حقًا لم نعد نستطيع الصبر على ذلك الأداء المتواضع برلمانيًا، لم يعد السكوت ممكنا بعد أربع دورات انعقاد لم يستخدم فيها نواب الشعب أدواتهم الرقابية، إلا بعض الأسئلة والبيانات التى لم يكلل إليها النجاح، العدد الأكبر منها من نصيب «طلب الإحاطة» أقل الأدوات فعالية، وهو ما يعبر عن استسهال النواب، تقديرًا للعواقب، علماً بأن الحكمة كما جاءت فى سطور أبو القاسم الشابى تقول «من يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر» فما يستحق أن نخشاه هو التراجع الذى يمكن أن تترتب عنها فقدان الثقة، ضياع الشعبية!!

أجندة مجلس النواب مزدحمة، فلا يتم الانتباه إلا للموضوعات المهمة الموثقة بالمستندات والأسانيد، ففى عام 2018 قدم النواب 1970 أداة رقابية تنوعت ما بين طلبات الإحاطة والأسئلة والبيانات العاجلة لم تصل أغلبها إلى ما ترجو، رغم أن التقرير الرسمى الصادر عن الأمانة العامة للمجلس أكد أن 550 طلب إحاطة و20 طلب مناقشة قدموا وتمت الإجابة عن 100 سؤال برلمانى فقط.

من المعروف أن تجنب مواطن الزلل، أول الطريق ونهايته فى أداء نواب الشعب لدورهم الذى رسمه الدستور بمراقبة ومحاسبة الحكومة ومتابعة كيفية أدائها للأعمال المختلفة، فالبرلمان لا يتصيد الأخطاء لأعضاء السلطة التنفيذية ويحاسبهم عليها، إنما يقوم بإرشادهم ويسدى النصح إليهم، حتى نحاول أن نبلغ الكمال فى خدمة المواطن.

الرئيس لم يستطع الصمت، طلب منهم تفعيل واستخدام الأدوات الرقابية، لكشف ومحاسبة المقصر فلم يتم تقديم استجواب واحد للحكومة من 4 سنوات.. وكانت المفاجأة فى تلك الحالة التى أصابت المجلس عقب تقديم أول استجواب فى مواجهة رئيس الوزراء ووزيرة الصحة، بينما تمثلت المفاجأة الثانية والأخطر فى نوعية الاستجواب الذى غاب لمدة أربع دورات انعقاد للمجلس، فى أن كل شأن ما يزعج نواب الشعب تجسد فى سوء الخدمات الصحية فى مستشفى بولاق الدكرور!

ماذا تفعل إذا كان خصمك نائبك؟ الممارسة البرلمانية ليست إثما يجب تجنبها، بل هى واجب مفروض علينا اتباعه، فلا يصح أن يكون هذا هو أول استجواب من نوعه فى تاريخ البرلمان الحالى.

التجربة البرلمانية الحالية لم تصل بنا إلى ما نحب ونأمل، فمن غير المقبول «عندما يتمخض الجبل أن ينجب فأرًا» وهو ما يدعونا فى هذه المناسبة السعيدة أن نعتبر ذلك اليوم المشهود فى حياة البرلمان عيداً قوميًا للبرلمان.