صالون الرأي
السلطة الجائرة
By amrنوفمبر 03, 2019, 22:53 م
1373
عندما تصبح السلطة جريمة، مالكها شيطان حرفته إرهاب الناس وتخويفهم، ولعبته القتل والحر ق والقهر، متعلقًا بأوهام الأمانة الزائفة لكونه الراعى الأمين على حقوق الدولة وسيف القانون لنفاذ العدالة الاجتماعية، ضاربًا عرض الحائط بالقانون الإلهى الذى قال فيه المولى عز وجل «أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا».
لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها، فمن يملك المسئولية فعليه أن يحاسب نفسه أولًا، فلا يصح أن يخطئ الطبيب ويموت المريض، كما لا ينفع أن يشوه الإعلامى سمعة إنسان ويدعى أنها «غلطة»، أن يقضى القضاء بإعدام رجل و يتبين أنه برئ، كل منا مسئول فى مكانه، مهما كانت هذه المسئولية محدودة، فالمسئولية يصاحبها سلطة تظهر فى تطبيق القانون، وصناعة الأزمات والكوارث تطفو كلما بقيت النظم والقوانين مخترقة غائبة ليحتل مكانها العرف والهوى والمزاج، ومعيار النجاح باقٍ ما دام الالتزام بقوانين الإنسانية والرحمة والرفق بالآخرين موجودًا، فلا يوجد قانون على وجه الأرض، يطلب من هذا «الموظف غير الأمين» أن يدفع اثنين من الصبية بإلقاء نفسيهما من القطار أثناء سيره عقابًا على عدم حملهما تذكرة، وهو يعلم جيدًا أنه يأمرهما بالانتحار!!
البطولة الزائفة ربما تكون الدافع و المحرك لهذا «الموظف المريض» الذى سيطرت عليه شهوة التجويد و إظهار الولاء، تصور بذلك أنه يحافظ على ثروات البلد ضد عبث السارقين الصغار!
لماذا لم يكن الجزاء من جنس العمل؟ فالقانون الذى يتحجج به هذا المريض يقضى بالتحفظ على من يرتكب جريمة عدم حمل تذكرة وتسليمه لأول محطة يمر عليها القطار لتحرير محضر ضده لا بإلقائه من باب القطار وهو يسير بكامل سرعته والتى تصل إلى 140 كيلو مترًا فى الساعة!
جميعًا يشعر بصدمة كبيرة جراء هذا التصرف غير المبرر، الذى أودى بحياة إنسان، وبتر ساق الآخر، لكن الصادم حقًّا والمحزن فى هذه الحادثة هو غياب الجدعنة والشهامة والمروءة من بين الركاب الذين لم يتطوع أحدًا منهم بدفع ثمن تلك التذكرة القاتلة!
الخلل فى هذه القضية كبير، والمتاجرة بأرواح الأموات خيانة، ومحاولة تضخيم الحادث نذالة، والمطالبة بإقالة وزير غير مسئول عن أمراض نفسية لبعض المنحرفين ليست من الحكمة فى شيء، اقترح أن يخضع الموظفين المتعاملين مع الجمهور لاختبارات نفسية للاطمئنان على صحة قواهم العقلية حتى لا تتكرر الكارثة، وقمة الثراء والرقى تكون فى تحكيم القانون، والثقة فى القضاء والالتفاف خلف الوطن.
إيهاب حجازى