رئيس التحرير
مخطط تفكيك الدول (الأخيرة) إجهاض مخطط انفصال سيناء
By mkamalيناير 05, 2020, 12:58 م
2263
شكلت حادثة رفح، التي استشهد فيها 16 جنديًا وأُصيب سبعة آخرون في 6 أغسطس 2012، أحد بنود الاتفاق بين مرسي والظواهري للإطاحة بالمجلس العسكري من ناحية، ولتنطلق بها شرارة البدء في عملية تكوين ميليشيات مسلحة من جانب آخر، أو كما سماها مرسي وبديع الحرس الثوري المصري.
عقب عودة عصام الحداد وعصام العريان والشاطر من واشنطن وتسليمهم الملف الخاص بسيناء والحلول المقترحة للقضية الفلسطينية مقابل دعم حكومة أوباما للرئيس مرسي وزيادة حجم الأموال الممنوحة لمصر، والتي كانت أولها مساعدة مالية طارئة قدرها
450 مليون دولار يشرف على صرفها الوكالة الأمريكية للتنمية.
أحد معسكرت تدريب العناصر الإرهابية في تركيا
عقب تولى مرسى الحكم كان جرى اتصال بينه وبين أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، وهنأه الظواهرى على الوصول إلى منصب رئيس الدولة وطالبه بعدة مطالب كان على رأسها تطبيق الشريعة، وهى دائمًا الكلمة التى تجتذب بها الجماعات الإرهابية الأشخاص وتُوقع بهم فى شراكها الدموية، تمثل المطلب الثانى فى الإفراج عن العناصر المنتمية للتيار الدينى، وكذا عدم القبض على أى من تلك العناصر لمنحهم القدرة على حماية الدولة (دولة مرسى)، وكان المطلب الثالث هو السماح بفتح مكاتب لنقل المجاهدين إلى سوريا.
كانت كل من قطر وواشنطن قد تعهدتا عقب زيارة أمير قطر الأولى للقاهرة فى 12 أغسطس 2012 بكافة النفقات المالية الخاصة بتدريب العناصر ورواتبهم، بالإضافة إلى تقديم الدعم للاقتصاد المصرى، كما تعهد أمير قطر فى ذلك الوقت «حمد بن خليفة آل ثانى» بدفع ثمن الأسلحة الخاصة بتلك العناصر وقدم «حمد» لمرسى وجماعته مقترح عقب مائدة الإفطار التى أقامها مرسى لأمير قطر والوفد المرافق له بقصر الاتحادية بأن يتم التواصل مع رئيس الوزراء التركى فى ذلك الوقت للاستفادة من خبرات إحدى الشركات التركية (صادات) المتخصصة فى الشئون الدفاعية، والتى تقوم بتدريب العناصر والمليشيات الإرهابية وتستخدمها تركيا فى عملياتها القذرة.
(1)
وافق مرسى على المقترح وطلب من د. عصام الحداد السفر يوم الأحد 13 أغسطس 2012 إلى تركيا ولقاء رئيس الوزراء التركى فى ذلك الوقت «رجب طيب أردوغان» حاملًا رسالة من الرئيس مرسى توضح لأردوغان حاجة مؤسسة الرئاسة إلى التعاون مع شركة الاستشارات الدفاعية (صادات ـ SADAT) فى تدريب مجموعات لحماية الشرعية، خاصة فى ظل العلاقة القوية بين أردوغان والعميد المتقاعد «عدنان تانريفردى» رئيس مجلس إدارة الشركة، بل عيَّنه مستشاره الحالى منذ أغسطس 2016 عقب محاولة الانقلاب المزعومة ولا تتوقف الرحلات المكوكية لعدنان بين الدوحة واسطنبول منذ ذلك التاريخ حتى الآن.
أصدر مرسى قرارًا بالإفراج عن عدد كبير من العناصر الإرهابية، والتى انتقل معظمها عقب الإفراج عنهم مباشرة إلى سيناء.
(2)
عقب لقاء الحداد وأردوغان، تم التواصل مع شركة SADAT (وهى شركة حُدد نطاق عملها ليشمل المنطقة العربية بالكامل وباكستان وأفغانستان والشيشان وماليزيا، وعدد من دول شرق آسيا).
تعود علاقة أردوغان بتلك المؤسسة إلى فترة تولية رئاسة بلدية إسطنبول فى الوقت الذى كان فيه تانرى فاردى قائدًا للواء الثانى المدرع فى إسطنبول، نصح تانرى فاردي، المفصولين بسبب توجهاتهم الإسلامية من قيادة اللواء الثانى المدرع فى منطقة مال تابه بإسطنبول، بطلب المساعدة من رئيس بلدية إسطنبول أردوغان.
قام أردوغان بتعيين هؤلاء المفصولين فى مؤسسات تابعة للبلدية وصرف لهم رواتب شهرية، وبدأت فيما بعد تشكيل كيانات تحت أسماء مثل جمعية المدافعين عن العدالة (ASDER) ومركز الدراسات الاستراتيجية للمدافعين عن العدالة (ASSAM)، كما قاموا بتأسيس شركة «صادات» مع مجموعة من العسكريين القدامى.
شملت برامج هذه الشركة دورة تدريبية «للحرب غير النظامية» تخرج سنويًا 2800 مدنيًا، ويتلقى المتدربون تدريبات على عمليات المداهمة والقنص وغلق الطرق والتخريب والإنقاذ والخطف؛ كما تشمل عناصر الدورة أيضًا العلوم الاستخباراتية وحرب العصابات وعمليات القوات الخاصة والحروب النفسية والعمليات البرية والقنص والحماية والتخريب.
لعبت الشركة دورًا هامًا فى انقلاب 2016 المزعوم، وهوما اعترف به مسئول الحرب النفسية لمسلحى التنظيم، بعد أيام من محاولة الانقلاب: «لقد كان عشرات الآلاف من عناصر SADAT نشطين فى تلك الليلة تعمل خلايا الشركة داخل القوات المسلحة التركية بنشاط بالغ.
تعد شركة SADAT الأمنية النموذج التركى من شركة «BLACK WATER» الأمريكية، وشركة «WAGNER» الروسية، وتزعم أن مهامها تتمثل توفير الخدمات الاستشارية وخدمات التدريب العسكرى فى مجال الدفاع الدولى والأمن الداخلي، وتحظى باهتمام كبير من أردوغان نفسه.
يذكر «عدنان تانرى فاردى» رئيس الشركة ومستشار «أردوغان» المعروف بصداقته وقربه من التنظيمات الإسلامية المتطرفة: «نحن نمهد الأرض كى يصل المهدى المنتظر»، وقال عن محاولة الانقلاب المزعوم: «لقد صممنا الجيش كما نريد بعد 15 يوليو».
فى الوقت ذاته كانت الدوحة قد تعاقدت مع الشركة التركية SADAT التى تتخذ من الاستشارات الدفاعية والأمنية ستارًا لها، وذلك لتدريب ما يعرف بـ «الجيش الحر» فى سوريا، كما انتقلت عناصر من تلك الشركة لتدريب العناصر الإرهابية فى ليبيا، وكذا المليشيات المسلحة، وتولت قطر دفع فاتورة تدريب تلك العناصر وتسليحها.
(3)
كانت تحركات الشركة (SADAT) على مرآى ومسمع المخابرات الأمريكية والبريطانية والألمانية التى كانت ترحب بدور الشركة وكلا من تركيا وقطر من أجل تفكيك الدول وتدمير مؤسساتها.
تصاعدت الأحداث فى الدولة المصرية عقب الأزمات التى أحدثها مرسى فى الوقت الذى كان «كارتر» قد نصح الجماعة بعدم التسرع فى الانقضاض على كافة مفاصل الدولة المصرية، بل أن يكون الأمر بالتدريج لتلافى إحداث صدمة فى الشارع ولتتمكن المعارضة من الظهور بقوة، وهو ما رفضه المرشد العام والشاطر اللذان حضرا اللقاء.
يبدو أن أجهزة المخابرات الأمريكية كانت تتوقع خطوات الجماعة الإرهابية، لذا جرى اتصال بين هيلارى كلينتون وبين مرسى طلبت منه الإسراع فى التهدئة داخل فلسطين والوصول إلى مصالحة لضمان أمن إسرائيل، كما أبلغته بأنها ستصل القاهرة خلال خمسة أيام عقب زيارة إسرائيل وفلسطين.
طلب مرسى من الخارجية المصرية توفير مكتب خاص لوزيرة الخارجية الأمريكية لتجرى من خلاله اتصالات مع الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية مصرية تركية أمريكية للوصول إلى حل فى عملية السلام.
بعد تصاعد التوتر فى الشارع المصرى جرى اتصال بين «عصام الحداد» ومسئول الأمن القومى الأمريكى الذى طلب من الحداد إبلاغ الرئيس مرسى بضرورة الإسراع فى تنفيذ اتفاق نقل عدد من الفلسطينيين إلى سيناء حسب الاتفاق الذى تبناه «جيمى كارتر».
أبلغ د. الحداد الرئيس مرسى بذلك وطلب مرسى من خيرت الشاطر زيارة سيناء بمرافقة أسامة ياسين للتحديد إمكانية الإسراع فى تلك الخطوة خاصة وأن المبلغ المتفق عليه مع إدارة أوباما (8 مليار دولار) كانت جماعة مرسى قد تلقته بالكامل.
(4)
جاء الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 ليشعل الموقف ضد مرسى، وهوما جعله يسارع فى مطالبة «ياسين» بضرورة الانتهاء من تدريب العناصر المسلحة لحماية الشرعية.
ظن مرسى أنه قد حصَّن مرسى قراراته بالإعلان الدستورى، ومع تصاعد حدة الأحداث فى الشارع المصري، حاولت الجماعة طمأنة الولايات المتحدة على الاتفاق المبرم بشأن سيناء إلا أن الولايات المتحدة قد استشعرت تدهور الأوضاع، وهوما قد يطيح بكل آمالها وطموحاتها مرة أخرى لتفكيك الدولة المصرية.
فى ذلك الوقت كانت العناصر التى تم تدريبها على يد شركة SADAT التركية قد بدأت فى الوصول إلى سيناء، كما أن عدد العناصر الإرهابية كان قد وصل إلى 15 ألف عنصر.
سيطرت الجماعة على المشهد بالكامل «الإعلام والمؤسسات، والحكومة» وهو ما آثار حفيظة شركاء الجماعة قبل معارضيها، فقد كان شركائها يبحثون لهم عن مكان فى السلطة إلا إن أحلامهم ذهبت أدراج الرياح.
مع تصاعد الأحداث ظهرت حركة تمرد وجمعت توقيعات المواطنين المعترضين على سياسية الجماعة الإرهابية وإدارة مرسى للدولة.
مع بداية شهر يونيو وارتفاع حدة الحراك فى الشارع، تم عقد اجتماع بمكتب الإرشاد حضرته السفيرة الأمريكية وتعهدت فيه بمساندة بلادها للرئيس شريطة أن تجد الجماعة حلًا للحراك الذى ترتفع حدته يوما بعد الآخر.
(5)
فى اليوم التالى للاجتماع تواصلت «آن باترسون» السفيرة الأمريكية بالقاهرة مع خيرت الشاطر وأبلغته أن هناك مقترح تحتاج لدراسته معه ودعته لزيارتها بالسفارة.
عقب وصول الشاطر إلى مقر السفارة بجاردن ستى وجد ثلاث شخصيات قدمتهم له باترسون على أنهم من العاملين بالسفارة، وأبلغوا الشاطر أن جميع التقارير الواقعية تؤكد ضعف موقف الجماعة والرئيس مرسى أمام الحراك الشعبى وأن والحل الوحيد إما إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتقديم مرشح جديد، وهو ما رفضه الشاطر الذى أكد للسفيرة الأمريكية أنه بالنسبة للأعداد الموجودة بالشارع فإن «الجماعة قادرة على حشد 10 أضعاف تلك الأعداد بالشارع لتأييد مرسى».
قبل الثورة بأسبوعين وخلال كلمته أمام «مؤتمر هيئة الحقوق والإصلاح» قال مرسى عبارته الشهيرة «لبيك يا سوريا».
كانت تلك العبارة بمثابة رسالة إلى الظواهرى وتنظيم القاعدة أن الرئيس مرسى ينفذ الاتفاق المبرم بينهما، وهو ما يتطلب أن تنفذ القاعدة مطالب الإخوان (طلبت جماعة الإخوان من تنظيم القاعدة استقدام مجموعة جديدة من عناصرها إلى سيناء لتدريب كوادر الجماعة ليصبحوا نواة للحرس الثورى لحماية شرعية الرئيس).
فى ذلك الوقت كانت الجماهير الرافضة لحكم المرشد تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ الدولة المصرية المختطفة.
(6)
فى 30 يونيو 2013 خرجت الجماهير الرافضة لتردى الأوضاع الاقتصادية فى البلاد إلى الشارع مطالبة بإسقاط حكم المرشد وعزل مرسى وارتفعت وتيرة الأحداث وتزايدت الأعداد لتصل فى 3 يوليو إلى 28 مليون، وفى المقابل قام أنصار الجماعة الإرهابية بالتجمع فى ميدانى النهضة ورابعة العدوية لتقديم صورة يمكن ترويجها وتسويقها إعلاميًا أمام المجتمع الدولى على أن ما يحدث فى الشارع هو أن الرئيس أيضا له أنصاره، لكن شتان بين الموقفين فى ظل انتشار التظاهرات المناهضة لحكم الإخوان فى كافة محافظات الجمهورية.
فى يوم 1 يوليو 2013 التقت باترسون وضابط الاتصال بالسفارة مع د. عصام الحداد واقترحت عليه أنه حال عدم القدرة على مواجهة الثورة فيمكن للجماعة التمركز فى أحد المناطق ويتجه إليها الرئيس مرسى ويعلن وسط مؤيديه استقلال تلك المنطقة وهو ما ستعمل الإدارة الأمريكية على الاعتراف به، وهى التجربة التى نجحت فى ليبيا مع بعض المتغيرات، حيث جاء الرئيس مرسى عقب انتخابات رئاسية.
لم يبد الحداد قبول الفكرة كما لم يرفضها، وطلب المغادرة عقب اتصال وصله من أحمد عبدالمعطى مدير مكتب الرئيس، يطلب منه الحضور.
مع تطور الأحداث وعزل الشعب لمرسى ومساندة القوات المسلحة مطالب الشعب والحفاظ على الدولة واستردادها من المختطفين، تم تحديد إقامه مرسي.
حاولت الولايات المتحدة وبعض القوى الدولية الضغط على الدولة المصرية لكى يخرج مرسى لأنصاره كما كانت تزعم تلك النداءات، لكن حقيقة الأمر أن الجماعة فى مساء الثانى من يوليو 2013 طلبت أن تذهب أعداد من الكوادر والعناصر المدربة إلى سيناء من أجل انتظار وصول مرسى إلى هناك وذلك بالاتفاق مع المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات التركية من أجل خروج مرسى متوجهًا إلى هناك ليوجه خطابًا للعالم يدعوه للتدخل لحماية الشرعية المزعومة، ويعلن مرسى انفصال سيناء عن الدولة ويتم الاعتراف الدولى بها.
بذلك تكون الجماعة قد نفذت الاتفاق التى حصلت على ثمنه من الأمريكان، وأعلنت الولاية الإسلامية ضمن دولة الخلافة المزعومة.
لكن المخطط الشيطانى الذى أُعد للدولة المصرية تم إجهاضه، وتحملت القوات المسلحة والشرطة المصرية المسئولية واستقبلت رصاصات الغدر والخسة، وجاد الأبطال من أبناء الجيش والشرطة بأرواحهم ودمائهم للحفاظ على تراب الوطن دون انقسام أو تقسيم.
خريطة توضح مناطق عمليات شركة SADAT
مع انتصار الثورة الشعبية فى 30 يونيو 2013 والاطاحة بحكم المرشد، وحماية الجيش المصري للدولة المصرية ومؤسساتها ، واحباط مخطط تفكيك الدولة ، ازداد المخطط شراسة وطرحت بدائل جديدة فى محاولة لمنع عودة الدولة القوية (مصر) الى مكانتها.