى الموجود الآن، ولكن التطور السريع والخطير للآلة الإعلامية أدخل التأثيرات السياسية إلى منحنيات غاية فى الخطورة حيث أصبحت الدعايات السياسية والاجتماعية وسيل الأخبار من كل حدب وصوب تدخل كل البيوت وتنقر أبواب العقول بوسائل متاحة للجميع ومتوفرة بكثافة ولها عدة وسائل أبسطها مواقع التواصل الاجتماعى رغم بساطتها فهى الأخطر وتضافرها مع بث الفضائيات وسرعة تداول الأخبار والأحداث لحظة بلحظة، مما جعل المتخصصين والخبراء فى مجالات شحن الرأى العام يفكرون جديًا فى أسس تزييف الوعى واللعب فى العقول كوسيلة لتشتيت اللحمة الشعبية فى الدول المراد غزوها واللعب فى عقول شعوبها التى أصبحت جاهزة لتلقى الأفكار التى يتم صياغتها على أنها حقائق ومبادئ يجب اتباعها للوصول إلى مجتمع أكثر حرية ورفاهية!! وللأسف فإن أغلب ما يطرح من هذه الأفكار المزيفة دائمًا ما يكون باسم الحرية وحقوق الإنسان.. وللحديث بقية.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.